أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 12 فبراير 2016

المجانين ليست أفضل كتاب قُدم لجائزة الشيخ زايد




نص الحوار الذي أجراه معي الدكتور خليل عيسى ونُشر في العدد الأول من مجلة عناقيد

1.      كيف تُعرِّف بأسامة العيسة الإنسان؟ وكيف تُعرِّف به الروائي قبل الجائزة وبعدها؟
-هذا سؤال من أصعب الأسئلة، الكتابة هي رحلة للتعرّف بالذات وبالآخرين، وعندما تنتهي الرحلة بيقين ما تتوقف الكتابة، أنا ما زلت في مغامرة التعرّف، ولكن يمكن القول فيما يتعلق بتقديم بطاقة تعريف شخصية، بأنني ولدت في مخيم الدهيشة في أواخر عام 1963، لأبوين هُجّرا من قرية زكريا في الهضاب الوسطى. عرفت السجن والعشق والكتابة مبكرا.
صدرت مجموعتي القصصية الأولى في عام 1984. الكتابة بالنسبة لي مشروع حياة، قبل وبعد الجائزة. في الواقع ليست لي حياة خارج الكتابة، علاقاتي، وكُتّبي، ورحلاتي الميدانية، والصحبة، والصداقة، تكاد كلها مجيرة لمشروعي الأدبي والبحثي، الذي يسعى لتقديم الإنسان والمكان الفلسطينيين بشكل جديد.
الجائزة شكلت حافزا كبيرا لي. هناك من ربت على كتفي وقال لي بأنني أسير في درب قد تكون صحيحة. وهذا ما يحتاجه الكاتب دائمًا.
2.      هل ترى نفسك مستحقًا لجائزة الشيخ زايد؟ ولماذا؟
-أنا على ثقة بأن روايتي مجانين بيت لحم، التي فازت بالجائزة لعام 2015، ليست أفضل كتاب قُدم للجائزة في هذا العام، ولكنها الكتاب الذي راق للجنة التحكيم أكثر من غيره. كما تعلم فان الآراء النقدية المختلفة، هي مزيج من التمكن العلمي، والذوق الأدبي، ومعايير تتعلق بالتجديد الأدبي، في الشكل والمضمون، وغيرها. كنت محظوظا بان عملي في لحظة ما، قوبل بحفاوة جعلته ينال الجائزة.
عموما أنا سعيد جدا بالجائزة، لانني كنت دائمًا، وما زلت، على قناعة، بأنه فيما يخص الأدب، فان العمل الأدبي هو الأكثر قدرة على تقديم الكاتب، وليس أي شيء اخر كالعلاقات العامة. أنا ليس لدي، ما أقدمه للناس سوى ما أكتبه.
تقدمت للجائزة، وأنا لا اعرف شيئا عن لجنة التحكيم، وأعضاء اللجنة لا يعرفونني، إنها قوة الكلمة، وسحر الأدب.
3.      هل تطمح في الترشح للحصول على نفس الجائزة مرة ثانية؟
-لا..لا ليس لدي أدنى طموح فيما يتعلق بالترشح مرة أخرى لجائزة الشيخ زايد، ففي النهاية، الفوز بجائزة ليس هدفا. الجوائز، خصوصا تلك التي تتمتع بمصداقية مثل جائزة الشيخ زايد، تفتح آفاق أمام الكاتب، وتسلط الضوء على عمله، وهو ما حدث بحصولي على الجائزة.
4.      لم ركَّزت في رواياتك على بيت لحم؟
-أنا كما أشرت أكتب عن الإنسان والمكان الفلسطينيين، في روايتي المسكوبية، اشتبكت مع القدس، قدس الثمانينات من القرن العشرين، وفي روايتي المخطوطة التي كتبتها عام 1989 (نهارات للأزقة والنجوم البعيدة) كتبت عن مخيم الدهيشة، وفي روايتي التي أنهيتها العام الماضي (وردة أريحا) اختبرت التقاليد المحلية والأساطير، في ريف القدس الجنوبي خلال النصف الأوّل من القرن العشرين.
بيت لحم حضرت بقوة فيما اسميها بالثنائية الروائية (مجانين بيت لحم) و(قبلة بيت لحم الأخيرة)، ضمن مشروعي الروائي الذي أسلفت الحديث عنه، وأظن بأنني سأعود الى بيت لحم مرات أخرى، بحثا، وأدبا.
5.      ربما لا يتاح لكثير قراءة روايتيك الأخيرتين: قبلة بيت لحم الأخيرة، ومجانين بيت لحم، فهل تلخصهما في سطور؟
-أسوأ من يلخص روايته هو الروائي نفسه. قبلة بيت لحم الأخيرة هي الرواية الأولى في مشروعي لتقديم بيت لحم في تغيراتها، خلال فترة تمتد لأكثر من عشرين عاما، وتتوقف قبل بدء الانتفاضة الأولى، هي اشتباك مع بيت لحم التاريخ، والكفاح، والتغيرات الاجتماعية الحادة.
أمّا رواية (مجانين بيت لحم)، فهي ربما كانت أكثر طموحا، كنت مهموما بالشكل الذي يناسب مضمونا طموحا أيضا. أردت أن أقدم اقتراحا، ولوّ انه يناسب هذا الموضوع تحديدا، لشكل جديد في الرواية العربية. أنا كاتب تجريبي، احترم التراث السردي العربي العريق، والممتد إلى قرون، وأسعى لتجاوزه، وأعتقد بان مبرر وجود الكاتب، هو ان يقدم جديدا، وهذا ما فعلته في المجانين، وما أحاول فعله في باقي أعمالي الروائية، والقصصية والبحثية.
6.      هل لك طقوس خاصة خلال مرحلة كتابة الرواية؟ وما هي؟
-المهم بالنسبة لي، هي الكتابة بشكل يومي وبانتظام. كتبت وأنا في الزنزانة، وكتبت في غرفة في فندق خمس نجوم، كتبت وأنا جائع، وفي غرفة في المخيم تنز بماء المطر، وكتبت في ظروف مريحة. ربما لأنني أعلم بان الدنيا لا تكون كريمة دائما مع أمثالي، فأنني أكتب في مختلف الظروف، وبدون طقوس.
7.      نصيحة توجهها لمن يمتلكون موهبة الكتابة الروائية لكنهم في أول الطريق.
-الموهوبون لا يحتاجون إلى نصائح، وإنما يحتاجون إلى المثابرة، والتصميم، والإرادة، واتخاذ القرار: هل نريد ان نكون كُتّابا، أم لا؟ إذا أراد الكاتب ان يصبح كاتبا، عليه ان يعيش لهذا القرار. الكتابة ليست مشروعا لأوقات الفراغ، وإنما هي عمل دؤوب لا ينتهي.
الكتابة صناعة ثقيلة، وأنا شخصيا لا أحب الكتاب الهواة، وإنما الذين يأخذون الأمر بجدية، بل بجدية بالغة.
**
صفحة المجلة على الفيس بوك:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق