أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 22 أبريل 2010

"المسكوبية" فصول من سيرة العذاب


بسم الله الرحمن الرحيم
رواية ("المسكوبية" فصول من سيرة العذاب) لأسامة العيسة

بقلم:موسى ابو دويح
كتب الأديب أسامة العسية روايته ("المسكوبية"فصول من سيرة العذاب) صدرت طبعتها الاولى عن منشورات مركز أوغاريت الثقافي/ رام الله ـ فلسطين أوائل 2010 م في 160 صفحة من القطع المتوسط.
ما أظنّ أنّ شعبًا من شعوب الأرض لديه عدد من المعتقلين السياسيّين يقارب عدد المعتقلين السياسيين الفلسطينيّين-على قلة عدد سكان فلسطين في الضفة الغربيّة وقطاع غزّة-. حيث بلغ عدد المعتقلين عشرات الآلاف. وتعتقل منهم سلطات الاحتلال الصهيونيّ لفلسطين يوميًّا بالعشرات بل بالمئات أحيانًا. وما أظن أن أدب السجون ظهر في أيّ دولة ظهوره عند الفلسطينيّين، ولا كتب عنه كما كتب الفلسطينيّون عن سجونهم المتعددة لدى سلطات الاحتلال الصّهيونيّ والمنتشرة في كلّ مكان من أرض فلسطين. وما أظنّ أنّ معتقلي أيّ بلد في العالم حصلوا على درجات جامعيّة، وهم قابعون في السّجون، كما حصل المعتقلون الفلسطينيون في سجونهم، وذلك لأنّهم أصحاب حقّ، ولأنّ مُدَدَ سَجنهم تعدّ بعشرات السنين وفي بعض الأحيان بالمئات؛ ولأنّ المعتقل يحكم عليه بعدد من المؤبّدات. وهذا ما يدعوهم إلى المطالعة والكتابة والتأليف.


وسلطات الاحتلال هذه لا تفرّق في اعتقالها بين رجل وامرأة، وبين شيخ فانٍ وطفلٍ رضيع. اسمع للكاتب يقول في روايته (صفحة 95): (اعترف إيتان بن موشيه بن إنيان بأنّه عندما كان في عصابة الإتسل، شارك في تنفيد مذبحة دير ياسين (عام 1948) بإصدار الأوامر لأفراد عصابته بقتل المدنيّين، وعندما شاهد أطفالا أصيبوا، قال لأفراد عصابته: اقضوا عليهم، وإلا فالويل لنا إن كبروا ورَوَوْا ما شاهدوه) واعترف في الصّفحة التي قبلها بأنّه أمر بهدم بيوت حارة المغاربة على من فيها من رجال ونساء وأطفال واعترف أنّه قتل عددًا من الفلسطينيّين من سكان حارة المغاربة، وأنّهم دفنوا تحت الأنقاض، وكشف أنّه أعطى السكان ربع ساعة فقط ليغادروا منازلهم. فهل يحدث مثل هذه الجرائم أو قريب منها في بقعة بين بقاع العالم ؟!!!
إنّ يهود يريدون فلسطين أرضًا دون شعب، وكلّ ما يحقق لهم ذلك مباح بل واجب عليهم فعله، حتّى يثبتوا للعالم أنّهم وحدهم شعب الله المختار، وأنّ العالم سواهم لايستحقّ الحياة. هذه هي عقيدتهم، وهذا هو ما يعملون لتحقيقه.
لقد عانى الكاتب من ويلات الاعتقال، حيث اعتقل وهو طالب في المرحلة الثانويّة، أو قل وهو طفل في مرحلة الشباب، وقاسى من أصناف العذاب ما سطره في روايته "المسكوبيّة"، والتي يقول عنها في خطبة الكتاب صفحة15: (لم أفعل في هذا النّص الّذي وصلني من كاتبه المجهول، الّذي لا أعرف لماذا أختارني، لتحريره، غيرَ التأكد من المعلومات التوثيقيّة، وزيارة الأماكن الواردة في النّصّ..... حتّى يقول أخيرًا في صفحة 16: وفي النّهاية، هذا هو النّصّ، بعد أن لعبت فيه أصابعي).
فالكاتب يصرح في (صفحة 15) أنّ الرواية (المسكوبيّة) هي لكاتب مجهول، عهد إليه بنشرها، وجعل ذلك أمانة في عنقه. وقالوشطبت بعض المعلومات والأسماء، لظنّي، أنّ الوقت لم يحن للكشف عن معلومات قد تبدو أمنية، وتشكّل خطورة على أصحابها، وسمحت لنفسي بتمويه بعض الأسماء الحقيقيّة التي ترد في النّصّ، لأسباب مختلفة، وليعذرني صاحبه، الذي لم أجد طريقة للتواصل معه، بعد أن أودع صفحات مخطوطته، في رقبتي، بصمت ودون سابق معرفة، وغادر دون أيّة التفاتة، لي، أو للخلف، وكأنه يريد أن يتخلّص من ماضٍِ يؤرّقه).
ولقد دققتُ في أسلوب خطبة الكتاب البالغة ثماني صفحات، وهي بقلم الأديب أسامة العسية، وفي أسلوب بقيّة مواضيع الرواية الستة، 1.(غرفة رقم 12) 2.(دويلة المسكوب في القدس) 3.(ثلوج آذار) 4.(أبو العلم وآخرون) 5. (زميلي الإرهابيّ) 6. (مطر القدس)، فلم أجد فرقًا بين الأسلوبين، بل أكاد أجزم أنّ الأسلوب فيها جميعًا واحد.
تناول الكاتب في روايته أماكن من القدس بتفصيل دقيق حيث وصف منطقة باب العمود والمصرارة وشارع صلاح الدين وسور القدس والطريق الذي يصل بين مايسمونه القدس الغربية بالقدس الشرقية من شارع يافا الى باب العمود. واسهب كثيرا في الحديث عن باب العمود وذكر اسماءه الكثيرة مثل باب دمشق وباب نابلس ، وتاريخه وما فيه وما حوله من فلاحات يبعن الخضار والفاكهة التي يأتين بها من قراهن القريبة من القدس . ومن تدافع العمال العرب في المصرارة على سيارات ارباب العمل من يهود ، الذين يأتون المكان من أجل الحصول على عمال أومهنيين فنيين يقومون لهم بترميم بيوتهم أو بأي عمل يلزمهم .
الرواية التي بين ايدينا تناولت الزمان والمكان والشخوص، حيث أجاد الكاتب في وصف الامكنة وشخوص روايته على أختلافهم من شرطة ومحققين ورجال مخابرات يهود، ومن مناضلين معتقلين من العرب،مسلمين كأبي العلم ونصارى كأنطون (أبو محمد)وامون النوري .
وتناولت فترة الانتفاضة منذ بدايتها، حيث استفاد الكاتب من الاخبار التي كانت تنشرها الصحف المحلية عما يجري في كل مدينة أو بلدة أو قرية أوشارع من مدن وبلدات وقرى فلسطين،في ضفتها الغربية وقطاعها الغزي .
لغة الكاتب لغة فصيحة سليمة، تكاد تخلو من أي خطأ مهما كان نوعه. واسلوبه جميل سلس، ينتقل من حدث الى حدث دونما مقدمات، وهذا من شأنه أن يدفع السأم والملل عن القارئ فهو في (صفحة 37) يحدثنا عن خلافه الفكري مع أنطون؛ لانه اتهم أمامه أحد رجال الصف الاول بالمحاباة، ثم عن سفر أنطون للخارج للدراسة والعمل هناك مع المقاومة في عاصمة عالمية.ورؤيته له بعد ذلك في شارع صلاح الدين في القدس في سيارة عابرة لم تتوقف، ملوحا له بيده، أثناءعودته في اجازة صيفية. ثم عودة أنطون لاكمال دراسته في الخارج. وهناك يقضي نحبه في حادث سير مروع. ويعود للقدس جثة هامدة ويدفن في ثرى القدس بهدوء. ثم يقول: كان الشرطي الذي يقف خلف الكاونتر في مكتب الاحوال كثير التبرم، ثم اخرج ما يخصني من اغراض كالحزام ورباط الحذاء وبعض القطع النقدية، فاخذتها وخرجت من سجن المسكوبية. يقول الكاتب كل هذا في صفحة أو اقل. فهو يمزج بين الاحداث ويخلطها بطريقة رائعة تشد القارئ لمتابعة الرواية حتى أخرها.
20/4/2010 موسى أبودويح

"ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق