أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 7 أبريل 2013

القدس أكثر من مدينة ..ولكل منا قُدسه



التقى الكاتب أسامة العيسة عدداً من طلبة جامعة بير زيت، يوم الأربعاء (4-4-2013) لمناقشة روايته "المسكوبية"، بحضور د. علي الخواجا، الذي كلف عددا من طلبته بدراسة روايات فلسطينية حديثة، في مبادرة مهمة في غياب حركة نقدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وثمّن العيسة مبادرة الخواجا، وطلبته، وتحدث عن عن روايته قائلاً: "حاولت تقديم الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال، كإنسان، تعذب وخاف وصمد، إن وصولنا إلى هذه المرحلة في تقديم الأسير بصورته الإنسانية احتاج فترة طويلة، ولم يأت بسهولة، أعترف باننا كنا، سابقا، ككتاب (ولا أريد ان أعمم)، نكذب، في تقديم صورة الأسير كإنسان خارق، وكنا أيضا نخاف ان نقدمه على حقيقته، لوجود صورة نمطية لدى الناس، كان من الصعب خدشها، أظن أنه يمكن ان نمارس الكذب خارج النص الأدبي، أمّا في الكتابة فلا يجوز لنا ان نكذب".
ورداً على مداخلات وأسئلة الطلبة قال العيسة: "حاولت تقديم شكل فني جديد في الرواية، اعتقد ان أي كاتب، إذا لم يضف شيئا جديدا، فلماذا يكتب؟، المسكوبية هي ليس فقط رواية عن السجن، هي رواية عن المكان، عن القدس في فترة معينة، عن قدسي الشخصية، لكلٍ منا قدسه، كنت أقف أمام مخيم الدهيشة، وخلال سبع دقائق في الحافلة أكون في باب العمود وسط القدس، هذه القدس التي أعرفها، والتي تناءت، أصبحت بعيدة وخارج الحيز الذهني لأجيال فلسطينية جديدة بعد اغلاقها في شهر آذار 1993. حاولت الكتابة عن القدس، كحاضرة، وانطلاق، منها إلى غزة، ويافا، ونابلس، والبحر الميت، والى رام الله في حافلات السير السريع، وهي غير تلك التي تتوقف في الطريق، لتنزل ركاب بيت حنينا والرام وشعفاط، القدس هي الصحف اليومية، ودور السينما، والأحزاب، والنقابات، والمسرح، والمتاحف، والمجلات الأدبية، والمكان الذي يلتقي فيه أدباء الضفة مع زملائهم من غزة، القدس هي الحراك الثقافي، والمطابع، ومدينة التنوع، القدس هي فكرة. معضلتنا عندما تحاول أية جهة دينية أوّ فصائلية الاستحواذ على هذا الشعب، لان هذا سيكون ضد الهوية الفلسطينية، الهوية الفلسطينية متعددة، ديناميكية، القدس مدينة الناس جميعا، تتطرق الرواية إلى اعتداء إرهابي يهودي على الأقصى، وكيف دافع مسيحيون عن الأقصى، وتم تأجيل الأعياد المسيحية حدادا على الشهداء، واستقبل معتقل المسكوبية مسيحيين بتهمة الدفاع عن الأقصى. بذور الهوية الفلسطينية تشكلت قبل الأديان السماوية بكثير. الهوية الأحادية لا تناسب فلسطين، التي تميزت بتنوعها، اثنيات ليس ككل الاثنيات: أرمن القدس وبيت لحم، هم جزء من نسيج المدينتين، السريان في فترة الحروب الصليبية تحدثوا العربية، وحافظوا على عروبة فلسطين. ان استهداف القدس ربما يكون في جزء منه، استهداف المدينة الفلسطينية التي بقيت للفلسطينيين بعد النكبة، مدننا تريفت، القدس هي المدينة، عندما فقدنا القدس فقدنا الكثير، لا رام الله أو بيت لحم أو نابلس، قادرة لان تكون بديلا عن القدس، القدس أكثر من مدينة، هذه هي قدسي، التي أراها الآن من شرفة منزلي كحلم تبدد، ولا أستطيع الوصول إليها".
وقال العيسة: "هناك فروق كبيرة بين الواقع والأدب، بين الشخص والصورة، انا في النهاية لم أكتب منشورا سياسيا، أو عملا لديه طموحات وطنية قادرة على التأثير، حاولت تقديم عمل أدبي، لم أرغب بفرض وجهة نظر على القاري، لقد قدمت جزءا من الحقيقة، وليس كل الحقيقة، وربما ما قدمته قد لا يكون صحيحا في مجمله، لكنني حاولت ان أكون مخلصا لقدسي، لشخصيات التقيتها وعرفتها، من مسلمين، ومسيحين، ويهود، وحشاشين، وأبطال، حاولت ان أكون شاهدًا، أمل أن أكون قد نجحت. هناك لعبة روائية، أشعر بانه لم يبق لي وطن سوى الكتابة، حيث أتمكن من تشكيل الشخصيات واللعب والمزاح معها، وأحيانا قد اقتلها، ولدي السلطة لان أجعلها تعيش، واستطيع الانتقام، بشكل يشفي الغليل وانا اكتب عن المحقق مثلا. الأدب، يختلف عن الصورة الفوتوغرافية. حتى الصورة هي صورة، المسكوبية رواية الأمل المتبدد، اصبحنا الان بعد أوسلو نكتب رواية الخيبة، فلسطين تصغر، يصغر المكان والحيز، وهذا يجب ان يخيفنا، كل عشر سنوات نكتشف باننا لم نعد نحن".
وقال الدكتور علي الخواجا المدرس في الكلية: "في  ـا لمسكوبية ــــ، يتحدث الكاتب عن تجربة فردية وجماعية، يجعل القاريء يعيش الحالة التي يكتب عنها أسامة، استطيع ان أتخيل أمورا كثيرة لم نعشها وكأننا نعيشها، ما نواجه الان هو محاولات احلال ذاتيات محل الذات الفلسطينية، اعتقد ان مسكوبية أسامة ليست جغرافيا فلسطينية فقط ولكنها تنطبق على الجغرافية العربية والإسلامية، القدس لم تعد على مرمى حجر، القدس أضحت بعيدة، أصبحت باريس اقرب لي من القدس، اين نحن؟".
وأبدت الطالبة جهاد حجير التي تعد بحثاً عن المسكوبية، بإشراف الدكتور الخواجا، انزعاجها من الشخصيات العديدة في الرواية، وتساءلت: "هل كان المقصود هو تجسيد الأحداث الواقعية أوّ التعبير عن فئات مختلفة من البشر؟"، وأجاب العيسة: "حاولت ان لا تكون هناك بطولة فردية في الرواية، انا اتقبل هذا النقد، وكل نقد، عندما كتبت لم الاحظ ذلك، ولكن لا شك سأخذ بهذه الملاحظة في المستقبل. لدي شهية كبيرة للتعلم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق