أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 7 نوفمبر 2013

انا راوي حكايات قد تكون مملة..!!


ملخص لحوار معي، عن روايتي مجانين بيت لحم. في راديو موطني (رام الله-28-10-2013)، أجرته ختام الديك، وسحر الترتير، من إعداد ومشاركة الصديق توفيق العيسى، الناقد والمحرر الثقافي.

لقد سعدت باللقاء ودفئه، وبمداخلة الصديق العيسى، شكرا لهم جميعا، ولأسئلتهم الذكية.

*روايتي مجانين بيت لحم، هي جزء من مشروع روائي بدأته برواية المسكوبية، وهي رواية مكان عن القدس. لكلٍ مِنا قدسه، وأنا كتبت عن قدسي الخاصة، ثم رواية قبلة بيت لحم الأخيرة، وهي رواية طموحة. اخترت بيت لحم كمكان، كمدينة فلسطينية. في مجانين بيت لحم، هناك اشتباك مع وطن المجانين الحقيقي، مستشفى الأمراض العقلية التي تأسست قبل قرن، وكانت المستشفى الرئيسة للمرضى النفسيين العرب واليهود، لفترة طويلة. هي ليست رواية تسجيلية، فيها شخوص، وتاريخ، فيها سياسة، وحب وقتل، ودراما، وتعقيدات نفسية ورموز. الأدب، كما تعلمون ليس انعكاسا للواقع بشكل فوتوغرافي، وإنما سجالا مع الواقع، الأدب يطرح أسئلة، هو بشكل أو باخر صراع دائم مع الواقع.

*قد يكون أسوأ شخص يتحدث عن الرواية هو الروائي، ولكنني استطيع القول بانني حاولت في مجانين بيت لحم، الاجتهاد فيما يتعلق بالشكل والمضمون، وتقديم المكان روائيا، خصوصا وان تأسيس مستشفى الأمراض النفسية، تقاطع مع سياسات دول كبرى في سنوات الامبراطورية العثمانية الأخيرة، وتعقيداتها، وحضور جنيني للمشروع الصهيوني، خلال ثورة 1936-1939، ولاحقا عام النكبة، غادر المرضى اليهود إلى مكانهم الجديد، تماما كما حدث عندما أرسلوا لنا المرضى العرب في مستشفى البرص في حي الطالبية بالقدس.

صمد وطن المجانين، بينما انهزمت حكومات وامبراطوريات تعاقبت عليه: العثمانيون، والبريطانيون، والمصريون (خلال حرب 1948)، والأردنيون، والسلطة الفلسطينية.

بعد اتفاق أوسلو، تم الاعتداء بقسوة على وطن المجانين، وكل مشروع جديد رسمي كان يقام في المكان، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أيضا تم اقتطاع أراض منه للمؤسسات الدولية، حتى ان اللاعبين الذين كانوا عند تأسيس وطن المجانين في نهاية القرن التاسع عشر، عادوا بشكل أو باخر في بداية القرن الواحد والعشرين، بما في ذلك المشروع الصهيوني الذي حقق انجازات لم تكن في الحسبان، من خلال المستوطنات اليهودية التي تحيط بنا.

*هناك علاقة جدلية بين الجنون وغير الجنون، الراوي يقدم نفسه كنصف مجنون، هناك ناس سيتساءلون حول شخصية الراوي، وهل هو الروائي؟ أنا حسمت الأمر منذ البداية، وقلت بان بعض الأحداث في الرواية تنطبق على الروائي، حاولت تقديم شكلا جديدا يناسب المضمون، فنحن إزاء راوٍ بجرب مرة أولى وثانية وثالثة، في محاولة لتقديم هذا العالم الرحب، والقاريء هنا هو مساهم في العمل، وليس متلقيًا سلبيًا، الراوي يناقش القراء، ويسأل ويتساءل.

*بذلت جهدا، وحاولت تقديم شكلا جديدا، لا بد في كل عمل ان يكون هناك شيئا جديدا، لا يجب ان يشبه عملا أدبيا عملا اخر، وبرأي هذا هو الأدب، ومبررنا للكتابة، ان نقدم شيئا جديدا، لا ان نجتر ما قاله من سبقونا. اذا اردنا ان نكرر ما كتبه الآخرون، فلماذا نكتب؟ هي محاولة قد تنجح أو لا تنجح، الحكم بالطبع متروك للقراء والقارئات.

*أنا راوي حكايات، قد تكون مملة، ولست ناقدا مثل توفيق العيسى مثلا، لذا لا أستطيع تفديم تقييما لواقع الرواية الفلسطينية، ولكن ما استطيع قوله، إذا قارنا، ما نكتبه، وهذا طبعنا يشملني قبل الآخرين، بالتطور الذي تحرزه الرواية العربية، فنحن قد لا نكون في أول السلم. بعد مرحة أوسلو، حدث ضعف، لم تنجح الثقافة الفلسطينية في إبراز أسماء، بعكس المرحلة السابقة، حيث كان هناك مثلا: محمود درويش، إميل حبيبي، غسان كنفاني، علي الخليلي، يحيى يخلف، محمود شقير والقائمة تطول، في الواقع أنا من جيل قد يكون مظلوما، حاول كل منا، بشكل منفرد الاجتهاد، ولكنه لم يتمكن من تحقيق ما حققته الأجيال السابقة، أتمنى ان نعتمد فقط على الجهد، أنا أدرك بان هناك عوامل أخرى ساهمت في تقديم الأسماء الفلسطينية في صدارة المشهد العربي، مثلا كان هناك مدّ ثوري، اعتقد انه ليس امامنا الان سوى الجهد، والاجتهاد، اعتقد بان الادب صناعة ثقيلة، والكتابة مهنة لا يجب الاستهانة بها، لطالما قال أجدادنا عن الأديب الحقيقي: أدركته حرفة الأدب. إذا نظرنا مثلا للكتابات على الفيس بوك، سنجد استسهالا، في الكتابة والنشر، واغداق الألقاب على الأدباء وأشباه الأدباء.

*توجد أسماء على الساحة الفلسطينية في الاراضي المحتلة: أكرم مسلم، وزياد خداش، وتوفيق العيسى، وجمال القواسمي، وصالح مشارقة، وجميل ضابات، وعباد يحي، وخالد درويش، وأسماء اخرى لا تحضرني، امل ان تتمكن من بلورة اتجاه أدبي فلسطيني عام، مع التفرد. وخارج الأراضي المحتلة، تحضرني اسماء مثل: ربعي المدهون، وتيسير خلف، وخيري حمدان، وعماد أبو حطب، وأنور حامد، وغيرهم.

*لا يوجد نقد يرافق ما نكتبه، النقد في بلادنا يمكن ان يكون مجاملا، أو استعراضات صحافية، أو انطباعات، النقد هو حقل إبداعي مهم. حتى بعض الأسماء التي لطالما احترمتها، اجد انها انزلقت إلى مستنقعات المجاملة، والجهوية، والشللية، والمزاجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق