أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

بئر أيوب: الماء الذي كان يرقص فرحا يغور



فقدت بئر أيوب، في بلدة سلوان، أهميتها التاريخية، وتُذكر، فقط في الاخبار التي تتحدث عن الاستهداف الاحتلالي المستمر للحي الذي يحمل اسمها، ولما تتعرض له البلدة، الواقعة جنوب المسجد الأقصى، من هجمات احتلالية متتالية.

هذه البئر قريبة من بركة سلوان، تنسب إلى النبي أيوب، وهي بئر عميقة يأتيها الماء من عين أم الدرج، وجدد عمارتها صلاح الدين الأيوبي، والماء الفائض منها كان يجري إلى عين يطلق عليها (عين اللوزة)، التي جفت الان، وتتجمع فيها النفايات.
عمقها 40 مترا، وترتفع عن سطح البحر 603م، حظيت باهتمام الإخباريين والجغرافيين العرب، وكتب المقدسي: «..ويزعمون أن ماء زمزم يزور ماء هذه العين ليلة عرفة».
وكان معروفا عن هذه العين فيضان مائها، في المواسم الشتائية غزيرة المطر، وهو ما كان يثير اهتمام المواطنين في القدس وحولها، فكانوا يذهبون لمشاهدة ذلك، وهو ما يذكره مثلا المفكر خليل السكاكيني في يومياته.
وكانت السلطات العثمانية ترسل فرقة موسيقية تعزف ألحانا في المكان، الذي يصله المواطنون الفرحون بفيضان البئر.
ونُظر إلى فيضان ماء هذه البئر في فترات معينة بأنه نوع من العجائب، كما يتضح مما كتبه مجير الدين الحنبلي الذي قدم ما يمكن اعتباره وصفا لها نقلا عن أحد الأشخاص الذي قال له: «قرأت في بعض التواريخ انه ضاق الماء في القدس بالناس، فاحتاجوا إلى بئر هناك، فنزلوها، طولها ثمانون ذراعا، وسعة رأسها بضعة عشر ذراعا، وعرضها أربعة أذرع، وهي مطوية بحجارة عظيمة، كل حجر منها خمسة اذرع واقل واكثر، في سمك ذراعين وذراع، فعجبت كيف نزلت هذه الحجارة إلى ذلك المكان».
ويكمل الحنبلي: «ماء العين بارد خفيف، ويستقى منها الماء طول السنة من ثمانين ذراعا، وإذا كان زمن الشتاء، فاض ماؤها وفار، حتى يسيح على وجه الأرض في بطن الوادي، وتدور عليه ارحية تطحن الدقيق، فلما احتيج إليه والى عين سلوان، نزلت إلى قرار البئر ومعي جماعة من الصناع لأقويها، فرأيت الماء يخرج من حجر يكون قدره نحو ذراعين في مثلها وبها مغارة فتح بابها ثلاثة اذرع في ذراع ونصف، يخرج منها ريح شديد البرد، وقال إنه حط فيه الضوء، فرأى المغارة مطوية السقف بحجر، ودخل إلى قريب منها، ولم يثبت الضوء فيها من شدة الريح التي يخرج منها».
ويكتب الحنبلي: «وهذه البئر في بطن واد، والمغارة في بطنها، وعليها وحولها من الجبال العظيمة الشاهقة ما لا يمكن لإنسان أن يرتقي إليه إلا بمشقة، وهي التي قال الله تعالى لنبيه أيوب، عليه السلام (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب)».
ويضيف الحنبلي على لسانه هو: «وهذه البئر مشهورة معروفة، وفي كل سنة، عند قوة الشتاء وكثرة الأمطار، يفور الماء منها حتى يصير كالنهر الجاري، ويسيح إلى مسافة بعيدة، ويستمر على هذه الحال عدة أيام كالشهر ونحوه، وهو من العجائب».
وقال المكناسي عن زيارته لها: «ثم انحدرنا من وراء الطور فدرنا إلى صوب كليم الله ونبيه موسى بن عمران عليه السلام، وهو بعيد من هذا المكان قيل بنحو أربع ساعات، فحدثت نفسي بالوصول إليه فأخبرني أهل البلد أن الطريق مخوفة، فرددنا الوجهة إلى صوبه ودعونا الله هنالك، ثم تبركنا بزيارة بير نبي الله أيوب عليه السلام الذي يروى أنه المراد بقوله تعالى: «أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب»، وقد أخبرني بعض الأفاضل من علماء القدس وقد توجه معنا لهذه الزيارة وهو الذي كان يدلنا على هذه الأماكن، أن هذا البير في فصل الشتاء والأمطار يفيض ويفور بماء كثير مثل النهر، وقد رأينا مجراه يابسا وهو محفور بجري الماء، وأشرفنا على البير فإذا فيه ماء كثير لكنه بعيد، فقد رميت فيه بحجر فما وصل الماء إلا بعد حين».
ووصفها عبد الغني النابلسي: «مررنا على بئر أيوب في طرف ذلك الوادي، وهو بئر عذب الماء بالقرب من عين سلوان».
وذكرها اللقيمي: «وفي يوم السبت ثاني يوم العيد الذي صار فيه الهم خلقاً والأنس جديداً، سرت إلى بئر أيوب وعين سلوان مع أصدقاء يرتوي بحديثهم الظمآن فانجلت عنا سحائب الكروب مذ أشرفنا على بئر أيوب، المشار إليه في محكم الكتاب، بقوله تعالى: «اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب»، فشربنا من مائه المعين، وغدونا بآثار أيوب عليه السلام متبركين».
ويذكر توفيق كنعان بأنه يوجد اعتقاد بان أيوب استحم في هذه البئر وشفي من مرضه، وان احدى الآبار المرتبطة باسم النبي أيوب يعتقد أنها تشفي من الأمراض الجلدية ومنها حمام الشفا في القدس، وعين النبي أيوب في راس ابن سمحان (راس كركر)، وعين النبي أيوب في قرية خربثا التي يقع أيضا إلى الشرق منها عين أخرى تنسب لأيوب، وعين النبي أيوب في دير أيوب (قرب باب الواد) والتي يوجد فيها أيضا بئر النبي أيوب.
يطلق الاسرائيليون على بئر ايوب اسم (عين روجل) اعتقادا منهم انها المذكورة في العهد القديم بهذا الاسم.
والمنطقة مستهدفة بالاستيطان من قبل سلطات الاحتلال، وفي الخامس من كانون الثاني 2011، كشفت لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات بلدة سلوان، النقاب عن مخطط إسرائيلي يستهدف منطقة بئر أيوب، يتضمن إقامة مبان عامة، وبناء برك سباحة ومراكز جماهيرية على ما مساحته خمسة دونمات من أراضي الحي.
البئر الان تقع في حرم مسجد النبي ايوب، ولكنها لم تعد تفيض، ذلك الفيضان الذي كان يشكل احتفالا للمقدسيين، وهناك من يتهم الاحتلال بسبب ذلك.
في 25-9-2011، كشفت لجنة الدفاع عن بلدة سلوان، النقاب عن قيام سلطات الاحتلال بسرقة المخزون المائي الكبير للبلدة.
وأوضحت اللجنة في بيان لها، أن سلطات الاحتلال وضعت مضخات كبيرة وهيأت مخازن ضخمة لتسريع سرقة مياه بئر أيوب.
وأشارت إلى أن الاحتلال وضع مضخات كبيرة في منطقة (وادي الربابة) قرب حي البستان، ليتسنى لها سحب مياه بئر أيوب.

وبيّنت اللجنة، أن الاحتلال بدأ منذ سنوات بتحويل جزء من مياه البئر المستهدفة للبؤر الاستيطانية الموجودة في المنطقة، كما وضعت سلطات الاحتلال خزانات كبيرة لتجميع المياه للإجهاز على كامل المياه الجوفية.
يمكن الان تبين فتحتين للبئر، المحاطة ببناء حجري قديم، وبجانبها غرفة قديمة ربما كانت تشكل المسجد القديم. قبل ان يتوسع ويتم اضافة غرف جديدة ومئذنة للمسجد.
المدخل الرئيس للمسجد الجديد يقع الى الغرب، وهناك مدخل اخر في الشمال، يعلوه نقش: «مسجد بئر أيوب» وهو نقش قديم.

هناك تعليق واحد:

  1. Heya i'm for the first time here. I came across this board and I find It really useful & it helped me out much. I hope to give something back and aid others like you aided me.
    Visit my page : transfer news about arsenal football club

    ردحذف