أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 7 مايو 2013

فرس شقير


قال علي، بلهجة خبير، وهو يتهيأ لإغلاق كشكه، بينما تهب نسمات باردة ليلية، لعلها نادرة في قاع عمّان: "هذه الرواية أفضل من روايات كثيرة رُشحت للبوكر"، وفي الواقع لم أكن بحاجة لعلي الحاصل، كما يقول على الماجستير، لتقريظ (فرس العائلة) أو ليمدح محمود شقير بطريقته. كنت مستعجلا، وأنا اتناول الرواية وأغادر المدينة، التي لا أحب المكوث فيها.

ولم أكن بحاجة إلا ان اغرق قليلا في صفحاتها، لاختبر ذائقة علي الأدبية. وأدركت بانني إزاء رواية مختلفة، بعد تجارب خائبة مع روايات اقتنيتها، خلال السنوات الماضية، بدافع الدعاية والشهرة التي أحاطت بها.

يُحسب لمحمود شقير، في هذه الرواية، التي تفوق فعلا الكثير من روايات البوكر، الكثير، من المكان الذي اختاره، برية القدس، والتي اسميها صحراء البحر الميت، لتشمل منطقة اوسع، وتعني لي الكثير..الكثير، انها مهبط الروح، الى الاسلوب، والذكاء السردي، والاقتصاد في الكلمات، وعدم الثرثرة، وعدم الانجرار وراء اغراء الاكثار من  استخدام (فرس العائلة) كرمز. لقد جاء كل شيء في الرواية محسوبا.

الرواية تشكل نصا متقدما في الرواية الفلسطينية بشكل عام، وفي الداخل بشكل خاص، حيث لم يتمكن الكُتّاب الجدد من تجاوز الجيل السابق. الا في جرعات الغرور الزائدة، والرضا الفظ عن النفس، والتمسك بالشوافات، التي لا يرون من خلالها الا انفسهم.

محمود شقير، لم تأخذه ردة التخلف، التي خيمت على المشهد الثقافي، محمود شقير في عمله هذا يذكرني مجموعته (خبز الآخرين) التي صدر في القدس، في سنوات الاحتلال الاولى، وتلقفها الناس. في أحيانٍ كثيرة، اتمنى لوّ واصل شقير درب خبز الآخرين، اننا بحاجة، ولا شك، لغوركي فلسطيني.

لا أرغب بإطلاق احكام تفضيلية، الا انها نادرة تلك النصوص التي يمكن ان تضع الرواية الفلسطينية على طريق عالمي، اذكر من روايات السنوات الاخيرة (طعم الفراق) لربعي المدهون، وفرس شقير هذه.

رغم ان (فرس العائلة) عن برية القدس، الا انها ليس رواية البرية، وانما هي دعوة لاستلهام صحراء البحر الميت، في اعمال أخرى، تبني وتتجاوز ما قدمه شقير.

أبو خالد شكرا لك من القلب. لقد قدمت لنا ما يستحق الاحتفاء به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق