أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 2 يناير 2008

60 عاما على اكتشاف مخطوطات البحر الميت

يعتبر محمد حمّاد، الشاهد الوحيد الباقي على قيد الحياة، على قصة اكتشاف مخطوطات البحر الميت في خربة قمران المطلة على البحر الميت، وهو الاكتشاف الأثرى الذي اعتبر واحدا من أهم الاكتشافات الأثرية من القرن العشرين، الذي من شأنه أن يعيد النظر في تاريخ البشرية المعروف، أو على الأقل فيما يتعلق بما يعرف الآن بالشرق العربي: أرض الديانات والرسل والملائكة..!، حسب التقديرات المتفائلة لذلك الكشف، الذي ما زال يثير الجدل حتى الآن.



وتقدم المخطوطات صورة عن مجتمع طائفة الاسينيين الاشتراكية التي عاشت في قمران، ومناطق أخرى في صحراء البحر الميت تم العثور فيها على المخطوطات، مثل خربة مرد.

وفي الذكرى الستين لاكتشاف المخطوطات في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، بدأت دولة الكيان الصهيوني احتفالات على طريقتها بالمخطوطات التي آلت إلى سيطرتها الكاملة بعد احتلالها لما تبقى من الأراضي الفلسطينية عام 1967.

وقبل ستين عاما تمكن حماد، مع رفيقه محمد الذيب، الذي توفي قبل سنوات في أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، من العثور على المخطوطات التي ما زالت محل دراسة في أنحاء مختلفة من العالم، وسط اتهامات من باحثين مستقلين للدولة العبرية باحتكار ما لديها من مخطوطات والتلكؤ في الكشف عن مضامينها كاملة.


وفي حديث مع مؤسسة فلسطين للثقافة، يشعر حماد بالأسى الآن، أكثر من أي وقت مضى، لما يسميه اللامبالاة بشأن المخطوطات التي تضع حكومة الاحتلال يدها عليها، من قبل العالم العربي، ومن وسائل إعلامه، وهو الذي يستقبل بانتظام باحثين وصحافيين وإعلاميين أجانب ما زالت تشكل قصة المخطوطات محفزا للكتابة أو صنع أفلاما تسجيلية عنها.



وبعد مرور ستين عاما، أصبح حماد عجوزا، وهو الذي يشار إليه مع رفيقه محمد الذيب، في الكتب التي تحدثت عن هذه المخطوطات والتي تجاوزت الثلاثة آلاف دراسة بمختلف اللغات، بالولدين البدويين اللذين عثرا على المجموعة الأولى من المخطوطات التي أطلقت حملة بحث واسعة في قمران، المرتفع الجبلي الأخاذ الذي يقع البحر الميت عند أقدامه.

ما زال حماد، يحمل في روحه جذوة ذلك الصبي الراعي الذي قادته مع رفيقه الذيب إلى قمران عام 1947م، والكشف عن المخطوطات المثيرة .

وبعد الاحتلال عام 1967م، تحولت قمران، إلى معلم سياحي هام تحت السيطرة الصهيونية، ووضع المحتلون الجدد سيطرتهم على المتحف الفلسطيني بالقدس المعروف باسم (متحف روكفلر)، ونقلوا مخطوطات البحر الميت، وأثار أخرى هامة من هذا المتحف إلى متحف الكتاب في القدس الغربية، علما بان متحف روكفلر في القدس الشرقية ما زال تحت سيطرة الاحتلال أيضا.


وأسست سلطة الآثار الصهيونية في عام 1990، لجنة من العلماء لنشر نصوص المخطوطات برئاسة البروفيسور إيمانويل توف، من الجامعة العبرية بالقدس، وضمت في صفوفها العشرات من العلماء من مختلف أنحاء العالم، وأعلنت في عام 2001، أنها أكملت عملها، وتم الاحتفال بذلك في مقر رؤساء الكيان العبري، وبحضور الرئيس الصهيوني.


ولم يمنع ذلك من أن تظل المخطوطات حتى الآن مثار جدل واسع، يبرز بين كل سنة وأخرى، خصوصا وأن حكومات الاحتلال المتعاقبة متهمة من قبل البعض بعرقلة الكشف بشكل كامل عن مضمون المخطوطات.


وفي حين اعتبر باحثون ذلك، محاولة لإخفاء حقائق جديدة عن فترة نزول الكتاب المقدس والديانة المسيحية والتاريخ اليهودي في فلسطين، كان باحثون صهاينة يبررون ذلك بأن العمل في المخطوطات لم ينته بعد.


وعشية اتفاق أوسلو عام 1993، أطلقت حكومة الاحتلال حملة بحث واسعة في صحراء البحر الميت عن مخطوطات جديدة، وأسمت الحملة (البحث عن الدرج) أي المخطوطة أو الملف.


ونظمت خلال السنوات الماضية معارض في مختلف أنحاء العالم، تضمنت قطعا أثرية من التي تم العثور عليها في أثناء الحفريات التي لم تتوقف حتى الآن في خربة قمران، ومن بينها معرض مستمر في واشنطن منذ عدة سنوات.


وإذا كانت المخطوطات ما زالت تثير جدلا خصوصا حول ما يمكن أن تقدمه من إعادة النظر في تاريخ الأديان المعروف، فإنه غاب في حومة هذا الجدل الذي لا ينتهي حتى يبدأ، الظروف التي عاشها أفراد طائفة الاسينيين أصحاب المخطوطات في مجتمعهم الاشتراكي في تلك المنطقة المقفرة على ضفاف أخفض بحيرة في العالم.


ويقدر الآن للمتابعين معرفة بعض الأدوات التي استخدمها الاسينيون الذين انقطعوا للعلم وتحصيل المعرفة والكتابة التي وصلتنا على شكل مخطوطات من الجلود أو الصفائح النحاسية وغيرها، من خلال معرض تستضيفه مكتبة الكونغرس في واشنطن.


ويهدف المعرض الذي يضم قطعا من المخطوطات والأدوات التي عثر عليها أثناء البحث في قمران والكهوف المحيطة بها، إلى زيادة فهم الزوار للفترة المضطربة التي نسخت فيها المخطوطات.


ونظم المعرض بالتعاون مع سلطة الآثار الصهيونية، وافتتح بعد أن أعد له جيدا في حزيران (يونيو) 1993، ووضع إلى الشبكة العنكبوتية في نيسان (ابريل) 1996.


وفي حين يحظى المعرض باهتمام الباحثين من مختلف دول العالم وكذلك المتابعين والمهتمين، إلا انه لا يلاقي نفس الاهتمام من الباحثين العرب لأسباب غير مفهومة، مع أن الأمر يتعلق بفترة مهمة من تاريخ المنطقة، تأثيرها ما زال طاغيا حتى الان.


ويضم المعرض الذي يكشف عن جوانب من واقع مجتمع الاسينيين، جرار فخارية، قسم منها حفظ المخطوطات وسط تلك البيداء الجافة، حتى وصلتنا بفضل محمد الذيب ومحمد حماد.


وحين عرض مراسلنا على حماد صورا لنماذج الفخاريات من معرض مكتبة الكونغرس استطاع التعرف على بعضها والتأكيد على أنه عثر عليها في خربة قمران.



ولفتت انتباه حماد بشكل خاص الجرار، وهي ذات شكل أسطواني، ولم تكن معروفة في أي مكان آخر غير قمران، ولم تكشف الحفريات الأثرية عن جرار مثلها، ويعتقد العلماء أنه صنعت محليا من قبل الاسينيين في قمران.

وعثر على أدوات فخارية متعددة مثل الدوارق والقوارير الصغيرة والأواني والأطباق والسلطانيات والمزهريات، مما جعل العلماء يصفون ما عثر عليه في هذا المجال بأنه كنز أثري، ويميلون إلى الاعتقاد بأن قمران ربما كانت مركزا إقليميا متقدما لصناعة الفخار.

ويضم المعرض المثير منسوجات، عثر عليها في أحد كهوف قمران في ربيع (نيسان) 1949، وأثار وجود بعض هذه المنسوجات مخفية مع المخطوطات، التساؤلات لدى العلماء إذا كان الاسينيون استخدموها ليس فقط في اللباس وإنما أيضا ضمن تقاليد أخرى مثل طقوس الدفن.


وعثر أيضا على قطع أقمشة، غطيت بها الجرار، ونسجت بطريقة معينة دقيقة، وكذلك على سيور جلدية متعددة الأشكال، ومتعددة الاستخدام.


ومن الأدوات المعروضة قطع خشبية نادرة، وسهلت بعض السلطانيات، والصناديق، وإطارات المرايا، المصنوعة من الخشب على الدارسين الوقوف على أساليب مهنة النجارة القديمة.


ويتبين من خلال المعرض نوعية الأمشاط التي استخدمها الاسينيون، التي صممت لتصفيف الشعر بطريقة تضمن أيضا تنظيفه من أي أشياء غريبة، وتشبه شكل هذه الأمشاط مثيلاتها التي كانت شائعة في العالم العربي خصوصا في الأرياف حتى سنوات خلت.


وعثر على مصابيح في قمران، تشبه الأنواع التي عثر عليها في مواقع أخرى مثل ما يعرف بالحي اليهودي بالقدس القديمة، ويطلق على هذا النوع من المصابيح اسم (مصباح هيدريان) التي تعود لفترة الإمبراطور الروماني هيدريان، المؤثر في تاريخ القدس.


وعثر في أحد المصابيح على ألياف من النخيل شكلت فتيلته، وكأنه معد حديثا للإيقاد، ومن سعف النخيل صنع الاسينيون سلالا وحبالا، مستفيدين من تقنية الضفر الشائعة في العصر الروماني، وربما المستمر حتى الآن.


ويعتقد بأنه في أوقات الشدة تم استخدام الحصر المصنوعة من النخيل في تغليف بقايا الموتى، لإعادة دفنهم في منطقة مضطربة شهدت تمردات وثورات عديدة. 


ومن المعروضات زوج صندل ظريف، يعتقد أنه من نوع كان شائعا في تلك الفترة، لأنه وجد مثله في مواقع أخرى في فلسطين مثل قلعة مسعدة.


ونعل الصندل مصنوع من ثلاث طبقات من الجلد، وشكله لا يختلف كثيرا عن أنواع ما زالت مستخدمة حتى الآن.


ويتضمن المعرض نماذج من عملات معدنية وفضية، وبعضها غير معروف إنه استخدم في قمران، مما جعل العلماء يعتقدون بأنه عندما كان ينضم أعضاء جدد لطائفة الاسينيين كانوا يسلمون ما معهم من نقود، التي تودع في خزينة عامة، وبعض الأموال عثر عليها تحت الأبواب، وهي ممارسة شائعة في العصور القديمة.


ويثير المعرض من جديد الألغاز عن طائفة الاسينيين التي قدمها العلماء كطائفة دينية متقشفة يعيش أفرادها بشكل جماعي، يأكلون الطعام المعد من مطبخ الطائفة، ويعملون في نسخ المخطوطات في قاعة المكتبة.


وحسب بعض التقديرات فان الأدوات التي عثر عليها في الموقع ربما تناقض نظرية التقشف عن حياة الاسينيين، ولكن تقديرات أخرى ترى انه لم يكن بإمكان أفراد الطائفة العيش كجماعة منبوذة دينيا منقطعة للكتابة والتأليف دون أن يكون لديها احتياطا ماليا وفيرا.


وبمناسبة الذكرى الستين لاكتشاف المخطوطات، تعود التكهنات والأسئلة لتثار من جديد، حول طائفة الاسينيين، بينما قررت سلطة الآثار الصهيونية تشكيل لجنة دولية، لحفظ المخطوطات، بأنسب طرق الترقيم والحفظ، مكونة من عشرة خبراء عالميين، من مختلف ميادين التصوير الفوتوغرافي، والتكنولوجيات الرقمية، وإدارة مشاريع قواعد البيانات.


وبهذه المناسبة الهامة، عقد في القدس، مؤتمرا في الفترة ما بين 4-7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، حول هذه المواضيع، ونشرت سلطة الآثار الصهيونية نتائج الحفريات في قمران خلال الأعوام 1993-2004، مع الخرائط والصور.


ومقابل هذا الاهتمام الصهيوني، فإن النظر للمخطوطات من قبل أصحابها الأصليين الفلسطينيين والعرب، ما زال يكتنفه عدم الاهتمام والغفلة، منذ أن تم الكشف عنها، في الأرض الفلسطينية.


ولم تبادر أية جهة فلسطينية، خلال المفاوضات الطويلة مع الصهاينة، الى المطالبة بالمخطوطات، وكذلك لم تفعل الحكومة الأردنية، التي كانت القدس والمتحف الفلسطيني تحت سيطرتها لدى وقوع الاحتلال عام 1967، ووضع الاحتلال يدها على المخطوطات.



http://www.thaqafa.org/Main/default.aspx?xyz=BOgLkxlDHteZpYqykRlUuI1kx%2fVDUOFoUGywCJ7jZIi4zCLW%2fd90D6jJpNhH6lF7jS00vcM1LAAlbOQXwZEqvEV085FokWRmYFM%2fTS0%2fDeSY%2bRWzIbxCuAZh0EDGOUoSKXGkVga0AMg%3d

هناك 30 تعليقًا:

  1. هل ما نأخذه في مدارسنا صحيح عن المخطوطات وعن ما بداخلها
    وعن سفر اخنوخ وسفر عزرا اريد جواباً رجاءً
    وشكراً لكم ولجميع القائمين على هذا الموقع

    ردحذف
  2. الاخ العزيز
    تتضمن المخطوطات اسفارا من العهد القديم وغيرها من وثائق تخص طائفة الاسينيين
    وعموما اعتقد بانها تحتاج الى وجهة نظرة ثالثة مستقلة وعملية ومحايدة بين وجهة النظر الاسرائيلية المنحازة، ووجهة النظر العربية التي تعتمد على السماع..وليس على البحث الحقيقي الميداني

    ردحذف
  3. لقد بحثت في تاريخ الإسينيين وعقيدتهم ومخطوطاتهم المترجمة للإنكليزية, ووصلت إلى أن المركز الرئيسي لهم كان دمشق وما أصبح لاحقا يسمى الجامع الأموي. وأقرب عقيدة دينية حية لإتجاه الإسينيين الديني هي عقيدة التوحيد (الدروز).

    ردحذف
  4. راي يستحق النقاش والمتابعة
    احييك على جهودك والى الامام

    ردحذف
  5. شكرا لك لهذه المعلومات القيمة
    وامل ان تتابع بحثك في هذا الموضوع

    ردحذف
  6. بحث ممتع ارجو ان يفيد القراء
    شكرا لك

    ردحذف
  7. لقد لفت نظري في البحث الذي كتبه ابن زاهدي الكلمة المكتوبة باللاتينية (Heguh) , هذه التسمية واردة عند الموحدون الدروز (الحُجّه) والمقصود فيها (العقد , أو المعاهدة ) التي كتبها على نفسه كل مؤمن بينه وبين ربه منذ بداية الكون , وهذه الحُجّه سيجدها كل إنسان أمامه يوم القيامة حيث سيحاسب على أعماله على مر الأجيال التي مرت بها رحلة روحه الدنيوية.
    درزي غير متدين

    ردحذف
  8. انا سعيد بهذا النقاش والمعلومات الجديدة
    شكرا لك ايها الاخ

    ردحذف
  9. مداخلاتك تضيف الكثير لكن لماذا لا تكتب باسمك الصريح
    ان الكتابة باسم مستعار يقلل من مصداقية الكاتب لدى القراء

    ردحذف
  10. شكراً لهذه الملاحظة, إسمي الحقيقي هو سامي , والإسم الذي أنشر تحته بحوثي وكتاباتي هو ليس مستعاراً , لقد عشت معه منذ طفولتي وأحبه كثيراً. زاهدي هو اسم والدتي رحمها الله , والجميع كان يطلق عليّ ابن زاهدي منذ صغري فقررت الإستمرار عليه تكريماً لها واستمراراً لما تعودت عليه منذ نعومة أظافري.

    ردحذف
  11. زين ما فعلت يا ابن زاهدي
    انا ايضا فعلت شيئا مشابها وان لم يكن بمثل خطوتك الثورية
    فاسميت مدونتي على اسم جدتي التي لا اعرفها والتي شردت من قريتها وتوفيت بعد اشهر من النكبة في مخيم للاجئين في اريحا
    مات هندة شهيدة الخيانة العربية وتخاذل القيادات التقليدية الفلسطينية وسفالة المجتمع الدولي

    ردحذف
  12. لقد عرضت ما كتبه ابن زاهدي على بعض رجال الدين للإطلاع على رأيهم بموضوع قانون البعدة وقانون القبول عند الإسينيين ومدى تقاربهم من قانون البعدة وقانون القبول عند الموحدون الدروز فكانت ردة فعلهم مزيج من الغيض والإستغراب في البداية لأنهم ظنوا بأن كاتب المقالات قد تطرق لنصوص دينية سرية لا يحق لأحد نشرها ولا يحق لأحد الإطلاع عليها سوى بعض الشيوخ المختصين, ولكن بعد تدقيقهم بالمقالات أقتنعوا بأنها ليست نصوص درزية ولكن التشابه بين قانون البعدة الدرزي والإسيني كبير جداً, أما ما يتعلق بقانون القبول فالتشابه موجود ولكنه أقل. ولكنهم أصروا على أن مذهب الدروز التوحيدي هو مذهب إسلامي فاطمي بدأ في عام ١٠١٧ ميلادي في مصر وأغلقت الدعوة إليه بعد قرنين من ظهوره , وعندما الحيت بالسؤال " هل هناك أي صلة من أي نوع بين مذهب التوحيد والمذهب الإسيني؟ " كان جوابهم " جميع عباد الله أخوة طالما هم يقدسون إله واحد وملتزمون بقانون إلهي واحد, فالرب واحد , وقانونه واحد لجميع خلقه, ولا غرابة إذا وُجد تشابه بين المذاهب والأديان طالما هي من مصدر واحد". لم أصل إلى جواب مقنع منهم وسأبقى أتابع هذا الموضوع , وحبذا لو نشرتم المزيد حوله وشكرا

    ردحذف
  13. احييك ايها الاخ الكريم
    ان ما فعلته هو جزء من النهج العلمي في البحث
    وانا انتظر مساهماتك القيمة للاستفادة منها

    ردحذف
  14. لاشك بأنه يوجد رباط قوي بين المسيحيون الأوائل والإسينيين , وهؤلاء المسيحيون الأوائل كانو محارَبين بشراسة من قبل الرومان والكنيسة الرومية وجميع الكنائس الأخرى التي التفت حول الكنيسة الرومية , ولو تفحصنا المناطق التي تواجد فيها هؤلاء المسيحيون الأوائل لوجدناها اليوم تتميز بأغلبية مسلمة كفلسطين وسوريا ومصر وتونس مما يؤشر على أن المسيحيون الأوائل أو الإسينيون المناهضين للرومان وكنيستهم قد انخرطوا في الإسلام في بداية انتشاره, وهذا يفسره السقوط السريع لهذه المناطق بيد المسلمين والتفاف شعوب هذه المناطق حول الفتح الإسلامي ضد البيزنطيين. وهنا أتذكر ما قاله الزعيم الروحي لمسيحيي مدينة دمشق عندما فتح ابواب المدينة للجيش الإسلامي وخاطب أتباعه قائلاًً " لقد جاء أخوتنا العرب لإنقاذنا من ظلم الروم". ومن المعروف كذلك هو التحاق القبائل الغسانية وقبائل المناذرة المسيحية بجيش خالد ابن الوليد عندما كان في طريقه إلى دمشق, والشئ نفسه حدث في مصر وشمال إفريقيا وصولاً إلى الأندلس التي كانت تتبع المذهب المسيحي العرياني Arianism الذي كان مركزه في الإسكندرية ,وهذا المذهب كان على رأس المعارضة للكنيسة الرومية. يضاف إلى ذلك الرهبان المسيحيون الذين كانوا يعيشون في جبل حراء قرب مكة أثناء نزول القرآن على سيدنا محمد , هؤلاء الرهبان كانوا مبعدين أوهاربين من الكنيسة الرومية وينتمون إلى مذاهب مسيحية محضورة. كل هذا يوحي بأن المسيحيون الأوائل أو الإسينيون قد انخطروا بالإسلام , وهناك مؤشرات كذلك على أن بعضهم ثار على الخلافة الإسلامية عندما انحرفت عن تعاليم الإسلام أيام الأمويين والعباسيين.

    ردحذف
  15. الاخ العزيز:
    اعتقد ان الانخراط في الاسلام كما تسميه لم يكن بالسرعة التي تتحدث عنها وانما استمر قرونا
    وفي فلسطين مثلا، فان المسلمين لم يشكلوا الاغلبية خلال القرون الاولى للحكم الاسلامي فيها حتى اللغة العربية لم تكن هي السائدة وانما الارامية

    ردحذف
  16. هذا صحيح بأن التحول من المسيحية للإسلام قد استغرق قروناً , ولكن تحالف المسيحية (التوحيديه) المعارضة للكنيسة (الثالوثية الرومية) مع الإسلام كان مبكراً جداً , والسبب هو القمع والظلم الذي مارسه الروم البيزنطيون ضد الكنيسة العريانية والكنائس الأخرى التي رفضت فكرة الثالوث المقدس ومقررات مجمع نيسيا الكنسي عام ٣٢٥ ميلادي . ولم يتم مزج المسيحيون التوحيديون مزجاً كاملاً بالإسلام إلا بعد سقوط الدولة الفاطمية . أما ما يتعلق باللغة العربية وإنتشارها , فاللهجات التي سبقتها في بلاد الشام كانت الآرامية والكنعانية وهي قريبة جداً من العربية حيث كان من السهل المزج بينهم, واللغة العربية الحالية هي مزيج جميع اللهجات السامية مع مراعاة لثقل اللهجة العربية كونها لغة القرآن الكريم .

    ردحذف
  17. اهلا بك وشكرا لمساهمتك، وان كان لا بد من الاشارة بان جميع الحكومات التي تتالت على هذا الشرق مارست القمع والاقصاء الديني، وقمع الاخر، ولم يشذ عن ذلك الفاطميون، ولنا في الحاكم بامر الله مثلا، وهو الذي هدم الكنائس المسيحية في الاراضي المقدسة، التي كانت الغلبة فيها للارثوذكسية، ولم يحدث انقطاع حاد بينها وبين الامبراطورية البيزنطية، الا خلال فترة الحروب الصليبية.
    ولم ير الحكام المسلمون في شعوبنا، الا مجرد رعايا، ووقودا للحروب لزيادة مساحة اراضي الحكام الاقطاعيين، وارستقراطية قريش في البداية،ثم باقي الارستقراطيات التي تتالت، وخلال كل ذلك فان الظلم على المسييحيين كان مضاعفا وتم التعامل معهم كمواطني درجة عاشرة، مع قائمة طويلة من الممنوعات، وهذا كان سببا رئيسا للتحول الى الاسلام، وانتقال المسيحي صاحب الارض، من مواطن درجة عاشرة، الى مواطن اخر بدرجة مقموع لديه حقوقا في التملك والبناء وركوب الحمار ووجهه الى الامام، وعدم النزول عن دابته اذا مر بجانب مسلم.
    اما ما جرى في مجمع نيقيا وتداعياته لهو حديث يطول، وكذلك الامر حول اللغة

    ردحذف
  18. أخي الحبيب , الحاكم بأمرالله كان من نوع خاص , تختلف الآراء فيه بين الجنون والعبقرية دون وسط بينهما. لقد كان قاسياً على الجميع بما في ذلك أهل بيته ووزرائه وحتى نفسه, ووالدة الحاكم كانت مسيحية عريانية وكان لها تأثير كبير عليه لأن والده كان قد توفي قبل أن يبلغ الحاكم سن الثانية عشرة , وتولى الخلافة وهو طفلاً , محاطاً بالمكائد والدسائس والمؤامرات من أقرب الناس إليه, حتى أنه كان لا يأكل الطعام إلا من يد والدته , ويعتقد بأنه قتل بمؤامرة وراءها أخته ست الملك. كل ذلك أثر على شخصية الحاكم وجعله قاسياً كما كان , ولكنه كان صارماً مع الحق ,حتى أنه قبل المثول أمام القاضي كمتَّهم عندما أشتكى عليه أحد التجار المتضررين , وقََبِل الإدانة والحكم ودفع تعويض للتاجر على خسارته. هذا هو الحاكم , شخصية مثيرة للجدل ومن نوع خاص , ومن المحتمل بأنه أحس بوجود تعاطف عند بعض كنائس الشرق مع الحملات الصليبية مما دفعه إلى الجموح في معاقبتهم . ولكن المؤرخون يجمعون على أن الحاكم بأمر الله كان أول خليفة مسلم يعلن حرية الأديان والعقيدة والمذاهب وله خطبة مشهورة في ذلك.

    ردحذف
  19. اشكرك على اضاءتك المفيدة
    ساتفق معك في ان الحاكم بامر الله شخصية مثيرة للجدل

    ردحذف
  20. منقول عن المقريزي:

    وفيها خرج النصارى من مصر إلى القدس لحضور الفصح بقمامة
    ( القيامة) عادتهم في كل سنة بتجمل عظيم كما يخرج المسلمون إلى الحج فسأل الحاكم ختكين الضيف العضدي أحد قواده عن ذلك لمعرفته بأمر قمامة فقال هذه بيعة تعظمها النصارى ويحج إليها من جميع البلاد وتأتيها الملوك وتحمل إليها الأموال العظيمة والثياب والستور والفرش والقناديل والصلبان المصوغة من الذهب والفضة والأواني من ذلك وبها من ذلك شيء عظيم‏.‏

    فإذا كان يوم الفصح واجتمع النصارى بقمامة ونصبت الصلبان وعلقت القناديل في المذبح تحايلوا في إيصال النار إليه بدهن البيلسان مع دهن الزئبق فيحدث له ضياء ساطع يظن من يراه أنها نار نزلت من السماء‏.‏

    فأنكر الحاكم ذلك وتقدم إلى بشر بن سورين كاتب الإنشاء فكتب إلى أحمد بن يعقوب الداعي أن يقصد القدس ويهدم قمامة وينهبها الناس حتى يعفى أثرها ففعل ذلك‏.‏

    ردحذف
  21. احي مثابرتك وسعة اطلاعك، وهذا النص يؤكد اننا منذ سقيقة بني ساعدة امة تبحث عن هويتها.
    لقد خرج "النصارى من مصر" ايضا الى فلسطين ليشاركوا في بناء قبة الصخرة، ويرمموا قنوات الماء التي تحمل المياه الى القدس، وليهندسوا الكثير من العمارة المملوكية والفاطمية والايوبية.
    تحية لك وللمقريزي

    ردحذف
  22. لكي لا يخرج موضوع النقاش كثيراً عن الموضوع الرئيسي وهو موضوعالإسينيين , أريد أن أعقب ببضع كلمات مختصرة: الديانة السائدة في مصر وشمال إفريقيا قبل وصول الإسلام كانت المسيحية التوحيدية (العريانية) , وكانت قد لاقت الأمرّين من التنكيل والإضطهاد على يد الرومان والبيزنطيين بدفع من الكنائس الثالوثية وعلى رأسها الرومية(الأرثوذكسية والكاثوليكية اليوم). الكنيسة القبطية كانت وما زالت من الكنائس التي أيدت الإتجاه الثالوثي الرومي وجزء مهم من الحملة التي شُنت ضد الكنيسة التوحيدية(العريانية) في معقلها الرئيسي مصر. المسيحيون الموحدون (العريانيون) رحبوا بوصول الإسلام للتخلص من ظلم الروم ومع الوقت اعتنقوا الإسلام , ولكنهم لم يستطيعوا التخلص من ذاكرتهم والتنكيل الذي حل بأسلافهم , وإنطلاقاً من ذلك يمكننا القول بأن التمييز الذي لاقاه الأقباط وسائر النصارى في الشرق بعد دخول الإسلام وانقلاب الموازين كان امتداداً للصراع المسيحي النصراني(التوحيدي-الثالوثي) الذي كان دائراً قبل دخول الإسلام .

    ردحذف
  23. وجه نظر قابلة للنقاش ومزيد من التقصي
    احترم كثيرا مشاركاتك

    ردحذف
  24. هناك بحوث يهودية كبيرة حول مخطوطات قمران جارية على أعلى المستويات الداخلية والعالمية ، منها معاهد التخنيون البالغة علميا وايضا الرمبام، التي تعود للفكر التوراتي "الزوهار" وموسى بن ميمون القرطبي، هذه الأبحاث تؤشر بصورة واضحة على عقيدة الدروز وإنتسابها لهذه الفرقة ، لكن المذهب أو الدين الدرزي منذ الف عام ، لكن البحوث في الجينات الدرزية DNA تعطي صورة مختلفة عن تاريخ الدروز الحالي ، المحققون اوقفوا البحث لعدم قبول مشايخ الدروز هذا النوع من البحوث ومشاركتهم بهكذا تحقيق الذي نسف التاريخ الدرزي الحالي ويرجعهم إلى عشرة الاف سنة إلى الوراء أي أنهم السبط اليهودي الأول المعروف بالكوهانيم وهذا ما أوقف التحقيق والبحث وفرض واقع غير ثابت ...يمكنكم رؤية البحث بالغة الإنكليزية بدخولكم لموقع رمبام الإسرائيلي والبحث عن العنوان

    ردحذف
  25. ان الدروز كطائفة انشقت عن العلويين وتعاليمهم اختلفت عن تعاليم العلويين ومعتقداتهم وهذا يدعو القول الى ان التوحيد كان ولا يزال خطا ثابتا واحدا ضل الناس عنه الا انه بقي موجود من قبل اليهود وحتى الاسلام الى وقتنا الحالي
    فالموحدون من بداية خلق الله للخلق كانو موجودين كفر وعقيدة ولا يزالون حتى الان
    وهم اعلم من اليهود بتوراتهم المحرفة ومن النصارى بكتابهم ومن المسلمين الذين الان هم على دينهم بقرانهم
    وهذا الكلام للباحثين عن الحقيقة فقط

    ردحذف
  26. رد على المعلق "غير معروف"9 مارس 2010 في 1:17 م

    رد على المعلق "غير معروف"
    الأصول العرقية للعلويين في معظمها كنعانية شمالية وبعضها كنعانية جنوبية تعود إلى السبي الآشوري عام ٧٢٠ قبل الميلاد. أما أصول الدروز العرقية فتعود إلى عدة جذور أهمها القبائل العربية التي هاجرت من اليمن بعد انهيار سد مأرب إلى الحيرة وبلاد الشام كالمناذرة والغساسنة , والقبائل الآرامية التي كانت ومازالت تسكن منطقة حلب ودمشق كالحمدانيين وغيرهم.
    والجيوش التي جاء بها اسكندر المقدوني واستقرت في منطقة ديكابوليس ( المدن العشر) التي ما زالت مواطن لغالبية الدروز حتى اليوم.
    والجيوش الفاطمية التي جاءت من مصر وشمال افريقيا وسيطرت على معظم بلاد الشام , وهذه الجيوش كان لها محورين رئيسيين ,
    1 - كتائب المغاربة وعلى رأسهم قبيلة كتامة (قطامة) وموطنها الأصلي جبال الأوراس والساحل الجزرئري ,
    2 - كتائب المشارقة وكانوا خليط من الأسرى الأتراك والفرس الذي سقطوا في الأسر في عهد العزيز بالله والحاكم بأمرالله أثناء حروبهم مع العباسيين والبيزنطيين وتحولوا إلى عنصر فعال في الجيش الفاطمي لمهارتهم في الفروسية ورمي السهام , وما زالت بقايا المشارقة موجودة في جبل لبنان وتتمثل بالتيار اليزبكي (الأرسلاني).
    أما ما يتعلق بالروابط العقائدية الدينية بين العلويين والدروز فهي لا تتعدى كونهم ينتمون معاً إلى التيار الإسلامي الشيعي , وجوهر العقيدة الإسلامية هو واحد وإن اختلف تفسيرها بين المذاهب , وأقرب المذاهب الإسلامية للدروز هي المذاهب الاسماعيلية ( النزاري والبوهرا ,...).

    ردحذف
  27. الدروز والعلويون24 أغسطس 2010 في 10:46 م

    رد على المعلقين السابقين حول الدروز والعلويون:
    الطائفتين تنتميان إلى مذهب الشيعة , والعلويون أقدم في عقيدتهم حيث أنهم من أوائل المذاهب الشيعية , أما الدروز فينتمون إلى التيار الإسماعيلي الفاطمي ويعتبرون من أواخر الطوائف الشيعية.
    الطائفتين يؤمنون بأن للسور القرآنية والتوراة والإنجيل معاني باطنية (تأويلية).
    الطائفتين يؤمنون بظهور الله عز وجل في صورة بشر ولكن بطرق مختلفة .
    - العلويون يعتقدون بحلول الروح الإلهية في علي ابن ابي طالب عن طريق التقمص وبناء على ذلك فإن علي هو الله.
    - الدروز يعتقدون بأن الله سبحانه وتعالى تجلى في صورة الحاكم بأمرالله الفاطمي على فترات , والتجلي يعني استخدام جسد الحاكم كمرآة لإظهار صورة اللاهوت , وبعد غياب اللاهوت يعود الحاكم حاكم ويستتر اللاهوت . إذاً الحاكم ليس إله ولكنه مقدس لأن الله اختار جسده كمرآة يتجلى من خلالها للبشرية.
    - العلويون يعتقدون بتناسخ الأرواح , أي أن الروح بعد الموت تنتقل إلى مخلوق جديد , والتناسخ يعني بأن الروح يمكن أن تنتقل من إنسان إلى إنسان ومن انسان إلى حيوان ومن حيوان إلى إنسان .
    - الدروز يعتقدون بالتقمص فقط وهو أن أرواح البشر تنتقل فقط إلى مولود بشري .
    - العلويون يسمحون بالإباحية المشروطة بين الرجال والنساء ويحللون أموال وأعراض من هو غير علوي, ويحللون الخمر في المناسبات.
    - الدروز لا يسمحون بأي صورة من الإباحية , ويحرمون الخمر, ولا يسمحون بالزواج بأكثر من واحدة , ويحرمون أموال وأعراض الغير . ويمنعون الزواج من خارج طائفتهم.
    هذه أهم الفوارق الرئيسية بين العلويين والدروز . وما بقي فهو متشابه بين بعضهم ومع الطوائف الإسلامية الأخرى ولو أن عقيدة الدروز تحتوي بعض من الإنجيل والتوراة والفلسفة اليونانية إلى جانب القرآن .

    ردحذف
  28. معلومات غنية ، شكرا للكاتب وللمعليقين

    ردحذف
  29. أريد إضافة تصحيح طفيف على التعليق السابق حول الدروز والعلويون , وهو أن المذهب العلوي كان آخر مذهب انفصل عن الشيعة الإثنى عشرية بعد اختفاء الإمام الثاني عشر محمد المهدي, والمذهب الدرزي كان آخر مذهب من مذاهب الشيعة الإسماعيلية , والشيعة الإسماعيلية تلتقي مع الشيعة الإثنى عشرية في إمامة جعفر الصادق سادس الأئمة بعد علي ابن ابي طالب. الإثنى عشرية وما تفرع عنها اتبعوا إمامة موسى الكاظم الابن الثاني لجعفر الصادق , والإسماعيلية وما تفرع عنها اتبعوا إمامة إسماعيل الإبن الأكبر لجعفر الصادق . المذهب العلوي بدأ في العراق مع بداية القرن التاسع الميلادي , والمذهب الدرزي بدأ في مصر مع بداية القرن العاشر الميلادي تحت رعاية الحاكم بأمرالله الفاطمي , وهذا يجعل المذهب العلوي أقدم من المذهب الدرزي بحوالي مئة عام .

    ردحذف