أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 4 أبريل 2015

لا يوجد عميان في سوق المدينة..!!
















يبدو شارع سوق العميان، في حي باب الزاوية في الخليل، وكأنه على خط وقف اطلاق نار في حربٍ تبدو هادئة لكن نتائجها مدمرة.

ويقع هذا الشارع، موازيا لميدان باب الزاوية الشهير، وخلفه يبدأ شارع الشهداء الذي تغلقه سلطات الاحتلال وحوّلت كثيراً من أبنيته، إلى نقاط استيطانية. وأدى اغلاقه بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في 25/2/1994، إلى شلل لا يوصف في المدينة، بفقدان موقف الحافلات، وسوق الحسبة، وتحديد حركة الناس، وتدمير التخطيط العمراني للمدينة التي عمرها آلاف الأعوام.

وارتبط شارع سوق العميان، كما يقول، أصحاب محلات فيه، بفاقدي البصر، وكبار السن، الذين كانوا يسيرون فيه متجهين إلى الحرم الابراهيمي الشريف لأداء الصلوات والتعبد، أو إلى أسواق البلدة القديمة، بعيدا عن زحمة الناس في باب الزاوية.

ويفضل أصحاب المحال اطلاق اسم سوق الدجاج عليه لغلبة محال بيع الدجاج فيه، الأمر الذي أدى إلى تغيير طابعه، كشارع قديم، تحف به المباني الحجرية المبهرة، التي تؤشر إلى عزه السابق، وإلى نمط العمارة في مدينة الخليل خلال نحو 150 عاما. وهو نمط يجمع بين التقاليد البنائية المحلية، والانفتاح على الحداثة الغربية، ربما ليميز ساكنو هذه البنايات بين نمط عيشهم الجديد هنا، وذلك الذي تركوه خلفهم في البلدة القديمة.

وارتبط الشارع بحي باب الزاوية، وهو حي جديد نسبيا، مقارنة بحارات بلدة الخليل القديمة الأيوبية -المملوكية - العثمانية، وارتبط انشاؤه، بخروج خجول في البداية، من البلدة القديمة باتجاه غرب المدينة، لكن البناء فيه تسارع وتطور، حتى أصبح، قبيل الهجمة الاستيطانية على الخليل، قلب المدينة وعنوانها.

وعلى الأرجح، فان توسع البلدة القديمة نحو ما سيعرف بباب الزاوية، بدأ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ما يؤشر على استتباب أمني وما يمكن تسميته نهضة اقتصادية شهدتها المدينة، وهو ما يمكن ان نلمسه في البنايات على جانبي الشارع، بشبابيكها وأبوابها وحجارتها، وبعض هذه الأبنية يشبه الأحواش الصغيرة، التي سكن فيها أفراد عائلات ممتدة.

يبدأ شارع سوق العميان، من المفرق المؤدي إلى شارع الشهداء، وينتهي بزاوية الشيخ محمد السعيد القادري والمعروفة بالزاوية المنجكية، التي اعطت الحي اسمه.

ورغم انه ملاصق للأسواق التي تضج بالحياة، إلا ان سوق العميان، يبدو وكأنه يبعد عنها مسافات طويلة، فالإهمال فيما يتعلق بالنظافة مثلا، يبدو واضحا، من أكوام مخلفات محلات الدجاج، إضافة إلى تهدم بعض الأبنية القديمة، وتحول الفضاءات الفارغة أمامها، إلى مواقف عشوائية لمركبات، ومكب للنفايات.

الشارع خضع لترميم، قبل سنوات، وأيضا بعض المباني في عام 2012، ضمن برنامج دعم المناطق الأكثر تضررا من الجدار، وتم الترميم بإشراف لجنة اعمار الخليل، لكن كثير من هذه المباني غير مسكونة، ما تسبب بضرر لها، يظهر على الشبابيك المحطمة، والجدران، والأبواب.

وتسبب النشاط الاستيطاني في شارع الشهداء، في هجر الأهالي لهذه المباني، التي تطل من جانب على سوق العميان، والجانب الآخر على الشارع الحيوي، الذي تغلقه سلطات الاحتلال منذ سنوات طويلة.

يخلو سوق العميان، الآن من العميان، ولا يفضل كثير من المبصرين السير فيه، مفضلين المسارات الأخرى، فهو لم يعد كالسابق، لا يستطيع توفير الأمان لفاقدي البصر من السائرين فيه فقط، ولكن للجميع، بسبب التهديد الاستيطاني.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق