أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 13 ديسمبر 2015

خربة مَجّد الباع


































 
على ربوة مُشرفة، على ما حولها، ما بين بلدتي السموع ويطّا، في جبال الخليل الجنوبية، تقع خربة مَجّد الباع، التي تعتبر واحدة من أهم المواقع الأثرية في جنوب الضفة الغربية.

الخربة شاهد مهم على الحقبتين الرومانية والبيزنطية، وتحوي عدة معالم مهمة، أبرزها بركة قديمة مربعة أبعادها 17x17 مترا، وعمقها 10 أمتار. هذا ما أكده احد سكان الخربة خالد محمد أحمد أبو علي، لدى زيارتي للخربة يوم 7-10-2015م.

في الجانب الشرقي من البركة، يوجد درج، وبجانب الحائط الشمالي للبركة، يمكن رؤية احواض صغيرة استخدمت لارواء الماشية، ولاستخدامات اخرى.

استخدمت البركة التي تعود على الاغلب للعهد الرومانيّ، لخدمة الاستيطان البشري في الحقبتين الرومانية-البيزنطية، وفي القرنين التاسع عشر-العشرين، لسقاية الماشية في المنطقة المحيطة.

ذكر خالد أبو علي، وكان في الخمسينات من عمره لدى لقائي به، انه وجيله تعلموا السباحة في البركة، التي كانت تزود بالمياه من مياه الامطار، وخط مياه حديث يمر قربها، ولكن الامر تغير، مع تغير مسار خط المياه، وتخريب أرضية البركة، من قبل احد السكان المجاورين لها، الذي اراد ضم البركة الى ارضه، واعتقد انه بتخريبها يضمن هذا الضم.

من آثار الخربة الأخرى،  كنيسة بيزنطية، ومقبرة جماعية محفورة في الصخور الصلدة، اضافة إلى 27 بئرا ضخمة، شكلت الأمن المائي للخربة. منها ثلاثة آبار مساحتها كبيرة جدا، تتسع الواحدة منها لنحو 600-700 كوب من الماء.

حسب مشاهدات خالد أبو علي، فان أحد الابار الكبيرة، هو عبارة عن غرفة مربعة بزوايا قائمة، أبعادعا تقريبا 10x 9 x 10 x 11م، بعمق أكثر من 10 مترا.

الخبير في الآثار الفلسطينية محمد غياظة: "خربة مَجّد الباع، هي إحدى الخرب الهامة التي تعود للعصرين الروماني والبيزنطي، تحتوي على العديد المظاهر المعمارية الأثرية، أبرزها كنيسة على النظام البلازيكي، ما زالت جدرانها موجودة وكذلك بقايا أرضيات فسيفسائية، بالإضافة إلى قبر على شكل كهف أسفل الكنيسة، ومعصرة للنبيذ متميزة، تشتمل على العديد من المعاصر، والأرضيات الفسيفسائية الجميلة البيضاء".

تسكن الخربة، التي تقع ضمن المناطق المصنفة (جـ)، عائلة أبو علي، التي تشكي الإهمال من قبل السلطات المحلية، ومن مخاطر استيلاء المستوطنين على المنطقة.

يقول خالد محمد أحمد أبو علي: "نسكن هنا أقارب وأبناء عمومة، منذ تسعينات القرن العشرين، نحن من بلدة يطا، اشترينا هذه الأرض من أهالي السموع، عَمرّنا وبنينا بجانب الموقع الأثري، ومن معالمه المهمة، بالاضافة إلى البركة، وما نسميه السجن، وهو عبارة عن مقبرة جماعية محفورة في الصخور. نعاني من الإهمال، ومن العزلة، نطلب من سلطتنا الوطنية زيارتنا، ومعالجة أوضاعنا، نفتقد للمياه، والطرق، ومددنا شبكة الكهرباء على حسابنا، بعد تذليل الكثير من المصاعب".

ويضيف أبو علي: "المنطقة مستهدفة من قبل المستوطنين، الذين يأتون من المستوطنات المجاورة، نحو 3-4 مرات في السنة، يقضون فترة طويلة في الخربة، نرى في ترددهم على الموقع، تهديدا لوجودنا، ونحاول ازعاجهم بقدر ما نقدر، نلتف حولهم رجالا ونساءا وأطفالا، حتى يرحلون سريعا. وجودنا في الموقع، يساهم في حمايته، خصوصًا من لصوص الاثار، لأننا نعتبر هذه الحماية واجبا علينا تجاه شعبنا وتراث أجدادنا".

تعرضت الخربة، على مدار سنوات طويلة، إلى حفريات غير شرعية، من قبل لصوص الآثار، وبسبب عدم اعلانها موقعا محميا، فان مخاطر عديدة تواجهها، تهدد معالمها.

اثار التدمير، والاهمال الذي تعاني منه الخربة، يظهر بقطع الفسيفساء المحطمة التي يمكن رؤيتها في أنحاء مختلفة من الخربة، والتدمير الجزئي لأرضية البركة، والحجارة الاثرية المقتلعة. مما يوجب التحرك سريعا لحماية المعالم الاثرية في الخربة.

يقول جواد أحمد محمد أبو علي، من سكان الخربة: "خربة مَجّد الباع، خربة أثرية مهمة، فيها معالم اثرية ملفتة جدير بالاهتمام، من قبل وزارة السياحة والآثار، ويمكن ان تشكل مصدرا سياحيا مهما لوطننا ولمواطننا. نهيب بسلطتنا الوطنية، وبلدية السموع، الاهتمام بنا أكثر، فنحن نفتقد للكثير من الخدمات، فأبنائنا وبناتنا مثلا يقطعون مسافة 5 كلم للوصول إلى المدارس، مشيًا على الأقدام".

ويضيف: "لدينا نقص في المياه، ونحتاج للدعم لنثبت في هذا الموقع، حيث يشكل وجودنا حماية له، هناك تجار آثار يبحثون عن اللقى الأثرية ويبيعونها للإسرائيليين، قبل وجودنا هنا كان هناك من يتاجر بالحجارة القديمة، ولكن وجودنا قطع الطريق عليهم، ونحن على تواصل دائم مع مديرية الآثار في محافظة الخليل".

ويؤكد غياظة: "تتهدد الخربة مخاطر، نتيجة الجهل، وتعمير الأرض للأغراض الزراعية، ربما يؤدي إلى ازالة بعض المعالم الأثرية. هناك تهديد للمنطقة من قبل المستوطنين، فأينما وجدت بُرك، يدعون بانها مناطق تعميد وتطهير، تمهيدا للاستيلاء على المنطقة، ولهذا نحن نشجع الأهالي وخصوصا مربي المواشي الاستقرار في المنطقة".

ويضيف: "المطلوب للحفاظ على المواقع الأثرية، تكثيف حملات التوعية في المدارس والجامعات، حول هذه المواقع، ووضعت وزارة السياحة هذه المواقع، ضمن اولويات عمليات الترميم، ولكن ذلك لم يتم نظرا لقلة التمويل والموارد المالية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق