أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 14 يناير 2015

"الاستثمار" يُفني مبانِ تراثية بالخليل/حسن الرجوب













تتهاوى أسبوعيًا مبانِ تراثية قديمة وقصور تحمل فنونًا معمارية متنوعة بمحافظة الخليل جنوب الضّفة الغربية المحتلة، بعضها يُعدّ من المعالم الثابتة التّي تشكل وجه الخليل الحضاري والمعماري.
وفي الوقت الذي يختار فيه كثيرون من مُلّاك هذه المباني استبدالها بأبنية جديدة لأغراض استثمارية وتجارية، يجد المهتمّون بهذه الأنواع من المنازل أنفسهم أمام حالة إنهاك تتواصل لهذه السّمة الحضارية في المدينة.
يأتي ذلك دون وجود دور فعلي للجهات الرّسمية ذات العلاقة في هذا الصدّد، الأمر الذي تبرّره هذه الجهات بحالة القصور في تطبيق القوانين الرّادعة في هذا المجال، ما يترك هذه المعالم الهامّة ضحّية للاندثار والضّياع.
ورغم أنّ بلدية الخليل تؤكّد رفضها السّماح بأيّة عملية هدم لمثل هذه الأنواع من المنازل، لكنّ الملاحظ تواصل حالة النّزيف في فقدان هذه الأنواع من المنازل، ومحاولة بعض ملاكّها هدم أجزاء منها تحت ستار الليل أو إجازات المؤسسات الرّسمية، لتركها آيلة للسقوط، وتحصيل الإذن بهدمها لتشكيلها خطرا على الجمهور، وهي وسيلة يؤكّدها مدير وزارة السياحة والآثار بالخليل أحمد الرجوب.
ويشير الرجوب إلى أنّ معظم هذه المنازل أو المباني التراثية يتجاوز عمرها المئة عام، وتقع في أماكن استراتيجية في مدينة الخليل أو في بعض البلدات التابعة لها، ويطمح ملّاكها لاستبدالها بمبانّ أحدث وأكبر قد تدرّ المزيد من الأموال على أصحابها، خاصّة وأنّ معظم هذه المباني مهجورة.
صون التراث
لكنّ الرجوب يرى أنّ الآثار أو التراث ليس ملكا لأحد، وأنّ حفظه وصونه لا يُلقى على وزارة السياحة والآثار وحدها، بل هو واجب كافة المواطنين؛ وبالتالي لا يُسمح تحت أيّ حال من الأحوال هدر هذا التراث وتدميره وتضييعه تحت أيّ مبرر، وهي قاعدة سارية في تعامل الوزارة مع هذه المواقع والمباني والأماكن بسائر أنحاء الضّفة الغربية.
لكنّ عمل الوزارة من وجهة نظر مديرها بالخليل يحتاج إلى عمليات ردع من جانب الجهات القضائية وخاصّة المحاكم التي يجري تحويل منتهكي التراث إليها، لافتا إلى أنّ هناك قانونا لحفظ الآثار الفلسطينية، لكنّه غير سار وغير فعّال في المحاكم الآن، ويشتمل على إجراءات رادعة بحقّ من ينتهك حرمة الآثار الفلسطينية، لكنّه يحتاج إلى تفعيل في أسرع وقت ممكن لوقف هذه الحالة من التدمير الجارية الآن.
هجمة الاستيطان
 
من جانبه، يُحمّل المحاضر في جامعة الخليل محمد عداربة الجهات الرسمية ذات العلاقة المسؤولية عن عملية الهدر في تدمير المباني الأثرية، مشيرا في حديثه لوكالة "صفا" إلى أنّ الخليل التي تتعرض لهجمة استيطانية ومحاولات لتدمير أي إرث فلسطيني، وتبرير الاحتلال للمدينة والسيطرة على بلدتها القديمة وحرمها الإبراهيمي.
ويشير إلى أنّ هناك أطماعا استيطانية قديمة بمدينة الخليل، معتبرا في الوقت ذاته عمليات الهدم والتدمير للمعالم الأثرية والتراثية بأنّها تدعم جهود الاحتلال الاستيطانية، مؤكّدا بأنّ هذا الأمر يحتّم على الجهات الرّسمية العمل الجاد  من أجل سنّ قوانين سريعة لوقف ما يجري من انتهاك لتراث المدينة العريق.
أما الباحث في شؤون الآثار الفلسطينية أسامة العيسة يعتبر في حديثه لـوكالة "صفا" ما يجري بأنه يعبر عن حالة من الجهل لدى المجتمع الفلسطيني إزاء أهمية هذه المواقع، معتبرا ما يجري هو تقديم لرأس المال ويستهدف تحقيق الربح الكبير، مشيرا إلى أنّ معظم الحالات استهدفت هدم هذه المباني التراثية لصالح إنشاء العمارات التجارية.
 ويلفت إلى أنّ المنازل المستهدفة بالهدم خلال هذه المرحلة هي منازل تشير إلى حقبة معينة عمرها مئات الأعوام عاشتها مدينة الخليل، وكانت بدايات للخروج من البلدة القديمة إلى محيط عين سارة الأثرية القديمة، وهي مبان تتميز بنمط هندسي يجمع ما بين الهندسة الشرقية والغربية وهي تحمل معان وأشكال هندسية وطرازات جميلة جدا ومميزة.
ويكشف عن أنّ أمهر البنائين في بيت جالا ومدينة بيت لحم هم من قاموا ببناء هذه المنازل والقصور، وأنّ معظمها حملت فنونا للفن المعماري الفلسطيني الماثل في عدد من المدن والمواقع الأثرية الفلسطينية.
لكنّ العيسة يحمّل الجهات ذات العلاقة  وخاصّة البلديات مسؤولية كبيرة فيما يتعلّق بدورها في توعية المواطنين الفلسطينيين، بالنسبة لأهميتها، خاصة وأنّ عين سارة القديمة هي عين تاريخية قديمة ولها صلة بفلسطينية مدينة الخليل وتاريخها، لكنّ القصور بالتعريف بها يقع على عاتق بلدية الخليل، خاصّة وأنّ المستوطنين يكررون في بعض الأحيان زيارتها.
ولم تتمكّن وكالة "صفا" من الحصول على ردود من جانب أصحاب هذه المنازل المهدّمة، الذين فضلوا عدم الحديث أو التعقيب على القضية.
بدوره، أكد رئيس قسم الأبنية ببلدية الخليل جاد أبو صبيح في حديثه لوكالة "صفا" أنّ كافة التراخيص التي يجري تقديمها للبناء في المناطق الأثرية يجري تحويلها إلى وزارة السياحة والآثار للمصادقة عليها، للتأكد من عدم انتهاكها للآثار بمدينة الخليل.
http://safa.ps/post/143050/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%8A%D9%81%D9%86%D9%8A-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%84-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%A8

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق