أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 29 ديسمبر 2016

اليتيمة..!




يقال، وليس مهمًا من الذي قال، بأن الملك سليمان عشق هذه الزهرة البرية، فاستوحى تاجه الأورشليمي منها، فسميت تاج سليمان.
يقال، وليس مهمًا من قال، إذا كان سليمان وُجد فعلاً، وتزوج آلاف النساء، أم انه رمز استحواذي للدين الإبراهيمي، ولكن ما يقال، وليس مهمًا مَن الذي قال، أنه فضل ألوان الزهرة، على ألوان خدود نسائه وشعورهن، فأصبحت رمزًا تثير غيرتهن، وأنه استبد فأمر كل واحدة منهن بوضع زهرة على جبينها، وهن يتمايلن أمامه على جبل الزيتون، ليختار مَن يختار.

يقال، وليس مهمًا مَن الذي قال، ان نساء سليمان، وحاشيته، ومن جاء من هناك إلى هنا ليرثه، تآمروا عليها، فقتلوا أسلافها، وسخروا الجن، والسحرة، لتعيش طول عمرها يتيمة، لا تنبت إلا ربيعية.
تاج سليمان مهما تعالت عظمته الأسطورية، ومقدار ما أسال لعاب أنبياء، وطغاة، وفاتحين، وأفاقين، ليس الاسم الوحيد لزهرة متعددة الأسماء، فهي: عصا الراعي، وغليون سيدي، والزعمطوط، وقرن الغزال، والزوزو الذي يطلق عليها في ريف القدس، وسيدو دويك الجبل، وبخور مريم، نسبة إلى السيدة مريم العذراء، والخضيراء، والقطب، والجبلية، وأصابع العروس.
لغموض جمالها الأخاذ، والآسر، والمحير، أُطلقت عليها كل هذه الأسماء  الكثيرة، وتكاد كل منطقة في فلسطين تعرفها باسم معين، تحاول لملمتها والحنو عليها.
تتخذ أوراقها شكل القلب، قلوب آلاف الفلسطينيات، اللواتي دببن على هذه الأرض، وداستهن سنابك خيول الآتين من هناك، سبايا، وشظايا، وألوانها بيضاء مزهرة، لون قلوب الريفيات اللواتي، يخرجن في نيروز فلسطين إلى الحقول، يستحممن بالندى، وبعدن بها يضفن زهرها وأوراقها إلى أطباق محلية.
في صيف 2008م، رسخت دولة الاحتلال استحواذها عليها، استعادة الحلم السليماني القديم، والمناسبة المشاركة في حديقة أممية للنباتات على هامش اولمبياد الصين.
بعد أن تم ترشيح عدة نباتات وزهور أخرى، تنافست كل من زهرتي قرن الغزال وشقائق النعمان ووصلتا إلى التصفيات النهائية، الأبيض الزهريّ مقابل الأحمر الورديّ (أي ظلم هذا)، في مسابقة شهدت إقبالا من جمهور المصوتين المستعمرين، لاختيار إحداهما.
وفي النهاية اختيرت الزوزو مع شجرة الزيتون التي فازت من بين عدة أشجار، لتمثيل دولة الاحتلال في حديقة الورود التي افتتحت بالتزامن مع تلك الألعاب الأولمبية.
وعُرضت الزوزو، وشجرة الزيتون في الفعالية التي نُظمت تحت عنوان "نحن في عالم واحد"، باعتبارهما رمزين إسرائيليين، عالم واحد يخلو من الفلسطينيين.
شجرة الزيتون، تجد من يتبناها من المتحدثين الفلسطينيين والعرب والعجم، وتجد طريقها إلى تصميمات مختلفة، أمّا الزوزو، فهي يتيمة في عيون محدثي النعمة الوطنية، فاستوردوا شبيهتها لترضي غرور بيروقراطية تحت احتلال.
يقال، وليس مهمًا مَن الذي قال، وإذا كان ما قاله قاله فعلاً، إن الزوزو ولدت يتيمة، وستعيش يتيمة، وستبعث يتيمة وستعفى من اجتياز الصراط، لان من خلقها اختبر مخلوقاته بها، وعندما فشلوا، اختارها إلى جواره، تمامًا عند سدرة المنتهى..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق