أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 16 يناير 2009

رائحة القرفة

214

قرات رواية (رائحة القرفة) لسمر يزبك، متهيبا، بعد ان قدمت في الاعلام بانها تتحدث عن علاقة شاذة بين امراة دمشقية وخادمتها، خشية من الاصابة بخيبة امل، اذا كانت الرواية تشبه روايات اخرى صدرت في السنوات الاخيرة، وبنت شهرتها على موضوع الجنس، في حين ان جميع الكتاب الكبار الذين تناولوا موضوع الجنس، اشتهرت كتبهم لفنيتها العالية، مثل يوسف ادريس، ونجيب محفوظ.

الرواية  وصلت رام الله، ورايت نسخها مكدسة لدى صديقي بائع الكتب، وظننت انه طبع منها طبعة مزورة، للاستفادة من شهرتها، اخذت منه نسخة بدون حماس، وفي الطريق قرات الصفحات الاولى، فاعتقدت بانني امام واحدة من روايات (السلفية الجنسية) كما اسميها، مثل تلك الروايات التي انتشرت في العالم العربي في السنوات الاخيرة، والتي براي، لم تشكل اية اضافة في مسيرة الرواية العربية، وان حققت مبيعات كبيرة.

بعد ان انهيت رواية يزبك، وجدت كم هو من المؤسف التصنيف الذي وضعت فيها من قبل محرري الصفحات الثقافية، الذين يبدو انهم لا يقراون، ويكتفون بالمعلومات السمعية عن العمل الادبي.

رواية يزبك مهمة، لانها تتحدث عن عالم المهمشين في دمشق، الذي تنمو فيه الخادمات والعاهرات والعاطلين عن العمل، ونجحت الروائية الى حد كبير في وضعنا باجواء هؤلاء الناس المغلوبيين على امرهم، وبدت انها مطلعة عليه.

وحاولت يزبك ان تقدم، بالتوازي، عالم الارستقراطية التجارية الدمشقية، ولكن بدون نجاح كبير، اما العلاقة الشاذة بين الخادمة والسيدة الدمشقية، فبدت كانها، الى حد ما متكافئة، بين العالمين المتناقضين، بدلا من ان تكون اغتصابات متكررة من علية القوم، لسكان العالم السفلي، لذا فان يزبك جهدت لتبرير العلاقة، واستعانات بتهويمات الف ليلية (نسبة الى الف ليلة وليلة) مثل (البخور، والقصور، والروائح، والحمامات العامة)، وكذلك برسم صورة غبر مبررة لا فنيا ولا فيزيائيا للخادمة، التي تجهد طوال النهار، ثم في الليل، تجد القوة لتكون طرفا في علاقة محمومة تستمر طوال الليل، ثم، تذهب لغرفة سيد البيت، لتمارس معه الجنس المحموم ايضا، ويبدو ان يومها مكون من 48 ساعة، وتسكنها عدة نساء شبقات من عالم التراث الجنسي عند العرب، وهو بالمناسبة عالم فقير ومتخلف..

الرواية تنبيء عن موهبة لافتة، ولكن يبدو ان ظروف النشر، والمتلقي، في العالم العربي، تجعل كثيرات وكثيرين من الكتاب، يفضلون ركوب الموضة السائدة الان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق