نساء بيت لحم.. جميلات ويبكين مثل نساء العالم

عندما زار الكاتب والرحالة الانجليزي جيمس باكنجهام بيت لحم عام 1816، وصف نساء المدينة بانهن الأجمل في الديار.
وأُخذ رأيه على محمل الجد، في الدوائر الاستشراقية، فباكنجهام كما يقول المؤرخ خليل شوكة: "عُرف بشخصيته الكاريزمية المتعجرفة".
ويورد شوكة في كتابه (تاريخ بيت لحم في العهد العثماني: 1517-1917) نصوصا لرحالة زاروا بيت لحم، لم يتفقوا مع ما ذهب اليه باكنجهام مثل القس أ.سبنسر، الذي زار المدينة سريعا، وذكر في كتابه الذي صدر عام 1850 في لندن، مندهشا وربما مستنكرا ومتضايقا، انه لم ير الجمال المميز لنساء بيت لحم الذي قرأ وسمع عنه. لقد أُصيب بخيبة أمل.
ومثله الانجليزي ايليوت ابرتن الذي زار بيت لحم عام 1843م: "لقد سمعت كثيرا عن جمال النساء في بيت لحم، ولكنني أعترف بأنني لم اشاهد فيها جمالا غير عادي".
ويلاحظ من خلال كتابات الرحالة عن بيت لحم في القرن التاسع عشر، الاشارة الى قوة رجالها وميلهم للتمرد، وصعوبة السيطرة عليهم، وشبههم الرسام بارتلت الاسكتلندي بالاسكتلنديين. بينما تراوحت الآراء فيما يخص جمال النساء.
واندهش روسيغر، الذي امضى يوما كاملا وهو يشاهد الوجوه الجميلة لنساء بيت لحم، ودُهش الرسام بارتلت بجمال نساء بيت لحم، اللواتي كن يحملن اولادهن بيد والماء باليد الاخرى.
فكتور جرين الذي زار البلاد مرتين في عامي 1852 و1875، كتب بأن نساء بيت لحم يرتدين زيا موحدا: "من الطراز القديم التاريخي والسبب ان الشرقيين بشكل عام لا يغيرون عاداتهم وتقاليد حياتهم، وهذا الزي البسيط مكون من قميص طويل أزرق وصدرية حمراء، وعلى الرأس يوضع شال يصل حتى الخصر، والطهارة والشرف مهمان جدا في عاداتهم، والويل لمن لم يستطع المحافظة على هذه الطهارة، لأنها لا تغسل الا بالدم. النساء المسيحيات لا يتحجبن بشكل عام عكس النساء المسلمات، أمّا بالنسبة لباقي الامور، فهن متساويات يقمن بخدمة أزواجهن بالإضافة الى قيامهن بالأعمال المضنية. ويعملن في جميع الاعمال تقريبا".
ولاحظ جرين، في حديثه عن عادات دفن الموتى: "إن النساء يشاركن أيضا في الجنازات الخاصة بالأقارب ويبكين مثل جميع نساء العالم، وعندما يوضع الميت في القبر يتربعن بشكل دائري حول القبر وتقوم احداهن بترؤس مراسم الحزن وتتبعها البقية، وبعد مرور عشرة أيام تعاد نفس المراسم في المقبرة من قبل النساء".
القس تومسون الذي زار البلاد عدة مرات ما بين عامي 1833 و1871م، يقول ان التقاليد في بيت لحم تعود الى عهد النبي موسى، ومن ذلك عندما يطلق الرجل زوجته يقول انها "كانت بابوجي ورميته"، ويعلق تومسون: "في القانون والمثال البابوج تعني المرأة وحقوقها الشرعية".
البريطاني هنري باكير تريسترام، الذي زار البلاد كثيرا، وكتب عن نباتات فلسطين، أعجب بوجوه النساء والاطفال المنبسطة، واستكثر ان يكون هذا الجمال عربيا، فأعاد ما سماه جمال سكانها الى جذورهم والى دماء نورماندية من زمن الصليبيين.
وفي كتابه الذي صدر 1872م، عن رحلاته الاستكشافية في شرق الاردن، منطلقا من بيت لحم، وترجمه الى العربية الدكتور احمد عويدي العبادي يتحدث عن بيت لحم لكنه لا يأتي على سيرة نسائها.
الرحالة الانجليزي بورتير نشر كتابا عام 1887م، أشار فيه الى ان رجال بيت لحم اقوياء وشجعان ومهرة، فهم يزرعون الحقول بالكروم والزيتون وان نساءهم اكثر بساطة في تقاسيم وجوههن، وطريقة حديثهن مهذبة.
ويكتب ليوني دوبازلير: "أعجبت بنوع النساء، لأنهن مميزات وجميلات، يلبسن الزي التراثي القديم للمرأة، وهن حريصات على مظاهرهن ولباسهن، وهن غير مهملات مقارنة مع نساء الناصرة".
وقال بأنهن يلبسن الروب الطويل المخطط (يقصد الثوب)، والحزام المشدود، وعلى رؤسهن الشطوة المرصعة بالعملة وتوابعها وتضع الواحدة عقدا على رقبتها، مع شال يغطي وينزل على الكتفين، ويعلق بان ذلك يظهر العزة والكرامة وخاصة الشال الذي يضفي النبل على الشكل العام لمظهر المرأة، والأيدي ملأى بالأساور والخواتم ويحملن السلال المعبأة بالخضراوات والفواكه.
وحسب الباحثة مها السقا، فان ما يميز غطاء الرأس (الشطوة) هو العملات الذهبية والفضية عليها، وتقول: "في الواقع كانت المرأة تحمل ذخيرتها على رأسها، فلم تكن هناك بنوك مثلا، ولم يقتصر الامر على الرأس، فنجد العملات على رقبتها وعلى يديها وعلى رجلها، حتى البرقع عليه عملة ذهبية او فضية".
الرحالة فنسنت دي روي، تحدث عن النساء البدويات، ولباسهن هو الثوب الازرق المشدود عند البطن، يحملن السلال على رؤوسهن، وأحيانا جرات مملوءة بالحليب، وترى على وجوهن الوشم، أمّا نساء بيت لحم فيشعرن الفرد بالاحترام، انهن نوعية فريدة في هذا الشرق.
لورد كتشنر (1875)، قال إن لنساء بيت لحم سمعة يستحققنها لجمالهن الذي يزيده جمالا لباسهن المميز، وعن بيت لحم بين عامي 1874-1875، كتب نعمان القساطلي واصفا بيت لحم، واطلع خليل شوكة على مخطوطة كتابه (الروضة النعمانية في سياحة فلسطين وبعض البلدان الشامية) في مكتبة فهمي الانصاري في القدس، وفيها: "اهلها اصحاب أبدان وأشداء لجودة الهواء عندهم ونساؤهم جميلات الصورة، ورغم ما هم عليه من الحذاقة، لا تخلو طباعهم من الشراسة، وفي تصرفهم مع نسائهم، وتلبس النساء على رؤوسهن شكلا من الذهب والفضة، واكثرهم يستعمل الريال الفرنسي، حين تضعه المرأة على رأسها يضيء حروفه".
وتعلق مها السقا: "كانت فلسطين مركزا عالميا تجاريا ان جاز التعبير، دخلتها جميع انواع العملات، التي وجدت طريقها الى رؤوس نساء فلسطين".
القس صموئيل ماننغ زار بيت لحم عام 1880، عندما كان عدد سكان المدينة 3 آلاف نسمة، ولا يتورع عن وصفهم بانهم مجموعة قلقة محبة للمشاكل، يتنازعون فيما بينهم، او مع جيرانهم، بل انه يقول بان المشاكل التي تحدث في القدس سببها التلاحمة، ولكن رأيه بالنسبة للنساء يبدو مختلفا بشكل كبير، وهو يقول دون مواربة بأن جمالهن مميز: "رأيت الجميلات منهن في ساعات قليلة اكثر مما رأيته في كل الشرق، لباسهن الثوب وتوابعه له قيمة مميزة".
الباحث دانيال برو قدم في مؤتمر تاريخ بيت لحم الاجتماعي الذي عقد في شهر تموز الماضي، مداخلة حول ما كتبه الرحالة السويديون عن بيت لحم ملاحظا: "لقد صار التعليق على جمال نساء بيت لحم بمثابة شيء متداول بين الزوار في ادبيات السفر. وهذا ما اكده احد الزوار المتحمسين وهو الضابط والكاتب روبرت فون كريمر الذي كتب يقول: ان جميع الشابات، دون استثناء في قمة الجمال وجميعهن شبيهات تماما كالأخوات".
وكتب السويدي اريك ستيف: من ناحية الجمال الانثوي، فان بنات مدينة الناصرة هن الوحيدات اللواتي يمكنهن التنافس مع بنات بيت لحم. المدينة التي تلبس فيها النساء ازياء غريبة ويرتدين قبعاتهن المميزة مع اظهار وجوههن الجميلة بشكل ملفت للنظر".
السويدي اريك سولرمان وضع كتابا (في الطريق الى نفسي) نشر عام 1965م ويؤكد: ما زالت النساء في بيت لحم في غاية الجمال ويروق لهن لبس الفساتين والمجوهرات الجميلة".
ويتطرق الى جمال الزي التقليدي، ولباس الرأس المميز، اللذين كانا يستخدمان فقط للاحتفالات. تغير الزمان، وتغير الزي، وظلّ الجمال مُحيرا.
http://www.alhayat-j.com/newsite/details.php?opt=3&id=189315&cid=2764