أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 29 فبراير 2008

عماد مغنية الوجه والظل: العميل (ز) و"التمام الأخير" (2-3)

12.jpg

في العام 2002، عيّن أرئيل شارون، مئير دغان، رئيسًا للموساد، الذي وجد أمامه عدة مهام، واجبة التنفيذ، من بينها التخلص من عماد مغنية، وهو هدف لم يكن سريًا. ففي العام 2004، أوردت صحيفة يديعوت أحرنوت، مثلاً، قائمة بما أسمتها إخفاقات دغان، كان من بينها عدم تمكنه من إغتيال مغنية. وإتضح الآن، بأن دغان كان هو الرجل المناسب لتنفيذ المهمة، حيث جاء إلى منصب الرجل الأول في الموساد مسلحًا بخبرته مع الملفين الفلسطيني واللبناني. وفي العام 1980، عيّن دغان قائدًا لمنطقة جنوب لبنان في الجيش الإسرائيلي، وخلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982، أصبح دغان قائدًا لوحدة المدرعات في تلك الحرب، ثم رئيسًا لوحدة التنسيق، والتي تولت مهامًا استخبارية. وخلال منصبه هذا، نسج علاقات واسعة مع بعض الأطراف اللبنانية السياسية، وجند عددًا غير معروف من العملاء الفلسطينيين واللبنانيين. وقبل ذلك بزمن بعيد، قاد وحدة استخبارية لتصفية نشطاء المقاومة في قطاع غزة، بعد حرب حزيران (يونيو) 1967، وحقق نجاحًا ملفتًا الى جانب صديقه شارون.

دغان والعملاء

 ويتذكر المحلل العسكري يوسف الشرقاوي، في الجزء الثاني من حديثه لـ "إيلاف"، نشاط دغان الاستخباري ويقول "كان مائير دغان الذراع الأمني لارئيل شارون في جنوب لبنان وهو أشرف شخصيًا على تجنيد عدد من العملاء، وعرفنا ذلك من خلال اعترافات بعض هؤلاء، وكان دغان يتدخل في تفاصيل التفاصيل، وفي علاقات العملاء مع بعضهم البعض، وحياتهم الشخصية".

ماذا تذكر من أساليب دغان في العمل مع العملاء في تلك الفترة؟
أظهر دغان نشاطًا غير معهود، ومن خلال اعترافات عدد من العملاء الذين ألقي القبض عليهم، نستطيع أن نستنتج، بأن دغان كان حذرًا جدًا، فمثلاً عندما يستدعي الموساد أي عميل من لبنان إلى إسرائيل، خاصة عن طريق البحر، كان رجال الموساد يحتفظون بغيار العميل الداخلي ويطلبون منه قبل النزول إلى البر عند العودة أن يستحم بمياه عذبة، خوفًا من الوقوع ولو بثغرة أمنية واحدة، لأنهم يفترضون بأن عميلهم مراقب، وخوفًا من تذوق جسمه بوساطة اللسان بعد غيابه، واكتشاف رائحة البحروطعمه فيه. واستخدم دغان أسلوبًا، لزرع الثقة في عملائه، فحين كان يغيب أحدهم فترة، ويتم سؤاله من قبل فصيله أين كنت؟، كان يجيب متهكمًا: في تل أبيب..!، وهو أسلوب استخدم لإبعاد الشبهة عن العميل، وهو ما كان يستخدمه أيضًا العميل الشهير عدنان ياسين الذي عمل في مكتب محمود عباس (ابو مازن) في تونس، وكان يستقبل أعضاء منظمة التحرير الذين يصلون تونس، ويطلب من الواحد منهم عدة صور، جميعها لترتيبات الإقامة ولملفات منظمة التحرير إلا واحدة كان يقول ياسين بثقة إنها للموساد، وهو ما تبيّن انه صحيح فيما بعد.

*كيف كان دغان يختار العملاء؟
-كان جهاز الموساد يبحث عن أشخاص لديهم غطاء تنظيمي، ومحميين، من فصائل فلسطينية، أو من أجهزة امنية فلسطينية، ومن العاملين فيها، وأيضًا كان الزعران والقتلة، من المرشحين للتجند في صفوف الموساد. وأستطيع القول إن دغان حقق نجاحات في هذا الجانب، وتمكن من تصفية ما تبقى من مجموعة القائد الفلسطيني وديع حداد، في منطقة صيدا، وآخرهما: زاهر ومحمود المجذوب، وكلاهما من المقربين لحداد، وأيضًا كانا من أصدقاء العميل (ز) الذي يفترض انه يعيش الآن في كندا. وتمكن دغان قبل أربع سنوات، من قتل خضر سلامة (أبو الحسن) الذي كان يد عماد مغنية اليمنى، وفي صيدا أيضًا. كان أبو الحسن، رجلاً عسكريًا، وضابطًا مقدامًا جدًا، وكان الجاسوس (ز) يعرفه جيدًا، مما يطرح تساؤلات عن دوره في مقتله، ولا استبعد أيضًا أن يكون له دور في اغتيال عماد مغنية نفسه.

العميل (ز)

*كيف تربط بين الجاسوس (ز) واغتيال مغنية؟
-خلال حرب تموز، اظهر جهاز الموساد، فشلاً أمنيًا مريعًا وذريعًا، وجميعنا نذكر مثلاً إنزال بعلبك، الذي كان الهدف منه خطف عضو مجلس الشورى في حزب الله الشيخ محمد يزبك، الذي كان يتولى التنسيق بين إيران وحزب الله، وكما تبين فإن الإنزال الإسرائيلي تم بناء على معلومات مغلوطة حول تحركات الشيخ يزبك، وهو ما يعتبر فشلاً للموساد ولعملائه، وتكرر الفشل أيضًا في عملية الشبريحة، وبرأيي أن الفشل الأكبر للموساد، هو عدم معرفته بالأسلحة التي بحوزة حزب الله، والتي تمكن بوساطتها من تدمير البارجة في البحر، واعطب الدبابات الإسرائيلية، ولو لم يفعل ذلك لوصلت هذه الدبابات إلى الضاحية الجنوبية. هذا الفشل الذي واجهه الموساد، جعل دغان، يفتش في دفاتره القديمة، واعتقد انه ربما استعان بالجاسوس (ز) الذي كان يعرف عماد مغنية جيدًا ويتردد عليه، وربما كان دور (ز) تنفيذًا لِما يسمى بـ "التمام الأخير" أي تأكيد تشخيص هوية مغنية، قبل اغتياله، وهو أمر متبع لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والعالمية، وهو ما حدث مثلاً مع كارلوس، الذي كان يتردد على النادي الدبلوماسي في الخرطوم، وتم استدعاء عملاء سابقين نشطوا وسط المقاومة الفلسطينية، وعرفوا كارلوس جيدًا، وأكدوا هويته، قبل خطفه وترحيله إلى فرنسا. واميل إلى الاعتقاد، أن أمرًا مشابهًا حدث مع الجاسوس (ز) في ما يتعلق باغتيال عماد مغنية.

*ما هي المعلومات المتوفرة لديك عن من تسميه العميل (ز)؟
-هو شخص كان نشيطًا في صفوف المقاومة الفلسطينية، وعرف عماد مغنية وآخرين من المقربين إليه، مثل الذين ذكرتهم سابقًا عن قرب، وفي عام 1992، كشف جاسوس لإسرائيل اسمه فتحي، فجاء (ز) بعد أن شعر بالخوف واعترف بأنه يعمل لصالح الموساد. والان أتذكر كيف أن (ز) الذي كان يظهر إخلاصًا للمقاومة، امتاز بكثير من ميزات العملاء، مثل التعصب المبالغ فيه، وافتعال المشاكل مع الفصائل الأخرى، مثلما افتعل اشتباكًا بين مجموعة من فتح وأخرى من الجبهة الديمقراطية في منطقة الصرفند، وقتل بنفسه ثلاثة من عناصر الديمقراطية.

من الجزائر إلى الدانمارك

*بعد إلقاء القبض على (ز) ماذا فعلتم به؟
-أرسلناه إلى سجن في الجزائر، بمساعدة الجزائريين، وفي عام 1997 التقيته في سجنه في الجزائر، وسألته كيف تم تجنيده من قبل الموساد، فقال لي إنه ذهب يستطلع مقر الحاكم العسكري في صيدا، ودخل هذا المقر ليلتقي أحد أقربائه الموقوفين، فعرض عليه الموساد العمل جاسوسًا، ولكن اظن ان روايته فيها الكثير من الثغرات، وعلى الارجح فإنه لم يكشف عن قصته كاملة مع الموساد.
 
*إلى أي سنة بقي في السجن؟
-أنا رأيته في السجن في عام 1997، وعندما سالت عنه لاحقًا قيل لي بأنه افرج عنه ورحل إلى الدانمارك، وهناك احتمال بأنه عاد للعمل مع الموساد، ومما يزيد من احتمال ذلك، نجاح الموساد بقتل خضر سلامة، ذراع مغنية، كما أشرت سابقًا، لأن (ز) كان على علاقة وثيقة به.

*لماذا ترجح أن يكون لـ (ز) علاقة بقتل مغنية في دمشق؟
-هذا الجاسوس يعرف مغنية بشكل جيد جدًا، ولا أظن أن الموساد، يمكن أن يترك أي خيط يمكن أن يوصله إلى مغنية ويتركه، وهذا ما يجعلني اعتقد بأنه تم استدعاء (ز) في وقت ما من الدانمارك، وتم الاستفادة منه، على الأقل في تشخيص هوية مغنية.

*هل تعرف المنطقة التي قتل فيها مغنية جدًا، وبتقديرك كيف يمكن اختراق هذه المنطقة التي قيل بأنها أمنية؟
_انها منطقة كفر سوسة، اعرفها جيدًا، وفي الواقع إن كل سوريا هي "منطقة أمنية"، ولكن لا شك أن هناك مناطق أمنية اكثر من غيرها، وفي ما يتعلق بالمنطقة التي اغتيل فيها مغنية، يمكن القول إنه كانت هناك سيطرة أمنية بنسبة بنسبة 95% ولكن توجد ثغرة بنسبة 5% يمكن أن يتسلل منها القتلة.

*هل تعتقد أن الأمن السوري مخترق أو متورط في الاغتيال؟
-لا أظن ذلك، ولا تتوفر لدي معلومات، وإن كان لا يجب اهمال أي احتمال، أنا اعتقد بأن دغان درس عملية اغتيال مغنية واعد لها جيدًا، ولم يكن تعيينه عام 2000 على راس جهاز الموساد، من باب العبث أو الصدفة، لقد عينه شارون، وهو يعرف قدرات وتاريخ دغان جيدًا، وها هي الثمار تظهر أخيرًا بقتل مغنية.

بين عياش ومغنية

*لماذا تم اختيار سوريا لقتل مغنية وليس لبنان بتقديرك؟
-ربما أرادت إسرائيل التشكيك بالسوريين، وبقدراتهم الأمنية، او لتعريضها لاتهامات بقتل مغنية، وهو ما تحدثت به بعض اقطاب الموالاة في لبنان، وإظهار سوريا كمنطقة مكشوفة أمنيًا للإسرائيليين، كما حدث في الغارة على دير الزور، وقبلها، بقتل أحد كوادر حماس، والتحليق فوق القصر الرئاسي في اللاذقية، والاغارة على موقع تدريب فلسطيني، ولكن أيضًا علينا أن نتذكر بان الموساد فشل باغتيال مغنية في لبنان، واشير هنا إلى عملية الاغتيال التي ذهب ضحيتها شقيقه بدلاً منه، وعمومًا فإن الموساد ما كان ليضيع أي فرصة للتخلص من مغنية، سواء كان في سوريا أم لبنان أم أي بلد أخر في العالم.

*حادث اغتيال مغنية في دمشق، أثار عدة أسئلة حول الإجراءات التي يتخذها لضمان أمنه، أين كان حراسه مثلاً؟
-لم يكن عماد مغنية يعتمد على حراس شخصيين، ولكنه يعتمد على ذاته، ولم يكن يمكث في مكان فترة طويلة، وعلينا أن ننتظر نتائج التحقيق الذي أعلن عنه، كي تكشف أبعاد ما حدث أو على الأقل جزءًا من الصورة.

*هناك من يحاول ألا يتهم الموساد بعملية الاغتيال، كيف ترى الأمر أنت؟
-البيان الذي أصدره مكتب اولمرت بعد حادث الاغتيال، نافيًا مسؤولية إسرائيل، لم يكن مقنعًا لأحد، حتى للإعلام الأميركي مثل مجلة النيوزويك الشهيرة، ويمكن أن نرى بصمات الموساد في عملية الاغتيال، ونقارن بينها وبين عملية اغتيال المهندس يحي عياش، الذي تم استبدال هاتفه بوساطة أحد العملاء وزرع عبوة ناسفة داخله، وتفجيرها عن بعد، أما في حالة مغنية، فما سمعناه انه تم استبدال مسند رأس مقعد السائق، بآخر مفخخ، وتفجيره عن بعد. هناك من راقب، ومن تسلل إلى السيارة، واستبدل مسند الرأس بآخر طبق الأصل، وهناك من شخّص عماد مغنية، وهناك من ضغط على الريموت كونترول.

في الحلقة الثالثة والأخيرة
احمد الحلاق الذي فشل في إغتيال مغنية


http://65.17.227.80/ElaphWeb/Politics/2008/2/308165.htm

هناك 3 تعليقات:

  1. thank you for the informations

    ردحذف
  2. لا يزال لدى حزب الله الالاف من المجاهدين كعماد مغنية

    ردحذف
  3. السيد علي:
    نامل ذلك

    ردحذف