أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 3 أغسطس 2015

نقوش لِفْتا تتحدى عوامل الزمن والاحتلال













لا تُظهر ما تبقى من نقوش على العتبات العليا، على أبواب ما تبقى من منازل قرية لِفْتا المهجرة، غرب القُدّس، هوية مَن أُجبروا على الرحيل منها عام 1948، فقط، ولكن أيضا على تطور العمارة الفلسطينية في الريف الفلسطيني، ومفرداتها الفنية.

وثُبتت النقوش أعلى أبواب المنازل، لتؤرخ لبنائها، ويظهر من النقوش التي ما زالت صامدة بعد 67 عاما من النكبة، حرص أصحابها، على استخدام الموروث الديني، كالآيات القرآنية مثل "ان فتحنا لك فتحا مبينا"، والتواريخ الهجرية.

وحوى نقش على باب أحد المنازل، المطل على فضاء متسع من القرى المجاورة، على تاريخ 5-محرم-1344، أي 25 تموز 1925م، مما يعني ان بناءه يسبق تأسيس دولة الاحتلال، بسنوات طويلة، حيث شهدت لِفْتا، تطورا اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا لافتا، وواصلت التطور، لتصبح نموذجا على المجتمع الفلسطيني في ريف القُدّس الغربي، أُفتتح فيها مقهيان، كان من روادهما، عدد من المثقفين الذين ظهروا في القُدّس وحازوا على شهرة واسعة مثل المربي والمفكر التنويري خليل السكاكيني.

وفي عام 1948، استهدفت العصابات الصهيونية أحد المقهيين، بالتفجير، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وشكل بداية لتهجير القرية.

وشكل هذا الحادث، بداية لتهجير السكان، وعندما تم للعصابات الصهيونية ما أرادته، وصل بن غوريون من تل أبيب، في يوم سبت، كاسرا قدسيته، مبتهجا بخلو لِفْتا، مِن ناسها العرب. بالنسبة له كان ذلك تحقيقا لحلمه بنزع شوكة وجود عربي قديم وممتد، لصالح الأحياء والمستوطنات اليهودية الناهضة، في القُدّس الجديدة، التي ستصبح مع النكبة، التي قسَمت القُدّس لأوّل مرة في تاريخها، القُدّس الغربية.

وسيقول بن غوريون متأثرا بقوة اللحظات التاريخية، في اجتماع لحزب المباي يوم 8-2-1948 في القُدّس: "منذ دمر الرومان القُدّس لم تكن يهودية كما هي عليه الآن، فمنذ دخولك القُدّس، عبر لِفْتا وروميما (برج العرب)، ومحانيه يهودا، وشارع الملك جورج، وميا شعاريم، لا يوجد عرب، بل مائة بالمائة يهود، وفي كثير من الأحياء العربية في الغرب لا يشاهد المرء ولوّ عربيا واحدا".

وتتفاوت النقوش، فنيا، من عدة جوانب، مثل الخطوط، ونوع اللوحات الحجرية المنقش عليها العبارات، وأيضا من حيث الرسوم، والأشكال الهندسية، وتبرز براعة الحجّارين من خلال نقوش البتلات الوردية، وطريقة توزيعها على جوانب النقش، والأقواس الصغيرة، والمستطيلات والمربعات التي تشكل اطارات للنقوش، وأيضا توزيع الكلام المكتوب بدقة محسوبة.

وبسبب عوامل الزمن والاهمال، فان عددا من النقوش مُحيت، وأُخرى على وشك المحو الكامل، وثالثة يصعب قراءتها،

وتردد في وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن نية حكومة الاحتلال ادراج قرية لِفْتا على قائمة التراث العالمي المهدد، لدى اليونسكو باعتبارها عين نفتوح التوراتية.

ويحرص أهالي لِفْتا، على التذكير بقريتهم، وفي الاسبوع الماضي، أحيا عدد منهم وهم يرتدون الأزياء الفلسطينية التراثية، على عين القرية عرسا فلسطينيا تقليديا، هو الأوّل من نوعه منذ النكبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق