أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 14 ديسمبر 2017

مجانين التحدي الثقافي..!



































مع بدء هبوط الليل (10-12-2017م)، غادر الفتية ميدان المواجهات قرب قبة راحيل، ومن بينهم أطفال، لملموا أدوات المواجهة كالمقاليع، والعصبات، وأغطية الرؤوس، ولكن جنود الاحتلال ظلّوا في أماكنهم مستنفرين.
بالنسبة لي كان المشهد مؤثرًا، تذكرت نفسي وأصدقائي، وأجيال متتالية، لم أعد أعرف كم عدد الانتفاضات والهبّات والغضبات، التي أخذت أعمارًا، وكان حصادها مرًّا.
في هذا الوقت بدأت مجموعة من الفتية والشباب والشابات، في رحلة معاكسة، قاصدين متحف بيت لحم، الذي يقع في قلب المواجهات، وعرضة بشكل دائم لقنابل الغاز المدمع، وما تطلقه قنابل جيش الاحتلال من عيارات مختلفة، عمدت إدارة المتحف إلى تعليق بعضها على شجرة زيتون زرعت في واجهة المتحف، وإضاءتها باعتبارها زيتونة الميلاد والأمل، بحضور أصدقاء المتحف.
المجموعة الشبابية (ملتقى نبض الشبابي) التي تهدف إلى إشاعة المفاهيم الثقافية والتقدمية "وطرح قضايا حوارية وأنشطة في قضايا تعني المجتمع الفلسطيني"، كانت حددت في وقت سابق موعدا لأمسية ثقافية يتم فيها مناقشة (مجانين بيت لحم)، ولكن تسارع الأحداث السياسية، واندلاع المواجهات في مدخل بيت لحم الشمالي، طرح مسالة إلغاء الأمسية، خصوصًا وان متحف بيت لحم أغلق أبوابه خلال الأيام الماضية بسبب قوة المواجهات، وبعد مشاورات تقرر الاستمرار في الفعالية كنوع من تحدي الاحتلال.
عندما تجمع الحضور فيما يشبه الدائرة المستديرة، وبدأت الندوة، سمعنا صراخا من إحدى زوايا المتحف، ونزل العديد من الحضور إلى الشارع، ليتبين أن جنود الاحتلال لم ينهوا يومهم مع الفتية، وأنهم استهدفوا أحد الفتية بالرصاص الحي في رجليه.
رغم الإرباك قررنا مواصلة الندوة، وقال الكاتب صالح أبو لبن الذي أدارها، بان الثقافة ارتبطت دائمًا بالنضال في فلسطين.
ولكن إطلاق النار على الفتى ظل مخيما على الندوة، وتبين لاحقا بانه ابن مخيم الدهيشة وعضو (نبض الشباب) الفتى حسين شاهين، وأصيب بطلق ناري في الفخذ الأيمن، وإصابة أخرى في الركبة اليسرى، وثالثة أدت إلى قطع في الأوعية الدموية.
وتحول النقاش من الميدان الأدبي، إلى الواقع السياسي، وطرحت أسئلة عن دور الشباب، وماذا يجب العمل بعد قرن من النضال لتحقيق النصر؟ وهل يجب على أجيال الفلسطينيين المتتابعة أن تعيش نفس التجارب، بينما يستمر الاحتلال يقتل ويسرق الأراضي ويتوسع؟
لم تكن الإجابات سهلة في قاعة متحف بيت لحم، الذي شهد في الشهور الماضية فعاليات ثقافية عديدة، من إطلاق كتب، إلى تنظيم معارض سلطات الضوء على الفنون الحرفية والبصرية الفلسطينية.
اعتبر يوسف أبو طاعة، مدير المتحف، أن النشاط الثقافي هو وسيلة نضالية أيضا، ويجب أن يستمر، وقلت بأن الاحتلال يستهدف الفضاءات المدنية لشعبنا، ويجب الاستمرار في الفعاليات الثقافية.
الأوضاع على خط التماس في بيت لحم، هي التي ستتحكم في النهاية بشكل النشاطات ومضمونها خلال الفترة المقبلة.
التحدي الثقافي من تقنيات الصمود، التي يجب أن لا نتخلى عنها.
**
عدسة: شفيع الحافظ، رؤى محيسن، يوسف أبو طاعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق