أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 22 سبتمبر 2016

حرب الشهور الستة...!


بعد تسع سنوات من الاحتلال العثماني لفلسطين، الذي خلف الاحتلال المملوكي، تتوفر لنا معلومات حول الأوضاع في لواء القدس، من خلال أول تحرير للدولة العثمانية، الذي نشره الدكتوران محمد عدنان البخيت ونوفان السوارية، ولم تهتز أيدي محرر الدفتر، وهو يشير إلى القرى التي أخلاها سكانها، ومن بينها ناحية كاملة هي ناحية بني عامر، التي يذكر أسماء قراها الخالية، والتي مسحت عن وجه الأرض حتى الان.
والعديد من القرى التي كانت موجودة في القرن السادس عشر، مُسحت في قرون لاحقة، والأمثلة عديدة، والأسباب، لا شك، مقيتة.
يسمي الدفتر الذي يوثق للأعوام ١٥٢٥ – ١٥٢٨م، ١٩ قرية خالية من السكان في القدس تركها أهلها، أمّا قرية مغلس فكانت في حالة خراب، و26 قرية خالية في الخليل، ومعظم المزارع مهجورة، بالإضافة إلى أسماء قرى لم يذكرها المحرر، غابت عن الخارطة، رغم انها كانت موجودة في العهد المملوكي.
يمكن تخيل الأسباب التي أدت إلى هجر الفلاحين لقراهم، وربما أهمها الضرائب، التي لا تخطر على عقل، التي يعددها الدفتر العثماني، يضاف إليها انعدام الأمن، الذي يبدو أن الدولة العثمانية لم تتمكن من توفيره حتى بعد سنوات من الاحتلال، ففي القرن السابع عشر، يذكر السجل الشرعي، مثلا عن الفتنة التي وقعت عام 1682م، بين حلف قرية بيت نتيف وقرى العرقوب، وبين حلف مدينة الخليل وقرى جبلها والتي استمرت ستة أشهر.
نص السجل الشرعي رقم ١٨٤ حج١، ص ٤١٣ (أواخر صفر ١٠٩٣ه/١٦٨٢م)
"واشتعلت نار الفتنة والقتل والقتال بينهم وقامت الحروب على ساقها عليهم وصدر بين الفريقين وقعات عديدة وصدمات شديدة أسفرت عن عدة قتلى من الآدميين والخيول ونهب دواب وأموال وأسباب لا تدخل تحت معقول واستمرت نار الفتنة مشتعلة مدة تزيد على ستة أشهر متوالية".
فلسطين تاريخ من الاحتلالات، التي لم تر في الفلاحين سوى بقرة ضرائب حلوب، وتجنيد لحروب، نادرا ما عادوا منها سالمين..!
**
الصورة: عمال من قرية زكريا، جارة بيت نتيف، خلال الحفريات التي قادها الدكتور بلس في تل زكريا (عزيقة التوراتية) أواخر القرن التاسع عشر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق