أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 31 أغسطس 2008

ثلاث جماجم فلسطينية تؤكد طقوس الدفن السورية

 

عثرت سلطة الآثار الإسرائيلية، على ثلاث جماجم مجصصة بالغة الأهمية، في منطقة الجليل الأسفل، تعود إلى العصر الحجري الحديث، ويقدر عمرها ما بين 8-9 آلاف عام.


وتم دفن الجماجم في حفرة كبيرة مجاورة لمبنى اكتشف خلال أعمال حفريات، نفذتها سلطة الآثار الإسرائيلية، بعد اكتشاف موقع اثري خلال شق شارع، في الموقع الذي تطلق عليه إسرائيل اسم (يفتاحل).


وقال الدكتور حمودي خليلي، مدير الحفريات في الموقع "تم العثور على ثلاث جماجم مجصصة، تعود إلى العصر الحجري، قبل استخدام الفخار".


ويكتسب هذا الكشف أهميته لانه يلقي مزيدا من الأضواء على تقاليد الدفن والتحنيط التي سادت فلسطين ومناطق أخرى في بلاد الشام، ويعزز نتائج مكتشفات مشابهة سابقة في فلسطين، والاردن، وسورية على وجه التحديد.


وفي الزمن الذي تعود إليه الجماجم، كانت يتم قطع الرؤوس، ونحت أقنعة لها من الجص ومواد أخرى، وحسب بيان لسلطة الآثار الإسرائيلية، فان الاعتقاد بأنه كان يتم دفن هذه الجماجم في حفر تحت المباني، ويتم استعادة الأقنعة بعد فترة ووضعها في المنازل للإبقاء على صورة المتوفي لدى أقربائه والمعنيين به، ليخيم ظله على القرارات التي يتخذونها في حيواتهم اليومية.


وتنضم هذه الجماجم الثلاث الجديدة، إلى 15 جمجمة جصية أخرى، كان عثر عليها في أريحا، وتحديدا في تل السلطان، خلال الحفريات التي أجرتها في ستينات القرن الماضي عالمة الآثار الشهيرة كاثلين كينون، بالإضافة إلى جماجم أخرى عثر عليها في منطقة عين غزال في الأردن، وتل اسود، على بعد 25 كلم عن العاصمة السورية دمشق، حيث عثرت بعثة أثرية سورية-فرنسية في عام 2006، على 12 جمجمة مجصصة.


وجرى الاكتشاف السوري-الفرنسي، بعد 6 سنوات من العمل، أسفر عن العثور على قرية نموذجية في تل اسود في غوطة دمشق، تحتوي على منازل دائرية ومربعة، تعود إلى الآلف السابع قبل الميلاد.


وفي هذه القرية عثر على الجماجم المجصصة، وهي عبارة عن أقنعة ملونة، رأى فيها علماء الآثار بأنها تدل على بدايات التحنيط في هذه المنطقة، وكان الأكثر إدهاشا للعلماء هو العيون الحمراء التي تم تلوينها بالقار الأحمر، والتي حافظت على لمعانها حتى الان، والوجوه التي بدت وكانها تبتسم.


ويستدل من الاكتشاف الجديد في الجليل الأسفل الفلسطيني، وقبلها في أريحا، وتل اسود السوري، على فكر عقائدي معين وطقوس جنائزية، تشير إلى انه كان يتم قطع الرؤوس، وطليها بالكلس، ووضعها في قوالب جصية ودهن العيون بالقار الملون، ثم دفنها.


ويبعد الموقع الفلسطيني الذي تم فيه اكتشاف الجماجم نحو 200 كلم عن الموقع السوري، وكلاهما يعودان لفترة لم يكن فيها مكان لتقسيمات سياسية كالموجودة حديثا، مما يشير إلى وحدة الحضارة في المنطقة السورية.


ورغم انه علماء الآثار يميزون بين طقوس التحنيط السورية هذه، وتلك التي استخدمت في حضارات أخرى كالفرعونية مثلا، إلى انهم يشيرون إلى التشابه في الحفاظ على ذكرى القادة وأصحاب النفوذ، بصور مختلفة في الثقافات المتنوعة، ففي الصين مثلا عثر على منحوتات لملوك تعود إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد، وفي بعض مناطق أفريقيا كزيمبابوي مثلا وجدت تماثيل لموتى بكامل هيئاتهم منحوتة في الطين، وغيرها كثير من الأمثلة.

الجمعة، 29 أغسطس 2008

اخبار جيدة من صيدا


نشرت الكاتبة جوان فرشخ بجالي، تقريرا مهما عن نتائج حفريات بريطانية-لبنانية في مدينة صيدا يمكن مطالعته على الرابط التالي:


http://www.al-akhbar.com/ar/node/89045


واشار التقرير خصوصا الى نتائج الحفريات التي تعود للعصور البرونزية (الكنعانية والفينيقية)، والتي لا شك تضيف الى ما نعرفه عن تلك العصور من خلال نتائج الحفريات العديدة في فلسطين الحالية، وسوريا، والاردن.


ولا اعرف اذا كانت نتائج حفريات صيدا، التي استمرت عشر سنوات، كشفت عن شيء مهم او غير مهم يعود للعصر الحديدي، المصنف بانه شهد الوجود الاسرائيلي في بلادنا، وهو وجود، يشكل، براي، امتدادا للكنعانيين والفينقيين، حتى في اشكال العبادات الوثنية، وهو ما ساتطرق اليه في موضوع لاحق، وليس له علاقة باساطير تتعلق بغزو ارض كنعان من مصر.


ومن شان نتائج الحفريات في صيدا، ان تساعدنا على فهم اكثر لدولة السامرة التي احب ان اصفها بالفينيقية، والتي حكمت من قبل اخاب وزوجته ايزابل، الاميرة الفينيقية الصيداوية، ونتائج الحفريات في السامرة (سبسطية) اكدت ذلك.


اعتقد انه من المهم، ان ينظر الباحثون والباحثات العرب الى نتائج الحفريات الاثرية، بشكل كلي، وتقديم روايتهم عن كل مراحل الحضارات التي مرت على بلادنا، والا تم الوقوع في مثالب المنهج الاثري التوراتي الاجتزائي، الذي طالما انتقدناه.


وبهذه المناسبة اود ان اشير الى تميز الكاتبة بجالي، من خلال مقالاتها وتقاريرها ومتابعتها، لمواضيع تغيب عن صفحات الصحف العربية، ولا تدخل من باب اهتماماتها، وفي الصحف المحترمة، يجب ان تنشر مقالات بجالي في الصفحات الاولى.


وتتفوق بجالي ايضا، على اخرين يكتبون في نفس مجالها، ولهم شهرة، غير مبررة، مثل الاثري المصري زاهي حواس، واخرين يوقعون كتاباتهم مسبوقا بحرف الدال.



قد يكون شخص ما، اثريا بارعا، او اداريا ناجحا، او بيروقراطيا لديه قدر من الليبرالية، ولكن الكتابة في موضوع الاثار، والتاريخ، والعلوم الانسانية عموما، وربما غيرها، يحتاج الى ادوات اخرى، من بينها زاوية النظر ومحاولة تقديم رؤى اخرى، لا بد ان تكون مختلفة.

الأربعاء، 27 أغسطس 2008

البحيرات السبع

  

  

  

جبال العلويين..حيث الاختلاف والعناد والجمال الطبيعي الاخاذ

توجد البحيرات السبع في بلدة مشقيتا..الكلام لا يعبر عن هذه الطبيعة الخلابة

الاثنين، 25 أغسطس 2008

حفريات في قريتي زكريا

[caption id="attachment_789" align="alignnone" width="300" caption="تل زكريا"]تل زكريا[/caption]

قررت جامعة تل ابيب، تجديد الحفريات في تل زكريا، في قريتي زكريا، المغتصبة منذ 60 عاما.


هذا التل، الذي عرف بكونه مكان بلدة عزيقة، صاحبة الدور المهم في تاريخ الشرق القديم، اثار ويثير شغف الاثاريين من مختلف انحاء العالم، وتم التنقيب فيه منذ اكثر من 100 عام، على يد Robert Alexander Stuart Macalister.


وتعد عزيقة، ولاخيش (تل الدوير) من المدن التي لعبت دورا مهما في العصور البرونزية، والعصر الحديدي، وكانت اهميتهما تفوق بكثير مدينة اورشليم، القدس الحالية.


ومن الاسباب الاخرى، غير اهمية تل زكريا العظيمة، التي تدفع الاثارييين الاسرائيليين وزملائهم الاجانب، للتنقيب في التل، قرب الموقع من الجامعات في القدس وتل ابيب، والمناخ المعتدل، حيث يعتبر التل، ابرز المواقع في السهل المعروف توراتيا بسهل الشفيلا، والذي يمكن اطلاق عليه اسم سهل اجنادين، لوقوع تلك المعركة المهمة، بين العرب المسلمين والبيزنطيين، والتي كانت توابعها، مؤثرة، حتى الان في تاريخ هذا الشرق.


ومن حظ العهد القديم، الذي ذكر عزيقة اكثر من مرة، ان الوثائق الاشورية، والمصرية، واللقى التي عثر عليها خلال الحفريات، اكدت وجود هذه المدينة التي قاومت الفراعنة والاشوريين، وكانت اخر من سقط خلال حملة سنحاريب على التلال الفلسطينية.


في عزيقة، وغيرها من تلال، طور اليهوذيون، هذا الشعب الذي نفضت الحفريات عنه الاساطير الدينية التي علقت به، ميثولوجيا العهد القديم، مستفيدين، من اساطير حواضر الشرق الاخرى.


وتعرض اليهوذيون، الى عملية اغتصاب لهويتهم، من قبل موجات الاستيطان الصهيونية الحديثة، التي اسست دولة اسرائيل، في حين تعرضوا للشطب من التاريخ الفلسطيني، من قبل غوغاء الباحثين العرب والفلسطينيين.


وما زالت تلك الفترة من تاريخ فلسطين، بحاجة، الى باحثين جادين، لديهم الكثير من المعرفة والجراة، لتقديم رؤية اخرى، بعيدا عن سطوة الاساطير التي ما زالت تتحكم في عقول سكان هذه البلاد، والتي ينفيها كل يوم علم الاثار.


في عزيقة، ولاخيش، وعقرون، واشقلون، وغيرها، تكمن اسرار الشرق القديم الهامة.


وبالاضافة الى تل زكريا (عزيقة)، فان موسم حفريات جديد بدا في خربة قيافا، التي تقع ضمن اراض بلدة عجور، المجاورة لزكريا.



قلة من الباحثين العرب، يأبهون بنتائج الحفريات هذه، مثل فراس السواح، في حين ان المجلات العالمية المتخصصة تتلقف أي شيء تظهره باطن هذه الأرض، خصوصا وان موضوعية باحثين إسرائيليين شجعان (مثل إسرائيل فنكلشتاين)، أخذت تعطي مصداقية كبيرة لنتائج هذه الحفريات، بعيدا عن سطوة الأسطورة والأيديولوجية، والسياسة.

حفريات في قريتي زكريا

[caption id="attachment_789" align="alignnone" width="300" caption="تل زكريا"]تل زكريا[/caption]

قررت جامعة تل ابيب، تجديد الحفريات في تل زكريا، في قريتي زكريا، المغتصبة منذ 60 عاما.


هذا التل، الذي عرف بكونه مكان بلدة عزيقة، صاحبة الدور المهم في تاريخ الشرق القديم، اثار ويثير شغف الاثاريين من مختلف انحاء العالم، وتم التنقيب فيه منذ اكثر من 100 عام، على يد Robert Alexander Stuart Macalister.


وتعد عزيقة، ولاخيش (تل الدوير) من المدن التي لعبت دورا مهما في العصور البرونزية، والعصر الحديدي، وكانت اهميتهما تفوق بكثير مدينة اورشليم، القدس الحالية.


ومن الاسباب الاخرى، غير اهمية تل زكريا العظيمة، التي تدفع الاثارييين الاسرائيليين وزملائهم الاجانب، للتنقيب في التل، قرب الموقع من الجامعات في القدس وتل ابيب، والمناخ المعتدل، حيث يعتبر التل، ابرز المواقع في السهل المعروف توراتيا بسهل الشفيلا، والذي يمكن اطلاق عليه اسم سهل اجنادين، لوقوع تلك المعركة المهمة، بين العرب المسلمين والبيزنطيين، والتي كانت توابعها، مؤثرة، حتى الان في تاريخ هذا الشرق.


ومن حظ العهد القديم، الذي ذكر عزيقة اكثر من مرة، ان الوثائق الاشورية، والمصرية، واللقى التي عثر عليها خلال الحفريات، اكدت وجود هذه المدينة التي قاومت الفراعنة والاشوريين، وكانت اخر من سقط خلال حملة سنحاريب على التلال الفلسطينية.


في عزيقة، وغيرها من تلال، طور اليهوذيون، هذا الشعب الذي نفضت الحفريات عنه الاساطير الدينية التي علقت به، ميثولوجيا العهد القديم، مستفيدين، من اساطير حواضر الشرق الاخرى.


وتعرض اليهوذيون، الى عملية اغتصاب لهويتهم، من قبل موجات الاستيطان الصهيونية الحديثة، التي اسست دولة اسرائيل، في حين تعرضوا للشطب من التاريخ الفلسطيني، من قبل غوغاء الباحثين العرب والفلسطينيين.


وما زالت تلك الفترة من تاريخ فلسطين، بحاجة، الى باحثين جادين، لديهم الكثير من المعرفة والجراة، لتقديم رؤية اخرى، بعيدا عن سطوة الاساطير التي ما زالت تتحكم في عقول سكان هذه البلاد، والتي ينفيها كل يوم علم الاثار.


في عزيقة، ولاخيش، وعقرون، واشقلون، وغيرها، تكمن اسرار الشرق القديم الهامة.


وبالاضافة الى تل زكريا (عزيقة)، فان موسم حفريات جديد بدا في خربة قيافا، التي تقع ضمن اراض بلدة عجور، المجاورة لزكريا.



قلة من الباحثين العرب، يأبهون بنتائج الحفريات هذه، مثل فراس السواح، في حين ان المجلات العالمية المتخصصة تتلقف أي شيء تظهره باطن هذه الأرض، خصوصا وان موضوعية باحثين إسرائيليين شجعان (مثل إسرائيل فنكلشتاين)، أخذت تعطي مصداقية كبيرة لنتائج هذه الحفريات، بعيدا عن سطوة الأسطورة والأيديولوجية، والسياسة.

السبت، 23 أغسطس 2008

رفاق الروح في حلب

  

في مدينة حلب رايت ملصقين لشهيدين، تم تحرير جسديهما خلال عملية الرضوان الاخيرة

الاول اسمه: محمود رحمون، والثاني هو: محمود قناعة

الاعلام العربي، الذي اهتم في الموضوع تعامل مع الاجساد العائدة كارقام فقط..

لكل شهيد من هؤلاء اسم وقصة وقضية..تساءلت وانا اقف امام كل ملصق باجلال واحترام مؤديا التحية: اين الاعلام المهني؟ الا تستحق قصة اعادة الاجساد، بغض النظر عن اية ابعاد وطنية وانسانية، ان تكون موضوعا لتقرير صحافي او اكثر؟

اين هو رئيس التحرير الذي ارسل احد صحافييه ليكتب عن هؤلاء ويعود لنا بقصصهم؟

اننا لا نستحق كل هذا الالق الذي يشع من اعين الشهيدين..

الجمعة، 22 أغسطس 2008

معصرة قديمة وفريدة

   

أعلنت سلطة الآثار الإسرائيلية، عن اكتشاف معصرة زيتون قديمة وفريدة، واعتبرتها من اكبر عناصر الزيتون المكتشفة في فلسطين حتى الان.


وتم الكشف عن المعصرة، في موشاف اهود، في الجليل الغربي، خلال حفريات تجري كجزء من خطة تنمية واعمال بنى تحتية.


ويعتقد أن المعصرة تعود إلى العصر البيزنطي، وتشير الدلائل إلى تعرض المعصرة لحريق كبير، في القرن السابع الميلادي، وفقا لمايكل كوهين، مدير التنقيب في الموقع.


وقال كوهين بان آثار الحريق ما زالت واضحة تماما على جدران المبنى، ويبدو أن هذا الحدث حافظ بشكل أو بآخر على معالم المعصرة، ومنع الاقتراب منها أو استخدامها في أوقات لاحقة.


وتم الكشف عن حجر الرحى، الذي كان يستخدم لسحق حبات الزيتون، وكانت المعصرة تعمل بتسخير الحيوانات، التي تحرك الطاحونة، وعصر الزيتون ليصبح زيتا.


وبعد سحق حبات الزيتون، كان اللب يوضع في سلال مصنوعة من حبال خشنة، كي يتم ترشيح السائل، وترك اللب في السلال، وهي طريقة ما زالت تستخدم حتى اليوم، خصوصا في معاصر الزيتون التقليدية القديمة.


 والى جانب المعصرة عثر، على حفر كانت تستعمل لفصل الزيت عن أية مخلفات أخرى عالقة به، للحصول على زيت زيتون عالي الجودة.


وعثر أيضا على حاويات لتخزين الزيت، تتسع لنحو 20 ألف لتر، ولهذه الحاويات أرضيات فسيفسائية، واستخدم الجص في طليها وتجهيزها.


ويعتبر هذا النوع من الحاويات الفسيفسائية أمر نادر جدا في فلسطين، ويعتقد أن هذه المعصرة بنيت بتبرع ومبادرة من موطن محلي بشكل فردي.


وعثر أيضا خلال الحفريات، على قطع رخامية، واجزاء من مذبح كنيسة ومصابيح، وسلسلة برونزية، وغيرها من مواد، جعلت المشرفين على الحفر، يعتقدون، أن المعصرة هي وقف لكنيسة قريبة، وتقع في داخل دير بيزنطي.


ويقع مكان الكشف الجديد، على بعد 9 كلم شرق مدينة عكا، ويعتقد بان هذه المعصرة خدمت المناطق الزراعية الريفية القريبة من عكا.

الأربعاء، 20 أغسطس 2008

ميناء اللاذقية

  



من شرفة غرفتي الفندقية اطل على ميناء اللاذقية مع فنجان القهوة الصباحي

عمال وموظفون وموظفات يقصدون الى اعمالهم.. سفن محملة بالكثير.. ومياه بحر الروم تحمل الاحلام والعذابات والمخاوف

فجوة تتسع بين القاطنين على جوانب بحر الروم

الثلاثاء، 19 أغسطس 2008

سعيد حورانية - خبز الواقعية المر



"شتاء قاس اخر" مجموعة قصصية للكاتب السوري الراحل سعيد حورانية، اشتريتها ثلاث مرات، في ثلاث دول مختلفة.

بالصدفة كنت اجد نسخة منها على رفوق مكتبة في هذه المدينة العربية النائمة او تلك، ومن شدة حبي لها كنت اشتريها، بدلا من تركها وحيدة حزينة، وبالصدفة ايضا اهديتها جميعا لثلاث نساء، لم اعرفهن كفاية، ولا اتذكر ملامحهن الان، ولا اعرف ان كن قرانها اما لا.

لا اعرف لماذا لم ينل حورانية الشهرة التي يستحقها مثل كثير من مواطنيه كحنا مينا، وزكريا تامر، ونزار قباني.

يوجد كثير من الروائيين العرب الذين قدموا ابداعات في مجالهم بعكس القصة، وبالاضافة الى يوسف ادريس، فان حورانية هو فارسنا الشامي في هذا المجال.

وضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، تم اصدار كتاب تكريمي عن حورانية كاحد اعلام الادب العربي والسوري، وهذا المبدع يستحق الكثير، رغم انه مقل، فقد اصدر ثلاث مجموعات لم اقرا منها الا مجموعة واحدة، عزائي انني قراتها واشتريتها واهديتها ثلاث مرات.

الاثنين، 18 أغسطس 2008

كورنيش اللاذقية الجنوبي

  

يتميز كورنيش مدينة اللاذقية بمميزات كثيرة لكنه ينقصه النظافة والترتيب واشياء اخرى كثيرة

لماذا هو على الحالة المزرية التي فيها؟

سؤال صعب بالتاكيد.

هل من الصعب ان يصبح لائقا بمدينة عظيمة وشعب يستحق الاحترام؟

بالطبع لا..لان على الجانب الاخر القريب من المتوسط وعلى امتداد شاطيء يافا تل ابيب، تمكن اخرون غرباء، عمر دولتهم ستين عاما فقط، من جعل هذا الشاطيء درة في الجمال والنظافة المتناهية.

يتسع الكورنيش الجنوبي في اللاذقية  للفقراء والاغنياء وعابري السبيل امثالي..وفيه ما يمكن ان يقدم من اطعمة ومشروبات لهم جميعا وربما اكثرها سلامة وصحة تلك الفطائر والمناقيش التي يعدها خبازون على نيرانهم واشهرها مناقيش الزعتر وفطائر الشطة

ورغم الاقبال عليها الا انه يشوبها مشكلة كبيرة لواحد مثلي، وهي استخدام الزيت النباتي بدلا من زيت الزيتون مما يسبب مغصا في المعدة

اليس نحن بلاد الزيت والزيتون؟ لماذا نستخدم الزيوت النباتية المستوردة؟.

اليس نحن من نعتبر شجرة الزيتون شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء؟

انه مجرد سؤال اخر قد يكون تافها

الأحد، 3 أغسطس 2008

عائدة إلى عكا




"لو عكا تخاف البحر لما سكنت بجانبه"، هذا مثل شعبي فلسطيني قديم، يستخدمه الفلسطينيون، للإشارة إلى ما يعتبرونه شدة باسهم في مواجهة الاحتلالات التي تعرضت لها بلادهم، وربما يعود مصدره إلى صمود عكا واستعصائها أمام احدى العبقريات العسكرية التاريخية وهو نابليون، الذي انهزم أمام أسوارها، في مغامرته المشرقية.


ولكن عكا، التي استعصت على نابليون، سقطت في عام 1948 في قبضة العصابات الصهيونية، وأصبحت ضمن دولة إسرائيل، ولجا أغلبية أهلها إلى خارج فلسطين.


بعض أبناء الجيل الثاني من اللاجئين قرروا العودة إلى عكا، لتنفيذ عمليات فدائية، في ذروة صعود حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة، بعضهم وصل إلى عكا ليقع في قبضة سادة المدينة الجدد، والبعض لم يصل، وابتلعته مياه البحر المتوسط.


وبقيت عكا دائما، مثل باقي المدن والبلدات الفلسطينية التي أصبحت جزء من إسرائيل، وجعا حاضرا في الذاكرة الجمعية الفلسطينية، رغم ما جرى من تبدل على حلم العودة الذي يحمله الان ملايين الفلسطينيين في الشتات، ومعظمهم، ولد في البلاد التي لجا إليها أجدادهم.


وفي ظروف مختلفة، وبعد سنوات من النكبة، اصبح بإمكان من سكنه حلم العودة، وحصل على جواز سفر أجنبي، أن يعود لزيارة المنزل الذي سمع حكايته من الأهل، ولرؤية "الفردوس المفقود" كما كانت فلسطين المحتلة حديثا، تقدم في الأدبيات العربية والفلسطينية البكائية التي انتشرت اثر النكبة.


وفي حالات منفردة قليلة جدا، خطط البعض أن تكون فلسطين مكان قبره، بعد أن استحالت لتكون مكان عيشه، ونحن نعلم عن حالة واحدة على الأقل، هي حالة البروفيسور الفلسطيني المرموق إبراهيم أبو لغد، الذي خطط ليدفن في يافا، وهو ما تحقق له، في ظروف من التعقيد، والممانعة من قبل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك).


ولكن معظم الحالمين بالعودة الفردية، لا يمتلكون إصرار أبو لغد أو حتى رغبته، ويفضلون العيش والموت في بلاد يعملون بها وأصبحت موطنا لهم، وتوفر بعض الآمان الاقتصادي والاجتماعي في انتظار تحقيق حلم العودة الجماعية، الذي اقر وفق قرار شهير للأمم المتحدة، ولكنه لم يطبق منذ 60 عاما.


الأديبة الفلسطينية حنان بكّير، التي تعيش في المنفى النرويجي الان، بعد أن نشأت في لبنان، بعيدا عن مدينتها عكا، ما زالت تعيش تلك المدينة الفاتنة في أعماقها ونسمات جلدها، وروايتها الأولى كانت عن عكا وحملت عنوان "أجفان عكا" صدرت طبعتها الأولى في بيروت، والثانية في عكا نفسها عن مؤسسة الأسوار التي يديرها الكاتب يعقوب حجازي، أحد العرب الذين لم تستطع أية أمواج بحرية عاتية أن تقتلعهم من مدينتهم فبقوا فيها، يعيشون كأقلية الان بعد أن أصبحت المدينة تصنف بأنها "مختلطة" أي يعيش فيها عرب ويهود.


رواية حنان بكّير، سبقتها إلى عكا، مع استمرار حلمها بان تتمكن من زيارتها وزيارة فلسطين، وأملت في إحدى المرات، أن تصل إلى فلسطين، بدعوة من مؤسسة ثقافية فلسطينية عقدت مؤتمرا في رام الله، ومثلما يحدث مع أعمال مثل هذه المؤسسات فإنها دعت كل من ليس له علاقة بالأدب، وأمنت لهم الإقامة ومصروف الجيب، وتم استثناء بكّير، رغم إبداءها لرغبة شديدة في أن تكون تلك المناسبة التي أطلق عليها ثقافية، مناسبة شخصية لها لتصل إلى فلسطين.


واستمرت بكّير، في النرويج تعمل على كتابة روايتين، وأيضا تعمل لكسب عيشها من تعليم من يحب من النرويجيين تعلم اللغة العربية.


وأبدى تلامذة بكّير النجباء والمولعين باللغة العربية، وبحب فلسطين، رغبتهم في تقديم هدية لمعلمتهم، وكانت الهدية اكبر بكثير من توقعات المعلمة، ولم تكن سوى اصطحابها في رحلة إلى عكا وفلسطين.


نزلت بكّير وثلاثة من تلامذتها (يعقوب، ولورنس، وجوزفين) في القدس، لتكون منطلقا لهم إلى الأماكن التي سيزورونها وعلى رأسها عكا.


ذهبت بكّير، مع صحبتها إلى عكا، لترى منزل العائلة الذي بقي قائما بعد النكبة، ولكن تغير ساكنوه، وعندما اقتربت من الشارع الذي يقع فيه المنزل، طلبت من رفقتها، ومن بينهم دليلة لها في عكا، النزول لتختبر إذا كانت تستطيع تحديد موقع المنزل الذي عاش في خيالها.


نزلت بكّير وسارت في الشارع، وفجأة توقفت عندما تسارعت دقات قلبها فجأة، وقالت: هنا منزلنا، وكان كلامها صحيحا.


المنزل المغتصب تسكنه الان امرأة يهودية، تعيش فيه وحيدة، بعد أن فقدت أفراد عائلتها واحدا اثر الآخر، نتيجة الموت الطبيعي.


فكرة طرأت على ذهن بكّير فجأة وسألت اليهودية ساكنة البيت: أنا أيضا وحيدة، هل يمكن أن أعيش معك في نفس البيت.


ومثلما بدا السؤال عفويا، ومتسرعا، جاء الجواب من ساكنة المنزل كذلك: نعم تعالي لنعش سويا.


من الصعب على بكّير، العيش في هذا المنزل بهذه الطريقة التي طرحت عفوا، والتي تؤشر إلى مدى درامية حكاية كل فرد فلسطيني.


وهناك أسباب كثيرة لهذه الصعوبة، يمكن أن تتحدث عنها بكّير في مقالات عن رحلتها إلى فلسطين، أو تكون موضوعا لرواية جديدة لها، كما اقترح كاتب هذه السطور عليها، ولكن وسط الحروب والكوارث والماسي، تبرز مقاربات معينة وتبدو مدهشة لتحقيق حق العودة، الذي لم يتمكن المجتمع الدولي من إحقاقه، رغم الواجب الأخلاقي الذي قيد نفسه به من خلال عشرات القرارات الدولية المساندة للفلسطينيين.


واحتاجت هذه المقاربات دائما إلى شجاعة، ويمكن مثلا إدراج رواية (عائد إلى حيفا) للشهيد غسان كنفاني في مثل هذه الخانة، فكنفاني الذي كان قياديا في تنظيم قومي-ماركسي، كتب روايته عن فلسطيني عاد وزوجته إلى حيفا بعد حرب عام 1967، واحتلال كل فلسطين، ليبحث عن ابنه الرضيع الذي نسيه في أثناء اللجوء عام 1948.


ويجد العائد، الحافظ لكل طرقات حيفا، وكأنه تركها بالأمس، امرأة يهودية تعيش في المنزل، ترحب به وبزوجته بعد أن تعلم هويتهما، وتكشف لهما بان ابنهما الذي تركاه تربى يهوديا في كنفها، واصبح جنديا في الجيش الإسرائيلي.


وبشكل غير متوقع، واثار موجات من النقد لكنفاني لدى صدور روايته، يعطي هذا فرصة للمرأة اليهودية المغتصبة للمنزل وللابن، لتتحدث عن معاناتها من جراء النازيين، قبل الهجرة الى فلسطين.


ويخلص كنفاني، عبر بطل روايته إلى أن الإنسان قضية، بل هو القضية، ويتخيل كيف انه ابنه الذي لم يعد ابنه في الواقع، سيحارب في الجيش الإسرائيلي، ابنه الآخر الذي انضم إلى المقاومة.


مقاربة كنفاني لقضية العودة كانت في حينها على الأقل، في تناقض تام مع الخطاب القومي، والخطاب الوطني، والقومي-الماركسي، الذي كان سائدا لدى حركة المقاومة الفلسطينية، والجمهور العربي بشكل عام، ولكنه نجا من الاتهامات بالتخوين، أو التنازل عن المسلمات والحقوق، بسبب موقعه القيادي في تنظيم كان الأكثر راديكالية على الساحة الفلسطينية، من حيث الموقف من إسرائيل، وحتى من العرب الذين بقوا فيها وحملوا جنسيتها مرغمين، والان فانه ينجو بسبب موهبته الفذة، التي جعلته بحق مكسيم غوركي الفلسطيني.


وبعيدا عن الرؤية الفنية والروائية، فان مقاربة أخرى شديدة الواقعية، طرحها بشير الخيري، وهو ناشط ومناضل فلسطيني، يتبوا موقعا قياديا في نفس تنظيم غسان كنفاني.


يعيش الخيري في مدينة رام الله، التي لجأت إليها عائلته من مدينة الرملة، وفي سنوات الاحتلال الأولى، يقرر الشاب الخيري، زيارة الرملة، مع بعض أقاربه ليروا المنزل الضائع في المدينة التي شرد أهلها مع أهل مدينة اللد، في عملية كبيرة تكشف الوثائق عن التآمر العربي في تنفيذها بالتعاون مع العصابات الصهيونية.


يتمكن بشير الخيري من الوصول إلى المنزل، ويتعرف على ساكنيه، ومن بينهم واحدة يتبين فيما بعد كيف أن نزعات ضميرية تهاجمها بسبب معرفتها لحقيقة أنها تعيش في منزل مغتصب.


ويدور حديث بين الخيري والشابة اليهودية، وتتكرر الزيارات والحوارات، ويتم طرح الكثير من الحلول، حول مصير المنزل، ولكن أي منها لا يتعلق بإعادته إلى أصحابه الشرعيين لتعذر ذلك من نواح كثيرة.


 وسرعان ما تتوقف الحوارات، بين ابن مالك المنزل الأصلي، وابنة ساكن المنزل الجديد، لان سلطات الاحتلال تلقي القبض على بشير الخيري، بسبب عمله المقاوم، ويصدر بحقه سنوات حكم طويلة، ويستمر الحوار بين الاثنين هذه المرة عن طريق الرسائل، والموضوع الرئيس الذي يجمعهما هو المنزل.


وعندما يخرج الخيري، في منتصف ثمانينات القرن الماضي، في صفقة التبادل الشهيرة التي أبرمها احمد جبريل، تعود الحوارات حول مصير المنزل، وتنته مع اندلاع الانتفاضة الأولى التي اطلق عليها انتفاضة الحجارة، وإقدام سلطات الاحتلال على إبعاد الخيري إلى خارج الأراضي الفلسطينية، حيث يجد متسعا من الوقت لكتابة تجربته، التي نشرت بعناية خاصة من الناقد الفلسطيني فيصل دراج.


ولكن الخيري لم يملك موهبة غسان كنفاني في الكتابة، ولم يقدم نفسه في يوم من الأيام كأديب، فلم يحظى كتابه باهتمام في الأوساط الأدبية، رغم انه صاحب حكاية شديدة الدرامية، وكان كتابه اقرب إلى التسجيلية منه إلى العمل الأدبي.


ولم تنته قصة الخيري مع الإبعاد، فهو عاد إلى ارض الوطن، واعتقل خلال انتفاضة الأقصى الاخيرة، وترشح على قائمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الأخيرة، دون أن يحالفه الحظ، ففلسطين كانت قد تغيرت، وأصبحت اكثر يأسا وتشاؤما.


ومع ذلك بقيت مسالة المنزل المغتصب بدون حل، سواء كان منزل حيفا الطالع من ظروف نكسة عام 67 بعد نكبة 48، أو منزل الرملة الواقعي بعد ان وحد الاحتلال الارض الفلسطينية التي كانت مقسمة قبل ان تتقسم من جديد، وأخيرا منزل حنان بكّير في عكا، التي كانت يوما ما لا تخاف البحر.



السبت، 2 أغسطس 2008

كان للفلسطينيين قطار

 

في عام 1892، كانت القدس على موعد مع حدث تاريخي، وهو تدشين خط سكة الحديد بينها وبين مدينة يافا، التي كانت تشكل ما يمكن اعتباره البوابة البحرية للمدينة المقدسة.
وشكل بدء العمل في هذا الخطة قفزة نوعية ليس فقط في حياة مدينتي القدس ويافا، ولكن أيضا بالنسبة لكل بلدات فلسطين ومدنها، ويمكن أن يعطي الاهتمام الفلسطيني الشعبي بذلك الحدث، مؤشرا على تلك الأهمية البالغة التي شكها مد خط سكة الحديد تلك، والذي ظهر لدى تدشين الخط، حين توافد آلاف الفلسطينيين لرؤية وصول أول قطار الى القدس من يافا.
ولم تكن تلك الأهمية غائبة عن الجهات الرسمية، فشارك في حفل التدشين ممثلون عن الحكومة العثمانية في استنبول، وكبار المسؤولين والأعيان، وممثلون عن الدول الأجنبية، وكبار مسؤولي الشركة الفرنسية التي أنشأت خط سكة الحديد.
وبالاضافة الى ما أحدثه تدشين الخط الحديدي، الذي ربط عمليا بين الساحل الفلسطيني، والهضبة الفلسطينية الوسطى، التي تسمى الان الضفة، من نقلة في حياة الفلسطينيين، على صعيد سهولة الحركة والتنقل بين المدينة المقدسة ومدن الساحل، فانه كان له أثر مهم، على صعيد المستقرات البشرية التي يمر منها الخط الحديدي، واحداث مستقرات جديدة، وهو ما يمكن لمسه في جنوب-غرب القدس، خصوصا في سهل البقعة، الذي يقع بين جبل القطمون وخط سكة الحديد الحديثة، والذي تحول الى أحد أهم أحياء مدينة القدس، بعد تدشين خطة سكة الحديد، وفي هذه المنطقة أنشئت الأحياء العربية الأولى خارج أسوار المدينة المقدسة.
ومثلما احتلت العصابات الصهيونية، فلسطين، وعملت على تهويدها، ومنها حي البقعة، فان محاولات احتلال أخرى على صعد أخرى، ما زالت مستمرة، مثل المحاولة التي اقدم عليها متحف قلعة داود بالقدس المختص بتاريخ القدس من وجهة نظر أيدولوجية صهيونية، بالاستيلاء على جزء مهم من تاريخ فلسطين، والمرتبط اكثر من غيره بحداثة مدينة القدس، وهو الخط الحديدي العتيد.
وجاء ذلك في اصدار جديد للمتحف عن قطار القدس، حيث يتم تقديم قصة القطار الفلسطيني، بشكل آخر مختلف، وكأنه ليس للفلسطينيين علاقة به.
واشرف على الكتاب المصور الذي أصدره المتحف، نخبة من سياسيي وأكاديميي اسرائيل، من بينهم رئيس بلدية القدس الاسرائيلية يوري ليبولينسكي.
ويربط الكتاب، بين النشاط اليهودي الحثيث، والذي لم يظهر وجهه الصهيوني آنذاك، خصوصا في القدس، منتصف القرن التاسع عشر، والتطورات التي حدثت في المدينة، والتي توجت أخيرا بانشاء خط سكة الحديد.
ويرصد الكتاب زيارات لكبار الشخصيات الصهيونية للقدس، التي كانت تصل عبر القطار، مثل البارون ادموند روتشيلد، أو وصول أفواج جديدة من المهاجرين اليهود.
وعندما يظهر الكتاب صورا لفلسطينيين، فان ذلك يتم بوجود يهودا في نفس الصورة، يظهر فيها اليهود كمتمدنين، أما الفلسطينيون فيبدون وكأنهم جزء من فلكلور يشكل خلفية لنشاط المستوطنين اليهود الأوائل.
وفي الصورة التي يقدمها الكتاب للقطار الفلسطيني، بأنه مرتبط بالوجود اليهودي الصهيوني في فلسطين، لا يتورع حتى عن نشر صور التدمير الذي لحق بمحطات للقطار على يد العصابات الصهيونية، إبان الانتداب البريطاني، ففي النهاية كل ما يتعلق بالقطار من تدشين وحركة بشرية ونقل بضائع ووصول ضيوف واعمال ارهابية، هو ذو طبيعة يهودية صهيونية، وتنظر اليه اسرائيل الان كجزء من تاريخها.
وبعد عام 1948، تحولت سكة الحديد، في المناطق التي تمر منها، الى خطوط الهدنة، وبعد هذه العام يبرز الكتاب المرحلة الجديدة من تاريخ القطار، وتدشين خطه من جديد على يد دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل.
ومنذ الاستيلاء الفعلي على قطار الفلسطينيين، لم تتوقف عمليات سرقة تاريخهم، وآخرها، محاولة سرقة متحف قلعة داود الأخيرة، التي تناهضها أية قراءة موضوعية لتاريخ قطار القدس-يافا، ومن بينها الصور التي ننشر بعضها مع هذه السطور.
وبينما كانت ادارة متحف القلعة تصدر كتابها عن قطار القدس، كان هناك في حيفا باحث شاب هو الدكتور جوني منصور، يسعى وراء اكمال بحثه عن الخط الحديدي الحجازي، الذي أصدرته مؤخرا مؤسسة الدراسات المقدسية (شقيقة مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت) تحت عنوان (الخط الحديدي الحجازي: تاريخ وتطور قطار درعا-حيفا).
وقدم الناشر تعريفا للكتاب، باعتباره "دراسة تاريخية مفصلة للخطوط الحديدية عامة في البلاد السورية وفلسطين، والخط الحديدي الحجازي خاصة، مع التركيز والتشديد على الخط الفرعي درعا-حيفا، والدور الذي لعبه في النهوض بالاقتصاد والعمران والادارة والسياحة في فلسطين".
ومن اجل انجاز دراسته الرصينة، اعتمد منصور على مصادر متنوعة، لاحقها في عدة بلدان، من بينها العاصمة الأردنية عمان، للاطلاع على المستندات والوثائق والدراسات الخاصة بالخط الحجازي في مقطعه الأردني، ومتحف وأرشيف القطار في حيفا، وكذلك اعتماده على وثائق تركية حول الخط الذي سعت اليه الامبراطورية العثمانية والشمس تغرب عنها، لمحاولة مساعدة نفسها وانقاذها من مصير محتوم، ولكن تأثيرات الخط انعكست على ميادين كثيرة في حياة البلاد السورية آنذاك.
ومهد منصور لدراسته، بفصل عن (المواصلات في عالم متغير-القطارات نموذجا)، تطرق فيه الى بدايات الخطوط الحديدية ومساهمتها في تذليل الصعوبات في عملية نقل الحمولات وشحن البضائع، وآخر عن الخطوط الحديدية في الدولة العثمانية، والمواصلات في البلاد السورية في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، عندما كان التاجر يحتاج الى 12 يوما لقطع المسافة بين دمشق ويافا، معتمدا الدواب.
وتوقف منصور عند انشاء سكة حديد يافا-القدس، الذي بلغ طوله 87 كيلو مترا، وكانت سكة ضيقة مقارنة بالمقاييس المعمول بها في اطار انشاء ومد وتشغيل القطارات عالميا.
ويتطرق منصور الى أدوار لاعبين كثر في تاريخ خطوط سكة الحديد في فلسطين والبلاد السورية، مثل عائلة سرق البيروتية، التي حصلت على أول امتياز لمد سكة حديد من عكا الى دمشق عام 1882، وكان الهدف من هذا المشروع نقل محاصيل الحبوب من حوران الى أوروبا، عبر ميناء بحري مركزي، وهو ما يخدم مصالح العائلة الاقطاعية التي كانت، والسلطان عبد الحميد، يملكان معظم اراضي مرج بن عامر الخصبة، التي تسربت في النهاية الى طلائع المستوطنين اليهود.
ويخصص منصور جزء مهما من بحثه لمشروع سكة حديد الحجاز، وأهميتها البالغة آنذاك محليا واقليميا، ويبحث تفصيليا في خط درعا-حيفا، واستفادة المستوطنين اليهود من هذا الخط لتعزيز وجودهم في فلسطين.
ويضمن منصور كتابه، كثيراً من الوثائق والصور التي حصل عليها من ارشيفات متعددة، خلال رحلة بحثه، بالاضافة الى صور التقطها بنفسه، من بينها صورة لقطعة معدنية مزخرفة تحمل نقشا للقطار وهي ضمن درابزين النصب التذكاري لمحطة القطار الحديدي الحجازي في حيفا، والتي تبدو كأنها خارجة من زمن آخر، عندما يرى المرء النقش عليها الذي يشير الى أنها من صنع معمل عرداتي وداعوق في بيروت، كان ذلك في زمن لم تكن فيه مسافات بين مدينتي البحر الأبيض المتوسط.

http://www.alhayat-j.com/details.php?opt=3&id=70936&cid=1233