أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 12 يوليو 2017

أنا لست حرًا..!



مشاركة في ملف (الرواية العربية وسؤالا الدين والسياسة) مجلة (ذوات) من إعداد: أوس داوود يعقوب‏
*كيف تواجه الرواية العربية التطرف الديني والإرهاب؟ وبأي شكل يحضر سؤالا الدين والسياسة في أعمالك؟ وهل يشكل هذان السؤالان قلقاً لك أثناء الكتابة؟
-قد تكون أسوأ الأعمال الأدبية، عندما يقرر الكاتب أن "يواجه" أو "يتحدى" أو "يحطم" أو "يبشر"، وغيرها من أفعال المضارع، فللأعمال الأدبية وخصوصًا الرواية منطقها المختلف عن الخطابات الفكرية أو البيانات الآنية وذاتها المستقلة، بحيث إنها تسعى لتقديم عوالم في لحظات تاريخية معينة، قد تأخذ شكلاً واقعيًا أو فانتازيًا أو تجريبيًا، فإبتداءًا ليس من المفضل الزج بالأعمال الأدبية في مواجهات فكرية-سياسية خصوصا إذا كانت موسمية أو تأخذ الطابع الآني.
من خلال عوالم الرواية، تحضر موضوعات مثل التطرف الديني والإرهاب والدكتاتورية وأسئلة الحرية والتقدم، والحياة، والوجود والحب، والكره، وغيرها، كما في أعمال نجيب محفوظ مثلاً.
بالنسبة لتجربتي الأدبية أسئلة السياسة والانعتاق من الاحتلال والخيبات هي الأكثر حضورًا في أعمالي، كوني أعيش وأكتب في فلسطين المحتلة، وفي مواجهة يومية مع احتلال قاس وصعب ويستهدف وجودي الفيزيائي، ولكن أيضًا تحضر أسئلة الدين، كما في روايتي مجانين بيت لحم، حين صعقت وأنا أعد الأبحاث للرواية كيف استغل العثمانيون، الدين في البروباغندا الموجهة لناس فلسطين، خلال الحرب العالمية الأولى، بشكل يشبه إلى حد كبير كما خبرناه لاحقًا سواء لدى الأنظمة العربية الإرهابية (نموذج السادات مثلا) أو الجماعات الإرهابية المحمية من الأنظمة، إلى درجة أن البروباغندا العثمانية التي كانت تتم بإشراف وبالتعاون مع الحلفاء: المخابرات الألمانية، روجت بان الإمبراطور الألماني أسلم وأصبح اسمه محمد، وكان المجندون من الفلاحين عندما يصلون إلى القدس، يهتفون باسمه.
أهتمُ في أعمالي أكثر بأسئلة الهوية، حيث يحضر الدين الشعبي، الذي راكم الفلسطينيون تقاليده عبر آلاف الأعوام، وما زال حاضرًا يواجه أية نظرات أحادية.
كل المواضيع التي اشتبك معها في أعمالي تسبب قلقًا. بخصوص موضوع الدين؛ يعيش داخلي رقيب، أنا لست كاتبًا في أميركا اللاتينية، وإنما في هذا الشرق الذي ما زال يعيد إنتاج نفسه، يمكن لقاريء أو ناشر فلسطيني أو عربي، أن يتقبل اشتباك كاتب أجنبي في مواضيع السياسة والدين والجنس، ولكنه لن يكون بمثل تلك الأريحية في استقبال هذه المواضيع من كاتب من مواطنيه، وهذا أمر يحتاج إلى بحثٍ أوسع، سنجد كتب عديدة مترجمة تتناول المحظور عربيًا، تطبع طبعات عدة، ويتم قرصنتها، وتفترش أرصفة مدننا، ولكن لا نسمع أحدًا يطالب بحظرها، وهذا بالطبع أمر جيد، ولكننا نعلم كيف يتم زج كُتاب في السجون حتى حين يكونون أقل جرأة من نظرائهم الأجانب.
هذا هو سؤال الحرية، هل الكاتب العربي يكون حرًا فعلا، عندما لا يكون بينه وبين الصفحات البيضاء التي تنتظر التسويد، سوى خلجاته الأشد خصوصية؟
أنا لست حرًا، أنا في حالة دائمة من بناء فضائي الحر، الحرية عملية إنتاج يومية لا تنتهي، ولا تصل إلى نهاية..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق