أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 29 ديسمبر 2018

معبر بيت لحم

الرواية العربية إلى أين؟



ردود على أسئلة الكاتب محمد الحجيري في صحيفة المدن الألكترونية.
*ما سبب طفرة الرواية في العالم العربي؟
-ما تسميه طفرة، هو أمر كان متوقعًا، وربما أوّل من "بشّر" به، حسب اطلاعي، الروائي الراحل حنّا مينا، فهو منذ أواسط الثمانينات تحدث عن أن الرواية ستكون (ديوان العرب) بدلاً من الشعر الذي، أعتقد انه ضحية إساءة أهله الشعراء له، فوقع بينهم وبين المتلقين فجوات، صعبة الردم، ولكن هذا قد يكون سببًا فقط، من أسباب عديدة، أدت إلى التراجع المخيف الصادم للشعر لصالح الرواية.
وقد تكون الرواية العربية، وهي تستند إلى تراث نثري مهم، في الواقع، من ألف ليلة وليلة، وكتب المسامرات، والمقامات، وكليلة ودمنة، والقرآن الكريم، وحتّى كتب الجاحظ ورسالة الغفران للمعري، قد كسبت الكثير من الفنون الأخرى، ومنها الشعر، لتحتل مكانه ديوانا للعرب، رغم موقفي المضاد لمحاولة الانتصار لفن على حساب آخر، ولكن هذا ما حدث.
وسبب آخر، في ظهور الطفرة، يتعلق فيما يمكن وصفه تخلي الرواية عن ارستقراطيها، فلم تعد كتابتها حكرًا على أسماء ثقيلة كنجيب محفوظ وتوفيق الحكيم مثلاً، فهي تتسع لسرد خادمة في دولة خليجية لظروف عملها الصعبة، أو لمقاوم فلسطيني، ليقص تجربته مع المحتلين، وغيرها من تجارب، إذا صادفت محررًا جيدًا، أو دار نشر صاحبة رؤية، يمكن أن تحتل قوائم البست سيلر، وهذا يدخلنا إلى عالم النشر الحديث واقتصادياته، حيث أصبح الكتاب أكثر من أي وقت مضى، نتاج صناعة ثقيلة ومهمة.
*
هل ساهمت الجوائز في ترويج الرواية أم تخريبها؟
-الجوائز مهمة، لدينا أو لدى الآخرين، وأهميتها على الأقل تتلخص في أمرين؛ ترويج الرواية التي تستحق ذلك، وتقديم مواهب جديدة، ربما ما كان لها أن تصل إلى جمهور عريض لولا هذه الجوائز.
ولكن أيضًا، اعتقد أنه يجب إعادة النظر في سياسات الجوائز، وإخضاعها لتقييم علمي، لمعرفة إذا ما كانت حققت الأمرين، وغيرهما، التي أشرت لهما.
في لقاء مع ناشرين في معارض نشر أخيرة، شكوا من قلة الإقبال على روايات فازت بجوائز عربية مرموقة، ما هو السبب؟ ولماذا؟ مع أننا نعيش زمن الرواية.
أنا شخصيًا لم ترق لي روايات فازت بجوائز، كذلك روايات لكتّاب يحتلون قوائم البست سيلر العربية، وهم بهذا فازوا بجوائز الجمهور، ولكن هذا لا يمنع من الاحتفاء بوجود كل هذا العدد من القراء، حتى لو كانوا لمصلحة كتاب احتار في سر نجاحهم.
*لماذا لم تعد الرواية تنتج بطلاً أسطوريا؟
-لا أعلم، وهذا يحتاج إلى بحث، رغم اهتمامي الكبير بالأساطير، وتضمينها أعمالي الأدبية.
*لماذا اندفاع الكثير من القراء إلى الرواية المترجمة حتى وإن كانت سيئة؟
-علينا الإقرار، بان القراءة، في إحدى أشكالها، عبارة عن ذوق، وهذا من المحاسن التي تساعد على ترسيخ النشر كصناعة، وأتساءل أحيانا كثيرة لماذا يقرأ الناس؟ أعتقد أنهم يقراون لأسبابٍ قد لا تكون في حسبان بعض الروائيين (الجادين) مثل أن بعضهم يقرأ للمساعدة على النوم، أو تنشيط الدماغ كما في حالة الروايات البوليسية، والتسلية، والمساعدة في قطع مسافات السفر الطويلة، وغيرها، وعلى الأرجح إذا كان ما توصلتَ إليه من فرضية صحيحا، فان القراء يجدون أسباب القراءة المختلفة في الروايات المترجمة، حتى وإن كان بعضها سيئا، وبعضها الآخر بأقلام مترجمين جيدين أصبحوا نجوما.



عريضة ضد الضمان على الحاجز العسكري





الجمعة، 28 ديسمبر 2018

عصفور نصري حجاج..!

عصفور نصري حجاج..!
‏‏في أجواءٍ غرائبية، تقترب من الكافكاوية، يقدم نصري حجاج، فيلمه الروائي القصير (العصفور-إنتاج النمساوي كورت ماير)، بكثير من الاقتصاد في الكلام، وانحيازًا لثراء الصورة، في تجربته الأولى غير الوثائقية.
نصري، صاحب السجل الحافل في الأفلام الوثائقية، يدرك محاذير أن يكون المخرج هو في الوقت نفسه كاتبا للسيناريو والقصّة، فهو أصلاً كاتب قصة وصحافي، ترجمت بعض قصصه إلى الانجليزية، ويخبرنا أن قصة فيلمه تعتمد على قصة حقيقية، وقد يكون في هذه الإشارة الكثير من المواربة، فالفيلم، يدور في غرفة سجن غير محدد الملامح، يظهر كمدخل واحدة من القبور الملكية أو العائلية القديمة المنتشرة في فلسطين (وغيرها)، وشخوصه السجين (الممثل اللبنانيّ حسَّان مراد)، والسجينة (الممثلة السورية ريم علي) وطفلتها بيسان، والسجَّان، الذي لا يظهر المخرج وجهه، ما يعكس موقفا أخلاقيًا مسبقًا تجاه آلة القمع العربيّة.
يتقمص حسّان مراد، دوره في الفيلم، وكأنه يكمل دوره في فيلم شتي يا دني (إنتاج 2011)، ففي هذا الفيلم هو سجين يظهر من هيئته أنه قضى أعوامًا طويلة فيه مسحوقا مشوها معنويا وجسديا، دون أمل بالخروج منه، وفي فيلم شتي يا دني، قدم دور سجين لبناني مختطف، هو واحد من القلة الذين أطلق سراحهم، ليخرج إلى الحرية، ويا لها من حرية.
يطلب السجّان من السجين، وهو يجرجره معصوب العينين، ويدخله إلى غرفة أخرى من السجن، أن يقوم بدوره، وعندما يدخل إلى الغرفة، يرى سجينة تحتضن ابنتها التي ولدت في السجن، ولا تعرف السجينة كم عدد السنوات التي أمضتها فيه قد تكون سبعة أو ثمانية، وتظهر مثله كامرأة محطمة، ولكننا نكتشف بأن ذلك ليس إلّا ما يطفو على السطح، فهي تواجه محاولة تقربه منها ومن ابنتها بإرادة واضحة، ولكنها لا تبدي ممانعة، عندما يبدأ السجين برواية حكاية العصفور للطفلة، التي لا تعرف ماذا يعني عصفور، وماذا تعني كلمة شمس.
نحن إزاء سجين، مهمته التي أوكلها له السجّان، رواية حكايات، ولكنها حكايات موجهة، ورغم موافقته على هذا الدور، وهو السجين الذي يتعرض لاهانات والكلمات البذيئة من السجان، إلّا انه يفشل في مهمته، نجده يتعاطف مع الطفلة ويذرف دمعة تسح على قدمه المشققة بفعل التعذيب. هل السجين المثقف المدجن، هو رمز لنوع معين من المثقفين العرب؟
يُخرج السجّان، السجين من الغرفة، ويجره وهو يشتمه، ويسخر من قدرته على القيام بمهمته. الفيلم لا يقول وإنما يلمح، ويرمز.
ولكن الطفلة، تتعلم شيئا، في بداية الفيلم نسمع صوتها وهي تعد الأرقام، بدون ترتيب، وفي نهايته نسمع صوتها وهي تعد، وتذكر بين الأرقام كلمات مثل عصفور، وشمس.
هل نحن في السجن الصغير، إزاء سجن عربيّ كبير، لا خروج منه ولا فكاك؟
قد لا يكون لدى نصري حجاج، طموح كبير تجاه الأفلام الروائية، ولكنه في فيله هذا يقدم نفسه، كصاحب رؤية سينمائية، ننتظر منه الكثير، وربما يكون في جعبته مشروع لفيلم روائي طويل.
**
الصورة: نصري حجاج ومنتجه النمساوي كورت ماير في بيت لحم (24-12-2018) عدسة نور الدين فنون.

الخميس، 27 ديسمبر 2018

الحبيب السوري..!



هذه المرة، ليس الدين، من يقف أمام قصص الحب في بلاد الشام، وإنما الهوية الوطنية المستحدثة، التي قسمت البلاد، والتي جرى توافق غريب عليها.
الأُمّ اللبنانية، التي قُتل شقيقها بقذيفة سورية في الحرب الأهلية، غير قادرة على الموافقة على خطبة ابنتها من حبيبها السوريّ، لأنه فقط سوريّ.
من خلال عقد سهلة الحل، تُقدم المخرجة صوفي بطرس، فيلمها (محبس-إنتاج 2017م)، الذي يجري خلال يوم واحد يأتي فيه أهل الخطيب من سوريا، ليخطبوا فتاة لبنانية، ولكن الأُمّ التي تحكي يوميًّا مع صورة شقيقها المتوفي، تحاول عرقلة الخطبة، لكرهها لكل ما هو سوريّ.
ولكنّ الأمور تنتهي، بالزواج في كنيسة القرية اللبنانية، التي تعج بمشاكل الأهالي، والتي تظهر في الفيلم وكأنه خبزهم اليوميّ.
قد لا تبرز هوية مميزة للمخرجة في أولى تجاربها الإخراجية، التي تنحاز لتقديم رسالة، أو الأصح تسليط الضوء على إشكال، لا شك، أنه أضحى ظاهرًا بشكل فج، خصوصًا مع الأزمة السورية، وتدفق اللاجئين السوريين على لبنان.
برز من بين الممثلين، بسام كوسا، الذي اجتهد، كي يبرز بصمته، وسط مجموعة من الممثلين السوريين واللبنانيين، الذين قدموا أنفسهم، في حدود السيناريو.
ما فعله العسكريون والسياسيون، يعكس نفسه على النّاس، ولكنّهم، كما أرادت المخرجة قوله، يصححون الاتجاه، وتنحني الأُمّ أمام إرادة العشق، عشق لبنانية لسوري، في زمن الهويات المستحدثة.
قد لا يحصد الفيلم، جوائز، وهذا ليس مهمًا، ولكنّه، منحاز للحكاية وتقاليد كتابة السيناريو، التي غابت عن كثير من أفلام الجوائز (الفلسطينية مثلاً)، وأبعدت النّاس عنها.

الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

أخر الرومانسيات الثورية..!


هذا أخر غرافيتي، يُكتب على جدران بيت لحم، التي احتفلت بميلاد المسيح وتبقى لها عيدين لميلاده لتحتفل بهما.
رومانسية ثورية تناسب زمنا غير ثوري..!


الأحد، 23 ديسمبر 2018

ميلاد ٢٠١٨..!


كنيسة المهد، لم تعد كنيسة المهد التي عرفناها...!
غادر الايطاليون بيت لحم، تاركين مدينة الميلاد، ليعيّدون في بلدهم، حتى لو كانت بعيدة عن حدث الميلاد، تاركين خلفهم ثمارهم؛ الكشف عن مساحات أوسع من فسيفساء القرن الرابع الميلادي المبهرة، ونظفوا الأعمدة في قاعة بين العمدان التي صُنعت من صخور جبل إصّلَيّب، الذي أصبح اسمه الآن مستوطنة جيلو.
أصبحت الرسومات على الأعمدة أكثر وضوحًا، ولكن هذا ليس الانجاز الأهم، وإنما الغرافيتي الذي رسمه فنانون بدائيون، لأسباب نجهلها، واختفى تحت الغبار وبقايا الشموع والأوساخ غير المرئية.
تراث مهم خطه الحجّاج والعابرون، في مقابل فن الأيقونات الرسمي، بالإضافة إلى عشرات الكتابات بأحرفٍ عربية، تدل على تراث مسيحي مستمر منذ قرون، يحتاج إلى قراءة وتحقيق.
لا شك أن الاكاديميا الغربية ستهتم، والبعض اهتم بالفعل منذ الكشف قبل أشهر عن بعض الغرافيتي، اثر تنظيف جزء من الأعمدة.
سيعود الايطاليون لإكمال عملهم، وستهتم صحفهم وأكاديميوهم بما كشفوا وسيكشفونه، وكأن البلاد ليست لأصحاب البلاد غير المهتمين.
الأب يعقوب راعي دير مار شربل، يغلق ديره، ويلوح لي، سيكون أمامه غدًا نشاط حافل؛ سيحضر الرئيس لافتتاح شارع مار شربل، الذي اسمه شارع وادي معالي. شكل جديد من الدبلوماسيات بين رام الله وبيروت؛ دبلوماسية الشوارع. اللوحة التأسيسية ثبتت بالفعل مقابل الدير بتاريخ يوم غد، ولكن أظن أن النّاس لن يتخلوا عن الاسم القديم.
عمومًا لتغيير أسماء الشوارع فوائد، فقد تم إعادة دهن أرصفة الشارع، وآليات البلدية مستمرة بالعمل لتهيئة الشارع للزيارة الرئاسية.
وزارة السياحة الفلسطينية لديها أيضًا ما تفخر به؛ وضع لوحات إرشادية للحجاج على جدار الكنيسة الخارجية، لأوَّل مرة منذ تأسيسها في أواسط التسعينات. ولكنها لو أرادت مثلاً رفع العلم الفلسطيني فلن تستطيع.
في بيت لحم، عيد ميلاد آخر؛ يحضر كثيرون، ويغيب طفل المغارة الفقير..!

السبت، 22 ديسمبر 2018

في البحث عن مجانين بيت لحم..!


 

مع المخرج الفلسطيني نصري حجاج، والكاتبة صوفيا، والمنتج النمساوي ‏‏كورت ماير.

كيف سيظهر مجانين توأم القدس المحاصرة، في فيلم وثائقي؟

بيت لحم مدينة الأنبياء والمجانين والأعياد، ليست فقط عربيًا. المدينة التي أنجبت رسول السلام، ولم تجد سلامها حتّى الآن.

سلاح الفتك "غير الفتاك" و"القتل الرشيق"..!



لا تُذكر الانتفاضة الأولى الكبرى، فقط بحكايات أشكال النضال التي ابتدعها شعبنا، ولكن أيضا بالأسلحة التي أدخلتها حكومة الاحتلال، في مواجهة، ما يصفها ميكو بيليد، الناشط في حركة مقاطعة الاحتلال بـ: "ثورة جماهير حقيقية فاجأت الجميع".
وعندما وجد جيش الاحتلال المدجج بالسلاح نفسه في مواجهة راشقي الحجارة: " كانت أوامر وزير الحرب غير الرسمية التي ذاعت في كل أنحاء العالم هي "كسر عظام الفلسطينيين وإنتاج ضحايا". وبالفعل تم قتل الكثير من المواطنين"-حسب ميكو.

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

الشنّاوي الذي أحب فيروز أخيرًا,,!



لم أعرف إلى أي مدى يمكن أن يكون الشنّاوي، صاحب مزاج، عندما كنت أراه في شوارع الحارة، لم ألاحظ اهتمامات فنية لديه، ولكنّه، على الأرجح، اكتسب حسًا فنيا في السجن الذي يدخله للمرّة الثانية، والدليل أنه طلب إدخال صورة المطربة فيروز إليه إلى السجن.
التقيت جارتي أُمّ الشنّاوي، وابنتها أسيل على السادسة صباحًا تقريبًا، أمام المخيم. أم محمد استعار ابنها لقب الشنّاوي تأسيًا بمقاوم فلسطيني برز خلال الانتفاضة الثانية. يوم الأربعاء، كان موعد زيارة الشنّاوي في سجن عوفر. في المرّة الماضية عندما التقينا صباحًا سبقتني ودفعت عنيّ في المركبة التي نقلتنا من المخيم إلى بيت لحم، حيث حافلات الصليب الأحمر التي تنقل أهالي الأسرى، بطريقة معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً، بسبب إجراءات الاحتلال، إلى السجون.
في منطقة السينما، يقيم موظف الصليب الأحمر مكتبًا مؤقتًا لتأكيد تسجيل الأهالي، وفوجئت وأنا أنظر إلى اللوحة التي تحمل صور الأسرى الذين حُكموا بالمؤيدات، بان أُمّ الشناوي تجلس على الدرج وتبكي، وفهمت منها أن الموظف في مكتب الصليب لم يسجلها للزيارة، لقد غفل عن ذلك، ورغم قهرها، كان لديها مهمة، إيصال الأموال، والصور.
في منتصف النهار، في قاعة الانتظار في معتقل عوفر، بعد ساعات بسبب إجراءات الاحتلال الفظيعة والغريبة، تمكنت زميلات أُمّ الشنّاوي، من تدبير إدخال الأموال بأسماء أسرى لابنها، وكذلك الصور إلَّا صورة، رفض الشرطي العربي الدرزي المسؤول، إدخالها. إنها صورة فيروز التي طلبها الشناوي، ولم أعرف سبب الرفض، ولم أفهم  كيف يمكن أن تغضب الصورة شرطي عربي يخدم قوات الاحتلال:
*ماذا يريد بفيروز هذه؟-قال الشرطي وهو يتلمظ بثقل دم صارخ.
لاحظت خلال زيارات الأسرى، بعض طلباتهم الغريبة، فيما يخص الصور، كأسير يطلب صورة كلب رباه في الخارج، أو صورة سيارته، أو حتَى صورة حاوية القمامة في الحي، تعبيرًا عن اشتياقه حتى لأشد الأمور فظاعة خارج قضبان السجن.
يوم الأربعاء (19-12-2018)، بقي الشنّاوي في غرفته، لم يتمكن مثل معظم زملائه الأسرى من الزيارة، ولم يتمكن من لمس صورة فيروز التي طلبها. ربما تشكَّل خطرًا أمنيا على الاحتلال.

الأربعاء، 19 ديسمبر 2018

كأس عين سامية..!


"...اُنظرا للنقوش الأسطوريّة عليها، الجزء السفلي من الكَأْس يحوي التصميمات الهندسيّة التي تُشكل خَطّ الأساس للمشهدين المنقوشين في الأعلى، أحدهما يُصور شخصية لها وجهين ذات جسم بشري، بذراعين ممدودتين إلى الشمال واليمين. أمَّا الرِجلين فهما لاثنين من الحيوانات، وعلى الأغلب الثيران، بشكل يذكر بتماثيل الثيران البابلية ذات الوجوه البَشَرِيَّة، وبين الرِجلين دائرة فيها سِتّ تشكيلات هندسيّة تحيط بدائرة صغيرة في وسطها نقطة، ويحمل هذا المخلوق الأسطوريّ في كلِّ يدٍ باقة مِن النبات تنتهي بمثلث مدبب مما يشير إلى كونه حربة، ويقرّب ما يحمله في يده اليُسْرَى من رأس تِنّين يقف على ذيله، وله رأس ضخمة تشبه رأس أفعى، ولا شك لدي بوجود نقش لتِنّين آخر مقابله على الجهة اليُسْرَى ولكنّه مفقود بسبب الكسر.
والمشهد الثَّانِي يمثل شخصين، يمسك كلّ منهما بطرف هلال محمولاً عليه دائرة تمثل الشَّمْس، مكونة من اثني عشرة تشكيلاً هندسيًا تحيط بوجه إنساني عابس، وتحت الهلال، ثعبان ضخم أو تِنّين جعله الفنان الكنعانيّ يقف ويمدد نفسه مقتربًا من نتوء في الشَّخص الثَّانِي صعب تحديده..". 

الاثنين، 17 ديسمبر 2018

رحلتها الأخيرة..!



الشرقاوي؛ صاحب السلطة في المكان، الّذي يتكرر اسمه باستمرار، يطلب مني الاسم بنبرة عملية، بما يناسب معلم مسيطر على عمله، ويقول لي وهو يكتب:
-الحاجّة...

الاثنين، 10 ديسمبر 2018

مروءة تاجر مخدرات سابق..!



الحاج محمد أبو دقة، من قرية بني سهيلا شرق خانيونس، كان تاجر مخدرات في قطاع غزة خمسينات القرن العشرين، وجد نفسه معتقلاً في السجن الحربي في القاهرة. لم يعتقل أبو دقة، حسب عبد الرحمن عوض الله، لأنه تاجر مخدرات، ولكن لأنه تاب، وترك تجارة السموم، ولم يستجيب لطلب بعض ضباط المباحث والمخابرات في الإدارة المصرية العسكرية التي تحكم القطاع، بالعودة إلى مهنته الأولى، لأنهم من المستفيدين منها.
اعتقل النظام الوطني الناصري، الوطنيين من قطاع غزة، الرافضين لمشاريع التوطين، ويؤكد عوض الله، انه كان يريد تصفيتهم جسديًا، وهذا ما يمكن استنتاجه من أساليب التعذيب التي يوردها عوض الله في مذكراته، ولكن تدخل أبو دقة، وإغداقه الأموال على قائد السجن الحربي حمزة البسيوني، أنقذتهم.
نظام وطني يخطط لقتل الوطنيين، وتاجر مخدرات سابق، كان لديه بالصدفة ارتفاع في منسوب الوطنية الفلسطينية، وهذا من محاسن الصدف، يحول دون ذلك.
إنها مروءة تجار المخدرات عندما يتوبون..!

هولوكست عبد الناصر..!



سلسلة من الكتب اشتهرت في سبعينات القرن الماضي وما بعدها عن التعذيب في سجون عبد الناصر، أشهرها ما كتبه الشيوعيون والإخوان المسلمون أمثال احمد رأفت، وزينب الغزالي، وطاهر عبد الحكيم، والهام سيف النصر، وسعد زهران، وعبد العظيم أنيس. وهناك كتب أخرى كتبت لخدمة نظام السادات مثل عودة الوعي لتفويق الحكيم، وثالثة رصدت تجربة في تاريخ مصر مثل رواية الكرنك لنجيب محفوظ، التي عندما حولت إلى السينما بتوقيع علي بدرخان، اشترطت الرقابة إضافة بداية ونهاية، تظهر نظام السادات بشكل مختلف عن نظام عبد الناصر.
وما جاء في هذه الكتب، وأخرها، بالنسبة لي، مذكرات الشيوعي الفلسطيني عبد الرحمن عوض الله، يستشف منها أن أساليب التعذيب التي مورست استهدفت التصفية الجسدية للمعتقلين، ومن نجا من الموت لن ينجو من التصفية المعنوية، ولكن لدى التمعن في عدد الضحايا، فانه لا يعكس حجم التعذيب الذي تم الحديث عنه. بالنسبة للشيوعيون مثلا يتم الحديث عن ثلاثة أو أربعة شهداء، وبالطبع فان شهيد واحد أو معتقل واحد تعرض للتعذيب، كفيل بإدانة النظام، أي نظام.
بالنسبة لزينب الغزالي، نجد تدخلا إلهيا حال دون قضاء الكلاب عليها، ولكن ماذا بالنسبة للشيوعيين؟ عندما يتمعن المرء في مذكرات عوض الله، يسأل من هو الشخص الذي يمكن أن يتحمل 300 جلدة بالكرباج؟ وليس هذا فقط، ولكن بعد الكرباج نهش الكلاب. أعتقد أن ضربة كرباج واحدة يمكن أن تكون قاتلة.
كم ضربة بالهراوة على الرأس يمكن أن يتحمل أي إنسان؟ في الثقافة الشعبية الفلسطينية يطلق على الإنسان (أبو هواة) أي الكائن الذي يمكن أن يموت بضربة واحدة.
هل بالغ الشيوعيون والإخوان المسلمون في وصف هولوكوست عبد الناصر؟ هل ثمت دراسات نقدية أعادت النظر فيما كتب؟ أم أن الأمر مثل كل أمور العرب، غير مهم؟