أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 17 أبريل 2017

كيف غُيب أبو نواس عن وردة أريحا..؟!




سيجد المرء صعوبة، في تخيل الفضاء الصحراوي، الذي سيطر على المشهد، طوال قرون، في منطقة الخان الأحمر، الممتد حتى صحراء البحر الميت، قبل غزوه بالاستيطان اليهودي، وإقامة مستوطنة معالية أدوميم الضخمة، التي تعتبرها سلطات الاحتلال، حدودا شرقية للقدس المحتلة.
هذا الفضاء الصحراوي، لم يكن فارغًا خلال التاريخ الفلسطيني، حيث انتشرت الأديرة والصوامع خصوصا في العصر البيزنطي.
خلال رحلة عودة شدرمة، في رواية وردة أريحا إلى القدس، يمضي ليلة في خربة المرصرص التي تضم دير مارتيريوس الخرب، صاحبه شغل لاحقًا منصب بطريرك القدس، في وقت شهد فيه العالم الأرثوذكسي آنذاك صراعات داخلية حول قضايا لاهوتية وفلسفية مثل طبيعة السيد المسيح.
حفظت الذاكرة الجمعية الفلسطينية اسم الراهب من خلال التحوير إلى خربة المرصرص، التابعة لبلدة العيزرية.
ولكن الوصف الذي يقدمه شدرمة للمكان، في النصف الأول من القرن العشرين لا يمكن فهمه الآن، لأنه يبدو وكأنه يتحدث عن موقع غير موجود على الخارطة، لقد تقلص لينزوي بين البنايات الحديثة في المستعمرة.
استعادة المكان على لسان شدرمة ليست كاملة، وتناسب شخصيته وثقافته ومعلوماته، وتبقى المهمة التي تشغل الروائي كيف يمكن لقاريء أن يستعيد المكان، الذي عرف في الأدبيات العربية باسم دير الدواكيس، كما لدى الصديقي، والعمري مثلاً.
زار أبو نواس الدير وقال فيه:
وفي الدواكيس لنا مجلس     وملعب وسط بساتينه
رحت إليــه ومعـي فتيــة     نـزوره يـوم شعــانينـه
حتى توافينا إلى موضـع     قبــق ألـوان ريـاحينــه
ربما تجدر الإشارة إلى إن الاحتفالات في الدير والصحراء وتلك المنطقة بالشعانين كانت كبيرة وذكرت بتوسع لدى الرحالة.
اضطررت لتغييب أبو نواس عن الرواية. لم يكن بالأمر حيلة، فشدرمة لم يكن ليسمح بذلك، وإلا لأخرج القاريء لسانه له وللروائي ساخرًا..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق