أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 16 نوفمبر 2014

عشرون فصيلا ممثلة في مخيم شاتيلا وآفات اجتماعية ومشاكل بالجملة




















في مكتب متواضع في مخيم شاتيلا، التقيت منير القطب (أبو عمر)، مسؤول الجبهة الديمقراطية في بيروت. صورة كبيرة لنايف حواتمة، الزعيم المخضرم للجبهة معلقة خلف المكتب الذي جلس عليه القطب، إضافة إلى صور أخرى تمجد نشاطات الجبهة، منها لكتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة في قطاع غزة.

20 فصيلا والانقسام حاضر بقوة

 عندما وصلت المخيم الفلسطيني، الذي تعرض لمجزرة وحشية في خريف 1982، وقع نظري على لافتة تشير إلى مكتب للجبهة الديمقراطية، يقع، كما علمت لاحقا على حدود المخيم مع الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تعتبر معقلا لحزب الله، وكانت هذه المعلومة كافية لتفسير ما رأيته من صورة كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد، تشيد بمزاياه الوطنية والقومية، معلقة على إحدى البنايات المتطاولة،في نهاية المدخل الذي دلفت منه إلى المخيم، مسرعا، تجنبا للرائحة الكريهة القوية التي تنبعث من حاويات النفايات العديدة التي فاضت بها النفايات وانتشرت حولها.

وما زال القطب، وفيا للخطاب الذي امتاز به متحدثو اليسار الفلسطيني، وأبدى حرصا على تمييز جبهته، عن باقي الفصائل التي تعمل في المخيم، وعددها 20 فصيلا، 11 منها محسوبة على منظمة التحرير و9 منها محسوبة على ما يوصف بـالتحالف، الذي يمثل المعارضة والفصائل المنشقة عن مثيلاتها في المنظمة.

وللفصائل العشرين، التي عددها القطب، مكاتب في المخيم، ولبعض الفصائل أكثر من مكتب ومؤسسة جماهيرية واجتماعية، إضافة للجنتين شعبيتين، واحدة تضم فصائل المنظمة، والثانية لفصائل التحالف.

قال القطب: "سعينا لتشكيل لجنة خدمات في المخيم، ولكننا فشلنا، ونسعى الآن لأن تكون عضوية اللجنة الشعبية بالانتخاب وليس بالتعيين من قبل الفصائل، وذلك من أجل تقديم خدمات أفضل لأهلنا في المخيم، فبسبب المحاصصة الفصائلية، نجد مثلا مسؤول اللجنة الصحية، ليس له علاقة بالصحة، أو مسؤول البنى التحتية ليس له علاقة بالهندسة".

ويشكو القطب مما يسميه الفئوية التي تمارسها الفصائل في المخيم، وتغليب المصالح الحزبية على المصالح العامة، لدى الجانبين: المنظمة والتحالف.

قفزة سكانية

 القطب لا يقيم في المخيم، وانما خارجه في أحد احياء بيروت، وله عمل خاص يعتاش منه، ويكاد لا يطفئ سيجارة مارلبورو، إلا ليشعل واحدة أخرى. وثمن علبة السجائر من الدخان الذي يفضله 3 دولارات.

الأصوات مرتفعة بجانب المكتب، أصوات الناس، والدراجات النارية، التي تعتبر وسيلة نقل منتشرة وفعالة في أزقة المخيم، الذي تبلغ مساحته نحو كلم مربع، وعدد سكانه نحو أربعة الاف، ارتفعوا بعد الأزمة السورية إلى 25 الفا، ويمكن تخيل حجم المشاكل التي باتت تواجه المخيم، الذي يعاني أصلا. وخلال اللقاء مع أبي عمر، كانت الكهرباء، تنطفئ فجأة لتعود فجأة.

وردا على سؤال حول من يجب ان يتحمل المسؤولية تجاه الناس في المخيم خصوصا بعد القفزة الكبيرة في عددهم، قال القطب: "على الاونروا تحمل المسؤولية، فالفلسطيني النازح من سورية مثلا، هو من مسؤولية الاونروا، وأيضا هناك مسؤوليات على منظمة التحرير الفلسطينية".

ويؤكد القطب، ان مؤسسة النجدة، وهي الفرع الاجتماعي للجبهة تقدم مساعدات منظمة للمحتاجين في المخيم، بناءً على دراسات، متهما فصائل أخرى بتقديم دعم فئوي.

ويقول: "للجبهة الديمقراطية ستة مراكز ومؤسسة في مخيم شاتيلا، منها روضة مميزة، ونقدم مساعدات عينية من خلال برامج عمل، ولدينا صفوف تقوية للطلبة، ومركز تأهيل يعلم كمبيوتر، وتجميل بشرة، ولغة انجليزية وغيرها، ونحاول قدر الامكان جذب الشباب وخاصة البنات، من خلال برامج نضعها بمشاركة الأهالي من خلال ورش عمل".

ويعاني اللاجئون الجدد إلى المخيم، من مشكلات ايواء، وأيضا من رسوم تجديد الاقامة، حيث يجب على كل فرد ان يدفع 300 دولار كل ستة أشهر، وهذا يشكل عبئا كبيرا على العائلات.

يقول أبو عمر: "لاننا لسنا عنصريين، فالمخيم، يضم اضافة للفلسطينيين، مصريين، وسوريين، وسيرلانكيين، وبنغاليين، ولبنانيين من السنة والشيعة".

آفات اجتماعية

 ويقول ابو عمر: "بسبب الأزمة السكانية الخانقة، فان البناء في المخيم يرتفع عموديا، وبعد ما حدث في سوريا وتدفق اللاجئون من فلسطينيين وسوريين، وغيرهم على المخيم، تفاقمت الأمور بشكل كبير".

ومن المشاكل التي يعاني منها المخيم، نتيجة هذا التدفق ارتفاع الايجارات، وانتشار المخدرات، والأخيرة تحدث عنها أبو عمر بخفر، ولكن آخرين التقيت بهم لاحقا، تحدثوا عنها باعتبارها ظاهرة ملازمة للحروب.

ويؤكد أبو عمر: "الآفات الاجتماعية منتشرة في لبنان، في المخيمات، ومخيم شاتيلا، فان المخدرات تعتبر ظاهرة، ونتيجة المزيج الاجتماعي الجديد في المخيم، ظهرت الدعارة التي نكافحها بشكل جدي، ومن يثبت تورطه، يتم طرده من المخيم، ونكافح أيضا المخدرات، لانها ستؤدي إلى مشاكل اجتماعية عديدة، فاذا أصبح الانسان مدمنا يمكنه ان يرتكب جرائم، لذا فاننا نعمل على استيعاب الشبيبة في فرق فنية ورياضية".

10 الاف فلسطيني مطلوب

 ويعاني فلسطينيو المخيمات في لبنان، من جملة مشاكل عديدة، وحسب القطب، فانه يوجد في هذه المخيمات نحو 10 الاف مطلوب للأمن اللبناني، 8 الاف منهم بتهمة اطلاق النار، وهؤلاء المطلوبون يتجنبون الخروج من المخيمات حتى لا يتم القبض عليهم.

ويقلل القطب من أهمية التهم الموجهة لهم، خصوصا فيما يتعلق باطلاق النار ويقول: "السلاح منتشر بكثافة في لبنان، وإذا أطلق فلسطيني النار في عرس مثلا يصبح مطلوبا، أو إذا باع أو اشترى مسدسا يصبح تاجر سلاح، في عرف الأمن اللبناني، ولقد ناقشنا هذا الأمر مع الأمن العام اللبناني، ولكننا لم نصل إلى حلول بهذا الشـأن".

ويقول القطب: "كنا نطالب برفع التمثيل الفلسطيني في لبنان، وعندما أصبح لدينا سفارة، مطلبنا الآن تعزيز دور هذه السفارة، من أجل حل مشاكلنا الكثيرة، الناتجة عن القوانين العديدة مثلما يتعلق بتملك الفلسطيني في لبنان، إذا توفي فلسطيني وله أملاك لا تؤول إلى الورثة، ولكن إلى الأوقاف. العمل يتم دون ضمانات، لا بد من تعزيز مكانة السفارة، للتعامل مع الدولة اللبنانية، من أجل حق العمل والتملك والحقوق المدنية، لم نتمكن من الوصول إلى حل مع الجهات اللبنانية، حتى ان آخر حكومة لم تشر للوضع الفلسطيني في لبنان في بيانها الوزاري. نحن نطالب بمرجعية سياسية واحدة في لبنان للتباحث معها من أجل حل كل مشاكلنا، ليس من المعقول ان يعمل المهندس الفلسطيني ممرضا، والطبيب بائعا..الخ، إن الانقسام اللبناني يؤثر سلبا علينا".

ومن القضايا الملحة التي تستوجب الحل، كما يقول القطب، ايجاد الحل لخمسة الاف فلسطيني فقدوا اوراقهم الثبوتية خلال الحروب.

ومن الاحصاءات المفاجأة والمؤلمة، التي أوردها القطب، ما يتعلق بمخيم برج البراجنة، الذي يقول ان وضعه من حيث البنى التحتية اسوأ من مخيم شاتيلا، مشيرا إلى ان 137 فلسطينيا قتلوا واصيبوا، خلال اربع سنوات، بسبب تعرضهم لصعقات كهربائية، والسبب سوء التمديدات.

وقال: "اللجان الشعبية ليس لديها امكانيات، والاونروا لا تتدخل. صحيح هناك مساهمات من رجال أعمال فلسطينيين، ومهاجرين من المخيمات نفسها إلى دول مثل السويد والدينمارك، إلا أن الدعم يذهب إلى عائلات الشهداء والجرحى والحالات الاجتماعية، التي تحتاج إلى مساعدة. بعد حرب المخيمات، لا توجد عائلة الا لها ابناء في الخارج، يرسلون الدعم".

في ليل المخيم

 نصحني أبو عمر بعدم التنقل لوحدي في المخيم، خصوصا وان الليل أرخى سدوله، وقال بانني قد اتعرض لسلب ما أحمله مثل الهاتف النقال، واصر على مرافقتي في جولة في أزقة وشوارع المخيم الضيقة، تحت اسلاك الهواتف والكهرباء وغيرها المتداخلة والمحددة بشكل عشوائي، ويخيل لزائر مثلي بانها تنذر بكارثة قريبة.

يمكن خلال التجوال رؤية كثير من الأهالي يجلسون في غرف متواضعة جدا، تطل على الأزقة، يدخنون فيها الاراجيل،

 وملصقات عديدة علقت على جدران المخيم لشهداء من أبناء المخيم، مثل ملصق عليه صورة الشهيد وائل محمد الشعار بلباسه العسكري، مع نبذة عن حياته وسبب استشهاده: "تصديه لمجموعات مسلحة حاولت العبث بأمن المخيم بتاريخ (30-6-2014).

وملصق للشهيد معتز حجازي، الذي اغتالته قوات الاحتلال، في حي الثوري بالقدس، بتهمة محاولة اغتيال حاخام يهودي. وصور للشهيدين ياسر عرفات، وفتحي الشقاقي. ويمكن أيضا رؤية ملصقات وعظية لحركة حماس بمناسبة شهر رمضان.

توقفنا أمام مقبرة الذين سقطوا دفاعا عن مخيم شاتيلا خلال عامي 1985-1987، وتضم، كما يقول أبو عمر 1300 شهيد، تم دفنهم في طبقات.

خلال الأسبوع الماضي، تم ترميم وتجديد المقبرة. وانتقلنا إلى مقر اللجنة الشعبية التابعة لمنظمة التحرير، دار حديث مع أبي النور ممثل الديمقراطية في اللجنة، وآخرين، حول أمور عديدة، مثل العلاقة بين الفصائل المختلفة، والعلاقة مع حزب الله، والدولة اللبنانية.

علمنا ان وزراء ونواب لبنانيين، زاروا المخيم، واطلعوا على اوضاعه المزرية، ووعدوا خيرا، ولكن لم ينفذ أياً من تلك الوعود.

 



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق