أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 3 يناير 2017

الوباء الأصفر..!




يقال بان النقاش والخلاف والإجراءات القمعية، وتوزيع خيرات وعِظَات رئيس الدَّيْر، استمرت سبع ساعات، أو سبعة أيّام، أو سبعة شهور، أو سبع سنين، ولكن المؤكد، انه خلال هذا الوقت من الأحداث المضطربة، فُقدت الذهبيَّات. شكّوا أوّلا براهب اختفى من الدَّيْر، ولم يكن اختفاؤه ليشكل حدثا من بين خمسة آلاف راهب، ولكن لحساسية الموقف، وما ان تم تتبع سيرته وسبب اختفائه، ومسير هروبه المتوقع، حتى أخذ آخرون يختفون، وفي الأيَّام اللاحقة، بدا ان الاختفاء وكأنه وباء، ضرب البَرِّيَّة  على استحياء، ثم بدأت تظهر قوة وبطش الوباء، التي يدركها، خصوصا الرُّهْبَان الأكبر سِنًا في الدَّيْر، الَّذين قاسوا كثيرًا في البيئة الصحراوية القاحلة في سنوات التأسيس، وإعادة التأسيس، بعد كل اعتداء وهدم للدَّير، وقتل وتشريد الرُّهْبَان مِن القوى التي لا تكف عن احتلال البلاد، التي لم تعش أبدًا فترة انتقال بين احتلال واحتلال.
قال شيخٌ منهم، قبل ان يلفظ أنفاسه الأخيرة بأعراض ظلت غامضة، مُودعًا: "هذا ما حدثنا عنه الأقدمون، الوباء الذي لاَ يُبْقِي وَلا يَذَرُ، حذروا أسلافنا فيما كتبوه في دفاتر دَيْرنا العامر، مِن مهاجمتنا مِن قبل الغزاة، بالوباء الأصفَر، ينقلونه لنا بطرقٍ لا نعرفها، كنّا نعتقد بانهم يقصدون الطاعون، ولكنني أعلم الآن أي طاعون تحدثوا عنه".
ويقال بأنه مضت سبعمئة سنة، قبل أن تدبّ الحياة من جديد، وعلى استحياء، في الدَّيْر المهجور والمهدم، ولكن بِرُهْبان مغضوب عليهم، نُفوا إليه كعقابٍ لهم، بقرار من البطريرك اليونانيّ، لمخالفات ارتكبوها في أديرتهم، وكان عليهم أن يبدأؤوا من جديد، بدون القنوات التي تهدمت، والنبع الذي غار، والنخلة التي أُقتلعت، وبدون مومياء القديس سابا، التي سرقها محتلون للبلاد، يُعرفون بالفرنجة وبالصليبيين، عندما غادروا البلاد، ووضعوها في كنيسة بمدينة البندقية شمال إيطاليا، باهرة الجمال والأبهة، تحمل اسم القديس مُرقص، الذي سُرق جسده أَيضًا من الإسكندرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق