أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 20 يوليو 2016

العين..!


ولم تكن طوشة زوزو الواحدة تنتهي بسرعة، وكنّا نعيد ذلك إلى كون المنزل المرشوق بالحجارة يقع بالقرب ممّا كنّا نسمّيه العين، حيث تندلع طُوش نسائية عديدة. فتلك العين لم تكن عينًا أو نبع ماء، بل محطة توصل الأونروا إليها المياه في المواسير الحديدية، في فترات محدّدة في الأسبوع، وتأتي النساء ليعبّئن التنكات منها، وغالبًا ما يحدث ازدحام واندلاع طُوش بين النساء، على دور كلّ منهنَّ في تعبئة الماء، وكل منهنَّ حريصة على أخذ ما يحتاج إليه بيتها من الماء من هذه المحطة المتعدّدة الحنفيات، لأن البديل سيكون جلب المياه من مسافة بعيدة، وصعود جبال ونزول أودية، حتى قرية ارطاس، أقرب قرية إلى مخيّمنا، حيث العين التي اعتبرها التقليد الديني "النبع المختوم" في نشيد الأنشاد، بينما كانت بالنسبة لنا "النبع الجهنّمي" الذي يتطلّب النزول إليه وحمل الماء منه صعودًا، لجبلين، مشقّة لا يمكن وصفها.

كُنّا نراقب ما يجري في العين، وتعمد البنات من مجموعتنا، اللواتي يُسمح لهنّ أكثر منا بالاقتراب من مكان تعبئة الماء، إلى قلب شباشبهن، لاعتقادهن أن ذلك يزيد من استعار نيران الطُوَش، وهو الأمر نفسه الذي كنّ يفعلنه في أثناء ثورات المثقفة الجميلة، التي كنّا نتعاطف معها، ونرى أنها مظلومة، وكانت هي تبادلنا المشاعر، وتقتنص فرصة بين فترة غضب وأخرى لتتحدّث معنا، أو لتطلب من أحدنا أن يجلب لها ماءً ترطّب به فمها، وأحيانًا تبعث مَن يشتري لها ولنا مشروبات غازية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق