أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 8 مايو 2014

شطحة الخضر..!!











 

لا تستطيع لوريس (85) عاما، تحديد أوّل مرة، زارت فيها دير الخضر، في بلدة الخضر غرب بيت لحم، الذي يقع فيه مقام يحظى بتقديس مسلمين ومسيحيين.

دخلت لوريس المقام، الذي يُعتقد بانه أُقيم مكان منزل والدة القديس سان جورج، المعروف محليا بالخضر الأخضر، وأشعلت شمعة، ثم وضعت يدها في الزيت المقدس، من قبل الكهنة، ومسحت على ركبتيها لإكسابهما مزيدا من التليين.

ويسمى أوّل يوم من عيد الخضر، الذي يُحتفل به يوم الخامس من أيار بالشطحة، حيث يتدفق الناس، إلى مقام أشهر قديس شعبي في فلسطين، وفي اليوم التالي السادس من أيار تجرى احتفالات تأخذ الطابع الرسمي والديني، بترؤس بطريرك الروم الأرثوذكس قداسا بالمناسبة.

ولم تفضل لوريس، الدخول إلى كنيسة الدير، حث أُقيم قداس، وفضلت الخروج إلى الباحة الخلفية للدير، حيث تجمعت عشرات من النسوة والأطفال، ومجموعة أقل من الرجال.

وجلست لوريس، بين مجموعة من النساء المسلمات، لتذكر أيّام العيد الماضية، حيث كانت شطحة الخضر، تأخذ طابعا مميزا، وينتشر الناس تحت الأشجار، ويذبح البعض الخرفان، وفاءا، لنذور الزموا ا

أنفسهم بها، من اجل الخضر الأخضر، قديسهم المحبوب.

ونهضت لوريس، بعد فترة، ودخلت إلى المقام، لتعود ومعها مجموعة من الأرغفة، والتي تسمى قداديس، وهي عبارة عن أرغفة خبز خاصة، خُبزت في مخابز بيت جالا، خصيصا للمناسبة، رسمت عليها صور تمثل الخضر على حصانه، حاملا رمحه، يقدمها الناس إلى رهبان الدير، الذين يقدسونها، لتوزع على الناس، أو يعاد بيعها، لرفد ميزانية الدير.

وأعطت لوريس، قطعًا من الخبز للموجودات واطفالهن، وهي تحث الجميع على الأكل، مشيرة إلى القداسة التي اكتسبها الخبز بقوة الخضر.

ويعتبر عيد الخضر، واحدًا من أعياد الربيع في فلسطين، والذي وضع في تقويم الفلاح الفلسطيني، بما يناسب اعتدال الجو وسقوط أمطار ربيعية، قد تتقدم أو تتأخر عن موعد العيد.

وبعد ان جلست لوريس، التي يبدو انها تتمتع بشعبية وسط النسوة، لخفة دمها، قليلا، عادت إلى داخل المقام، لتعود ومعها زجاجة زيت، قالت بانها تحوي زيتا مقدسا، ستستخدمه للتغلب على الجفاف الذي تعانيه ركبتيها بسبب التقدم في السن، ونصحت الموجودات بان يفعلن مثلها.

ابنة لوريس (55) عاما، بدت أقل اهتماما، بالأشياء المقدسة التي تحضرها والدتها، وإن كانت لا تشك بقدسيتها، وقالت، بانها لا تفوت ابدا، عيد الخضر، خصوصا الشطحة، فهي بالنسبة لها نوع من الترويح عن النفس، ولقاء الصديقات.

بعض النسوة، انتحن زوايا في الساحة، وأشعلن سجائرهن، وتحلقن في مجموعات في حديث متشعب، وداخل المقام، استمر الازدحام، خصوصا بعد انتهاء القداس، وتولي من يصف نفسه بانه خادم الخضر الأخضر، تمرير سلسلة حديدية على اجساد من يرغب.

ورفض الخادم (40) عاما، ذكر اسمه، لأنه ينفذ عمله كما يقول ارضاءا لله، وللخضر، وطلبا للسلام الداخلي، وليس للشهرة.

ويعتقد الخادم، ان السلسة التي يمررها على أجساد الناس، تعود إلى الخضر نفسه، ويعتقد الناس بان تمريرها على أجسادهم تمنحهم الحماية من نوائب الزمن.

ويتعين على الشخص الذي تمرر عليه السلسلة تقبيلها ثلاث مرات، وحسب الخادم، فان ذلك كناية عن الاب والابن والروح القدس.

وانتشر داخل المقام، وخارجه بعض الأطفال الذين يرتدون ملابس تحاكي ما يعتقد اهلهم، لباس الخضر، وهناك طفلات ارتدن ملابس مختلفة عن رصفائهن الذكور، تحاكي ما يُعتقد بانه لباس مريم العذراء.

وارتدى هؤلاء الملابس، التي تفصل خصيصا، لهذه المناسبة، ليكونوا تحت حماية الخضر، كما قال عدد من الأهالي بفرح، وهم يتابعون الاطفال يركضون ولا يدرون سبب اهتمام الناس بهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق