أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 27 يونيو 2014

نفق الولجة المذهل..!!












يشعر صلاح أبو علي، المشرف على زيتونة البدوي، في قرية الولجة، جنوب غرب القدس، بالإحباط لأن المياه في عين الجويزة القريبة، تكاد تكون جفت.

ولدى أبو علي، مثله مثل آخرين في الولجة، حكايات عن زيارات المستوطنين إلى العين، ومحاولتهم الدائبة للدخول في نفقها. خصوصا بعد نشر نتائج مسوح أثرية جديدة عنها.

ويستهدف المستوطنون معظم عيون قرية الولجة، ويستخدمونها في ما يسمونها طقوس الطهارة، ولكن بالنسبة لعين الجويزة، فان المغامرة هي الدافع الأكبر لهم للنزول من إحدى الفتحات والسير في النفق.

ويربط أبو علي، بين عين الجويزة، وزيتونة البدوي، التي قُدر عمرها بنحو 3500 عام، واستقطبت خلال الأعوام الماضية الكثير من الاهتمام المحلي والدولي. ويعزو صمود شجرة الزيتون كل هذه السنوات، لمياه العين، التي خف منسوبها إلى درجة الجفاف معظم أيّام السنة، ويعيد البعض ذلك إلى حفر سلطات الاحتلال عدة آبار في المنطقة، تدفقت إليها المياه الجوفية.

تشتهر الولجة، التي احتلت نواتها الرئيسة عام 1948م، بعيونها العديدة والشهيرة جنوب القدس، وبعد النكبة انتقل كثير من الأهالي إلى أراضيهم التي أصبحت تحت السيادة الأردنية، وأسسوا حول عين الجويزة حيا يحمل اسم العين، وبعد حزيران 1967، أصبحت أراضي القرية كافة محتلة.

يعتبر نفق عين الجوزة، أكبر نفق لعين ماء في ريف فلسطين، وحسب مسوح اثرية فان طوله يصل إلى 220 مترا. وأعاده الآثاريون إلى أكثر من ثلاثة الاف عام، ويبقى السؤال عن الهدف من حفره محيرا لهم.

هناك أكثر من 100 من أنفاق المياه المعروفة في الهضبة الفلسطينية الوسطى، ولكنها تعتبر متواضعة جدا بالنسبة لنفق عين الجويزة، الذي حُفر في الصخور الصلبة، واعتبر تحفة بنائية يعود للعصر الحديدي.وإن كان الآثاريون، لا يستبعدون ان النظام المائي في العين اسبق من ذلك.

وقارنه الآثاريون بنفق عين سلوان الأطول، ولكن هذا أهميته معروفة للآثاريين، والمتعلقة بالأمن المائي لمدينة القدس، ولكن ماذا عن نفق الولجة؟ ولماذا تم بذل هذا الجهد في قطع الصخور الصلدة، وصرف التكاليف لحفره؟ خصوصا ان مياه النبع ليست غزيرة.

يتضمن النفق، قناة جانبية تستخدم لتنظيم تدفق المياه، يتم الدخول إلى النفق الذي يعتبر من أجمل الأنفاق الفلسطينية، والمنحوت بأناقة، من خلال مدخل ضيق للغاية، والتعرف على روعته، وتحسس اثار الازاميل التي يمكن رؤيتها بوضوح.

عين الجويزة، معروفة للآثاريين، منذ أواخر القرن التاسع عشر، حيث ظهرت، على الخارطة التي أنجزها صندوق استكشاف فلسطين.

في عام 1982، نفذت سلطة الآثار الإسرائيلية، مسحا أوليا، كشف عن أهمية العين، ونفقها الذي يبلغ ارتفاعه1.8م، وعرضه ما بين 0.5 - 1.0م، يتم الوصول اليه عن طريق فتحتين تتراوحان ما بين (55 - 60 سم).

في شهر تشرين الأول 2010من أجرت سلطة الآثار الإسرائيلية، مسحا أثريا في العين، ضمن الأعمال الأثرية التي تسبق بناء مقطع من الجدار الاستيطاني في الولجة، كشفت ان الطول الاجمالي للنفق يتراوح ما بين (215 - 220م)، يحمل المياه من مصدرها إلى بركة، ومنها إلى المدرجات الزراعية القديمة، والتي ما زالت تزرع حتى اليوم، بساتين من أشجار اللوز والزيتون التي تتم رعايتها من سكان القرية، أمثال صلاح أبو علي، الذي عينته وزارة الزراعة حارسا على زيتونة البدوي.

وتم الكشف عن تاج عمود في مدخل النفق، عليه نقش يمثل شجرة نخيل، يشبه تلك الحجارة التي عُثر عليها في أكثر من مكان في البلاد، مثل سبسطية (السامرة)، وتل المتسلم (مجدو)، وحاصور، وتل القاضي (دان)، وفي مستوطنة رمات راحيل جنوب القدس، وجنوب المسجد الأقصى في الحفريات التي أجرتها عالمة الآثار كاثلين كينيون قبل الاحتلال، ومؤاب في شرق الأردن، وعين سارة في الكرك، وجبل القلعة في عمّان.

ويفترض ان هذه التيجان التي ارتبطت بمدن وعواصم قديمة ازدهرت، كانت تزين البوابات والممرات والمباني العامة كالقصور. حجر عين الجويزة، كما أصبح يعرف في الأدبيات الاثرية، أكثر شبها بالحجارة التي عثرت عليها كينيون في القدس التي تبعد عن العين نحو 8 كلم، في ستينيات القرن الماضي. ومن المرجح انه يعود لنفس العصر الذي حفر فيها نفق سلوان، أي إلى نهاية القرن الثامن قبل الميلاد.

العلاقة بين النظام المائي في عين الجويزة، والمناطق المحيطة، لا تزال غير واضحة. رغم ترجيح وجود مستوطنة بشرية مرت عليها عدة حضارات بجوار العين، حيث عثر على بقايا فخارية متنوعة تعود لعدد من الفترات (البرونزي الوسيط، والعصر الحديدي، والروماني والبيزنطي)، والمنتشرة على طول السطح.

نفق عين الجويزة، تحيط به الالغاز التي لا يتوقع ان تُكشف قريبا. هناك طروحات، تفترض وجود عقار أو قصر ملكي في المنطقة مماثل لما عُثر عليه في مستوطنة رامات راحيل التي تبعد 6.5 كم، خلال القرنين السابع قبل الميلاد الثامن، ومن المحتمل، ان الآثار التي ازدهرت في المنطقة مدفونة الآن تحت المدرجات الزراعية. وفي كل الأحوال، فان مياه العين اكتسبت اهمية للمناطق المحيطة بها، والقريبة من الطريق الذي يمر عبر وادي النسور، الذي يسير فيه الآن قطار القدس-يافا.


 

 

هناك تعليق واحد:

  1. اشكرك سيد اسامة على هده المعلومات المفيدة والجميلة ...

    ردحذف