أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 5 أكتوبر 2016

لا مسيح في الخليل..!


عندما وصل المستشرق لوي ماسينيون (الشهير، المثير للجدل) إلى مدينة الخليل، يوم 8  كانون الثاني عام 1952، التقى عبد الرزاق المحتسب بالله، المتولي لمغارة النبي إبراهيم وضريحي اسحق ويعقوب (عشر عائلات كانت تشرف على خدمة أضرحة البطاركة، آباء الديانات الإبراهيمية الثلاث)، وكان المحتسب بالله يعيش تداعيات حلمه الليلي. لقد لمح في الحلم، وجه شاب له شارب دون لحية وقد هتف له هاتف يقول انه النبي الذي سينشر العدل عما قريب.
كانت الخليل، والأرض المقدسة، بحاجة لأكثر من أي وقت مضى، لمجيء مثل هذا الشاب-النبي، وهي تعيش ظروفا استثنائية من تاريخها بعد النكبة.

ولكن يبدو أن ماسينيون لم يكن مقتنعا فعلق، كما جاء في كتابه (وثائق عن أوقاف الأماكن المقدسة في الإسلام (وقف التميمي في الخليل وابومدين في القدس) لوي ماسينيون، ترجمة الدكتورة مي محمود، منشورات المتوسط، ميلانو، ٢٠١٥م):
"يرتبط هذا الحلم على نحو غريب بدعوات الصلاة التي يؤديها منذ بعض الوقت مشايخ الخليل، وهم يعيشون حالة من اليأس كي يقوم المسيح بن مريم التقية، بحماية الخليل من الغزاة، وينتقم لشرف أمه، فيحقق عودته القيامية وهي عودة يؤمن بها الإسلام بإيمان أكثر ما تؤمن به المسيحية-إن لهذا الحلم مغزى كبير في التحليل النفسي".
في ١٣ كانون الثاني زار، ماسينيون، بني نعيم، ووجد فيها خمسة الاف نسمة من بينهم 2000 من اللاجئين، وزارها عدة مرات لاحقا (٢١-١ و ١١-١٢ و ١٣-١٢/ ١٩٥٣ ) ولم يلاحظ أي تغيير علي حالة اللاجئين: "فهم يعيشون متكدسين في الكهوف على المساعدات الشحيحة التي تزودهم بها الاونروا، وقد نُقل قائدهم إسماعيل عبد العبد، لتلقي الرعاية في بيت احد أعيان البلدة بعد أن غمرت الأمطار التي سقطت في تشرين ثاني ١٩٥٣ المغارة التي كان يعيش فيها".
وفي أطراف الخليل لاحظ التوافد الكثيف لحج اللجوء نحو أماكنها المقدسة، إذ بلغ عدد من توافد إليها منذ عام ١٩٤٨ 70 ألف لاجيء (من بينهم أسلافي) انقطعت بهم السبل، وتزاحموا حول ضريح النبي إبراهيم، مما ضاعف من سكان المدينة، إذ أن أربعين بالمائة منهم فقط يتلقي المساعدة من الاونروا في القرى، مع وجود معسكر واحد، شرق وادي العرّوب، ويضم ستة عشر ألف لاجيد.
زار ماسينيون مخيم العرّوب، في ١٨-٨-١٩٤٩ وفي ٢٤-٢-١٩٥٠، وفي ٣١-١-١٩٥٢، ووصفه: "معسكر أكثر بدائية من مخيمات الكرامة وأريحا".
في مثل هذه الظروف، حلم المحتسب بالله، بالمسيح سيأتي عما قريب، إلى الخليل، التي يأتيها المسلمون للتخلل، بعد ان يقدسوا حجتهم في القدس.
منذ عام 1993، أعرف أحفاد المحتسب بالله. وبدلا من حشود اللاجئين، حول الحرم الإبراهيمي، يعانون الان من حشود المستوطنين اليهود. حول مغارة إبراهيم، المقدسة من الديانات الثلاث، التي يُفترض أن تكون من أكثر الأماكن سلاما، يُقتل الشبان والفتيات، ويسيل الدم الفلسطيني ساخنا.

ولم يقرر المسيح، بعد، المجيء إلى الخليل..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق