أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 25 يناير 2013

ندبة سوزان

تقتفي الروائية الأميركية-الفلسطينية سوزان أبو الهوى في روايتها "بينما ينام العالم" الصادرة عن مؤسسة بلومزبري للنشر- قطر (2012)، مصائر أربعة اجيال من عائلة ابو الهيجاء من قرية عين حوض المحتلة عام 1948م. وهو ما يُذكر برواية ربعي المدهون "طعم الفراق" الذي حاول هو الآخر تقديم سيرة أربعة أجيال فلسطينية، اعتماداً على سير عائلية كان شاهداً عليها.
شخصياً تعلمت عن قرية عين حوض، التي، خصصها المحتلون للفنانين، من مصادر مختلفة أبرزها دراسة الباحث بسام الكعبي التي صدرت عام 1987، ضمن مشروع القرى الفلسطينية المدمرة الذي رعته جامعة بير زيت، بإشراف الدكتور شريف كناعنة.
الدراسة تحمل اسم الكعبي باعتباره: "أجرى مقابلات هذه الدراسة واستخلص مادتها وأعد صياغتها الأولى"، والدكتور كناعنة باعتباره: "صمم مشروع القرى الفلسطينية المدمرة، ووضع خطة هذه الدراسة وأشرف على تنفيذها وقام بتحريرها"، وقد عثرت عليها على بسطة كتب قديمة أمام مكتبة في الخليل، قررت عائلة صاحبها بعد رحيله تغيير الاستخدام، لتصبح محلا لبيع القرطاسية، وعرضت جميع الكتب القديمة على بسطة أمام المحل الذي كان مكتبة في باب الزاوية. كمية الكتب المعروضة تشير فقط إلى أنها موجهة إلى شعب لا يقرأ. لم أكن أعلم ان صاحب المكتبة الذي عرفته عن قرب خَزّن في مكان ما كل هذه النسخ من مطبوعات فلسطينية.
قبل دراسة الكعبي توقفت ملياً عند ما كتبه الباحث الإسرائيلي ميرون بنفستي في كتابه "المشهد المقدس: طمس تاريخ الأرض المقدسة منذ عام 1948" الذي صدر عام 2001 عن مركز مدار في رام الله، بترجمة الدكتور سامي مسلم.
كتاب بنفستي مهم (في الواقع شديد الأهمية) ومدهش، وهو نتيجة بحث دؤوب وعمل ميداني. وما كتبه عن عين حوض، هو في الحقيقة، دراما أدبية مؤثرة. أدرك أن هذا الحكم سيغضب بعض الفلسطينيين لأسباب قومية، وكثير من الكتاب لأسباب أخرى.
وقبل ذلك تابعتُ ما كانت تنشره الصحف السيارة، كـ"الاتحاد" الحيفاوية، وغيرها عن عين حوض، ونضال مَن تبقى مِن سكانها للاعتراف بهم في أرضهم ووطنهم.
رواية سوزان أبو الهوى التي ترجمت إلى نحو 20 لغة، لم تستفد من الدراما الخاصة بعين حوض، والتي كتبها آخرون، رغم انها استفادت من مراجع عديدة، ثبتت أسماءها في نهاية الرواية، ولم تبذل جهدا لإجراء أبحاث خاصة من أجل روايتها. ولذا فإن حكايتها عن لجوء أهالي عين حوض، حكاية شائهة. ولوّ اهتمت فقط بكتابة تلك الحكاية لصنعت رواية مهمة.
الكسل البحثي لدى الروائية ومحرريها (الترجمة العربية تورد أسماء أربعة محررين)، يظهر أيضا في أخطاء أخرى في الرواية، فأحد أبطالها تقدمه أبو الهوى كمحاضر في جامعة بيت لحم، لدى احتلال اسرائيل، للضفة الغربية عام 1967، ويتلقى الخبر وهو في قاعة المحاضرات، والواقع انه في ذلك الوقت لم يكن هناك وجود لشيء اسمه جامعة بيت لحم، التي تأسست في عام 1973م. ولو جهدت أبو الهوى، أو أي واحد من محرريها جرب فقط استخدام "العم" غوغل لتجنب هذا الخطأ.
بيت لحم تظهر أيضا،في الرواية، باعتبارها المدينة البعيدة عن جنين، وفي نهاية الرواية باعتبارها البلدة "الصغيرة والقريبة" من جنين.
تقتبس أبو الهوى، كما تذكر حكاية الطفل الفلسطيني الذي تتركه عائلته في حيفا، في رواية غسان كنفاني "عائد إلى حيفا"، ويصبح جندياً في جيش الاحتلال، وإذا كان غسان صنع حبكة روائية ليقول بأن الانسان قضية، فان أبا الهوى أدخلت عنصرا زائدا على السرد الروائي، يحار المرء في مغزى زجّه في أتون عمل طموح لتقديم المأساة الفلسطينية منذ ما قبل عام 1948، حتى بعد مجزرة مخيم جنين عام 2002م.
الصورة التي تقدمها الروائية لجنين والقدس والضفة الغربية بعد حزيران 1967، غير صحيحة، وقد تنطبق أكثر على الواقع في هذه المناطق، خلال انتفاضة الأقصى.
في الثلث الأخير من الرواية، التي تكون فيه شخصية الرواية الرئيسة في أميركا، تتغير طريقة السرد، وهذا يعكس حقيقة ان الروائية تكتب عن واقع خبرته وعرفته، من خلال إقامتها في أميركا. ولكن عند عودتها للحديث عن لبنان وفلسطين تورد نصوصا طويلة لكتاب وصحافيين وشعراء من محمود درويش، إلى جبران خليل جبران إلى الصحفي روبرت فيسك، والشاعر توفيق زياد وغيرهم. لتقدم توثيقا للأحداث الكبيرة التي شهدتها المنطقة مثل مجزرة صبرا وشاتيلا.
ويزخر الجزء الأخير من الرواية بكثير من عناصر الدراما السطحية، والمصادفات والتقاطعات الغريبة في مصائر الشخصيات. وربما يتوقف المرء عند الشخصية الاسرائيلية في الرواية وهو دافيد أو اسماعيل، ابن العائلة الفلسطينية الذي أصبح جنديا في جيش الاحتلال، وتحولاته، والأهمية التي تعلقها الروائية على شخصيته، حتى إن الطبعة الأولى من الرواية كان عنوانها (ندبة دافيد)، ثم اصبحت (صباحات جنين) قبل ان تستقر في الطبعة العربية باسم (بينما ينام العالم).
لماذا دفعت سوزان أبو الهوى بهذه الشخصية، لروايتها، (بالمناسبة ليست هي الشخصية اليهودية الوحيدة في الرواية) وما الذي أرادت ان تقوله عنها غير ما كتبه غسان كنفاني؟ سؤال محير، قد يكون جوابه في النيات، وفي "النهابة السعيدة" للرواية، التي نقلتها للعربية سامية شنان تميمي، حيث يعيش في منزل في أميركا أبناء عمومة: أميركية، وإسرائيلي، وفلسطيني.

هناك 3 تعليقات:

  1. Usually I don't read post on blogs, but I would like to say that this write-up very compelled me to take a look at and do it! Your writing style has been amazed me. Thanks, quite great post.
    Here is my site : latest arsenal transfer news premier league

    ردحذف
  2. It's amazing in favor of me to have a web page, which is useful in support of my experience. thanks admin
    My page ; pizza games girls

    ردحذف
  3. whoah this weblog is magnificent i really like studying your articles.
    Keep up the great work! You know, many persons are hunting around
    for this info, you can help them greatly.

    My web blog - Free Games

    ردحذف