أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 29 أكتوبر 2016

كيف يتحول "بد الزيتونة" إلى (حمامات الآباء) التوراتي؟











الدخول إلى ما تبقى من أراض بحوزة المزارعين الفلسطينيين، وسط تجمع مستوطنات كفار عتصيون، جنوب القدس، مغامرة قد تكون غير محسوبة، فخلال هبة أكتوبر، سجلت حالات قتل عديدة لمواطنين على مدخل التجمع الاستيطاني، الذي يعتبره الاحتلال، حدود القدس الكبرى وفقا للمفهوم الإسرائيلي، وفي المكان، يمكن رؤية أعداد من جنود الاحتلال مشهرين السلاح طوال الوقت.
ولا يقتصر إشهار السلاح واستخدامه، على جنود الاحتلال، ولكن أيضا على المستوطنين، الذين يجوبون المنطقة، في جولات مشي سياحية لا تنتهي، متعددة الأهداف، وضعوا لها الخرائط، واستحدثوا مركزا للمعلومات.
في مثل هذه الظروف، هناك من المواطنين، من يجازفون بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية المقام عليها التجمع الاستيطاني، الذي انطلقت منه حملة الاستيطان الكبرى، بعد حزيران 1967، لاستكشاف المواقع الأثرية، التي استحوذت عليها سلطات الاحتلال، وأصبحت ضمن المعالم التي تروج لها بلدية كفار عتصيون، سياحيا، للداخل الإسرائيلي، وللخارج، وتستقطب المزيد من السياح على مدار العام.
دخلت بالمركبة، برفقة الدكتور عيسى الصريع، مدير معهد الآثار في جامعة القدس- أبو ديس، وطالب الماجستير في المعهد، جهاد فراج، إلى المستوطنة، للوصول إلى أحد المعالم الأثرية الذي يكتسب أهمية كبيرة في سياحة المستوطنات، ويطلقون عليه اسم (حمامات الآباء) وعلى الطريق المؤدية إليه عند ما يعرف الكيلو 17 على شارع القدس- الخليل، تسمية درب الآباء، في "استحضار للإرث التوراتي"، الذي يلقي بظله على التسميات في الموقع، وأطلقت الجهات الإسرائيلية المختصة على هذه المنشأة المثيرة للإعجاب، اسم حمامات الآباء توافقا مع الأسماء التوراتية التي أطلقتها على مستوطنات وشوارع في المنطقة، باعتبارها جزءا من المسار الذي اتخذه النبي إبراهيم جالبا ابنه اسحق للتضحية.
أما الشارع الترابي الفرعي، الذي وضع المحتلون على جانبيه، أعمدة رومانية، تعرف باسم حجارة الميل، التي استخدمها الرومان لتحديد المسافات على الطرق، وتم جلبها من خرب أثرية قريبة، فيمكن أن يقدم رواية مضادة بكل وضوح للرواية التوراتية.
يقع ما يطلقون عليه (حمامات الآباء) شمال شرق قرية بيت سكاريا الفلسطينية، التي شرد الاحتلال معظم سكانها، وضمها إلى مجمع غوش عتصيون الاستيطاني.
يسمي الأهالي الموقع (بد الزيتونة) وهو عبارة عن معصرة قديمة وكبيرة لزيت الزيتون، محفورة في الصخور، وبجوار هذه المعصرة، أعلن الاحتلال اكتشافه موقعا اثريا سماه (حمامات الآباء)، وهو عبارة عن منشأة محفورة في الصخور، بشكل متقن، ينزل إليها بدرج، بينهما فاصل، إلى بابين حفرا أيضا في الصخر، يعلوهما قوسان، وبعد الولوج من البابين يوجد تجويف حفر في الصخر على جانب الصخرة الداخلي، مليء بالماء، مشكلا بركة صغيرة.
وأهلت سلطات الاحتلال المكان، للزيارات السياحية، ووضعت مظلات وأماكن للاستراحة، وأدرجته بلدية مستوطنة غوش عتصيون ضمن أهم معالمها السياحية.
ووفقا لمن تبقى من سكان بيت سكاريا، فان قصة هذا الكشف الأثري، بدأت في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، عندما كان المواطن خليل محمود يعمل في أرضه في المكان فكشف عن جزء من المنشأة الأثرية، فوضعت سلطات الاحتلال يدها عليها، وقدمتها كجزء من التاريخ الذي تروج له للتجمعات الاستيطانية في المكان.
غادرنا الموقع بسرعة، قبل تنبه جهاز الأمن في المستوطنة، بينما كان بعض الفلاحين الذين ما زالوا يزرعون ما تبقى من أرضهم، وسط المستوطنات، يجففون العنب، تحضيرا لشتاء مقبل.
http://alhaya.ps/ar_page.php?id=1ee1300y32379648Y1ee1300

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق