أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 30 يونيو 2014

أساطير بيت جبرين اليونانية على قائمة اليونسكو




احتفت دولة الاحتلال، بنجاحها بوضع قرية بيت جبرين المحتلة، عام 1948، على قائمة التراث العالمي، خلال اجتماع لجنة التراث العالمي التابعة للمنظمة العالمية، في الدوحة في نهاية شهر حزيران الماضي، باعتباره انجازا مهما بوضع موقع "إسرائيلي" آخر على قائمة اليونسكو.

واحتفى أيضا المهجرون من القرية في المخيمات والمدن الفلسطينية، على طريقتهم، عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، بالاعتراف الدولي بأثار قريتهم، بانتظار العودة إليها.

تقع قرية بيت جبرين، في الهضاب الفلسطينية المنخفضة، إلى الشمال الغربي من مدينة الخليل، في موقع استراتيجي، على الطرق القديمة المؤدية إلى القدس وبيت لحم والبحر المتوسط، وشهدت انتعاشًا في عهد الاسكندر المقدوني، وتحولت إلى ما يشبه الدويلة المستقلة، وكانت من بين ما عُرف بتحالف المدن العشرة، والتي ضمت بالإضافة إلى بيت جبرين، مدنًا أخرى مثل جرش، وعكا، وفيلادلفيا (عمّان الحالية)، وبيسان، ونابلس.

ومنذ أن أصبحت تحت السيطرة الإسرائيلية فإن المعاول لم تتوقف عن الحفر فيها، وأهم ما كشف عنه نحو 1000 كهف اعتبرت من الكهوف النادرة وتعود لعصور قديمة ومختلفة، وأطلق على هذه الكهوف وصف المغر الجرسية، لأنها بينت بطريقة تشبه شكل الجرس، ولكل منها فتحة من الأعلى، ثم تتوسع مع النزول إلى الأسفل، حتى تتشكل الكهوف مثل الأجراس تمامًا.

وتضم هذه الكهوف المحفورة في الصخور، قاعات، وممرات، وغرف، وصهاريج ومعاصر، ومقابر، ومخازن، ومخابئ، وبعضها يشكل سلسلة من الكهوف وكأنها متاهات متصلة بعضها ببعض عبر ممرات.

وبسبب موقعها الاستراتيجي ودورها السياسي، هدمها الفرس في عام 40 ق.م، واعيد بناؤها عام 68 ق.م. ومن أبرز معالم بيت جبرين الان، إحدى أهم الغرف-الكهوف-المغر المحفورة في الصخر، والتي لا يوجد مثيل لها في فلسطين، وتعود إلى الحقبة الهيلينية (اليونانية)، أي القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد.

وتم تعريف هذه المغارة، باعتبارها مقبرة، تحوي بالإضافة إلى أماكن الدفن المحفورة في الصخر، رسومات تعطي فكرة مهمة عن تقاليد الدفن خلال الحقبة اليونانية في فلسطين.

وهي المغارة الوحيدة المكتشفة في فلسطين التي تحوي مثل هذه الرسوم الفنية المبهرة، التي تتضمن حيوانات وأدوات موسيقية وأشخاص. ويُعتقد بان هذه المغارة، كانت مقبرة لعائلة شخص يدعى ابولوفانيس ابن سيميوس، الذي كان حاكمًا محليًا لمدة 33 عامًا، وتوفي عن عمر 74 عامًا، كما تشير كتابة باليونانية وجدت في المكان.

وكان ابولوفانيس، زعيمًا لبلدة مريشة، وهي التلة التي توجد فيها المقبرة، وكلمة مريشة كنعانية تعني القمة، ويطلق عليها أهالي بيت جبرين اسم (تل صندحنة)، وسبب ذلك يعود لوجود كنيسة من العهد البيزنطي في المكان باسم القديسة حنة.

وهذه المغارة عبارة عن مدفن مستطيل حفر كاملا في الصخر، يحتوي على قاعة، على جانبيها حفرت قبور متجاورة، تعلوها رسومات لحيوانات، ولأشخاص، ومناظر تعبيرية، وفي صدر القاعة يوجد ما يُعرف باسم السرير، وهو عبارة عن مصطبة حجرية يرتقى إليها بعدة درجات، ويبدو أن التقاليد المتعلقة بالموت كانت تقام عليها.

ويمكن رؤية العلامات التي تركتها الأزاميل التي تم حفر الصخر بها، قبل 2300 عام، واضحة، وكأن العمال انهوا عملهم للتو.

ومن بين الرسوم الحيوانية يمكن تمييز بعض الأنواع مثل الأسود، والزرافة، وحيوانات صورت وهي تتناول فرائسها، وغزلان، وفيل، واسماك، وجواميس، ووحيد القرن، والثعلب، وغيرها.

ويُعتقد بأن للرسوم الحيوانية في هذه المقبرة، وظيفة رمزية، فمثلا الغربان رُسمت لتخويف الشياطين، أما الكلب الأسطوري ذو الرؤوس الثلاثة الذي يطلق عليه اسم (سيربيروس)، فهم يقوم بمهمة حراسة المدخل، وما زال في وقفته هذه منذ تم رسمه في مدخل المدفن.

وبالنسبة إلى رسم النسر المطل على القبور، فهر طائر الفينيق، الذي يولد من جديد، من بين الرماد، وهو جزء من طقوس ترمز إلى النار والحياة، وتمثل الحياة بعد الموت.

ويوجد داخل هذه المقبرة كهف صغير يضم قبورًا أخرى، يُطلق عليه كهف الموسيقيين، لوجود رسم لرجل ينفخ في الناي وامرأة تعزف على القيثارة. ويُعتقد أن هذا الرسم، وضع لمرافقة الموسيقى العذبة للميت في طريقه إلى العالم الآخر، وان ذلك جزء من تقاليد الدفن في تلك الفترة.

وتثير رسوم الحيوانات في هذه المقبرة تساؤلات الباحثين، عن المصدر الذي أوحى بها للفنان الهيليني، خصوصًا وان بعضها لم يعش في الأراضي الفلسطينية، مثل الفيل مثلا، ويعتقد بعضهم أن ذلك الفنان القديم ربما رأى بعضها في حديقة للحيوانات في مدينة الاسكندرية التي بناها اليونانيون.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق