أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

عبد الرحيم الحاج محمد: دروس ثورة الفلاحين المجهضة









لم تعد ذنّابة، هي نفسها القرية الصغيرة التي نشأ ودفن فيها عبد الرحيم الحاج محمد، الذي يوصف بانه القائد العام لثورة 1936-1939، فالقرية التي نمت وتمددت، أضحت وكأنها ضاحية من مدينة طولكرم، لا يفصلها عن المدينة، سوى مخيم طولكرم، ولكنها ظلت ترتبط باسمه، وفيها ضريح القائد الذي قتله المحتلون الانجليز.

يمكن الوصول بسهولة، إلى مقبرة البلدة، وكأنها إحدى أبرز المواقع في المنطقة، وفيها ضريح الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد (أبو كمال)، الذي خُط على أحد جوانبه هذه الأبيات:

يا زائرا لأبي كمال في الثرى        عبد الرحيم ضحية الأوطان

أدع الإله له بقلب مخلص          واقرأ له ما شئت من قرآن ‏

من آل سيف من لهم ذكر سما    بين الورى ومن سالف الأزمان

فإلى الشهيد أقول تاريخا زها    طوبى له قد فاز بالرضوان

وكتُب أعلى الضريح: شهيد الوطن المرحوم عبد الرحيم الحاج محمد الاثنين 6 صفر 1358ه، ورُسم العلم الفلسطيني مع الهلال، من رموز زمن النضال ضد الاحتلال البريطاني.

استشهد القائد العام لثورة الفلاحين، وهو الوصف الأكثر ملائمة للثورة المديدة التي كان وقودها من الفلاحين، في قرية صانور، قرب مدينة جنين، يوم 27-3-1939م.

يعتبر عبد الرحيم الحاح محمد، نموذجا للقادة الميدانيين، الذين كان عليهم مقارعة الاحتلال البريطاني، ولكن في الوقت ذاته يأتمرون، بالقيادة السياسية المكونة من افندية المدن، والمقيمة في دمشق وبيروت.

وصل القائد العام لثورة الفلاحين إلى صانور، آتيا من بيروت، بعد ان قضى عدة أشهر قابل خلالها المفتي الحاج أمين الحسيني، وبحث معه في قضايا الثورة الشائكة، والانفلات الذي كان المفتي يتحمل جزءاً مهم منه.

وبعد استشهاده، دفن في صانور، ولكن هذا الترتيب لم يكن ملائما لعائلته، ويقال، في التراث الشفوي، بان شقيقة له، ذات شكيمة تُوصف بانه شقيقة الرجال، نقلت الجثمان، على دابة إلى ذنّابة ليدفن بما يليق به، وليحتضنه التراب الذي شهد مسقط رأسه.

يذكر الدكتوران نمر سرحان ومصطفى كبها في كتابهما عنه: "يقول أهل رامين بان جثمان عبد الرحيم، عندما نقل من صانور إلى ذنّابة، توقف في رامين، واقامت نساء رامين حلقات النعي، وحزنت كل القرية، وقد شارك في نقل جثمانه الحاج مصطفى لمحمد (أبو الراجح) وعدد من ثوار المنطقة".

 

كُتبت عدة دراسات عن القائد العام لثورة الفلاحين، واستخلاص العبر من تلك التجربة، التي لم تكلل بالنجاح، ويمكن من خلال الرسائل التي أرسلها عبد الرحيم الحاج محمد معرفة الاخطاء التي رافقت مسيرته النضالية، والتي ربما استمرت لاحقا في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني.

رسالة أرسلها عبد الرحيم الحاج محمد إلى المفتي الحاج أمين الحسيني من دمشق يوم 18 اذار 1339م، اوردها سرحان وكبها في كتابهما، يحتج فيها على بعض الأخطاء ويشكو أمور كثيرة:

*"المصاريف الباهظة التي تصرف على المجاهدين في دمشق من جهة الملبوسات، لا يقرها منطق ولا يجيزها قانون، بل ما انزل الله بها من سلطان، فمال الثورة يجب أن يصرف على أشياء لها قيمتها وأهميتها في المصلحة وهي السلاح والرصاص".

*يوجد في دمشق أناس لا تستفيد المصلحة منهم شيئا، يتقاضون رواتب من مال الأمة بداعي انهم يخدمونها وهم لا في العير ولا في النفير".

*"إن وجود المجاهدين في المدن يسبب إلى المصلحة الشلل والفتور. وخاصة إذا رأى المجاهد نفسه في بحبوحة من العيش ينام على فراش وفير ويلبس لباس الأمراء، بينما كان في ساحة الجهاد يفترش الأرض يلتحف السماء، ويأكل ما تيسر من فتات الخبز، فانه يعمد إلى الكسل والخمول، ويفضل الحياة الناعمة على الحياة الخشنة وتراه يتوارى عن الأنظار حتى لا يعود إلى ميدان الجهاد".

كتب عبد الرحيم الحاج محمد هذه الرسالة، كما يقول وهو يستعد للعودة إلى ميادين الجهاد، ويكتب للمفتي:

"أرجو معذرتي اذا تجاسرت وقلت لسيدي الزعيم الجليل اني احمله مسؤولية كل شيء إذا لم ينظر بعين يقظة إلى ما يجري من أمور تضر بالمصلحة، وتلافي الاخطار، والتي تؤثر على عملنا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق