أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 2 ديسمبر 2017

مليون ليلة وليلة..!




منذ بداية العام وخلال عشرة أشهر، أمضى الحجاج في بيت لحم (وبيت ساحور وبيت جالا) مليون ليلة مبيت (لقاء خاص مع رئيس مجلس إدارة جمعية الفنادق العربية إلياس العرجا). شاركونا فيها الهواء والماء، والحصار، وعندما غادروا من بوابة الجدار المحيط بالمدينة، لا أظن انهم شعروا كثيرًا بوطأته، رغم أنهم زاروه ليشاهدوا جداريات فنان الشارع بانكسي.
نزل الحجاج في فنادق المدينة، بكلفة تساوي تقريبا 20-30% فقط مما يدفعه المواطن الفلسطيني إذا أراد أن ينام في فندق، خصوصا من أهلنا من الأراضي المحتلة عام 1948م.
تنبهت منظمة السياحة الدولية لفيضان الحجاج في بيت لحم، فنشرت في شهر آب الماضي تقريرا أكدت فيه أن السلطة الفلسطينية هي أهم الوجهات السياحية نموا في العالم عام 2017م، في حين احتلت مصر المرتبة الثانية في القائمة، وجاءت إسرائيل بالمرتبة العاشرة.
هذا أمر يكاد لا يصدق..! وكيف يحدث في ظل الاحتلال؟ والغريب ما يتعلق باحتلال دولة الاحتلال المرتبة العاشرة، فالمنتج السياحي الذي نبيعه كفلسطينيين هو نفس المنتج لدى دولة الاحتلال، والصناعة السياحية لا تنفصل بين الطرفين.
المنظمة الدولية أرادات مفاجأتنا، بإشارتها إلى أن النمو السياحي الفلسطيني، جاء عقب افتتاح الغرافيتي بانكسي فندقا في بيت لحم، ما جعل السياحة ترتفع بنسبة 57.8%.
أمر آخر يكاد لا يصدق..! يا للفن الذي يفعل ما لا تفعله الدول ومسؤوليها الأغبياء، والمؤسف أن فلسطين لم تحظ بوزير أو وزيرة سياحة له علاقة بالسياحة أو الإدارة أو المسؤولية..! حسنا يا ليت بانكسي تعرف علينا باكرًا، وشكرًا لأنه نسي الإساءات له في غزوته السابقة لبيت لحم..!
أخبرني الياس العرجا بان النمو السياحي، يعزى إلى الأمن، وقد يبدو هذا غريبا، في مدينة تحت الحصار، ويتم اجتياحها بشكل ليلي، ويعتقل الاحتلال ويقتل ويجرح ويصادر الأراضي ويدمر المنازل، وأيضا تجري فيها مواجهات مع جيش الاحتلال في مناطق تقع بعض الفنادق فيها، وبانكسي يسوق فندقه باعتباره الأسوأ في العالم لقربه من الجدار، ومع ذلك فالأمن في فلسطين المحتلة متقدم على دول الإقليم المستقلة، وهذا من عجائب الدهور وبدائع السرور..!
ولكن الأمن يصبح مفقودا لدى المسؤوليين المحليين، الذين اعتادوا على منع الاحتفال الشعبي في الكريسماس في ساحة المهد الذي يرافق الاحتفال الديني. المسؤولون عن ذلك ضاقوا ذرعا بالخليليين الذين يتدفقون إلى المدينة، التي تفتح غرفها للحجاج الوافدين.
دائما الأمن للآخرين والنَّاس لا آمان لها..!
بلدية المدينة تعلن دائما عن مفاجأة، غالبا لا تتحقق. في العام الماضي المفاجأة المتوقعة كانت حضور Andrea Bocelli لبيت لحم، والذي لم يحضر. بلدية المدينة المصابة بمتلازمة فياض (نسبة للدكتور فياض الشغوف بالأكبر والأسرع) نشرت هذا العام عن مفاجأة تتعلق بشخصية فنية مهمة ستشارك النَّاس احتفالات أعياد الميلاد، وحتى الآن لم يبن الخط الأبيض من الأسود..!
ماذا بقي لدى المليون حاج من حجهم لمغارة الميلاد؟ كيف أثرت بهم تجربة الحج؟ هل سيفكر أي منهم في كتابة انطباعاته؟ ماذا سيقول عنا وعن محتلينا، في زمن تصبح فيه المعاناة في ظل أخر احتلال، مجرد سياحة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق