فؤاد درويش

فؤاد درويش واحد من الليليين المعتقين، امضى نصف عمره سجينا مدنيا، تشافى من المخدرات وسرقة السيارات، شخصية روائية تمشي بيننا.

عندما وصل درويش، إلى ما يصفها بمرحلة الصفر، حيث انعدم المال والعمل لا وأصبحت علاقته الأسرية والعائلية غير مستقرة، قرر أن يتعالج، فذهب إلى المركز العلاجي في مقام النبي موسى، وأخبر المعالجين هناك عن وضعه، وعن المواد التي يتعاطاها، وتلقى علاجا أولياً، ولكن حدثت معه إحدى التجارب التي لن ينساها أبدا.

يروي درويش "أصبت بـ"الكريزة"، ولم أعد أدرك ما يدور حولي، وفي لحظة نظرت إلى مئذنة مسجد النبي موسى، فخيل إلى أنها برج عسكري، وأنني أقبع في السجن أو داخل معسكر جيش، وعليّ أن لا استسلم، فخلعت حذائي بسرعة، ولا أدري كيف، بدأت أتسلق المئذنة، وقفزت من إحدى نوافذها على سطح المقام، وهربت إلى الصحراء المحيطة، أدوس على الحجارة المدببة التي تلسع قدميّ، وأنا اسمع أصوات تناديني من خلفي باسم عائلتي أو كنيتي (أبو علي)، ولكي أخفي شخصيتي ولا يتعرف علي الجيش الذي يلاحقني، كما تهيأ لي، أخذت بخلع ملابسي، واستمر بالركض المجنون، وبقيت بالملابس الداخلية فقط، وتهت في الصحراء، أربعة أيام، وأنا لا اعرف من أنا، ومَنّ أكون، جعت، واضطررت لشرب بولي، ونمت في أي حجر يصادفني، غير مبال بحيوانات البرية، التي تتناهى أصواتها إلىّ من كل مكان، كنت أنام مقرفصا، يلسعني برد آذار، ضاماً رجلي بيدي، وعندما استيقظ لا استطيع النهوض، أدحرج نفسي إلى الأسفل، فأصاب بجروحٍ، وابدأ أتحسس التراب الرطب، لأضعه على جروحي، ثم أتمالك نفسي، وأواصل السير مترنحاً"