أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 7 فبراير 2015

مستعمرات سياسية بنكهة اقتصادية..!!










 يرى باحثان، انه رغم دوافع اقامة المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ايديولوجية، وليست اقتصادية، حتى الآن على الأقل، إلا انهما يؤكدان ان ذلك: "لا يعني بالطبع ان الأفراد الذين ينتقلون للاستيطان في المستعمرات أو الذين يفتتحون مشاريعا فيها ليست لهم طموحات أو غايات اقتصادية".

ويضيف الباحثان نعمان كنفاني وزياد غيث: "بل العكس، إذ هناك الكثير من الدلائل على ان عددا لا يستهان به منهم يقامرون بهدف الحصول على تعويضات سخية في حالة الاخلاء، كما ان عددا منهم يستوطن بالمستعمرات لسهولة الحصول على معونات اجتماعية هناك وامكانيات الاستفادة من الخصومات الضريبية، وتشير عدد من المراجع إلى ان فرص استغلال اليد العاملة الفلسطينية بصورة أشد في مستعمرات الضفة هي دافع مهم لبعض المشاريع الاقتصادية في المستعمرات".

كنفاني وغيث اعدا كتابا بعنوان (الهيكلية الاقتصادية للمستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية)، أصدره معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس). وسعى الباحثان إلى توفير أكبر قدر من المعلومات حول البنية الاقتصادية للمستعمرات، وتحليلها لاستخلاص خصوصيات المستعمرات الانتاجية والهيكلية ومساهمتها في الاقتصاد الإسرائيلي.

واعتمدت الدراسة على مصدرين اساسيين للمعلومات، الأول المصادر الإسرائيلية الرسمية، والثاني قاعدة بيانات وفرها المركز الهندسي للدراسات والتخطيط في حيفا.

المستعمرات للإقامة

 بلغ عدد المستعمرات في الضفة 145 مستعمرة مع نهاية عام 2010، منها 15 ضاحية سكنية حول وداخل القدس الشرقية، اضافة لأكثر من 200 بؤرة استيطانية توصف اسرائيليا بأنها مستعمرات "غير قانونية". وبلغت مساحة البناء في مستعمرات الضفة نحو 17 مليون متر مربع، 75 % منها مخصصة للسكن، ومن المساحة المتبقية خصص نحو 30 % للصناعة. القوة العاملة من سكان المستعمرات تبلغ 62.5 %، وهي، حسب الدراسة، أعلى من النسبة العامة في إسرائيل، ويعمل ثلثا سكان المستعمرات في قطاعات الخدمات المختلفة كالتعليم والادارة العامة، ونسبة العاملين منهم في النشاطات الانتاجية متدنية حيث تبلغ 8.8 % في الصناعة (15 % في إسرائيل)، و2.6 % في البناء (مقابل 5.2 %) في إسرائيل.

ويشير الباحثان، إلى ان النشاطات الاقتصادية الرئيسة في المستعمرات هي بشكل عام نشاطات تترافق مع أجور عمل متدنية وانتاجية ضعيفة، ويلاحظان ان "انخفاض الأجور في النشاطات الاقتصادية الرئيسة في المستعمرات بشكل عام يلعب دورا مهما في تفسير ان المستعمرات هي مناطق اقامة أكثر منها مستعمرات انتاج".

ويشير الباحثان إلى دراسة نشرت عام 2011، تفيد بوجود 70 ألف عامل أجنبي (من الفلبين، ونيبال، وسريلانكا) يعملون في المستعمرات في مجال الخدمات المنزلية، والرعاية الشخصية ويتقاضون اجرا شهريا بالمتوسط قدره 3578 شيقلا، وهو أقل من الحد الأدنى للأجور في إسرائيل، على الرغم من انهم يعملون 11 ساعة يوميا.

نشاط المستعمرات الاقتصادي

 من بين النشاطات الاقتصادية في المستعمرات:

- القطاع الزراعي: 2 % من مساحة الأراضي المزروعة من قبل الإسرائيليين، يستغلها المستعمرون في الضفة الغربية، ونسبة عالية منها مخصصة للخضراوات والحمضيات. وتنتج المستعمرات ايضا الحبش والحليب البقري، والدجاج، والبيض وغيرها، بنسب متفاوتة.

- القطاع الصناعي: عدد العاملين في القطاع الصناعي في المستعمرات يبلغ نحو 1.2 % من اجمالي العاملين في الزراعة في إسرائيل، وعدد الشركات في هذه المستعمرات بلغ 1414 شركة عام 2003، بينها 220 منشأة صناعية. وبلغ عدد المناطق الصناعية 17 منطقة، معظمها مناطق صغيرة.

ويقول الباحثان: هناك عدد من الشركات الفلسطينية داخل بعض المناطق الصناعية أهمها عطروت، فيها 75 شركة عربية من أصل 209 شركات.

ويشير الباحثان، إلى التخلف النسبي للصناعات في المستعمرات وانخفاض مستواها التقني، وتعتبر الأدنى انتاجية.

- الكسارات والمقالع: حسب احصائية تعود لعام 2010، فان المقالع التي يستغلها الإسرائيليون في الضفة تؤمن 20 - 30 % من احتياجات البناء في إسرائيل، وهذه المقالع لا تخضع للرقابة.

- السياحة والمحميات الطبيعية: منها كهوف قمران، وعين الفشخة، ووادي القلط، وقصر اليهود (موقع التعميد)، وشواطئ الاستجمام على البحر الميت. وحسب التقديرات فان إسرائيل تسيطر على 20 محمية طبيعية في غور الأردن و10 حدائق وطنية عامة، منها حديقة كندا التي شيدت على أنقاض قرى اللطرون بعد تدميرها عام 1967.

 

السوق الفلسطينية

 تتطرق الدراسة إلى منتجات المستعمرات التي يتم تصديرها إلى الأسواق الدولية، وعدم وجود احصاءات دقيقة حول هذا الموضوع.

لكن الأمر يختلف بالنسبة للأسواق الفلسطينية، حيث يذكر الباحثان: "لا تستوعب السوق الفلسطينية أكثر من 4 % من اجمالي الصادرات الإسرائيلية، لكن الأرقام تشير إلى ان حصة السوق الفلسطينية من انتاج بعض الصناعات والنشاطات في إسرائيل عالية مثل الكهرباء، والاسمنت، والفاكهة، والمواد الغذائية، وإلى ان حصة الأراضي الفلسطينية من منتجات المستعمرات مرتفعة نسبيا، نظرا لطبيعة منتجات المستعمرات ذاتها وطبيعة السوق الفلسطينية".

وتعتمد الدراسة على بعض المراجع التي تذكر ان صادرات المستعمرات إلى الأراضي الفلسطينية تبلغ نحو 500 مليون دولار سنويا. ويقول الباحثان: "هذا الرقم غير مدعوم بحثيا، ويبدو انه أدنى من الرقم الحقيقي". ويتطرق الباحثان إلى بعض الدراسات التي تشير إلى نسبة عالية من منتجات الفاكهة في المستعمرات تذهب للأسواق الفلسطينية، وكذلك ما يتعلق بالصناعات الغذائية، والمعدات الزراعية، والبذور، والأعلاف.

نتائج وتوصيات

 يؤكد الباحثان، ان دوافع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، هي سياسية - ايديولوجية في المقام الأول، وليست مشروعا اقتصاديا، ويستنتجان ان: "الاستيطان الإسرائيلي على اراضي الضفة ما يزال يقف على قاعدة اقتصادية هشة وما زال يعتاش على موارد تأتيه من داخل الخط الأخضر، ومن عطايا المناصرين في الخارج".

ويضيفان: "ان انتاجية العمل وربحية المشاريع في المستعمرات أدنى منها داخل الخط الأخضر، وان مستوى الدخل الفردي والاستهلاك أقل، وان أكثر من نصف سكان المستعمرات يعملون داخل الخط الأخضر، أي ان المستعمرات ما زالت، والى حد كبير، تجمعات غرف نوم".

ومن أهم التوصيات التي أوردها الباحثان: "ان على الطرف الفلسطيني ان يعمل قدر ما يستطيع على تعميق حدة التضاد بين الهدف الايديولوجي - السياسي للاستيطان وبين التكلفة الاقتصادية للمستعمرات. إذ ان مستعمرات الضفة ما زالت تقوم على قاعدة اقتصادية هشة، وما زالت تعتاش على التحويلات السخية من داخل الخط الأخضر ومن المؤسسات الصهيونية في الخارج، وهناك فرص جديدة أمام الطرف الفلسطيني لزيادة العبء الاقتصادي والادانة السياسية والقانونية والاخلاقية الدولية للاستيطان وتقليص المكاسب التجارية التي يولدها".

ويدعو الباحثان بوضوح إلى: "العمل المستديم لرفع التكلفة الاقتصادية والأخلاقية والسياسية لهذا المشروع الاستعماري، وهو أمر ممكن إذا تحلينا بالمعرفة والتخطيط والاصرار".


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق