أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 31 يوليو 2011

حوار مع محمود الريماوي


هذا اللقاء اجريته مع الكاتب والصحافي محمود الريماوي عن روايته الاخيرة (حلم حقيقي)، قد يساعد في القاء الضوء على روايته الثانية، ويفيد من يرغب في الكتابة عنها من النقاد، والشكر للريماوي لاتساع صدره، ووقته.
**
فاجأ الكاتب المعروف محمود الريماوي، قراءه، برواية، وزعت مع مجلة دبي الثقافية، ضمن عدد تموز 2011، تدور احداثها بعيدا عن المنطقة العربية.

واتخذ الريماوي، التي وصلت روايته (من يؤنس السيدة)، الى القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية العام الماضي، بنغلادش كفضاء لروايته الثانية (حلم حقيقي)، ليقترب من هموم مشتركة عالمثالية، من خلال بطله مينو الصحافي، الذي يحقق في عمليات طبية مشبوهة يجريها فريق طبي اجنبي في العاصمة البنغالية، وشخوصه التي تتحرك في عالم من الفقر، والفشل السياسي، وتعثر التنمية، ومجتمع ينظر اليه الاخرون او بعضهم كمستودع لتجاربهم.
في هذا الحوار، يجيب الريماوي، على اسئلة عن مغامرته الروائية الجديدة.
انفتاح على الاخر الاسيوي

*ما هو السر وراء ذهابك في مغامرة روائية هناك في بنغلادش؟.
-الريماوي:ـ بنغلادش احدى الدول الفقيرة والنامية، وقد اقترن اسمها بالانقلابات العسكرية والكوارث الطبيعية. اخترتها مسرحا وفضاء لروايتي لأن حادثة الاحتيال الطبي (الافتراضية) قابلة للوقوع في بلد آسيوي كهذا. مبعث الاهتمام هو محبة هذا البلد وشعبه من بُعد.
لقد عشت لنحو 14 عاماً في الكويت. هناك آسيويون كثر من جنوب شرقي آسيا فيها كما في بقية دول الخليج، وقد ظلت صورهم مطبوعة في ذهني بعد نحو ربع قرن على مغادرتي ذلك البلد الخليجي، فهم شعوب مكافحة ومجدة وينتمون لمجتمعات عريقة، ومع ذلك يسمع المرء تعبيرات عنصرية بحقهم من قبيل: هو أنا هندي؟!. أردت إرسال تحية لهم عبر هذا الاهتمام، كما أردت الانفتاح على آخر مختلف.. ليس الغربي الأوروبي والأميركي كما جرت العادة في السرد العربي، بل  على الآسيوي  والمسلم هذه المرة.

*كيف حضّرت لهذا العمل الروائي "حلم حقيقي"؟ هل اجريت دراسات، ونفذت زيارات ميدانية؟.
-الريماوي: نعم ..اجريت استقصاءات عبر الشبكة العنكبوتية، وكنت حريصاً على رؤية صور وفيديوهات مصورة عن ذلك البلد. لكني لم اقم بزيارة ميدانية، مع أن ذلك كان ممكنا من ناحية مبدئية. وددت أن أخوض تحدي الكتابة عن بلد لم تطأه قدماي. يستهويني أن اكتب عما لا اعرفه معرفة حسية ووثيقة، ذلك يثير فضولي ويدفعني للعمل، ومن خلال العمل يتم التعرف واكتساب قدر من المعرفة عن الموضوع. لست صغير السن، ما زلت اذكر صعود مجيب الرحمن وتحقيقه الاستقلال لبلاده عن الباكستان في مطلع الستينات. اذا كان يحق لباكستان الانفصال عن الهند، فإنه يحق لبنغلادش الانفصال عن باكستان وهذا ما حدث وبمشقة.
مكان افتراضي

*ما هي المخاطر في مغامرة الكتابة عن اماكن بعيدة عن حيز الكاتب المكاني؟.
-الريماوي: دعني اقول لك ان دكا عاصمة بنغلادش هي مكان روائي افتراضي. كيف؟ سأحاول الشرح: كل مكان يتم اختياره في عمل سردي هو مكان افتراضي، من يكتب عن القاهرة يكتب عن المدينة التي يراها وكما يراها هو، ويفترض ان رؤيته الخاصة لها تجلي جوانب منها. بخلاف الافلام التسجيلية والتقارير التي تبحث في معطيات ملموسة ومعلومات مؤكدة.
دكا هنا هي مكان افتراضي بصورة مضاعفة. فحادثة الاحتيال الطبي التي تتم تحت ستار من العون الانساني وقعت في اكثر من مكان، من بين هذه الامكنة دكا. كما يتم الاشارة الى ذلك في الصفحة الاولى من الرواية. يتم الحديث عن العاصمة في هذا الإطار، كمكان مفترض.. كنموذج، كمثال، وليس المقصود ابتداء هو تصوير المدينة وتشخيص الحياة فيها. او كتابة رواية مخصصة لدكا، وإن تحقق شيء من ذلك.
سألتني عن المخاطر او المحاذير. لا يكتب المرء مستعينا بخياله فقط عن مكان معلوم. المخيلة تشتغل  ويعول عليها حين يكون المكان غير مسمى أو محدداً، ومادام المكان معلوماً فلا بد من توفر معلومات اساسية عنه. وهذا ما سعيت لجمعه. سبق لفرانز كافكا ان كتب رواية "أميركا"  من دون ان يزورها.
تعرف اخي اسامة أنه يمكن لكاتب أن يكتب قصة تدور في مكان لم يزره القاص. وهذا كثيراً ما يحدث. لقد قلت لنفسي: لم لا أجرب ذلك في عمل روائي، لم لا اخوض هذه المجازفة؟.
بعض الزملاء الكُتاب الذين لا يعرفوني معرفة شخصية، سألوني عن السنوات التي أمضيتها هناك وما هي ظروف تواجدي في ذلك البلد الآسيوي، وقد ذهلوا حين فاتحتهم أني لم أزر تلك البلاد.
*لماذا لم تكن (رحيماً) مع رحيم، مع أنه بدا اكثر الشخصيات السوية، التي تعرف ماذا تريد؟.
-الريماوي: رحيم شخص منسجم مع نفسه، بغير أن يكون نزيها، فالمطامح الشخصية لديه تطغى على اي اعتبار آخر. انه شخص ذكي وعملي. وقد تحدى الفقر وأسعف عائلته في الخروج من العوز. لكن طموحه الجامح جعل منه شخصا انتهازياً. وهذا ما يفسر اعجابه بالانقلابين والجنرالات في بلاده. ثم تواطؤه مع بعض أعضاء الفريق الطبي بحكم عمله كفني أشعة. أردت أن اقابل مينو الحالم والبريء والذكي والصغير السن، بشخص يفترق عنه في صفاته فكان رحيم. لقد تعاطفت معه وهو بين أفراد أسرته، فقد ورث دور الاب بعد وفاة هذا الأخير رغم إنه ليس الأكبر سناً، والى حد ما وهو على مقاعد المدرسة. لقد بذلت جهدا في رسم ملامح شخصية وتقصي أحواله رغم انه ليس البطل الأول في الرواية، يوازي الجهد الذي بذل في استجلاء سمات البطل الرئيسي مينو. رحيم "أنضج" من مينو بحكم السن والتجربة، وهو انسان عادي يختلط لديه النجاح  والمثابرة الشخصية بالانتهازية المفرطة.
المراة والتقدم
*تظهر النساء بصورة ايجابية للغاية في روايتك، ولكن الامر يختلف في العلاقات مع جنس الرجال، لماذا اجهضت علاقة رحيم بزوجته، وأحبطت علاقة مينو بزميلته؟.
-الريماوي: أنا نصير للمرأة، كجزء من منظومة مناصرة الضعفاء المستضعفين والمهمشين. النساء في بنغلادش لعبن دوراً في الحياة السياسية. البنغال مسلمون في غالبيتهم، لكن الموجة الأصولية لم تصلهم كما هو الحال في الباكستان، مما ينبىء ان البيئة البنغالية غير قابلة لاحتضان بذرة التطرف وأكثر تقدما من الجارة الكبرى باكستان ومن بعض الدول العربية.
.. في كل بلاد العالم المتقدمة، المرأة تنال حقوقها كإنسان كامل الانسانية. ليس هناك بلد متقدم، يتم فيه ظلم النساء والتعامل معهن بدونية، بما في ذلك بلدان اسلامية مثل تركيا وماليزيا. لن تنهض مجتمعاتنا  العربية، ولن تنعم بحياة انسانية سوية، ما دامت تستعبد النساء وتستمرئ هذا الاستعباد.
رحيم مفرط الشرقية في علاقته مع زوجته رغم انها محتشمة، فضلاً عن غموضه غير البناء معها، ثم الشبهات التي دارت حوله بخصوص التواطؤ مع الفريق الطبي والدواعي الانتهازية للزواج منها.
اما البطل مينو وزميلته فقد فرقهما الانتماء الديني لا غير، رغم انهما متحابان. ليس لديهم زواج مدني!.في المرة الاولى الزوجة تطلب الطلاق وفي الثانية المرأة تعتذر عن الزواج. البنغاليات اكثر تمتعا بالحقوق كما يبدو من كثير من العربيات. النساء يحتفلن بمهرجان الربيع في الشوارع عندهم. في مجتمعاتنا العربية السعيدة تشعر المرأة أحياناً بالخطر لمجرد المشي في شارع فرعي او معتم. هذا هو التقدم الذي حققناه. الريع العربي ان لم يقترن بتغيير ثقافي للمجتمعات، فلن يحقق اهدافه  في الارتقاء بالحياة العامة.
البساطة كخيار فني
*هل فكرت وأنت تكتب الرواية، ان تجعلها ذات بعد جماهيري، كونها ستوزع مجانا و(جماهيريا) مع مجلة معروفة؟.
-الريماوي: لا. لم افكر بذلك، وإن كنت اكتب ببساطة أكثر مما كنت عليه في مؤلفات سابقة. ذلك ليس طلبا للجماهيرية بل كخيار فني. البساطة اصعب من التركيب احيانا، اذ انها تظهر القدرات الفعلية للكاتب بعيدا عن أمور الشكل والتقنيات الفنية. بطبيعة الحال البساطة قد تكون فخاً، اذا لم يمتلك الكاتب أدواته فقد تتحول الى تصوير فوتوغرافي، وربما تنزلق بصاحبها الى الخفة وحتى السطحية، اذا لم يمتلك الكاتب ادواته الفنية، واذا لم يتسلح برؤية ثاقبة ويردف البساطة بالعمق.
حين هممت بكتابة الرواية لم اكن متفقا حينذاك مع "دبي الثقافية" على نشرها. الاتفاق تم بعد انجاز كتابة الرواية. اريد ان اشكر بالمناسبة رئيس تحرير المجلة الاستاذ سيف المري ومدير التحرير الاستاذ نواف يونس على ترحيبهم بنشر هذا العمل، وكذلك على تفضلهما كلٌ على حدة بكتابة مقدمة للرواية.
هناك بعض الأصدقاء خشي أن يكون مدار الأحداث في بلد غير عربي وغير جذاب (سياحيا) مدعاة لاستغراب القارئ وعزوفه عن الرواية. ردود الفعل الأولية كانت مشجعة جداً. وسوف أعمل على إعادة طبع الرواية قريباً، وهو ما  أجازه لي  الناشر  (مجلة "دبي الثقافية").
لا انصح ولكن
*هل تنصح اي كاتب بالكتابة عن أماكن لا يعرفها؟.
-الريماوي: لا، من الأفضل أن يزور الكاتب الأماكن التي يرغب بالكتابة عنها كلما كان ذلك متاحا او يكتب عن الامكنة التي يعرفها..هذا من حيث المبدأ. لكن لا شيء يمنع أن يقوم الكاتب بزيارة ذهنية او سياحة معرفية الى بلد ما، اذا كان ذلك يثير فضوله الشديد ويشحن دافعيته للكتابة كما حدث معي. ذلك أيضا حدث لي في روايتي الأولى "من يؤنس السيدة" التي تدور أحداثها في مدينة الزرقاء التي لم أقم فيها، إذ أن إقامتي هي في عمّان. لكني زرت الزرقاء بالطبع لأكثر من مرة.
*ما هو جديدك، والى أين ستأخذنا في رحلة آسرة هذه المرة؟.
جديدي هو مجموعة قصصية تحمل اسم "فرق التوقيت"، وقد صدرت في العاصمة الأردنية عن أمانة عمان الكبرى، وتم نشرها في اطار تكريم خصص لي  في ملتقى القصة الثالث الذي انعقد يوم 23 يوليو (تموز) لمدة 3 ايام. أنا قاص في الأصل. والمجموعة الجديدة تحمل الرقم 11 في إصداراتي القصصية وتضم 15 قصة وذات مناخ تمتزج فيه الواقعية الحسية بالروح الشعرية وأحيانا الروح الساخرة.

هناك تعليقان (2):

  1. Genuinely no matter if someone doesn't understand after that its up to other people that they will assist, so here it takes place.
    Feel free to visit my blog post - transfer news man utd 2010

    ردحذف
  2. Superb site you have here but I was curious if you knew of any community forums that cover the same topics talked about in this
    article? I'd really like to be a part of community where I can get advice from other experienced people that share the same interest. If you have any suggestions, please let me know. Thanks!
    Look at my blog post ... pizza games online for free for girls

    ردحذف