أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 31 أكتوبر 2015

الشهيد الرضيع







































 

بدت حمّالة الموتى، كبيرة على جسده الصغير، ولن تمكنه أشهره الثمانية، التي عاشها في دنيانا، من مراكمة ذكريات، أو قدرة لتحسس ما يعنيه انتظار حرس الشرف لجثمانه الصغير، لدى اخراجه من ثلاجة الموتى في مستشفى بيت جالا، حيث أمضى ليلته الأخيرة في دنيانا.

بدا جسد الشهيد الرضيع رمضان محمد فيصل ثوابتة  (8) أشهر، المسجى على حمالة الموتى، التي حملها ثلة من جنود الأمن الوطني، في بداية جنازة رسمية، للرضيع الذي قضى يوم أمس بسبب الغاز المدمع، الذي أطلقه جنود الاحتلال في بلدة بيت فجار، شرق بيت لحم، وكأنه مشهد في فلم ملحمي.

واعتبرت القوى الوطنية، الرضيع، أصغر الشهداء الذين يرتقون، في هبة أكتوبر، التي ارتقى خلالها أكثر من 70 شهيدا، ومئات الجرحى.

ومن ساحة المستشفى، انطلق موكب التشييع، إلى بلدة بيت فجار، مرورا بشارع القدس-الخليل، الذي يشهد توترا، خصوصا قرب المستوطنات، والمفرق المؤدي إلى مجمع غوش عتصيون الاستيطاني، الذي أُعدم عليه العديد من الشهداء، وهو يؤدي غربا، إلى بلدة بيت فجار.

أُسجي جثمان الشهيد الرضيع، على طاولة، في منزل والده، حيث عاش لحظاته الأخيرة، ووصله الغاز السام القاتل، الذي يطلقه جنود الاحتلال على منازل المواطنين.

حمل الوالد جثمان رضيعه الشهيد الملفوف بالعلم الوطني، وقربه إلى صدره، احتضنه، وهو يحاول منع الدموع من الانسياب من عينيه على الجسد الصغير، بوضع يديه على عينيه، والاستغراق في تأمل الجسد الصغير.

والدة الشهيد الرضيع، غمرت وجهها في الجسد الصغير، لتبث جسده، أشواقها الأخيرة، وتحمله ما يمكن ان يعييه، في رحلته إلى العالم الذي لن يعود منه أحد.

أُخرج الجثمان الصغير، من المنزل، إلى مسجد بيت فجار الكبير، ليصلى عليه، قبل مواراته تراب بلدته، التي لم يتمكن من الدبّ عليها حيّا، فاحتضنته في بطنها، روحا بريئة.

ونعت لجنة التنسيق الفصائلي في محافظة بيت لحم، الشهيد الرضيع، وطالبت العرب والمسلمين: "تحمل مسؤوليتهم التاريخية تجاه شعبنا وقضيته العادلة في هذه المرحلة الصعبة والخطيرة".

وعقب مراسم الدفن، تجددت المواجهات بين الفتية، وجنود الاحتلال، على المدخل الغربي لبلدة بيت فجار. هناك من أراد ان يقول للشهيد المغادر: نحن على الدرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق