أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 11 يونيو 2009

شيكاغو اقرب الى رام الله من القدس

3

وصل بسام الكعبي، الى القدس، برفقة عائلته، من رام الله تهريبا، ليقف في الصف الطويل امام القنصلية الاميركية في المدينة المقدسة، لانجاز معاملات الهجرة الى الولايات المتحدة الاميركية، بينما كان دخوله المظفر الى مدينة شيكاغو اكثر يسرا وسهولة.

حكاية الكعبي، خطها فيما سماه ريبورتاج صحافي، ضمنه كتابه عن هذا الفن الصحافي، كنموذج تطبيقي.



في ريبورتاجه يروي الكعبي، حكاية 73 يوما، قضاها وعائلته، في الولايات المتحدة، انتهت بقرار بالعودة الى شقة العائلة في رام الله، ولكنها لم تكن عودة بدون مكاسب، فقد حصل ولديه على جوازي سفر اميركيين، وهو ما سيجنبهما معاناة والدهما على الحدود العربية، والتي يشير اليها، في قصته الصحافية الطويلة.

اصرار الكعبي على تقديم نموذج، شبه مدرسي، للصحافيين، وللمتدربيين الاعلاميين، لم يقلل من مستوى اسلوبه السلسل، وقدرته الفائقة على التقاط التفاصيل الهامة، والمشاهد والمفارقات، ولكن من جانب اخر فانه لم يعط الموضوع، وهو هنا محاولة سبر لغز الحياة لاميركية، حقه.

ويغري نص الكعبي، بالمقارنة بينه وبين ما كتبه مثقفون عرب كبار عن نفس الموضوع، مثل الدكتور علي شلش، الذي نقل للقاريء العربي مغامرته الاميركية بعيون ليبرالية، او مثل المفكر سيد قطب، التي يعتقد ان لرحلته الاميركية، دورا، في تحولاته الفكرية، التي اوصلته لان يكون احد منظري الاسلام الحركي.

اعتقد انه ربما يجب ان يكون لكل مثقف عربي "رحلته الاميركية"، وليس شرطا ان تنتهي كما حدث للكعبي، بقرار العودة الى الوطن، وعدم قبول خيار الهجرة، خصوصا اذا كانت الاوطان، ليست اوطانا، وانما مراع، وعِزب، واقطاعيات.

تساءلت وانا اقرا نص الكعبي، عن الامل الذي يمكن ان يقدمه الواقع في فلسطين لولديه، ولا اقصد فقط اجراءات الاحتلال، ولكن الوضع الداخلي والنماذج القاتلة التي تقدمها حركتا فتح وحماس.

الكعبي، بما هو كاتب وصحافي مميز، وبموازة ذلك مثقف مطلع، ربما سيكون مطالبا بالقاء اضواء اكثر على رحلته الاميركية، وربما فعل ذلك، ولكن ضرورات النشر جعلته يقدم نصا مبتسرا ومع ذلك فهو شديد الحميمية، والاهمية، وشيء جديد على الواقع الثقافي في فلسطين، وهو الواقع المرير الذي حال دون الاحتفاء بمثل هذا النص، او تناوله نقديا.

هناك تعليقان (2):

  1. بسام الكعبي11 يونيو 2009 في 1:10 م

    العزيز اسامة، تحية تقدير واحترام
    مع أن النص الذي أوردته خطفاً حول الكتاب قصير نسبياً، الا أنه يندرج تحت اطار "ما قل ودل" وأعترف أنه جذبني للاطلاع على تجربة الكاتب علي شلش والتدقيق في مغامرته الاميركية.أسجل ايضا أنني لم أفكر بالكتابة عن تجربة الرحلة إلا بعد عودتي وبدأت باستعادة المشاهد والمعلومات استنادا على الذاكرة التي قد تكون اسقطت بقصد وبغير قصد جوانب من الرحلة. على كل حال تدوين هذا اللون من الكتابة في اطار الريبورتاج أو أدب الرحلات أو ما يطلق عيه الان "رواة المدن" يستحق مزيدا من الاهتمام في الصحافة الفلسطينية ويستدعي منحه المساحة التي تليق به.
    بسام الكعبي/ رام الله

    ردحذف
  2. العزيز بسام،
    نصك لا يقل اهمية عن النصوص التي ذكرتها، بل مرشح لان يكون من اهمها
    وحبذا لوّ ينشر مطولا وعلى نطاق عربي حتى يتبوأ مكانته التي يستحقها ضمن ما تسميه ادب (رواة المدن) وانت احد المتحمسين له هنا في فلسطين.

    ردحذف