أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 18 أكتوبر 2012

عندما يكون الفلسطيني ضحية الحب القاسي



لم يخف ارثر ميلنر، مؤلف مسرحية (حقائق-خلف الابواب المغلقة)، هدفه، وهو تقديم صورة ايجابية للفلسطيني، مخالفة لتلك السائدة في العالم الغربي، وخصوصا في كندا.

تحدث ميلنر، عن مسرحيته، التي انتجها مركز الرواد ومسرح اتاوا الجديد، بعد عرض في مخيم عايدة، مع جمهور معظمه من الشباب، مع ميل واضح لصالح الشابات، وهي مسرحية استوحاها من حادثة واقعية تتعلق بمقل الدكتور البرت غلوك، عالم الاثار الاميركي، الذي عمل في جامعة بير زيت، وقتل باطلاق النار عليه في القدس يوم 19 كانون الثاني 1992.

ولكن في  النشرة التي تُعرف بالمسرحية ثمة تحذير: "جريمة القتل هذه التي يكتنفها الغموض هي نقطة الانطلاق لمسرحيتنا، علما بان أي تشابه بين احداث المسرحية (حقائق) والواقع ما هو الا افتراض غير مقصود".

تتحدث المسرحية عن ضابط فلسطيني اسمه خالد (عبد الفتاح ابو سرور) يحقق بالاشتراك مع نظيره الاسرائيلي داني (كامل الباشا) في مقتل عالم الاثار في مدينة الخليل. ويقدم المؤلف سببا يعتبره كافيا، لحدوث مثل جريمة القتل هذه، وهي توصل عالم الاثار في المسرحية الى معلومات من خلال تنقيبه عن الاثار تنسف مرويات العهد القديم، التي استغلتها الحركة الصهيونية لاسباب سياسية، وان كان المؤلف لم يكشف عن مصادره، الا ان من الواضح استفادته القصوى من اطروحات عالم الاثار الاسرائيلي اسرائيل فلنكشتاين، خصوصا كتابه الهام (التوراه من التربه)، وهي اطروحات تهدد الروايات الدينية التوحيدية، ولكنها لم تهدد قناعات فلنكشتاين الصهيونية.

ولان عالم الاثار اميركي، ويوجد ضغط اميركي، يبدي المحقق الاسرائيلي يوسي (كامل الباشا) اهتماما، بينما ما يحرك خالد هو بحثه عن الحقيقة، ويدور الاتهام حول مستوطن من سكان كريات اربع (عامر خليل).

حرص المؤلف على تقديم صورة ايجابية للمحقق الفلسطيني، فهو مثقف، يبدو عالما في التراث اليهودي، ويعرف الاختلافات بين التوراه وكتب دينية اخرى، يتفوق قوي الحجة، لديه ثقة كبيرة في نفسه امام المحقق الاسرائيلي ويتفوق عليه علما ومعرفة، ولا يشعر باي دونية اتجاهه، وهو بذلك يوجه ضربة لكل الدراسات التي تحدثت عن سيكولوجيا الذين يقع عليهم الاحتلال.

ويضطر المؤلف، لان يخالف الواقع السياسي والاتفاقات التي تحكم عمل ضباط الارتباط الفلسطينيين، وذلك بجعله ليس فقط يشارك في التحقيق مع المستوطن المتهم، ولكنه يقود ذلك التحقيق ويؤثر على مساره، وتبلغ ماثر خالد الاخلاقية، رفضه لمحاولة الضابط الاسرائيلي تلفيق الاتهام للمستوطن المتهم.

دافع المؤلف عن شخصية خالد في وجه التساؤلات التي طرحت حول هذه الشخصية، وقال ردا على سؤال وجهه له مراسلنا حول مصادره لنسج هذه الشخصية، بانه سأل عن كيفية عمل الضباط الفلسطينيين في مثل الحالات التي تطرقت لها مسرحيته.

واضاف: "عندما شاهد جمهور عربي المسرحية في كندا، ابدوا استحسانا كبيرا، لتقديم شخصية فلسطينية بهذه الايجابية، مخالفا للصورة التي يقدمها الاعلام".

ولكن هذه النظرة الايجابية للفلسطيني، قد تذكر بصرخة محمود درويش في وجه المحتفين بادبه وزملائه بعد حزيران (1967): انقذونا من هذا الحب القاسي.

ويبدو ان حسن النية لم يكن كافيا لتقديم شخصية الفلسطيني بابعاد درامية، ولكن كشخصية نمطية، تسير على نفس الخط من بداية المسرحية حتى نهايتها، بعكس نجاح المؤلف في تقديم شخصيتين اسرائيليتين من دم ولحم، اتاحت لكامل الباشا وعامر خليل الابداع في تقديمهما، في حين كان على عبد الفتاح ابو سرور، ان يبذل جهدا ضافيا لاضافة لمساته الابداعية على الشخصية.

شخصية الفلسطيني في المسرحية توقف عندها الكاتب جمال القواسمي: "كيف أفسِّر قوة شخصية المحقق الفلسطيني!؟ قوي في تحليلاته وصبره الكبير في تحمل الأذى، انساني شديد الفهم لكل شيء، عميق، ايثاري، بطل خرافي.. هذا المحقق غير الموجود في الواقع، وهذا المحقق الذي لا تسمح السلطات الاسرائيلية ولا اتفاقيات اوسلو بوجوده ولا بتمتعه بصلاحيات التحقيق مع الاسرائيليين او المستوطنين او الفلسطينيين ذوي الهويات الاسرائيلية او الزرقاء!؟"

مخرج العمل سامر الصابر، راى انه ليس من الضرورة، ان تتشابه الشخصيات في الواقع، مع مثيلاتها في الفن، وان الانتقادات التي توجه حول الشخصية الفلسطينية، قد يكون مثلها ولكن بشكل معكوس لو قدمت المسرحية في تل ابيب، حيث قد لا تعجب شخصية المحقق او المستوطن الجمهور الاسرائيلي.

في نهاية النقاش الذي جرى مع الجمهور، قدم احد الحضور تعليقا، مشيدا بالممثلين من خلال اسمائهم وكأن لسانه يقول "لكل مبدع من اسمه نصيب"، مشيرا بان عامر خليل، هو العامر، وعبد الفتاح ابو سرور، الفاتح صلاح الدين، وكامل الباشا، كان باشا، وقد تكون هذه تعبيرات صحيحة في توصيف ما قدمه الممثلون في مسرحية حققت اهم ما قد يكون يميز أي ابداع وهو القدرة على اثارة الاسئلة.
http://www.alhayat-j.com/newsite/details.php?opt=3&id=187548&cid=2745

هناك تعليقان (2):

  1. Heya i am for the primary time here. I found this board and I
    to find It truly helpful & it helped me out a lot. I hope to give one thing again and
    help others like you aided me.
    Here is my site ; football news premier

    ردحذف
  2. Hi there, constantly i used to check web site posts here
    early in the break of day, for the reason that i love to find out
    more and more.
    Here is my blog : arsenal transfer news 2009

    ردحذف