أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

صُحف غِراء..!






فائق شاكر مواطن عراقي، نحسبه صالحًا، غير طالح، زار فلسطين في عام 1934م، وعندما عاد إلى العراق، نشر كتابا أظهر فيه الفرق "بين أعمال العرب واليهود في فلسطين" –حسب صحيفة الدفاع اليافية (الجمعة 31 أغسطس 1934م). وعرّفته بأنه: "طبيب عربي، ومدير لإحدى دوائر البرق والبريد في العراق".

صحيفة الدفاع الغرَّاء (لا أعرف لماذا كل الصحف العربية غرَّاء؟)، ابتسرت الكتاب في عجالة: "ومما جاء في كتابه قوله: انه زار المزارع اليهودية الحديثة ومعامل اليهود ومصارفهم، ولم يؤثر عليه شيء بقدر ما أثرت عليه الدوائر الصحية التي ينشئها اليهود".
وقد يكون هذا طبيعيا، باعتباره طبيبا..!
تضيف الغرَّاء: "وقال أيضًا: لم أرَ بدًا من أن أترك هذه المؤسسات التي زرتها والتي كانت تؤثر علي كثيرا وتجعلني أعتقد بأن اليهود سينفذون غاياتهم الصهيونية في فلسطين وتتحقق آمالهم فيها، بينما نرى الشعب العربي لا يمكنه ولا هو يستطيع أن يتقدم ذلك لأنه مهمل الشئون الصحية ولأنه مهملة العمل لرقي أفرادها وبيئاته".
أشرنا بأنه طبيب، وكان معروفًا بأنه من ظرفاء بغداد، ولكن لا نعلم من ضعف الإنشاء في الأسطر الأخير إذا كان المحرر صحافيا..! جلس على مقعده في صحيفة غرَّاء، بغِراء الولاء..!
"وقد أمتدح الكاتب في كتابه أعمال جمعية هاداسا ومستشفياتها وقال إن الأعمال تدل على تقدم الأمة اليهودية بصورة أكيدة. وإذا استمر العرب على إهمالهم واشتغالهم بالكلام الفارغ، وإذا لم يعمدوا إلى الأعمال الجدية، بينما يسير الصهيونيون في أعماليهم وانشاءآتهم، فانني أتوقع نجاح الصهيونية وانتصارها".
هذه الروح النقدية المبكرة نادرة، وإن كنا نرى مثيلاً لها في انطباعات جرجي زيدان، والعقاد، وغيرهما بعد زيارة فلسطين الانتدابية.
محرر الدفاع لم يعجبه ما خطه الدكتور شاكر: "قد يجوز ان يكون بعض ما يقوله الدكتور فائق شاكر، الذي نسمع باسمه لأول مرة حقيقيًا، ولكننا نعتقد ان أكثره تصورات وخيالات منشأها قصر حاييم نثنائيل".
واضح تماما، ان الصحيفة الفلسطينية الغرَّاء، تضرب تحت الحزام، وتشير إلى علاقة شاكر، بمتمول يهودي عراقي.
لاحقا، بعد النكبة، أزهر نسبيا، الأدب النقدي حول ما جرى، ومع ذلك لم يُقرأ حتى اليوم (كما أزعم)، بينما يستمر الخطاب الصحافي الفلسطيني، على منهج الدفاع، خطابيا، حماسيا، مخونا الخطاب النقدي، على قلته.
الأمر لم يتغير كثيرا..الانتصارات ورقية، والهزائم كارثية..!
أمّا الدكتور شاكر فهو حسب الويكبيديا:  ولد سنة 1891. عمل طبيباً للعيون ثم عين مديراً لصحة السجون العامة سنة 1929 ثم مديراً عاماً للبريد والبرق ونقل إلى رئاسة صحة بغداد ثم إلى رئاسة صحة الموصل وعين متصرفا للواء كركوك ثم أمينا للعاصمة ثم مديرا للأمور الطبية العسكرية برتبة أمير لواء توفي بالسكتة القلبية صباح يوم الاثنين في 8 تشرين الأول سنة 1962".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق