أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 30 يناير 2008

هجمة «سامية» إسرائيلية على العرب

قررت إسرائيل شن هجمة «سامية» ثقافية على العالم العربي، وهو ما تخطط له منذ زمن. وفي الوقت الحالي، يتم إطلاق موقع باللغة العربية على الإنترنت لمتحف «ياد فاشيم» المخصص لضحايا المحرقة النازية (الهولوكوست)، الذي يضم نصبا لتخليد ضحايا النازية من اليهود.

وتجري استعدادات حثيثة، لإطلاق الموقع الأسبوع المقبل، لتوعية العرب بما تراه إسرائيل مخاطر تنامي الاتجاهات اللاسامية في أوساطهم، متناسية أن العرب يعتبرون أنفسهم ساميين، وتوجد اتجاهات قوية بينهم تنكر سامية اليهود أنفسهم.

ووفقا لما يقوله أفينر شليف، رئيس مجلس إدارة متحف «ياد فاشيم»، فإن مستشرقين ومتخصصين باللغة العربية والثقافتين الإسلامية والعربية سيشرفون على الموقع، الذي ستنشر عليه مقالات وأخبار وتقارير ودراسات حول الهلوكوست، تناسب المرجعيات الثقافية العربية.

اللاسامية وتعريفاتها الخبيثة

ويهدف الموقع إلى محاربة ما يطلق عليها «أية اتجاهات لا سامية وسط الناطقين بالعربية». ولكن ما هي اللاسامية كما يفهمها الإسرائيليون؟

التيار الغالب في إسرائيل يتبنى تحديد مصطلح «اللاسامية» حسب مكتب عصبة مكافحة التشهير في إسرائيل الذي يعرفه كما يلي «إنّ اللاسامية هي التعبير عن كراهية اليهود أو الحقد عليهم، أو ممارسة التمييز (الاجتماعي والاقتصادي والسياسي) ضدهم وضد مؤسساتهم المجتمعية والدينية. واللاسامية قد تأخذ أشكالاً مختلفة منها العلنية أو أعمال عنف ومنها مظاهر تنعكس في إبداء مواقف متحيّزة تقول إنّ لليهود عامّة بعض الصفات غير المرغوبة والمزعجة وبوجه الخصوص ـ أنهم طمّاعون وخدّاعون ومتآمرون ومتعصّبون، يسعون إلى تولّي السيطرة ـ أي ما ينطوي على عناصر هدامة وحتى شيطانية».

ولهذا التعريف جوانب سياسية وثقافية ومصلحية واضحة، من قبل متبنيه، ويعتبر مكتب عصبة مكافحة التشهير في إسرائيل أن مظاهر اللاسامية تشمل الآن:

• الدعوة إلى قتل اليهود أو المساعدة في عمليات قتل اليهود أو تبريرها باسم أيديولوجيا راديكالية أو فكر ديني متطرف.

• نشر ادّعاءات كاذبة ومتحيّزة تُجرد اليهود من الإنسانية وتنعتهم بصفات شيطانية، وتتحدث عن اليهود عامة أو عن قدرتهم الجماعية. ويعطي المكتب مثلا على ذلك «الخرافة التي تقول إن هناك مؤامرة يهودية عالمية للاستيلاء على وسائل الإعلام والاقتصاد وعلى مؤسسات اجتماعية أخرى».

• اتهام اليهود كشعب، بأنهم يقفون وراء عمل آثم مختلق أو حقيقي ارتكبه فرد يهودي أو مجموعة يهودية، بل واتهام اليهود بالمسؤولية عن أعمال آثمة ارتكبها غير اليهود.

• إنكار ما يسميها المكتب «حقائق الكارثة التي حلت بالشعب اليهودي ونطاقها والوسائل التي استُخدمت في إبادة الشعب اليهودي ( أي غرف الغاز) على أيدي النازيين في ألمانيا وأنصارهم وشركائهم خلال الحرب العالمية الثانية» أي الهولوكوست.

• اتهام اليهود كشعب أو إسرائيل كدولة بابتداع أو المبالغة في حجم الكارثة النازية، ونشر أنباء عنها مبالغ فيها.

• اتهام مواطنين يهود بأنهم أكثر ولاءً لإسرائيل أو لسلم أوليات اليهود في مختلف أنحاء العالم من ولائهم لمصالح دولهم.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة للتعريف الإسرائيلي للاسامية وأشكالها، فمكتب عصبة مكافحة التشهير في إسرائيل يتطرق إلى ما يسميها الأشكال التي تنعكس بها مواقف لا سامية بالنسبة لدولة إسرائيل، وهي مثلا:

• إنكار ما يسميه المكتب «حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره من خلال الادّعاء بان دولة إسرائيل هي كيان عنصري».

• ازدواجية المعايير التي «يتم من خلالها توجيه مطالب لإسرائيل تخص تصّرفها، وعدم توجيه مثل هذه المطالب لأي دولة ديمقراطية أخرى».

• استخدام الرموز والصور ذات الصلة بأشكال لاسامية قديمة. وهي كما يذكرها المكتب «الادّعاءات بأن اليهود قتلوا السيد المسيح أو فرية الدم التي كانت تُلفّق ضد اليهود» لوصف إسرائيل أو الإسرائيليين.

• المقارنة بين سياسة إسرائيل الراهنة وسياسة النازيين.

• تحميل اليهود جماعيًا المسؤولية عن أعمال دولة إسرائيل. وسيجد مناهضو دولة إسرائيل وسياستها، في هذه الأشكال الكثير من انعكاسات سياسية، الهدف منها دعم ليس فقط وجود إسرائيل، كدولة احتلال، ولكن أيضا الدفاع عن ممارساتها.

متحف «ياد فاشيم» الأيقونة المقدسة

ولو تم اخذ التعريف الذي حدده مكتب عصبة مكافحة التشهير في إسرائيل للاسامية وأشكالها الراهنة، لربما تم إتهام غالبية العرب، الذين سيتوجه لهم الموقع الجديد لمتحف «ياد فاشيم»، باللاسامية.

ويعتبر متحف «ياد فاشيم» الآن، أحد الأيقونات المقدسة في إسرائيل، والذي يتوجب على كل مسؤول سياسي كبير أو شخصيات عامة تزور إسرائيل أن يعرج عليه، وخلال السنوات الماضية زارته رموز عالمية مشهورة من المغنية مادونا إلى الممثلة شارون ستون، إلى الرياضي ماردونا، والبابا السابق، وغيرهم العشرات.

وخلال الأسابيع الماضية فقط زاره كل من الرئيس الأميركي جورج بوش، ووزير الخارجية الصربي، والرئيس الأوكراني، ووزير الخارجية القبرصي، ووزير الخارجية الكوري الجنوبي، ووزير خارجية فنلندا، ووزير المالية الألماني، والرئيس الليبيري، وغيرهم كثر.

وهذا المتحف يخلد ما تسميه إسرائيل ذكرى «الكارثة والبطولة» أي الهولوكوست. تأسس المتحف عام 1953، بموجب قانون صادر عن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الذي حدد وظيفته بجمع كل ما يتعلق باليهود الذين سقطوا أو عانوا من النازية، وإقامة نصب تذكاري لهم، لإنعاش ذاكرة العالم بما حل باليهود في سنوات تاريخية فارقة. واستند الكنيست إلى نص في العهد القديم لتسويغ إقامة المتحف والنصب التذكاري وهو «إني أعطيهم في بيتي وفي أسواري نصبا واسما أفضل من البنين والبنات، أعطيهم اسما أبديا لا ينقطع» (اشعياء: 56-5). ويضم المتحف شهادات ويوميات، ووثائق، واعمالاً فنية حول الهولوكوست، تحدث في الغالب تأثيرا على كل من يزور المكان. ويقول أفينر شليف رئيس مجلس إدارة المتحف «مضى جيلان، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ونعيش الآن في عصر المعلومات، والاتصالات الفورية المتقدمة تكنولوجيا، ويجب الاستفادة من الفوائد التي توفرها هذه الوسائل، لنشر ما يتعلق بالهولوكوست».

ولهذا السبب يتم الإعداد للموقع الإلكتروني للمتحف باللغة العربية، ولن تقتصر جهود القائمين على المتحف على دعم وتطوير الموقع باستمرار، ولكنهم سيعملون، كما يقول شليف من اجل إجراء دورات لمجموعات من العرب للتعريف بالهولوكوست، والتوعية به، كما حدث مؤخرا مع مجموعة من الأردن.

ويضيف شليف «في مواجهة ثقافة عالمية مميزة لاقتصاديات السوق المفتوح، والاستهلاك المفرط، وثورة الاتصالات في العالم، تنبع أهمية إنعاش الثقافات المحلية التي تكافح من اجل المحافظة على الخصائص الفريدة التي تميزها. ومن هنا تبرز أهمية توثيق ما يتعلق بما تبقى من الجيل الذي عاش المحرقة، وكانوا شهوداً عليها، لان غيابهم سيخلق فراغا أدبيا وثقافيا وتعليميا».

وتساءل «ماذا سيكون مصير إحياء ذكرى المحرقة التي حدثت بين أفراد الجيل الرابع، من اليهود، وغير اليهود؟ كيف ينبغي لنا أن نعد أنفسنا في هذا المنعطف التاريخي؟ هذه أسئلة تواجهنا ونحن نخطط استراتيجيتنا لمواجهة تحديات الألفية الثالثة».

ومن بين هذه الخطط الاستراتيجية، تعليم الأجيال الشابة عن الهولوكوست، وإذا كان ذلك في السابق مقصورا على الإسرائيليين، وعلى آخرين في العالم، فانه اليوم سيتم استهداف الأجيال العربية الجديدة، من خلال الموقع المرتقب لمتحف ياد فاشيم على الإنترنت، ونشاطات أخرى يحضّر لها.

«أدب لاسامي ذو جذور إسلامية»

وفي إسرائيل يوجد من يراقب ويتابع ما يتعلق بما يطلق عليه مظاهر اللاسامية في العالم. وتبدي وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماما كبيراً، بأي حدث يصنف ضمن معاداة السامية.

وهناك من يراقب ما يعتبر مظاهر غير سامية في العالم العربي ومن بينها، مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب، ورغم انه كما يدل اسمه يهتم بالقضايا الأمنية، إلا انه يهتم أيضا بالقضايا الثقافية، ونشر مؤخراً دراسة بقلم رِيؤفين إيرْلِيخ حول ما اسماه «الأدب اللاسامي ذو الجذور الإسلامية»، رصد فيها ما وصفه بتكاثر «المؤلفات الأدبية اللاسامية والمناوئة لليهود في العالم العربي».

ويقول بأن وجود هذه المؤلفات ليس أمراً جديداً وجذوره تمتد إلى فترة سيطرة النازيين على السلطة، ولكن «طابع هذا الأدب والنقاط التي يبرزها والصور والمصطلحات التي يستعملها مؤلّفوه قد تغيرت ولا تزال تتغير مع مرور الزمن».

ويتوقف إيرْلِيخ عند ما يسميه «الصبغة الإسلامية للاسامية»، وهي لديه خليط من كتب كلاسيكية مناوئة لليهود لمؤلفين أوروبيين، ومؤلفات يسميها «إسلامية أصيلة» يقول بأنها تزدهر « بين جاليات إسلامية في الدول الغربية، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة، ودول إسلامية تقع خارج الدائرة القريبة من النزاع الإسرائيلي ـ العربي».

ويتساءل «ما هي أهداف الأنظمة العربية الإسلامية والعلماء الأكاديميين ورجال الدين ورجال السياسة الذين يقفون وراء «صناعة الكراهية» التي ينتجها الأدب اللاسامي والمناوئ لليهود، فيتم توظيف كمية هائلة من الطاقات في أبحاث علمية كاذبة، تقوم على افتراءات وآراء منحازة وسخافات أعيد تدويرها وهي عارية عن الصحة تمامًا؟».

ويجيب «كما كان الأمر عليه في الماضي، تشكّل هذه الصناعة اليوم أداة فعالة لحشد تأييد شعبي لأنظمة ديكتاتورية، تسعى إلى صرف مشاعر التذمّر والإحباط لدى مواطنيها بسبب الفقر والضائقة في بُلدانهم إلى الشعب اليهودي. وتستغلّ هذه «الصناعة» كذلك أداة قيّمة، هي أداة واحدة من بين أدوات عديدة في الصراعين الإسرائيلي ـ العربي والإسرائيلي ـ الفلسطيني وتُعبّر عن عدم الاستعداد الأساسي للقبول بقيام دولة إسرائيل، وما تضعه هذه الحقيقة من تحديات بصفة دولة إسرائيل دولة صهيونية ويهودية في عرض العالم العربي والإسلامي».

مرصد للإصدارات العربية

ويزعم إيرْلِيخ بأنه «تتم تربية أجيال من الشبان العرب، بما في ذلك أطفال رُضع على أساس هذا الأدب اللاسامي والمناوئ لليهود والذي يجد له تعابير سامّة في وسائل الإعلام العربية بشكل يومي. ويتم استيعاب الآراء المنحازة ومشاعر الكراهية ضد إسرائيل والحركة الصهيونية والديانة اليهودية في أذهانهم اعتبارًا من سنهم المبكّر. وتحفظ هذه الكراهية العداوة بين إسرائيل والفلسطينيين وبين إسرائيل والعالم العربي وتهدّد بالانتشار إلى العالم الإسلامي بأسره وإلى الدول الغربية. وتشكّل هذه الكراهية والآراء المنحازة تجاه اليهود عقبة كأداء أمام تطبيع العلاقات الحقيقي بين دولة إسرائيل والدول العربية، بما فيها الدول التي وقّعت معها اتفاقيات سلام».

ويرصد إيرْلِيخ بدأب الإصدارات التي يصنفها ضمن «الأدب اللاسامي» في العالم العربي وتواريخ طبعاتها في عواصم عربية كالقاهرة وبيروت، منذ صدور كتاب «البروتوكولات»، بطبعته العربية الأولى في مصر عام 1951، والذي صدر بمقدمة بقلم عباس محمود العقاد.

ويغيب عن الدراسة، أن معظم ما ذكره إيرْلِيخ من أسماء كتب وصفها باللاسامية، تعتبر من قبل فئات في العالم العربي بأنها كتب صفراء، تزدهر غالبا، على أرصفة الشوارع، وان ما يغذي الصراع العربي الاسرائيلي هو شيء آخر ليس له علاقة بالكتب وانما بالعنف والسفك.

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=10655&article=456232

الأحد، 27 يناير 2008

جورج حبش: الحكيم الذي لم يكن حكيما

بهدوء لا يتناسب مع حياته الصاخبة رحل الدكتور جورج حبش، مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في العاصمة الأردنية عمان. ومنذ سنوات اختار حبش الإقامة في عمان، التي ناصب نظامها العداء لسنوات طويلة، لكنه لم يجد افضل منها مكانا، ليقضي بقية حياته فيها، بعد أن استقال من منصب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويمكن ان يمثل رحيله في عمان معنى رمزيا لمسيرته من زعامته لاكثر التنظيمات الفلسطينية الماركسية راديكالية، الى وفاته في احد معاقل الانظمة المعتدلة التي كان يقول بانها بينه وبينها "بحر من الدماء".

ويمثل حبش في حياته مسيرة جيل ليس فقط من الفلسطينيين، ولكن من العرب، وجد نفسه قبل ستين عاما، في مواجهة بدت قدرية إلى حد بعيد، مع الغزوة الصهيونية التي تحولت إلى واقع في فلسطين، على شكل دولة، ونتج عنها ما يسمى في الأدبيات الفلسطينية والعربية النكبة. 


في تلك الايام، كان حبش، طالبا في الجامعة الأميركية في بيروت، وتأثر بأستاذه قسطنطين زريق، أحد منظري القومية العربية، ومثله وجد في الجامعة عدد من الشبان من مختلف الدول العربية مثل الدكتور احمد الخطيب من الكويت.


وبادر حبش إلى تأسيس حركة القوميين العرب، وكانت حركة مؤثرة، امتد نفوذها إلى عدة دول عربية، ولكنها حركة شابها الكثير من عيوب الحركات القومية المتناحرة في ذلك الوقت، والتي كانت شغوفة بالاختلاف، حتى في ترتيب الشعارات مثل أيهما انسب (الوحدة طريق تحرير فلسطين) أم أن (تحرير فلسطين هو الطريق إلى الوحدة)، وفي النهاية لم تتحقق الوحدة ولم تتحرر فلسطين.


وفيما بعد تصدى كثير من ناشطي حركة القوميين العرب إلى دراسة تجربتها بشكل نقدي وعلمي، وأبرزهم العراقي الدكتور باسل الكبيسي، الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي، في أوائل سبعينات القرن الماضي في عاصمة أوروبية لنشاطه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي أسسها الدكتور حبش على أنقاض حركة القوميين العرب.


ولم تكن مسيرة الجبهة بدون صعوبات بالنسبة لحبش الذي تحول إلى رمز لأجيال فلسطينية طالعة، ومصدر قلق لكثير من الأنظمة العربية، ليس فقط المعتدلة منها بل أيضا الثورية مثل مصر عبد الناصر.


واتسمت اطروحات حبش، ابن مدينة اللد الفلسطينية، بالذهاب بعيدا إلى أقصى اليسار، ولكن هذا لم ينجيه من انقسامات تعرضت لها جبهته، أبرزها الانشقاق الذي قاده نايف حواتمة، ونتج عنه تأسيس الجبهة الشعبية الديمقراطية التي تبنت الفكر الماركسي، والجبهة الشعبية القيادة العامة بقيادة احمد جبريل.


وسرعان ما تبنى حبش الفكر الماركسي، ولكن بتأثيرات قومية واضحة، واستقطبت الجبهة الشعبية العديد من المناضلين الاممين، في معسكراتها في الأردن، وبعضهم نفذ عمليات داخل إسرائيل، مثل مجموعة الجيش الأحمر الياباني.


وتعاون مع الجبهة في فترة من الفترة اليساري الفنزويلي كارلوس، الذي جذبه في الجبهة مثل آخرين ما اعتبرته أوساط في الجبهة نفسها، فيما بعد، مغامرات لم يكن لها ضرورة مثل عمليات خطف الطائرات. وتمكنت الجبهة بتخطيط من رفيق حبش وديع حداد، من خطف عدة طائرات ونقلها إلى ما أسمته مطار الثورة في الصحراء الأردنية، وشكل ذلك، مع عوامل أخرى إلى انفجار الوضع في الأردن بين الجيش النظامي والمنظمات الفدائية واندلاع الحرب الأهلية التي أطلق عليها أيلول الأسود.


ورغم العلاقة الوثيقة التي ربطت حبش بوديع حداد الذي كان مسؤولا عن العمليات الخارجية للجبهة الشعبية، إلا أن نضج تجربة حبش النسبي، أدى إلى فراق، وتم فصل حداد من عضوية الجبهة، بعد أن قوي في الجبهة تيار رأى في عمليات خطف الطائرات مضرا بالمصلحة الوطنية الفلسطينية.


ولكن ذلك لم يشكل قطيعة بين الجبهة وحداد، الذي اغتيل بالسم في العاصمة العراقية بغداد، فيما بعد، وينظر إليه الان من قبل العناصر الجديدة في الجبهة التي تبحث عن رمز، بأنه أحد رموزها الكبيرة، وتسعى لنشر تراثه.


وقاد حبش علاقة الجبهة الشعبية مع فصائل منظمة التحرير وخصوصا حركة فتح، في كثير من المرات بتشنج، وذهب إلى القطيعة معها إلى ابعد حد، وتزعمت الجبهة في كثير من المرات ما أطلق عليها جبهة الرفض، أو جبهة الصمود، وكانت تضطر في كل مرة إلى العودة إلى حظيرة المنظمة التي تهيمن عليها فتح، ويغرق حبش في احضان ياسر عرفات الذي لم يكن يبخل بالقبل عليه او بالالقاب مثل (حكيم الثورة).


وأوخذ على حبش أيضا قيادته للجبهة الشعبية بقبضة حديدية، ولكنه أعلن استقالته من منصب الرجل الأول في الجبهة، ليشغل هذا المنصب أحد اقرب المقربين له وهو أبو علي مصطفى.


ورغم استقالة حبش المعلنة، إلا أن الاعتقاد كان بأنه استمر في الإمساك بالمفاصل الرئيسية في عمل الجبهة، ولكن الجبهة نفسها تراجعت قوتها بشكل كبير، مع سقوط الاتحاد السوفيتي السابق، وقطعها مسيرة طويلة من التقلبات السياسية والفكرية، فمن رفعها لشعار تحرير كامل التراب الفلسطيني، وتخوين كل من يرفع شعارات اقل من ذلك، إلى قبولها بالبرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الذي ينص على قيام دولة فلسطينية في حدود عام 1967، واخيرا من معارضتها لاتفاق أوسلو وتخوين موقعيه، إلى عودة عدد من قيادتها وفق هذا الاتفاق، بعد سنوات.


أما في المجال الفكري، فتبنت الجبهة الماركسية على الطريقة الماوية، وناصبت الاتحاد السوفيتي العداء، ثم عادت ونسجت علاقات وثيقة مع موسكو عندما كانت الأخيرة حمراء، ومع حلفائها من دول المعسكر الشرقي.


وخلال مسيرته الطويلة، فان "الحكيم" كما يطلق عليه محبوه، فقد الكثير من رفاق الدرب، مثل غسان كنفاني، الذي اغتالته اسرائيل، ووديع حداد، لتطرفه، وبسام أبو شريف الذي تم فصله بعد أن شارك مع ياسر عرفات في رفع المقاطعة العربية عن مصر، بعد كامب ديفيد، ومصافحة الرئيس مبارك، وأبو علي مصطفى الذي تم اغتياله بعد عودته الى ارض الوطن واراد ان يلملم قواعد الجبهة.


وقدر لحبش، في سنواته الأخيرة، أن يرى صعودا للجيل الشاب في قيادة الجبهة، وتمثل ذلك، بانتخاب احمد سعدات أمينا عاما للجبهة، والذي يمثل بشكل أو بآخر كوادر الجبهة في الداخل الفلسطيني، ولكن انتخاب سعدات كشف على الأقل عن تيارين في الجبهة، الأول الذي يمثله سعدات وهو الأكثر راديكالية وصدقا وإخلاصا وقربا إلى قواعد الجبهة، والثاني يمثله نائب أمين عام الجبهة عبد الرحيم ملوح المحسوب على الحرس القديم في الجبهة الذي كان يرفع الشعارات المتطرفة واصبح الان مستعدا للتساوق مع قيادة منظمة التحرير التي طالما أطلق عليها صفة "القيادة اليمينية".


وفي كل هذا المشهد، كان أول من ترك الجبهة في محطاتها الأخيرة، بعد تخلي حبش عن منصب الرجل الأول فيها، الكثير من كوادرها، والذين لجاوا مثل باقي الكوادر اليسارية إلى المنظمات غير الحكومية الممولة أجنبيا، في عملية نزوح من قبل هذه النخب للارتماء في أحضان طرف آخر طالما ناصبته العداء.


وبعد اعتقال سعدات واخرين من المكتب السياسي مثل محمود فنون، والضربات التي تعرضت لها الجبهة، لم يبقى في صدارة المشهد إلا بعض أعضاء المكتب السياسي المقيمين في دمشق مثل ماهر الطاهر المقرب لحبش، وعبد الرحيم ملوح في رام الله، واخرين في غزة، وما يفرق هؤلاء اكثر بكثير مما يجمعهم، مما جعل البعض يقول بان حبش ودع الدنيا وهو يرى بان ما زرعه، مهدد بالفناء، مثلما يحدث في كل الحركات التي تخلط بين الاخلاص والمغامرة والتهور.

السبت، 26 يناير 2008

خربة بيت عينون وعينها

أخذت عين بيت عينون، اسمها من خربة بيت عينون التي تقع فيها، والتي تتبع قرية سعير، وارتبطت لدى السكان المحليين بقصص وحكايات الجان.



وتنبع العين من تحت جرف صخري، ويتم النزول إلى المنبع بدرج حديدي حديث، تم تسويته بجدران اسمنتية، وشمل ذلك مدخل النفق الحجري الذي يحمل المياه إلى بركة قديمة، تم ترميمها وجعلها على شكل خزان.


ومحيط العين تم ترميمه ورصفه بالبلاط الحجري ووضع جدران على مدخلها، من قبل المجموعة المدنية الطوعية في إيطاليا، بالتعاون مع مجموعة الهيدروجيين الفلسطينيين، وبلدية سعير، أما التمويل فتكفل به مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية، وتم ذلك في عام 2005.


وقبل الترميم، فإن العين عانت، من تسرب مائها، وهذا أثر على استخدامها من قبل الفلاحين للشرب ولسقاية مواشيهم.


وشهرة هذه العين في الميثولوجيا المحلية، مرتبطة بأنها مسكونة من قبل الجان، وهو ما يؤمن به حتى بعض المتعلمين مثل الباحث في التراث الشعبي الدكتور إدريس جرادات الذي رافق مراسلنا إلى موقع العين.



وقال جرادات، الذي يدير مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي في قرية سعير، وهو يقف في محيط العين: "ارتبطت عين بيت عينون بحكايات ومعتقدات شعبية وخرافات وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالجان، ويتم تداول حكاية بهذا الشأن تتعلق بشخص من الخليل يدعى عبد القدوس عيدة، نزل إلى العين في الليل، ليملأ ما بحوزته من قرب الماء، وعندما ملأها ووضعها على بغلته، وإذا بهذه القرب تنقلب، فلاحظ أشياء غريبة، وأدرك أن القرب انقلبت بفعل فاعل ومجموعة من الأشخاص، فتمكن من قتل أحدهم، وكان من الجان، فعقدت له محكمة من قبل الجان".


ويشير جرادات بأن هذه الحكاية حدثت في نهاية العهد التركي، وبأن عيدة توجه للعالمين بأمور الجان، وعمل له حرزا أو حجابا، لحمايته منهم، وهو ما أنقذه ولكن إلى حين، ففي إحدى المرات كما يروي جرادات: "دخل الحمام تاركا الحرز أو الحجاب في الخارج، فخطفه الجان وسافروا به إلى مصر، وهناك تم خنقه من قبل الجان وتوفي في مصر وهذه قصة حقيقية واقعية وقفت عليها من خلال مقابلة أبنائه".


وعندما سألت جرادات إذا كان يعتقد بحدوث هذه القصة، أم أنها وضعت لدلالات معينة قال: "موضوع الجان موضوع موجود وواقع عقلا وفعلا بدليل ذكره في القرآن الكريم، وعالم الجان، عالم واسع وعريض وهناك أشخاص لهم اتصالات وعلاقات مع الجان".


وسألت جرادات:


-أليس مستغربا أن تؤمن بهذه القصة وأنت حاصل على شهادة الدكتوراه؟.


فأجاب: "الجان كمخلوقات نورانية مذكورة في القرآن الكريم، وكأشخاص تعرضوا للمس من الشيطان وارد في القرآن الكريم، وهناك ارتباطات بجوانب في علم النفس لها علاقة بالإيحاءات والإسقاطات النفسية".


والآن يضرب المثل بهذه العين، بأنها مسكونة بالجان، وكل ما يمر شخص من أمام العين أو يقصدها لشرب الماء، يقرأ المعوذتين.



والأثر الأبرز في خربة بيت عينون، هو بقايا كنيسة بيزنطية، وتشير بقايا القطع الفخارية المتناثرة في المكان، إلى مدى الحاجة للتنقيب في المنطقة، للكشف عن آثارها وحمايتها.


وبقايا الكنيسة ويبزر ذلك مثلا من الأعمدة الملقاة، وتيجان الأعمدة المزخرفة، والأهم الأرضيات الفسيفسائية الملونة التي تتعرض للتخريب، ولعبث العابثين.


ويوجد في المكان أيضا بقايا برج، وخزان ماء ونظام مائي يظهر من خلال قنوات، وبقايا جدران، وأرضيات مبلطة بالحجارة، وبقايا مذبح دائري الذي يميز عمارة الكنائس البيزنطية، ومعاصر نبيذ، وغيرها من تفاصيل أثرية.


وتبعد هذه الخربة نحو 5 كيلو مترا شمال شرق الخليل، ويمر بالقرب منها طريق التفافي لخدمة المستوطنين، وينفذ نشطاء فلسطينيون فعاليات وتظاهرات في هذا الشارع مطالبين بفتحه أمام المواطنين الفلسطينيين.


ووضع الخربة الآن لا يشي بمجدها السابق، وحسب اعتقاد علماء الكتاب المقدس التقليديين فإنها المكان الذي ذكر في العهد القديم باسم (بيت عنوت) التي كانت من نصيب يهوذا في إقليم الجبل.


ويعيد البعض اسمها إلى الآلهة الكنعانية عناة، ويرون بأن اسمها بيت الآلهة عناة، وهي إحدى أهم الإلهات عند الكنعانيين، لكن مع التحريف أصبح بيت عينون.


وفي الفترة الرومانية، بنيت في المكان قلعة عرفت باسم بثنيم، وبعد تبني الإمبراطورية الرومانية للديانة المسيحية، يوجد ما يدل على أن بيت عينون حظيت باهتمام، وأوضح تأكيد على ذلك بقايا الكنيسة البيزنطية المهيبة الظاهرة الآن.


وذكرت هذه الخربة، في إحدى أقدم نصوص الإقطاعيات الإسلامية، والمقصود الإقطاع الذي منحه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، للصحابي تميم الداري في سنة 9 للهجرة، والذي يحدد فيه منطقة الخليل التي تم إقطاعها للداري، الذي يوجد قبره في قرية بيت جبرين المحتلة منذ عام 1948م.


وتفاصيل هذا الإقطاع ذكره الحنبلي، وغيره من المؤرخين، أما المقدسي فأشار إلى شهرة المنطقة بالعنب والزبيب، وهو ما يمكن أن تشهد عليه معاصر النبيذ المحفورة في الصخر، وأيضا تتمتع كروم العنب فيها بشهرة كبيرة في الوقت الحاضر، والتي تزرع فيها أصناف وأنواع مختلفة من العنب الذي يجد إقبالا من محبيه.


http://www.thaqafa.org/Main/default.aspx?xyz=BOgLkxlDHteZpYqykRlUuI1kx%2fVDUOFogujjgtAqKBYpKEYYmzgCeVSCc0vvr2JSWGL84HL4Dw4ImDOhKHcmBVH4UGXZ1W9up8yVGIOCR%2bKu4DII3wXbdpa3LLUHdDkoL%2fW3fgOFSaU%3d





القدس الكبرى" مشروع لتهويد الارض الفلسطينية

تواصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تنفيذ خططا استراتيجية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، لتهويد هذه الاراضي، ومن بينها مشروع القدس الكبرى، والذي تبلغ مساحته نحو ثلث مساحة الضفة الغربية، وعملت هذه الحكومات بدأب لتنفيذه، حتى اصبح واقعا. وعن هذا المشروع وقضايا أخرى متعلقة به وبالقدس، حاورت ايلاف الدكتور إبراهيم الفني، الخبير في شؤون القدس الذي قال "ان إسرائيل تسعى إلى إنهاء قضية القدس عبر مشروعها القدس الكبرى"  الذي يقوم أساسا على تنظيم المستعمرات اليهودية في كتل ضخمة يجعل نظام أمنها وبناها التحتية اكثر كفاءة ويسمح بوجود مساحات مفتوحة بينها.وفي ما يلي نص الحوار:

س:  ما هو مشروع القدس الكبرى وما هو مخاطره على الفلسطينيين؟

ج: تمكنت إسرائيل من عزل منطقة القدس ومنطقة غور الأردن عن العمق الفلسطيني، وتسعى إسرائيل إلى إنهاء قضية القدس عبر مشروعها القدس الكبرى، عبر امتداد 40 كلم هوائي، أي من مستوطنة كفار عتصيون جنوب بيت لحم، إلى مستوطنة شيلو، شمال رام الله، وعبر هذا المشروع تكون إسرائيل سيطرت على المواقع الأثرية والحضارية العربية المحيطة بالقدس، والخليل، وبيت لحم، ورام الله، وأريحا، والأمثلة على ذلك كثيرة.

ولتنفيذ مشروع القدس الكبرى، نفذت إسرائيل مخططات عديدة، ولا تزال، مثل مشروع الحزام الشرقي، وإجمالا فان إسرائيل صادرت نحو 35% من أراضي القدس الشرقية ومساحات واسعة حولها، من اجل مخططها التهويدي هذا.

س: هل توجد إحصاءات دقيقة عن ما صادرته إسرائيل في القدس وحولها؟

ج: تشير الإحصاءات الصادرة عن الدوائر الرسمية ومراكز المعلومات إلى أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة صادرت منذ الاحتلال عام 1967 نحو 23 ألف دونم (الدونم: ألف متر مربع) من أراضي القدس، وعمدت إلى توسيعها بإضافة 28 قرية عربية من قرى وأحياء مدن البيرة، وبيت لحم، وبيت جالا بمساحة 70.5 كلم2، بحيث أصبحت مدينة القدس تشكل ما مساحته 27-28% من مساحة الضفة الغربية.
وبعد التوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993، دخلت حكومات العمل والليكود، والان كاديما، في سباق محموم مع الزمن من اجل استكمال الطوق الاستيطاني حول مدينة القدس، وهو ما نجحت في تنفيذ اغلبه ضمن مشروع القدس الكبرى.

س: ما هي الأسس التي يقوم عليها مشروع القدس الكبرى؟

ج: يقوم مشروع القدس الكبرى أساسا على تنظيم المستعمرات اليهودية في كتل ضخمة يجعل نظام أمنها وبناها التحتية اكثر كفاءة ويسمح بوجود مساحات مفتوحة بينها، لتعلن اسرائيل أنها خارج القرى الفلسطينية والتوجه لمصادرتها لاحقا، وعليه فان التجمعات الاستيطانية حول القدس تربك تماسك الوحدات الفلسطينية ديمغرافيا واقتصاديا وتحرم المواطنين من أراضيهم الزراعية وتحد من نموهم وتمددهم السكاني، ولا تقف إسرائيل في أهدافها الكاملة وراء تنفيذ المشروع عند حدود السيطرة على الأرض العربية فحسب بل يتعدى ذلك إلى تكريس رؤيتها للحدود الدائمة للمدينة وتطبيقها عمليا وهي الحدود السياسية والحدود الطبيعية والحدود الأمنية.

وتحتوي الخرائط والمخططات الخاصة بمشروع القدس الكبرى، مساحات شاسعة من الأراضي المحيطة بالمدينة من جهاتها الأربع والتي تتيح المجال لتوسيع المستعمرات وربطها مع بعضها البعض بالتسمين (التمدد العمراني) أو بالطرق الالتفافية.

مرتكزات ومراكز استيطانية

س: ما هي المرتكزات والمفاهيم الأساسية لمشروع القدس الكبرى؟

ج:هناك عدة مرتكزات من بينها:

أولا: الطرق الطويلة: وتغطي الحزام الشرقي الذي يلتف حول القدس عبر قرى فلسطينية ومدينة معاليه ادوميم الاستيطانية، ويتقاطع في الجهة الجنوبية الشرقية مع مستعمرات جبل أبو غنيم وجيلو وافرات، حتى بيت شيمش في الأراضي المحتلة عام 1948، وتلتقي هذه الشوارع الطويلة في عدة مداخل خارج التجمعات السكنية العربية فتلتف حولها وتعزلها وتحول دون نموها العمراني.
ثانيا: تحقيق السيطرة الاقتصادية على القدس، بعدة أساليب منها تفريغ البلدة القديمة من سكانها، والقضاء على بنيتها التحتية مما يدفع المواطن المقدسي إلى مغادرتها، وأيضا تفريغ قلب المدينة من حركة المرور، ونقلها إلى الشوارع الطويلة، التي توفر لإسرائيل السيطرة على المصادر الطبيعية والأمن وتعزل الأرض العربية حول القدس.
ثالثا: طريق عرضي: يربط بين المنطقة الصناعية قرب مطار اللد، مع المنطقة الصناعية قرب قلنديا، وله امتداد جنوبا حتى كفار عتصيون، وتبين الخرائط الخاصة بمشروع القدس الكبرى إلى أن أربع مناطق صناعية ستقام على هذا الخط.

س: ما هو المفهوم الإداري للقدس الكبرى كما تراه إسرائيل؟

ج: يختلف نظام القدس الكبرى عن غيره من أنظمة المدن الكبرى، وأساسه التعامل مع بؤر استيطانية كبيرة مرتبطة بالمركز (مدينة القدس) مباشرة، وبؤر استيطانية ترتبط بالبؤر الكبيرة (أشباه المركز).

ووفر هذا النظام المجال أمام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة العمل بهدوء تام للسيطرة التدريجية على الأرض وعناصر الطبيعة دون أن تلزمها القوانين بمنح المواطنين العرب في محيط المستعمرات وحول الطرق الالتفافية أي حقوق بلدية أو إدارية.

ومن ناحية إدارية، فان إيجاد مركز حضري مترابط ومتكامل (القدس الكبرى) سيجعل من المستحيل من الناحيتين السياسية والاقتصادية، عودة السيطرة الفلسطينية على أي جزء من هذا المركز، خاصة وان ثلثي سكانه هم من المستوطنين اليهود، والأمر الذي يسهل على إسرائيل –عندما يحين الوقت- تقديم بيانات لدعم موقفها في الإبقاء على القدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل، وتضع المدينة عمليا خارج أية مفاوضات في المستقبل.

س: ما هي المراكز الاستيطانية اليهودية الكبيرة التي يضمها مشروع القدس الكبرى؟

ج: هو يضم،1-مستعمرة جفعات زئيف غربا: وتتبع المركز مباشرة في حين تتبعها المستعمرات القريبة المتصلة معها والممتدة مع الشارع الطولي الذي تحدثت عنه سابقا.
2-مستعمرة بسجات زئيف شمالا: وتتبع المدينة المركز مباشرة في حين تتبعها المستعمرات الشمالية بما فيها بيت ايل المرتبطة بالشارع العرضي.
3-مستعمرة معاليه ادوميم شرقا: مستعمرة كبيرة ترتبط مركزيا مع القدس، وتضم كل المستعمرات المجاورة لها في نظام إداري تابع لها.

وتعتبر مستعمرة معاليه ادوميم الجناح الذي يلتقي فيه الشارعين الطولي والعرضي مما يجعلها نقطة جذب سياحية هامة لوقوعها على طريق البحر الميت وأريحا، وتتمتع بحوافز مالية مشجعة من الحكومة والجمعيات الاستيطانية والقطاع الخاص، فالإعفاءات السخية من الضرائب والمساكن المدعومة ماليا، والهياكل الاجتماعية والاقتصادية المتماسكة، والأنشطة الثقافية، والمرافق المتطورة أتاحت لها المجال للازدهار وتقوية بنيتها التحتية.

س: ما هي امتدادات القدس الكبرى بالكيلومترات؟

ج: بعد الانتهاء من مشروع القدس الكبرى يصبح الامتداد كما يلي:
شرقا: من المركز حتى مستعمرة فيرد يريحو 37 كلم.
غربا: من المركز حتى مستعمرة بيت شيمش 27 كلم.
جنوبا: من المركز حتى كفار عتصيون 41 كلم.
شمالا: من المركز حتى منطقة عيون الحرامية 45 كلم.

ولو قسمنا المسافة الزمنية التي يحتاجها المستوطن للوصول من تلك المستعمرات إلى المركز لوجدنا أنها لا تتعدى في أقصاها نصف ساعة دون المرور في القرى والتجمعات السكنية العربية، وإنما عبر الأنفاق السريعة والطرق الالتفافية. ويستفيد مشروع القدس الكبرى، من الاستخدام الأمثل لطبوغرافية الأرض والدمج المبرمج لمخطط القدس في عهد الانتداب البريطاني مع مخططات أخرى.

تفريغ القدس من العرب

س: تحدثت عن سياسة إسرائيل في تفريغ القدس من سكانها، ما هي وسائلها في ذلك؟

ج: بعد الاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس في عام 1967، سارعت السلطات الإسرائيلية إلى إجراء عملية إحصاء للسكان العرب المقيمين فيها، وعلى أساس هذا الإحصاء تم تحديد سكان المدينة الذين لهم حق الإقامة فيها، في حين حرم الآلاف من أبنائها من هذا الحق لوجودهم خارجها أثناء عملية الإحصاء، ورافق ذلك تشكيل مكتب خاص لوزارة الداخلية الإسرائيلية في شرقي القدس، لمتابعة أمور الإقامة الخاصة بالمواطنين العرب، وكان هذا المكتب وما يزال الأداة المثلى في يد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لتنفيذ سياستها بتهويد المدينة ديمغرافيا وجغرافيا.

وتبدا مشكلة المواطنة للفلسطيني في القدس، من خلال نظرة وزارة الداخلية له على انه مقيم وليس مواطنا، حسبما ما جاء في قانون الإقامة الدائمة لعام 1952، وتعديلاته عام 1974، وبالتالي ليس له الحق في مجال المواطنة وإنما عليه التزامات في حدود الإقامة الممنوحة له.
ونستطيع أن نلمس ذلك بالاطلاع على القرارات الصادرة عن محكمة العدل العليا الإسرائيلية التي تؤكد على أن "الإقامة الدائمة ممنوحة لسكان شرقي القدس تماما مثلما تمنح لأي أجنبي".

س: ما هي الخطوات التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية بشان سحب الاقامات من أعداد كبيرة من المقدسيين؟

ج: لا تترك إسرائيل أي أسلوب لتهجير المقدسيين إلا وتستخدمه، مثل إلغاء الإقامة الدائمة وفقا لامر 11 لسنة 1974، الذي يشير إلى إمكانية إلغاء حق الإقامة إذا قيد وزير الداخلية الإسرائيلي هذا الحق بأي شرط، وإذا عاش صاحب حق الإقامة خارج البلاد لمدة تزيد عن سبع سنوات، أو اصبح مواطنا في بلد آخر، أو قدم طلب جنسية لبلد آخر.

وسحبت إسرائيل حق الإقامة من آلاف المقدسيين لانهم سكنوا حول القدس، أو في مدن فلسطينية أخرى، وترفض تسجيل مواليد الأمهات المقدسيات المتزوجات من خارجها، واستخدمت إسرائيل أساليب أخرى لحرمان المقدسيين من الإقامة في مدينتهم، حتى لو كانوا مثل الأجانب فيها.

س: ما هي الظروف التي تدفع المقدسيين للإقامة خارج حدود البلدية الإسرائيلية؟

ج: هناك ظروف كثيرة منها مصادرة أراضي المواطنين العرب في المدينة، وعدم إمكانية البناء في ظل عدم وجود مخططات بناء ورفض طلبات الترخيص وارتفاع رسوم الترخيص والخدمات، وسياسة هدم المنازل، والحرمان من الخدمات الإنسانية . تشير الإحصاءات إلى أن بلدية القدس تخصص 2% من ميزانيتها فقط لتدعيم البنية التحتية في شرق القدس، في الوقت الذي تجبي فيه البلدية أموالا طائلة من المواطنين العرب.

وهناك ظروف أخرى مثل زواج مقدسيات أو مقدسيين من خارج المدينة وعدم منح أحدهم حق الانضمام للطرف الآخر داخل المدينة، مما يدفع بالاثنين إلى السكن خارجها، وبعد أن دفعت إسرائيل بهؤلاء إلى السكن خارج حدود بلدية القدس، أوقعتهم في فخ ما يسمى مركز الحياة، بحيث اصبح لزاما على كل مقدسي ليحتفظ بحق الإقامة تقديم قائمة طويلة من الأوراق الثبوتية مثل فواتير الكهرباء والماء والضرائب وشهادات تطعيم الأطفال وشهادات مدرسية وغيرها، وعندما لا يرضى مكتب الداخلية بما يقدم له، كما يحدث في الغالب، يتم سحب حق الإقامة من المواطن المقدسي.

وبدأت هذه السياسة بالمقدسي المقيم خارج الحدود حيث كان من السهل اكتشافه عبر نقاط العبور، ثم جاء دور المقدسي المقيم خارج حدود البلدية، وبدأت السلطات الإسرائيلية شن حملات مداهمة مفاجئة على القرى المحيطة بالقدس ومصادرة هويات المقدسيين الساكنين فيها، ونتج عن ذلك حرمان نحو 70 ألف مقدسي من مدينتهم، وما زالت سياسة تفريغ القدس مستمرة.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/AkhbarKhasa/2008/1/298996.htm

الجمعة، 25 يناير 2008

الفلسطينيون ركبوا الرياح وحصدوا الهشيم

وجه باحث فلسطيني، نقدا شديدا لفصائل العمل الوطني الفلسطيني، في دراسة له عن انتفاضة الأقصى اختار لها عنوانا دالا وهو " بانوراما الانتفاضة.. الحصاد المر " . واعتبر الباحث حيدر عوض الله انه توجد " حاجة ماسة إلى كسر التقليد الفلسطيني الذي تحول إلى عادة في الإحجام عن إعمال العقل ثم النقد في مراجعة التجربة الكفاحية للشعب الفلسطيني. ويبدو أن ليس في وارد الحركة الوطنية الفلسطينية مجدداً التصدي النقدي لتجربة الانتفاضة باعتبار أن فعل النقد في العرف النضالي الفلسطيني ترفٌ ما بعده ترف لقوى منغمسة حتى الأذنين في تأمل انكساراتها وتعثرها المستمر كقدر ميتافيزيقي يمتحن قدرتها المتجددة على إعادة إنتاج خيباتها ونكباتها ".ويضيف "وبهذا المنطق، يبدو الهدف لاشيء والتضحيات كل شيء! فلم يحدث أن رفعت أي حركة وطنية أدواتها النضالية إلى مستوى التقديس، وجعلت من نتائج استخدامها وحصادها أمراً هامشياً إلى هذه الدرجة، كما لم يحدث أن تحركت أية حركة سياسية تبغي الظفر بأهدافها بتجرد وتصادم فج مع شروط انتصارها، مع عناصر قوتها؛ أي مع محيط التعاطف والمساندة الدولية لها وكأن هناك معيناً لا ينضب من طاقة التدمير الذاتي، ولم نسمع عن مهمة كفاحية غصت بأهداف متناقضة وبالجملة استطاعت أن تتحقق؛ أي أهداف الانتفاضة، وكأن هناك رغبة في الاحتفاء بعظمة الخيبة ودرامية الانكسار؟!".

وتساءل عوض الله "فأية حركة وطنية تصر على المضي في معادلة لسان حالها يقول: كلما زادت الخسائر والتضحيات تآكلت النتائج وشحت الثمار؟!".

وانتقد بشدة ما اسماها العقلية التي أدت "إلى تعظيم المخاطر المحدقة بالأهداف الوطنية، وهي مخاطر حقيقية وواقعية. وإن كان من باب الهذر الذي لا طائل من ورائه إعادة التذكير بالأصوات العقلانية المتنوعة والمتعددة التي انطلقت محذرة من "الفهلوة" الرسمية في إدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن مفهوم "الفوضى" المسيطر عليها، ومخاطر الانزلاق إلى تكتيكات وأساليب نضالية متعارضة بشكل كلي مع الواقع الجغرافي والسياسي للأراضي الفلسطينية المحتلة، ومع طبيعة الاحتلال الاستيطاني وإمكانياته العظيمة العسكرية والإعلامية، وعلاقاته الدولية، واستحالة التقدم باتجاه تحقيق الأهداف الوطنية، دون تحييد هذه الإمكانيات المتنوعة الكبيرة، وتحويلها إلى عبء أخلاقي وسياسي على الاحتلال من خلال إعادة الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي إلى معادلته البسيطة والحقيقية: معادلة الجلاد والضحية".

واعتبر عوض الله أن المبادرات السياسية التي قدمت خلال الانتفاضة شكلت نجاحا لإسرائيل والولايات المتحدة "بدءا بتقرير ميتشيل، مروراً بخطة تينيت، وانتهاء بخارطة الطريق". وتوقف عوض الله بالتفصيل أمام ما اسماها أخطاء إستراتيجية وقعت فيها القيادة الفلسطينية من بينها، اعتقادها أن وصول الجمهوريين إلى رئاسة الولايات المتحدة سيكون لصالح الرؤية الفلسطينية لأسس حل الصراع، واعتقادها الثاني أن حكومة يمينية متطرفة بقيادة أرئيل شارون سيَسهُل عزلها دولياً وبالتالي إسقاطها، وأيضا اعتقاد هذه القيادة الثالث أن الصدام الدموي بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيكون قصيراً.

وعدد الباحث ما اعتبره أخطاء أخرى اسماها أخطاء مباشرة ومن بينها كما حددها عوض الله:

*غياب مرجعية سياسية واحدة للانتفاضة تتحكم بأدائها وأشكال نضالها تناغماً مع أهدافها ومحيطها السياسي الدولي، واشتداد مظاهر الانقسام والمزايدة وازدواجية الخطاب والتوجيه للانتفاضة.
*استفحال مظاهر الازدواجية بين الموقع السياسي والتمثيلي للسلطة وما يفرضه ذلك الموقع عليها من التزامات، وبين عجزها شبه الكامل عن ضبط الصراع وقيادة وتوجيه القوى الميدانية.
*ساهمت العمليات التفجيرية، التي استهدفت المدنيين الإسرائيليين، داخل حدود الـ48، في توحيد غالبية المجتمع الإسرائيلي، ونزوعه نحو التطرف والعنصرية، وأضعفت إلى درجة كبيرة من تأثير القوى العقلانية والرافضة للاحتلال داخل المجتمع الإسرائيلي.
*ساهمت تركيبة النظام السياسي الفلسطيني، خاصة اندماج فتح في السلطة، واندماج السلطة في حركة فتح، في زيادة مظاهر الفوضى من جهة، وإضعاف دور السلطة.

ويتوقف عوض الله محللا عند بعض منعطفات الانتفاضة مثل استحداث منصب رئيس الوزراء، بجهود إسرائيلية وأميركية، لتجاوز رئيس السلطة آنذاك ياسر عرفات.

ويشير إلى أن أوساطاً قيادية في حركة فتح، أيدت استحداث المنصب والهدف "وقف التآكل المستمر في دور حركة فتح ومكانتها ونفوذها". أما بالنسبة لوجهة النظر الإسرائيلية – الأميركية، فإنها هدفت من استحداث المنصب "نسف النظام السياسي الفلسطيني، وتصفية الهياكل والأطر الوطنية القائمة، التي تحول دون مرور المفهوم الإسرائيلي للتسوية، أي حكم ذاتي على 42% من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة محصورة في مناطق جغرافية مقفلة".

ولكن استحداث هذا المنصب لم يحل أية مشكلة وسقطت حكومة محمود عباس، الذي كان أول من شغل منصب رئيس الوزراء، ويرى الباحث أن سقوط حكومة عباس أدى "إلى فراغ سياسي خطير حرر حكومة اليمين الإسرائيلي مجدداً من الضوابط والضغوطات، على قلتها، ودفعها لاستثمار هذه اللحظة السياسية باتخاذ قرار مبدئي عجزت عن أخذه طول الفترات السابقة، ألا وهو قرار إبعاد الرئيس ياسر عرفات".

وتواصل ما يسميه الباحث التخبط السياسي الرسمي الفلسطيني، ليصل إلى تشكيل ما سمي حكومة الطوارئ ويعلق على ذلك "هذا الارتباك محصلة للتناقضات المستعرة في جسم السلطة وحزبها على الصلاحيات والسلطات. ومن المؤسف أن كل هذا يتطور وسط تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي، وفي مناخ دولي شديد الخطورة على القضية الوطنية، يتفاقم بتفاقم الفراغ السياسي الذي أحدثته الدربكة في تشكيل الحكومة الفلسطينية".

ويخصص عوض الله جزءا من بحثه لما اسماه "تآكل حركة فتح"، ويتوقف عند ما اسماه استكمال الحركة لعملية التحول إلى حزب السلطة "وماثلت بصورة تكاد تكون متطابقة تجربة الأحزاب المهيمنة في النظم السياسية لدول العالم الثالث والأنظمة الشمولية من حيث التداخل المركب والمعقد بين الحزب السياسي للسلطة ومؤسسات الدولة. وكل من سنحت له الفرصة لمراقبة تشكيل بنيان السلطة وأجهزتها المدنية والعسكرية يلاحظ التغوّل الذي مورس في التهام المواقع والمراكز القيادية في مؤسسات الشعب الفلسطيني على اختلاف ألوان نشاطها. وقد كان كافياً لكل راغب في إشغال تلك المواقع أن يكون عضوا قياديا في حركة فتح لتطوَّع له جميع المراكز الراغب في احتلالها".

ويضيف "جرى تنظيم عملية "الاستيلاء" على تلك المواقع من خلال معادلة الموقع التنظيمي بالموقع داخل السلطة. وهكذا جرت مكافأة قيادات هذه الحركة وتحفيز آخرين لهجرة أحزابهم أو استقلاليتهم للانخراط في حزب الثروة الوظيفية". وأدى ذلك إلى تحول فتح "من حركة واسعة التمثيل إلى حركة تمثل مصالح شريحة من البيروقراطية العسكرية - المدنية المتحالفة مع الأقسام الهامشية والطفيلية من البرجوازية الفلسطينية".

وفي مثل هذا الظرف، كما يرصد عوض الله، تقدم من يمليء الفراغ، ولم تكن سوى الحركة الإسلامية بمكونها الرئيس حركة حماس. وبعد رحيل ياسر عرفات، محور النظام السياسي ونواته المركزية، يقول عوض الله، أن النظام السياسي الفلسطيني انفتح على احتمالات واستحقاقات من نوع جديد نسبياً لم تعشه الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة حتى بعد قيام السلطة الفلسطينية.

وفي فترة لاحقة أخلت إسرائيل غزة، ويقول عوض الله أن الحركة الوطنية الفلسطينية أسقطت أسئلة كان يتوجب التصدي لها بعد هذا الاخلاء مثل: كيف يمكن جعل إخلاء غزة معبراً للاستقلال، وما هي الخطة السياسية والتفاوضية والكفاحية الجديدة؟، و كيف يمكن أن يساعد "نموذج" إدارة وقيادة قطاع غزة في رفد النضال الوطني؟

وبدلا من التصدي للإجابة على هذه الأسئلة وأخرى يوردها الباحث "تحول إخلاء غزة بالفعل إلى اختبار مفزع للشعب الفلسطيني ليس بسبب دموية الاحتلال ومخططاته فحسب بل وبأداء الفصائل الفلسطينية". ويعتبر الباحث بان فوز حركة حماس في الانتخابات المجلس التشريعي شكل "متغيراً جديداً على البناء السياسي الفلسطيني الذي ظل على مدار السنوات المنصرمة تحت هيمنة حركة فتح".

ويرى عوض الله أن فوز حماس كان فشلاً لفلسفة الحكم وإدارته، ويقول "أظهر فوز حماس، بخلفيتها السياسية والاجتماعية، ضعف المجتمع المدني ومؤسساته بالرغم من الأموال الهائلة التي صبت له، وهذا يحتاج بدوره إلى مراجعة شاملة من حيث قدرة هذه المؤسسات ببرامجها وقياداتها وأجسامها التنظيمية على تقوية المجتمع المدني كخط دفاع أساسي عن القيم والتقاليد التي سفح أموالاً ضخمة وهو يبشر بها".

ويتجنب الباحث الإشارة إلى مصدر الأموال الضخمة التي قدمت لما يسميها مؤسسات المجتمع المدني، وهي مصادر غربية، تمكنت من تحويل نخب فلسطينية واسعة إلى مجرد لاهثين خلف الدولارات، بينما أصبحت المنظمات غير الحكومية، حاضنة الفساد. وحول سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في شهر حزيران (يونيو) الماضي، الذي يسميه الباحث انقلابا يقول "لا يكفي أن تقول الحركة الوطنية إنها أُخذت على حين غرّة بهذا الانقلاب العسكري لحركة حماس. أما وقد حدث هذا واتضحت معالم التراجيديا الجديدة في سفر الكفاح الوطني المعاصر، فإن الاكتفاء بحسم الجانب القانوني والدستوري في الصراع مع حماس، على أهميته، وبما يستجلبه من شرعية لازمة لتثبيت المكانة والفعالية السياسية في وجه الانقلاب الدموي، أمر يدل في أحسن الأحوال على أن الدرس لم يُفهم بعد، وأننا نؤسس لانقلاب جديد، بلبوس قد يكون غير اللبوس الإسلامي الذي حدث في قطاع غزة.

 وإذا اعتقدت السلطة الشرعية الراهنة المتحزمة بالحركة الوطنية العلمانية، ونظيرها العلماني في المجتمع المدني أن المعركة بين الانقلابيين حُسمت بحسم الجانب القانوني والدستوري للشرعية فهي واهمة حتى العظم، ولم تقرأ جيدا الظروف والمناخات التي ولدّت هذا الانقلاب وجعلته ناجحاً بنتائجه المباشرة على الأقل". ويطالب عوض الله بإجراء عملية تقييم "جذري حد الجلد لمسيرة النظام السياسي الفلسطيني المتحول إلى سلطة" وإذا لم يتم ذلك كما يرى "فان هذه الشرعية عُرضة لخطر التآكل والتلاشي".

وبعد سبع سنوات، من اكثر الانتفاضات دموية في التاريخ الفلسطيني المعاصر، والذي قدم فيها الشعب الفلسطيني ما يمكن أن "يحرر عشرة شعوب" كما يقول البعض، فان اداء القيادات السياسية أدى إلى مآزق عديدة دخل فيها الشعب الفلسطيني، في حين استمرت هذه القيادات وبنفس الوجوه، في مناصبها، حتى دون أن تفكر في إجراء مراجعة نقدية، وهو ما لم تفعله الحركة الوطنية الفلسطينية، طوال تاريخها، منذ التورط في الحرب الأهلية في الأردن التي سميت أحداث أيلول الأسود، ثم المشاركة كطرف في الحرب الأهلية اللبنانية، والسقوط المريع، غير المبرر في تجربة الحكم الذاتي المحدود المسمى السلطة الفلسطينية، الذي لم يبقى منه على ارض الواقع شيئا من اسمه.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/1/298746.htm

الأربعاء، 23 يناير 2008

كيف تختفي الجبال في فلسطين؟

في عام 1967، كان مجدي الشوملي، يبيع التذكارات الدينية والسياحية أمام كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، وهو من جملة الأولاد الذين أشار إليهم الروائي أميل حبيبي، في (سداسية الأيام الستة)، تلك السلسة القصصية التي رصدت حربا شكلت مفصلا في تاريخ العرب المعاصر، ورغم أن السداسية من النصوص الأهم التي كتبت عن (حرب الأيام الستة)،  إلا أنها عانت من طغيان شهرة رواية حبيبي (المتشائل) المبهرة، والتي لم تبزها أي من أعماله الأخرى واسماها (بيضة الديك) التي تاتي في العمر مرة واحدة، وفي اغلب المرات لا تات.ولدى الشوملي، الذي اصبح كاتبا وناشطا ثقافيا، أشياء أخرى غير أميل حبيبي يذكرها عن ذلك العام، ولم تظهر إلا متأخرة، مثل رواية كتبها للفتيان بعنوان (صيف 67) وصدرت عام 2002، وتحدث فيها عن رحلة مدرسية إلى جبل أبو غنيم، في ذلك الصيف الذي شهد احتلال ما تبقى من فلسطين، ولكن الطلبة ومدرسهم يصطدمون بـ "ضيوف غرباء" على الجبل، ولكنهم مسلحين بالبنادق، ويمنعون الأولاد والطلبة من الوصول إلى الجبل.يقع جبل أبو غنيم، وهو عبارة عن غابة حرجية، تعتبر موئلا مهما للطيور والحيوانات، بين مدينتي بيت ساحور، والقدس، ضمته بلدية القدس الإسرائيلية إلى حدودها، ويحوي مواقع اثرية من بينها كنيسة قديمة وابار ومغر وقبور ومعاصر منقورة في الصخور.وفي منزل الشوملي، في البلدة القديمة ببيت ساحور، الذي يستضيف فيه أصدقائه ويظهر كثيرا من الود وحسن الضيافة، ناقش الشوملي مخطوطة روايته وهو يكتبها مع أصدقائه المقربين، بينما يقدم لهم النبيذ الأحمر الذي برع في صنعه.ولم يكن الشوملي، يحتاج إلى كثير من الشرح حول أهمية الجبل، الذي يحوي آثارا بيزنطية وأخرى اقدم، لان الجبل تحول قبل ذلك بسنوات، وتحديدا في شهر شباط (فبراير) 1997، الى أحد اشهر الجبال في العالم، يتصدر اسمه نشرات الاخبار العالمية.في ذلك الشهر، والجو في فلسطين ما زال ماطرا، أعلنت الحكومة الإسرائيلية وسط دعاية كبيرة وغريبة، عن نيتها مصادرة الجبل، الذي تعود ملكية ثلثه إلى مواطنين فلسطينيين، والباقي ذو طابع آخر من الملكية العامة، والبدء ببناء 6500 وحدة سكنية لليهود عليه.وجاء قرار الحكومة الإسرائيلية، في ظروف كانت فيها الإدارة الأميركية آنذاك، قد بدأت جهودا لإحياء ما وصف العملية السلمية، وبعد أسابيع فقط من توقيع اتفاق الخليل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.ومثلما هو متوقع فان القرار الإسرائيلي، استتبع ردود فعل معارضة فلسطينية، وإسرائيلية خصوصا من قوى السلام والمنظمات المدافعة عن البيئة، وأميركية رسمية.وحمل ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية آنذاك، الموضوع، إلى البيت الأبيض، خلال لقائه الرئيس بيل كلينتون في بداية آذار (مارس) 1997، ولكن عرفات فوجيء بتفهم كلينتون النسبي، لقرار حكومة بنيامين نتنياهو بالسيطرة على الجبل الذي اصبح يعرف في إسرائيل بحي (هار حوما)، مشيرا إلى ضرورة أن يحاول عرفات استيعاب الضغوط التي تمارس على نتنياهو، من قبل أعضاء الائتلاف الحكومي اليمينيين، وعندما اسقط بيد عرفات، طلب من كلينتون أن يمارس ثقله على الأقل لتأجيل بناء المستوطنة الجديدة، واستجاب الرئيس الأميركي لعرفات، وارسل مبعوثه دينيس روس إلى نتنياهو، راجيا واملا تأجيل البناء.وترك نتنياهو الإجابة لآخرين من أعضاء حزبه للرد، مثل اهود اولمرت، رئيس بلدية القدس آنذاك، الذي قال بان "هار حوما (جبل أبو غنيم) هو الامتحان الجوهري لقدرة الحكومة على الاحتمال والقيادة".وبدأت أعمال البناء في الجبل، بعد أربعة أيام، وأخذت الجرافات الإسرائيلية، تقتل الأشجار الحرجية في الجبل، بلا رحمة، وعلى الجانب الفلسطيني، بدأت أيضا احتجاجات واسعة على ما يفعله الإسرائيليون في الجبل.وصعد عشرات من الفلسطينيين إلى جبل الديك، المقابل، لجبل أبو غنيم، ونصبوا خيمتين للاعتصام، تحولتا فيما بعد إلى خيمة كبيرة.وسمح جنود الاحتلال للفلسطينيين، بوضع الخيمتين في منطقة معينة من جبل الديك، بينما بدأت أوسع حملة إعلامية، لتغطية ما يحدث في جبل أبو غنيم، ونصبت محطات التلفزة الإسرائيلية أجهزة بث لنقل الأحداث مباشرة، وفعلت مثلها بعد أيام محطات عالمية، وبعد أربعة أيام، طلبت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مادلين أولبرايت، من سفيرها في تل أبيب آنذاك أيضا، مارتين إنديك أن يحمل رسالة، وصفتها المصادر الأميركية بـ "الصارمة" إلى نتنياهو مفادها أن واشنطن "ترى في إقامة الحي خطوة تضعضع كل ما نحاول القيام به".ورفع المندوبون العرب في الأمم المتحدة، الموضوع إلى مجلس الأمن الذي انعقد لبحث الموضوع، ولكنهم اصطدموا بالفيتو الأميركي الصارم في كل ما يتعلق باسرائيل.أما في موقع الأحداث، فان خيم الاعتصام في جبل الديك، أخذت تستقطب المزيد من الاهتمام، وتستقبل يوميا أعدادا كبيرة من الزوار من مختلف أنحاء العالم، وإحدى هذه الخيم حولها الراحل فيصل الحسيني، الزعيم الفلسطيني البارز، إلى مقر له، واوقف على بابها بعض المرافقين له، واستقبل فيها ضيفا غريبا هو جدعون عيزرا، نائب رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) سابقا، الذي جاء ليبحث موضوع الجبل مع الحسيني، ولكن الزيارة لم تعجب المعتصمين الفلسطينيين العاديين على الجبل، وتمكن مساعدو الحسيني من إسكات المحتجين منهم، الذين اخذوا يصرخون في وجه عيزرا بعد خروجه من خيمة الحسيني، الذي ينحدر من عائلة تنتمي إلى الإقطاع السياسي في فلسطين.واراد الحسيني، الدمث والبشوش والمتواضع، إقناع المعتصمين بالمحافظة على شكل احتجاجي سلمي على ما يحدث في جبل أبو غنيم المقابل، الذي لم يؤثر الضجيج الإعلامي الكبير، أبدا على ما كان يتعرض له من تدميره كغابة حرجية، وتحويله إلى كتلة اسمنتية يهودية.وبعد أيام، ودع الحسيني، الذي يناديه الجميع بكنيته (أبو العيد) المعتصمين، وابلغهم انه سيذهب في جولة خليجية، وعندما عاد من جولته، لم يمكث إلا وقت قصير في الجبل شكر فيه المعتصمين وابلغهم أن ما حصل عليه خلال جولته، وهو مبلغ يناهز السبعة ملايين دولار، تبرع بها "الأشقاء العرب"، ما كان ليحدث لولا صمودهم في الجبل.وغادر الحسيني، جبل الديك، ليمارس عمله من القدس، ولم يعد إليه مرة أخرى، ولكن آخرين من شخصيات إسرائيلية وعربية وعالمية واصلوا التدفق إلى الجبل، ومنهم مثلا الكاتب المصري لطفي الخولي، أحد أقطاب ما عرف آنذاك بمجموعة كوبنهاجن، وهي مجموعة "سلمية" مكونة من إسرائيليين وعرب، رأت فيما يحدث في جبل أبو غنيم مناهضا لسعي المجموعة من اجل السلام، وجاء بعده شخصيات أخرى مثل الإعلامي عماد الدين أديب، الذي اعد وبث برامج من الجبل، ولدى وصوله، وجد نفسه محاطا بالمراسلين الشغوفين لأي جديد، فأطلق تصريحات منددة بما تفعله إسرائيل ولم ينس أن يحذر أميركا من مغبة صمتها أو موافقتها على الاستيطان الإسرائيلي في الجبل، وقال بان الرأي العام العربي لن يقبل أبدا بما يحدث.وخلال وجوده شارك أديب، الفلسطينيين، في صلواتهم التي كانوا يقيمونها على الجبل، خصوصا أيام الجمع.ولم تقتصر الصلوات في الجبل على أيام الجمع، ولكن في أيام الآحاد، أقيمت صلوات مسيحية، ونشاطات أخرى، خصوصا وان الربيع أعلن عن قدومه مع استمرار الاعتصام.وتأخر كثيرون عن المجيء إلى الجبل، من الشخصيات الفلسطينية التي كانت تطلق تصريحات شبه يومية عن ما يحدث في الجبل، مثل المفاوض الدكتور صائب عريقات، دون ان يدروا حقيقة ما يجري في المكان.وتحول الجبل إلى موقع لنشاطات وفعاليات كثيرة، ومتنوعة، بعضها بدا خارجا عن سياق الاعتصام في الجبل، مثل ما حدث مع شخص اسمه يورب بارني، وهو لاعب كرة سلة أميركي في فريق إسرائيلي، الذي تردد على الجبل، لمقابلة صديق فلسطيني، ليعلمه مبادئ الإسلام، وفي أحد الأيام، فأجا بارني المعتصمين على الجبل، بأنه اعتنق الإسلام، وتم الاحتفال به، واصبح اسمه بلالا.ومع استمرار إسرائيل في بنائها على جبل أبو غنيم، وبدت المستوطنة عليه تصبح أمرا واقعا، اخذ الاعتصام على جبل الديك، يفقد القه، حتى أصبحت خيمة الاعتصام خالية، إلا من شخص واحد يأتيها مساء الجمعة ويغادر مساء السبت، ولم يكن هذا سوى طالب يهودي هاو للرسم، اسمه (جون كاتس)، الذي ذهب بعيدا في القطيعة عن مجتمعه وكان يحلم بالحصول على الجنسية الفلسطينية، واصبح من مفارقات معركة جبل أبو غنيم، أن أخر المعتصمين أو "المقاتلين" فيها كان رسام يهودي شاب، ياتي يوما في الاسبوع ليرسم مناظر الجبل الخلابة التي تستعد للزوال نهائيا.وبعد فترة ليست بالقليلة من نزول الفلسطينيين عن الجبل، كان موضوعه ما زال عالقا لدى شخصية سياسية عالمية، هي روبن كوك، وزير الخارجية البريطاني العمالي، الذي أعلن وهو يزور إسرائيل، انه مصمم على زيارة جبل أبو غنيم، وهو ما عارضته الحكومة الإسرائيلية، ولكنه أصر على موقفه ووصل الجبل، ليعلن معارضته للمجزرة التي تحدثها الجرافات الإسرائيلية، وردا على زيارته ألغى نتنياهو عشاء لوزير الخارجية البريطانية، الذي تبين انه من عشاق الجبال الكبار، ومن المفارقات أيضا، انه توفي وهو في جولة على أحد جبال اسكتلندا، بعد ان زلت قدمه.    وتواصل العمل في جبل أبو غنيم، وتحولت مستوطنة هار حوما، إلى حي يهودي راق، لم يتوقف العمل فيه لحظة واحدة، وفي بداية العام 2006، أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إحراق الجزء الاكبر مما تبقى من غابة جبل أبو غنيم، وكان الهدف هو بناء أكبر تجمع طبي في الشرق الأوسط في الموقع بالإضافة إلى تجمع ترفيهي من برك سباحة وفنادق تجذب السياح للمنطقة.وبقيت إسرائيل تعمل على تطوير الحي الاستيطاني، إلا انه اختفى من الاجندة الفلسطينية والعربية، حتى عاد مؤخرا إلى الإعلام، والسبب إعلان إسرائيلي، بعد مؤتمر انابوليس، الشروع ببناء 303 وحدات سكنية لتوسيع الحي الاستيطاني على الجبل.وما حدث بعد هذا الإعلان، ذكر بما حدث في أزمة الجبل عام 1997، بما فيه الموقف الإسرائيلي (الحكومة والمعارضة)، والفلسطيني، والأميركي (تصريحات وزيرة خارجية أميركية ثانية)، مع فارق وحيد وجوهري، انه لم يحدث تحرك جماهيري للتصدي للهجمة الاستيطانية الجديدة، والسبب الإحباط الذي يخيم على الفلسطينيين.وهناك فارق آخر، أن السيطرة الإسرائيلية توسعت في المكان لتشمل جبل الديك، أما الوحدات الاستيطانية الجديدة، فان الجرافات الإسرائيلية، صعدت إلى جبل مجاور لجبل أبو غنيم، تنتظر إشارة البدء لتنظيفه من الأشجار الحرجية.وهكذا تختفي الجبال في فلسطين، لتصبح كتلا اسمنتية، وبعد أن تراجع الاهتمام الإعلامي أمام المشهد الحزين والمأساوي، عادت إسرائيل، لتلقي بقنبلة أخرى، اشد من الأولى، لكن لم تحدث دويا كبيرا، حين أعلنت، أنها قررت بناء 1000 وحدة استيطانية في جبل أبو غنيم على أراض مصادرة من فلسطينيين، وفقا لقانون أملاك الغائبين، خلافا لأوامر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مزوز بعدم تطبيق قانون أملاك الغائبين داخل حدود القدس، ورغم الوعد الذي قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة بعدم تطبيق هذا القانون على الأملاك داخل القدس.وقبيل زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش، إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، قرر المستوطنون استقباله، بالاستيلاء على 20 دونما بين جبل أبو غنيم وبيت لحم، واقامة مستوطنة عليها.ومنذ مؤتمر انابوليس حتى الان فان التطورات تلاحقت بشكل سريع، لتسيطر إسرائيل على اكثر من جبل وخربة أثرية تضم آثارا مهمة، بالقرب من جبل أبو غنيم، وإحاطة المنطقة بشوارع عسكرية والتفافية، واسيجة، أصبحت، ممنوعة ليس فقط ممنوعة على الفلسطينيين، ولكن حتى على حيواناتهم البرية، التي لم تعد تعرف أين تسكن، فاقتربت اكثر من التجمعات السكانية، وخلال الأسبوع الماضي، سجل حادثا نادرا، عندما تمكن راهب يوناني أرثوذكسي، يعيش في دير قديم قبالة الجبال المصادرة، من قتل حيوان الضبع الفلسطيني المخطط.واثار ذلك أهالي بيت ساحور، خصوصا وان منهم من قال بأنه شاهد عائلات من الضباع اقتربت للعيش من مساكن الأهالي.وأصدرت جمعية الحياة البرية في فلسطين بيانا علقت فيه على ما وصفته الحدث الكبير نسبيا بمقتل الضبع الفلسطيني جاء فيه، أن النشاط الاستيطاني في المنطقة شرد حيوانات أخرى مثل الثعلب الأحمر، وابن أوى، والنمس المصري، والغزلان، والحجل الجبلي، والأرانب البرية، والنيص/الشيهم، وغيرها التي هجرت أوكارها للابد، مثلما حدث مع أصحاب الجبال الفلسطينيين، وربما يحفز ما يحدث الشوملي، لكتابة جزء جديد من حكاية جبل ابو غنيم التي لم تنته منذ بدات قبل اربعين عاما.

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=10648&article=455260

خاتم خادم هيكل سليمان!?



تعتبر عالمة الآثار الإسرائيلية ايلات مزار، اكثر المشتغلين بالآثار في إسرائيل إثارة للجدل، وتربط مزار كل ما تفعله في مجال الحفريات الأثرية بأحداث الكتاب المقدس، وهي حفيدة بنيامين مزار، عالم الآثار الإسرائيلي الذي بدا عمليات الحفر المثيرة للجدل خلف أسوار الحرم القدسي الشريف، بعد حزيران (يونيو) 1967 مباشرة بحثا عن هيكل سليمان، خلافا لكل القوانين الدولية التي تتعلق بالبحث عن الآثار في الأراضي المحتلة.

وحينها أوقفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كل تراخيص الحفر التي كانت منحتها السلطات الأردنية قبل الحرب لعلماء آثار أجانب، وجعلت مزار يحتكر الحفر في القدس.


وتعرضت عمليات الحفريات التي بدأها مزار بعد احتلال القسم الشرقي من القدس إلى انتقادات واسعة، وكذلك واجهها الفلسطينيون والعرب بموجات من الغضب، ولكن هذا لم يوقفها، بل تواصلت الحفريات حتى الان، وتوسعت لتصل تحت المسجد الأقصى مباشرة، وتعتبر ايلات مزار نفسها، ليست فقط حفيدة بيولوجية لمزار الجد، ولكن أيضا تلميذته وحفيدته والمؤتمنة على رسالته الأثرية، لذا فهي تواصل ما بدأه جدها.


وينظر لايلات مزار الان، من قبل مريديها في إسرائيل وفي العالم، وقطاعات أخرى من الرأي العام الإسرائيلي، كراس حربة في إثبات أحداث التوراة استنادا إلى الحفريات الأثرية.وتنسب لمزار معظم الاكتشافات التي أعلنت في السنوات الأخيرة في محيط القدس، خصوصا بلدة سلوان، التي تعتبرها مزار بأنها مدينة الملك داود، وربطت بأحداث التوراة.


ولا تخلو إعلانات مزار من الإثارة والجدل حتى بين علماء الآثار في إسرائيل، الذي يشعر كثير منهم بالغيرة منها، ومن الإمكانيات التي وضعت تحت تصرفها للحفر في القدس القديمة، وبلدة سلوان، جنوب أسوار القدس.


وتمتلك مزار قدرة فائقة على إثارة الجدل حولها، وهو ما فعلته أخيرا حين أعلنت عن اكتشافها لخاتم يعود لاحد اليهود الذي قالت بانه عمل كأحد الخدام في الهيكل الأول، وتعرض كباقي يهود تلك الفترة للسبي إلى بابل، وقالت بأنه تم العثور على هذا الختام خلال الحفريات الأثرية التي تجريها في مدينة داود، وتقصد بلدة سلوان. والخاتم مصنوع من الحجر الأسود، ويخص شخص اسمه (تيماح) كما تقول مزار، وتقدر أن عمر الخاتم 2500 عام.


وأشارت مزار بأنها عثرت على الخاتم في الحفريات التي تجرى الان مقابل باب المغاربة، أحد أبواب بلدة القدس القديمة. وربطت مزار، بين اسم تيماح، وسفر نحميا في العهد القديم، وهو أحد الأسفار الذي يتحدث عن السبي البابلي عام 586 قبل الميلاد، ويرد في هذا السفر، أسماء العائلات التي عادت من السبي. وتقول مزار بان الخاتم يعود لاحد أفراد العائلات التي عادت من السبي البابلي إلى القدس، وترجح بأنه تم شراء هذا الخاتم من بابل.


وابعاد الخاتم هي: 2.8 في 1.8 سم، ونقش عليه صورة لاثنين من رجال الدين يقفان على جانبي مذبح تحرق فيه البخور، بشكل يمكنهما من إقامة العبادات.


ويظهر على الخاتم هلال أعلى المذبح، واعتبرته مزار بأنه أحد رموز كبيرة الآلهة البابلية، وتحت المذبح توجد أشكال عبرية يمكن تهجئتها لتدل على اسم (تيميش)، والقرب واضح بين هذا الاسم واسم (تيماح) الموجود على الخاتم.


وتقول بان الرموز الموجودة على الخاتم هي بابلية، ولكن هذا لم يشكل إزعاجا لليهود لاستخدامه، وتقصد صاحب الخاتم الذي وجد على بعد عشرات الأمتار فقط من المكان الذي تقول انه بني فيه الهيكل، وتقصد المكان الذي يشغله الان الحرم القدسي الشريف. وتضيف مزار "خاتم تيميش، يؤكد لنا وجود صلة بين علم الآثار والكتاب المقدس، وهذا الخاتم بمثابة دليل على وجود الأسرة المذكورة، مما يؤكد مصداقية الكتاب المقدس، انه امر يبعث على الدهشة".


ومثلما فعلت مزار في اكتشافات مشابهة، استغلت مشاركتها في مؤتمر هرتسيليا السنوي، لتعلن عن اكتشافها للخاتم، مما زاد من الإضاءات الإعلامية عليه. وعندما وقفت مزار على منصة المؤتمر تحدثت أولا عن مكتشفاتها في القدس، ومن بينها ما قالت انه جزء من جدار بناه الملك سليمان وكذلك إحدى بوابات المدينة القديمة، واثار تعود إلى خمسة آلاف عام.


وقالت "من بين العشرات من المكتشفات تجدر الإشارة إلى الخاتم الذي عثرت عليه ويحمل اسم إحدى الأسر اليهودية التي عادت من السبي البابلي إلى القدس".


وبسبب ما يتمتع به مؤتمر هرتسيليا من احترام، ويعتبر منتدى سنوي يتحدث أمامه كبار رجال الدولة والجيش والباحثين في إسرائيل، فان خاتم مزار أضحى مثار نقاش واسع.


وتصدى كثيرون من المهتمين بالآثار لتأويلات مزار بشان الخاتم، وتلخصت انتقاداتهم لها، حول بعض الأمور المنهجية، مثل قراءتها للحروف على الخاتم من اليمين إلى اليسار، وأخرى حول الرموز البابلية على الخاتم، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال تجعله ينسب لشخص يهودي.


وركز آخرون على السياق الذي وضعت فيه مزار الخاتم، وراو تعسفا في الربط بينه وبين نصوص العهد القديم، وانتقدوا اعتبار مزار له دليلا على صحة روايات العهد القديم. واعتبر هؤلاء أن قوائم الأسماء التي وردت في سفر نحميا وغيره من الأسفار هي أسماء غير واقعية، وكانت مثار نقاش وجدال بين علماء الكتاب المقدس انفسهم.


والنقاش حول الخاتم هو في بدايته، ويحظى كل يوم جديد، باهتمام آخرين من الأوساط الأكاديمية العالمية، والباحثين في تاريخ الشرق القديم، في غياب العلماء العرب أصحاب الخاتم أنفسهم والذي عثر عليه في أرضهم، وان كان ذلك تم بطريقة غير شرعية.


http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainment/2008/1/298186.htm

الأحد، 20 يناير 2008

قبر المسيح الضائع

قالت أرملة عالم آثار إسرائيلي، الذي توفي قبل 28 عاما، بان زوجها كان يعلم بوجود ما أسمته قبر السيد المسيح، في منطقة تلبيوت، وهو الاسم الإسرائيلي لحي البقعة، أحد أحياء مدينة المقدس، ولكنه تخوف من أن يكشف عنه، خشية من "موجة عداء للسامية"، بسبب ما يبدو في الأمر من تحدي للمعتقدات المسيحية الكلاسيكية.

والحديث عن القبر الذي،








 أنجز فيلم عنه قبل نحو عام بعنوان (قبر المسيح الضائع) وهو من إنتاج جيمس كاميرون مخرج فيلم (تايتانيك), وإخراج الإسرائيلي الكندي سمحا جاكوبوفيسي.


واثار الفيلم ضجة عالمية، وافترض صانعوه، من دراسة توابيت عثر عليها داخل القبر عام 1980، بأنها للمسيح عليه السلام، وامه مريم، وثالث لمريم المجدلية، وتابوت لمن زعم انه شقيق للمسيح، واخر قدم بأنه لابن المسيح اسمه يهوذا، ووجد أيضا داخل القبر أربعة توابيت لم ينقش عليها أسماء.
وقوبل الفيلم بمعارضة وضجة خصوصا من المؤسسات الدينية المسيحية، وهدأت الضجة التي سبقت ورافقت عرض الفيلم التسجيلي الان خصوصا في العالم العربي، ولكن النقاش حوله عاد من جديد، بعد أن أعلنت روت جات، أرملة عالم الآثار الإسرائيلي يوسف جات، بان زوجها كان يعلم بأمر القبر، وبانه للمسيح.


وجاء إعلان جات، خلال تسلمها جائزة إنجاز العمر التي منحت لزوجها الراحل يوسف جات من سلطة الآثار الإسرائيلية، في ختام مؤتمر أكاديمي عقد في القدس واستمر أربعة أيام، وناقش مواضيع أثرية وتوراتية، وتم تخصيص احدى ندواته حول ما اصبح يعرف بقبر تلبيوت، شارك فيها علماء آثار من إسرائيل ومن مختلف أنحاء العالم.


وأبلغت روث غات المشاركين في المؤتمر، بان زوجها علم بموضوع القبر، ولكنه انتابه القلق والخوف من الكشف عن ذلك.


وقالت بان زوجها عاش طفولته في بولندا عندما كانت محتلة من قبل النازيين، وكانت ذكريات الطفولة المريرة ما زالت عالقة في ذهنه، وانه ابلغها خشيته من "موجة عداء للسامية" قد تنفجر إذا كشف عن القبر وقال انه للمسيح، رغم انه كان يشعر بالارتياح لان العالم قد "تغير نحو الأفضل".
وأشارت، بان زوجها ناقش معها الأمر في المنزل، بعد فترة وجيزة من اكتشافه للقبر، عام 1980، وقالت انه كتب تقريرا عن القبر لعالم الآثار عاموس كلونر، المدير السابق للآثار في منطقة القدس، اشار فيه الى انه للمسيح، ولكن كلونر، الذي شارك ايضا في الكشف عن القبر، استبعد ما قالته أرملة عالم الآثار الإسرائيلي الراحل، وقال أن فكرة أن جات كان يعتقد بأنه اكتشف قبر المسيح ليس صحيحة على الإطلاق.


واعتمد فيلم كاميرون- جاكوبوفيسي، على دراسة هذا القبر الذي أعلنت اكتشافه سلطة الآثار الإسرائيلية عام 1980، وشارك في الكشف عنه يوسف جات، وعاموس كلونر، ولكنه لم يقدم وقتها كقبر له علاقة بالمسيح، حتى إنتاج الفيلم المثير.


وفي الجلسة الختامية للمؤتمر، وبعد تعقيبات روث جات، قال اثنان من المتحدثين وهما: الدكتور شمعون جيبسون، الذي كان اثريا شابا عام 1980 وشارك في الحفريات التي أجريت في القبر، واريك ميرز، أستاذ الدراسات اليهودية في جامعة ديوك، انهما لا يعتقدان أن القبر في شرق تل بيوت، له علاقة بالمسيح.


وقال جيبسون، بان جات، الذي عمل تحت إدارته، لم يقل له أبدا انه يعتقد بان القبر المكتشف هو للمسيح، لذا فهو يستغرب من أقوال أرملته.
وشارك في النقاش اثنان من العلماء وهما إسرائيل كوهل، أستاذ الكتاب المقدس في الجامعة العبرية، وجيمس تابور، أستاذ الدراسات الدينية في جامعة كارولينا الشمالية، وقالا انه من الممكن جدا أن يكون القبر مدار الحديث هو فعلا قبر السيد المسيح.


 أما جيمس جارليسورث، أستاذ العهد الجديد في جامعة برنستون اللاهوتيه، فقد رفض فكرة أن المسيح قد دفن في القبر، ولكنه قال "علينا أن نكون منفتحين إزاء احتمالية أن يكون القبر مرتبطا بعشيرة يسوع".


وقال انه يشعر بعد أن سمع آراء المتحدثين في المؤتمر، أن القبر يحتاج إلى مزيد من الدارسة، وكذلك البحث في أماكن مجاورة له للحصول على مزيد من المعلومات.
ووصف بعض المتحدثين مخرج فليم (قبر يسوع الضائع)، بأنه كذاب ويخلط بين الواقع والخيال، وقال عاموس كلونر، الذي كشف عن القبر مع يوسف جات، بان المخرج جاكوبوفيسي مصاب بارتباك في الدماغ، وانه صنع فيلمه على طريقة هوليود.


واضاف بأنه "لا يوجد أي دليل علمي يثبت أن القبر هو ليسوع وعائلته" بل انه "مجرد قبر يهودي يعود إلى القرن الأول بعد المسيح".
واضاف أن "الأسماء الظاهرة على التوابيت مهمة جدا لأنها تذكر بأسماء شخصيات رئيسية في العهد الجديد. لكن من يقول أن مريم هي مريم المجدلية وان يهوذا هو ابن يسوع؟ هذا لا يمكن إثباته بشكل قاطع".


وقال انه تم اكتشاف نحو 900 قبر حول مدينة القدس ويعود تاريخها إلى الحقبة نفسها يتكرر فيها اسم يسوع 71 مرة كما عثر على اسم "يسوع بن يوسف".


وحسب الرواية التقليدية، فان المكان الذي يفترض انه دفن فيه المسيح، هو كنيسة القيامة في البلدة القديمة من القدس، والتي بنيت بعد نحو أربعة قرون من حادثة الصلب، عندما جاءت هيلانة (القديسة فيما بعد) والدة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين وبحثت بنفسها عن مكان الصلب في مكان كان يستخدم كمكب نفايات، ونظفت المكان وبنيت الكنيسة التي كانت تعرف باسم (كنيسة القمامة)، وبقيت تعرف بهذا الاسم حتى عصر متأخر، حيث أصبحت (كنيسة القيامة) في العهد العثماني المتأخر.


ويوجد في مدخل الكنيسة الرئيس قبر رخامي احمر، يفترض وفقا للتقليد الكنسي، انه دفن المسيح فيه، قبل قيامته، وصعوده للسماء.


وكلتا الحادثتين، الصلب والقيامة، أساس العقيدة المسيحية. فالصلب حدث فداء لاخطاء البشر الذي لا يكون إلا بالدم، والقيامة، وهي كناية عن قبول الله للكفارة. ويفترض أن القبر كما حددته هيلانة يقع في موضع الجلجلة التي يعتقد أنها كانت مكانا لإعدام المجرمين في العهد الروماني.


ويعرف هذا القبر باسم (القبر المقدس) وبدعوى حمايته، اندلعت ملحمة الحروب الصليبية التي شكلت احتكاكا دمويا بين الشرق والغرب استمر نحو 200 عاما، وما زالت اثاره تسكن العقول الجمعية لشعوب المنطقة.


وكان في المكان هيكل أقامه الإمبراطور الروماني ادريانوس لفينوس. وخلال عقد المجمع المسكوني الأول في نيقيا عام 325، دعا أسقف القدس مكاريوس الإمبراطور قسطنطين إلى تدمير هذا الهيكل للبحث عن قبر المسيح، ومن هنا جاء دور هيلانة التي كشفت عن القبر المفترض، ونظفته وبنت عليه كنيسة صغيرة، وبعد أربعة قرون أضيف إليها كنيسة أخرى باسم كنيسة الجلجلة. وتعتبر كنيسة القيامة الان، مجمعا لكنائس عديدة، ومغر وقبور ودهاليز، جميعها تم ربطه بقصص الكتاب المقدس.
وفي عام 1009 أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي بتدمير كنيسة القيامة، وعندما احتل الصليبيون القدس في 15 يوليو (تموز) قرروا إعادة بناء الكنيسة، وإنشاء مبنى ضخم يحوي داخله جميع الأبنية الأساسية ومنها القبر المقدس.


وفي حين أن المؤمنين من مختلف العالم يقصدون كنيسة القيامة، فان هناك مكانا خارج السور يحظى بالاهتمام باعتباره المكان المفترض للقبر. يسمى (بستان قبر المسيح) وتشرف عليه جمعية خيرية بريطانية مستقلة تعرف بجمعية بستان قبر المسيح. وفي داخل المكان يوجد قبر حجري اكتشفه عام 1867م، ضابط بريطاني، ومعصرة قديمة وبئر مياه ومكتبة حديثة وكل ذلك وسط حديقة بالغة الجمال، ويقصد المكان الكثير من المؤمنين الأجانب، وتقوم بالعناية به متطوعات بريطانيات، يقصدن الأرض المقدسة تبركا وتدينا.


الجمعية التي تشرف على المكان تعرفه "كان هذا الموقع جزءا من مقلع قديم للحجارة، وبحسب التقليد فقد كان اليهود يستخدمون هذا المقلع للرجم بالحجارة، والرومان استخدموه لإنزال عقوبة الإعدام عن طريق الصلب. وكان ذلك يتم بالقرب من الطرق الآهلة بالمارين كي تكون سببا للردع، وهذا البستان يطل على شوارع رئيسة ومحطة حافلات، وكانت الطرق إلى دمشق وأريحا تتفرع من هنا، ولهذا السبب يعتقد أن يكون هذا المكان هو الذي تمت فيه عملية صلب المسيح، والكتاب المقدس يتحدث عن صلب المسيح خارج المدينة". وحول اختلاف ذلك مع الرواية السائدة التي تقول إن حادثة الصلب وقعت في مكان كنيسة القيامة تقول الجمعية "كنيسة القيامة تقع داخل أسوار البلدة القديمة، واثار ذلك الشكوك حول ما إذا كان الموقع الذي تقوم عليه هو مكان الصلب. وهناك احتمال أن يكون هذا البستان هو الموقع الحقيقي الذي تم فيه صلب المسيح، لان الصلب، كما يقول الكتاب المقدس كان يتم خارج أسوار المدينة، ومع هذا لا يمكن الجزم في ذلك".


وفي عام 1970 درست هذا القبر عالمة الآثار الشهيرة كاثرين كينيون، وتوصلت إلى انه يعود للقرن الأول الميلادي، مما اثلج صدور أصحاب الرأي الذين يرون انه المكان الحقيقي الذي شهد حادثة الصلب.
والنقاش ما زال مستمرا.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/1/297437.htm

الجمعة، 18 يناير 2008

أكلة فلسطينية: أم أربعين بهارا

تقع قرية الشيوخ على واحد من سلسلة جبال الخليل، والتي أسسها قطب صوفي هو الشيخ إبراهيم الهدمي، الذي توفي في عام 1329م، ويعرف سكانها الان أنفسهم بأنهم من ذرية هذا الشيخ الذي ينتسب إلى الحسينيين، واشتهر سكان القرية باعتمار العمة الخضراء، تثبيتا لسلوك متوارث يؤكد انتسابهم للنبي محمد (ص).

ويشار الى ان الذي امر بارتداء العمائم الخضراء هو السلطان المملوكي الملك الاشرف زين الدين شعبان بن محمد بن قلاون. ويقع مشهد قبر الهدمي في القرية، ويعتبر من معالمها البارزة، وهو ضمن المسجد القديم، الذي أدخلت عليه تعديلات كثيرة.

وفي الشيوخ أيضا تعيش أم فارس حساسنة، وهي مثل باقي السكان من ذرية الهدمي، وتسكن أم فارس في منزل يطل على وادي سعير من عل، ومن موقعها هذا تمارس مهاراتها المختلفة ومن بينها اشتهارها بصنع أكلة شعبية فلسطينية، تكاد لا تكون مشهورة، تسمى (الشدّة)، مكونة من مواد ينتجها الفلاح الفلسطيني، ويصنعها لتعينه على برد الشتاء القارص خصوصا إذا كان يعيش في الجبال، مثل أهالي الشيوخ.

كانت أم فارس تجلس في الفسحة الترابية الخلفية المشجرة لمنزلها، بينما تطلع بناتها وزوجات أبنائها، بمهمة العناية بقدر موضوع على نار، ويتلقين الأوامر من أم ناصر. رحبت أم فارس بمراسلنا الذي كان في جولة في جبل الخليل، وأبدت استعدادا لشرح طريقة الأكلة التي تعدها وما زالت في القدر على النار. وقالت أم فارس بان الشخص إذا تناول طعامه من أكلة (الشدة) هذه فانه يستطيع الصمود يومين بدون أكل، بالإضافة إلى مزاياها الأخرى الهامة التي تساعد الأطفال في نموهم وتقوي عظامهم.

وحول مكونات هذه الأكلة تقول أم فارس، بأنها مكونة أساسا من الدبس والقمح المجروش، وبعد تحضير الدبس من العنب بالطريقة المعروفة، يتم تحميص القمح، ثم جرشه على الطاحونة اليدوية التقليدية الحجرية، وبعد الانتهاء من طحن القمح يوضع في قدر كبير مع بهار (القزحة) ويتم تسبيك الخليط فترة مناسبة، ويضاف إليه الدبس، مع كمية مناسبة من "زيت الزيتون البلدي الحر" حسب تعبير أم فارس، وكل هذا مع استمرار تحريك الخليط ووضع مياه حسب الحاجة.

وتضيف أم فارس "في أخر مرحلة نوضع بهار الأربعينية، وهو بهار معروف لدى العطارين ومكون من أربعين نوعا من البهارات، ونستمر في طبخ الخليط على النار مع تحريكه، حتى يصبح جامدا، ويتم ذلك بعد نحو خمس إلى ست ساعات من الطبخ، ويصبح جاهزا للأكل في كل أيام السنة". وتطبخ أم فارس كل عام كميات مناسبة وكافية من هذه الأكلة، حتى تطعم العائلة الممتدة، وكذلك الجيران، وكل من يطلبها.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainment/2008/1/296869.htm

الأربعاء، 16 يناير 2008

«أدب المقاومة» الفلسطيني الجديد يكتبه هواة

منذ مدة ليست بالقصيرة، تحول مصطلح «أدب المقاومة» إلى شيء كريه يتوجب تجنبه بالنسبة لأجيال أدبية فلسطينية مختلفة، حتى أن من أطلق عليهم في الستينات «شعراء المقاومة»، وبنوا شهرتهم على ذلك باتوا يتهربون من التصاق هذا الشعر بهم، مثل محمود درويش، الذي يواصل تألقه الشعري بعيدا عن أية قوالب، ومثل سالم جبران، الذي توقف عن قرض الشعر. هذا عدا ان بعض من أطلق عليهم «شعراء المقاومة» لهم خياراتهم السياسية، التي قد تكون بعيدة كثيرا عن المفهوم التقليدي والشائع عربيا لما يسمى «أدب المقاومة».

فالشاعر سميح القاسم مثلاً، اسبغ على نفسه صفات جديدة مثل «الشاعر العروبي»، أو «شاعر القومية العربية»، وهو قد يكون أنسب، من لقب «شاعر مقاومة» بالنسبة لشخص تورط في اللعبة السياسية في إسرائيل، وبذل جهدا في حشد التأييد لشمعون بيرس، من اجل الفوز في الانتخابات لرئاسة الحكومة الاسرائيلية، بعد ارتكابه لمجزرة قانا الأولى، بدعوى أنه أفضل من منافسه آنذاك بنيامين نتنياهو.

بل ان من يعدون نصوصا مسرحية عن قصائد لشعراء المقاومة السابقين - مثل مخرج ومعد مسرحية عن قصائد لمحمود درويش - يتبرأون ليس من لفظة مقاومة، بل من أية كلمات اقل منها وقعا. ومخرج عرض درويش مثلا خرج عن طوره لدى سؤال «الشرق الأوسط» له حول إذا كان في المسرحية أية إسقاطات سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية، بل وطاردنا مع آخرين من طاقم المسرحية في ساحة «مسرح الحكواتي» بالقدس وهو يصرخ بهستيريا «كفانا وضع زفر مع اللحم».

والغريب انه لدى تقديم المسرحية في دمشق أدلى المخرج نفسه بأحاديث صحافية هناك أشاد فيها بعاصمة الأمويين قلب العروبة النابض، وكلام آخر من هذا القبيل، والآن يعرض له على شاشة التلفزيون الإسرائيلي مسلسل، يلاقي نقدا من أوساط عربية داخل إسرائيل بدعوى انه يأتي في سياق اسرلتهم، وتذويب هويتهم العربية.

وقد يكون لكل من هذه الأجيال الأدبية الفلسطينية، ما يبرر موقفها، من «أدب المقاومة». وهو مصطلح قد يكون إشكاليا وخلافيا، ولكن يمكن الاتفاق على ملامح رئيسة له، مثل ارتكازه على تجارب إنسانية عميقة تعيشها الشعوب في مفارق حياتية وقدرية، تجعل يومياتها أحداثاً شديدة الدرامية.

وبالنسبة للأدباء والفنانين الفلسطينيين، فإن التفاتهم لواقع شعبهم التراجيدي قد يوسع المدارك الإبداعية لآفاق لم يجرؤ أحد على الحلم بها، ويقدم خيارات لمغامرات غير مسبوقة في الأدب الفلسطيني، مثل الأدب البوليسي أو قصص الحب في زمن الحرب، والعلاقة بين الشرق والغرب.

لكن وجود مبررات للأدباء الفلسطينيين، بالنأي بعيدا عن «أدب المقاومة»، لم تنف حاجة الواقع المتفجر دائما في الأراضي الفلسطينية، إلى أدب يحاكي هموم شعبها، الذي يكاد أن تكون حكاية كل فرد منه تصلح لعمل فني أو أدبي.

مثقفو الفصائل مواضيع كتاباتهم مرهونة بالمساعدات

وفي ظل غياب مثقفي الفصائل الفلسطينية، عن هذا الميدان، فانه ترك للهواة من المتحمسين، أولاً للقضية الوطنية، وثانيا للفن والأدب. ويمكن تلمس ذلك من الكم الهائل من الأغاني التي كتبت باللهجة الفلسطينية، ووضعت لها ألحان بسيطة، لكنها شجية، توقف فيها أصحابها عند محطات مهمة في انتفاضة الأقصى، ووصل هذا النوع من الفن إلى التداول في الدول المجاورة مثل الأردن أو سورية.

وهكذا وجدت أغان تمجد قادة المقاومة الميدانيين، الذين سقطوا شهداء، في معارك غير متكافئة، وكان كل منهم يعرف بأنه مثل سيزيف يحمل صخرته ويواصل المسير.

غالبية هذا النوع من الأغاني يخص رموز كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة «فتح»، ومن بينهم مثلا محمود صلاح، الذي لم تتوقف قصته عند استشهاده، بعد فترة طويلة من التخفي، والمطاردة، ولكنها تستكمل الآن، بعد أن وضع أفراد عائلته وعددهم 40 خيمة اعتصام في شارع القدس الخليل التاريخي أمام بلدته الخضر، مطالبين السلطة بتوفير مسكن لهم بدلا من المنزل الذي هدمته سلطات الاحتلال قبل خمسة أعوام.

ومن هذه الخيمة تصدح الأغاني الشجية التي تتحدث عن صلاح ورفاقه وعملياتهم التي نفذوها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وتساءل شقيقه عيسى الذي خرج من السجن حديثا بعد أن قضى ثلاث سنوات «ترى بماذا يفكر أخي هناك في العالم الآخر وهو يرى أفراد عائلته مشردين».

واضاف لـ «الشرق الأوسط»، شقيقي وعشرات غيره لم تكتب سيرهم، وأعتقد أن ما يجري لعائلاتهم هو شيء مقصود لجعلهم أمثولة لكل من يفكر بأن يضحي بنفسه من اجل قضية، لذا يتجنب مثقفو السلطة الكتابة عنهم».

ولم يتول الهواة مهمة التاريخ بالأغاني لمسيرة رموز حركة «فتح» العسكريين، لكن الأمر أيضا يشمل فصائل كانت تفاخر بأنها تضم نخبا مثقفة، مثل الجبهة الشعبية، التي كان أحد رموزها وقادتها الكاتب الراحل الشهير غسان كنفاني. ويتولى هذه المهمة الآن هواة مجهولون، مثل مؤلفي الأغاني التي وضعت لتمجيد أمين عام الجبهة الذي اغتالته إسرائيل أبو علي مصطفى، أو شهدائها، أو الإشادة بمنفذي عملية قتل الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي، والأمر ينطبق أيضا على رموز فلسطينية أخرى مثل ياسر عرفات، واحمد ياسين.

وفسر أحد الكتاب اليساريين ذلك، بالإشارة، إلى أن الكتاب والنخب الثقافية المحسوبة على اليسار، ومن بينها الجبهة الشعبية، وجدت نفسها في المنظمات غير الحكومية، ورهينة للمانحين، الذين يفضلون أعمالاً أدبية وفنية وأفلاما تسجيلية وأبحاثا ونشاطات، تتعلق بمواضيع مثل الجندر، ونشر الديمقراطية، وتمكين المرأة، وغيرها من عناوين عامة، ضمن اجندة لا يمكن أن يكون الحديث عن المقاومة، مجرد حديث، ضمن اجندتها.

* وداعاً للشعارت القديمة وأهلاً بالجندر

* وغيّر عدد كبير من الكتاب شعارهم الذي كانوا يعتبرونه مقدسا وهو «بالدم نكتب لفلسطين» إلى شعار آخر متداول في أوساطهم وهو «بالدولار نكتب للجندر» ويتغنون بموال جديد مطلعه «جندروني عيونك».

وإذا كان المثقفون أصحاب الأصوات المرتفعة في السابق، مبشرين بالاشتراكية والعدالة والتحرر، غيروا بوصلتهم بشكل حاد، فإن الأراضي الفلسطينية شهدت ما اعتبر ظاهرة جديدة، تتعلق بلجوء بعض المقاومين أنفسهم إلى كتابة سيرهم الذاتية، رغم عدم امتلاكهم لأدوات الكتابة الفنية، في حين أن الأمر في السابق كان لا يتورع عنه بعض الكتاب الذين تم تكريسهم بسبب كتابة سير مجموعات المقاومة مثل توفيق فياض، الذي اشتهر لروايته شبه التسجيلية لمجموعة مقاومة ضمت شباناً من عكا.

هذه السير كتبها معتقلون داخل السجون الإسرائيلية، بعد أن صدرت بحقهم أحكام بالمؤبدات، وكثير منها كتبت لاهداف قد لا يكون الإبداع من ضمنها مثل، «أن تكون مرشدا للشبان الفلسطينيين، كي لا يقعوا فرائس سهلة لرجال المخابرات الإسرائيلية»، أو «التعلم من الأخطاء التي وقع فيها المقاومون».

ورغم ما يمكن أن يعتبر مأخذاً فنيا على هذه السير، إلا انها تضم في ثناياها، أحداثا شديدة الدرامية، وبعضها يسجل اللحظات الأخيرة لأشخاص، قرروا الذهاب في الشوط إلى آخره، وتقديم أنفسهم قربانا لوطن، ربما لن يذكرهم في يوم من الأيام، وعاشوا تلك اللحظات المفعمة التي تختلط فيها الحياة بالموت، ويصبحان وجهين لعملة واحدة.ويفسر البعض استنكاف الكتاب في فلسطين عن خوض غمار الكتابة عن المقاومين، هو خشيتهم، من «طردهم» من زمر الأدباء والفنانين المكرسين، الذين ينعتون أي كاتب يمكن أن يكتب عن الوطن بـ «الوطنجي».

وفي مثل هذه الظروف، فإن عشرات من الكتاب يكتسبون اعتراف الآخرين بهم بصفتهم كتابا، حتى لو كان رصيد الواحد منهم مقطوعات نثرية تتضمن مفردات رائجة، مثل الجسد، والايروتيكا، والنبيذ، والمرأة، والمدينة..الخ، في حين أن أي أديب موهوب سيعيش ويموت مغمورا، إذا خاض الغمار الصعب وعبر عن نفسه، مثل الشاعر حسنين رمانة، الذي لا يرد ذكره أبداً كشاعر، لانه ببساطة جعل من حياته وقصيدته شيئاً واحداً.

* حسنين رمانة كاتب من قلب المعركة

* ورمانة ينتمي لعائلة فلسطينية من مدينة اللد، لجأت إلى مخيم الامعري المجاور لمدينة رام الله، فأصبح واحداً من آلاف الفلسطينيين الذين كتب عليهم أن يسيروا في طريق المقاومة.

ومثل كثير من أبناء جيله عرف الطريق إلى معتقلات الاحتلال مبكراً وما بين عامي 1987 - 1993م اعتقل أكثر من 10 مرات. واعتقلته أجهزة السلطة الفلسطينية في عام 1997، وتعرض رمانة للتعذيب في سجون السلطة في رام الله وأريحا وغيرهما، وهو التعذيب الذي أورثه أمراضاً عديدة في الكلى والكبد، وكان فظيعا بشكل استثنائي.

وأثناء وجود رمانة في السجن الفلسطيني، واصل كتابة القصائد غير المباشرة، متحدثا بالرموز، عن تجربة أوسلو، والمثير انه كتب بلغة جميلة وسط معاناته في زنازين الأمن الوقائي.

وبعد سنوات الاعتقال تلك أفرج عن حسنين رمانة، وكان عليه أن يكون قائدا لمجموعات من المقاومة مع اندلاع انتفاضة الأقصى، وتنسب له ومجموعته عمليات فدائية أسفرت عن قتل نحو 70 إسرائيليا، ولم تستطع سلطات الاحتلال الوصول إليه رغم ورود اسمه على قائمة المطلوبين للاغتيال إلا أنها نجحت بتاريخ 1/12/2003، واغتالته بطريقة بشعة جدا. وكان ذلك عندما تسللت وحدات خاصة إلى مدينة رام الله وحاصرت عدة بنايات كان داخل إحداها حسنين رمانة مع آخرين من رفاقه. ورفض حسنين ورفاقه الاستسلام، فلجأت سلطات الاحتلال إلى هدم البناية على رؤوسهم.

ووصفت مصادر الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية المعروفة باسم (الشاباك) عملية اغتيال حسنين رمانة ورفاقه، حينذاك، بأنها من انجح العمليات الاستخبارية.

ورغم انه أصدر ديواناً شعرياً خلال فترة مطاردته، إلا انه لم يحظ باهتمام نقدي حتى ولو كان نسبيا. وهو أمر ليس له علاقة بالمستوى الإبداعي لشعره، ولكن لشيوع موجات أدبية أخرى في الأراضي الفلسطينية.

وإذا كان رمانة، ومثله آخرون، حاولوا كتابة أدب إنساني، وفشلوا في إيصاله، إلى المتلقين، فانه من المفارقات، أن المخيلة الشعبية نسجت قصصا عن بعض المقاومين، مثل منفذ عملية «وادي الحرامية» التي تعتبر أهم عمليات المقاومة خلال انتفاضة الأقصى، وربما أهم هذه العمليات في تاريخ الشعب الفلسطيني، وتتعلق بتنفيذ فلسطيني، عملية ضد حاجز عسكري إسرائيلي، في منطقة تدعى وادي الحرامية، تقع بين رام الله ونابلس، ببندقية قديمة، وتمكن، بمفرده من قتل 11 جنديا واصاب 9 آخرين، والعودة سالما بعد أن ترك بندقيته القديمة المتآكلة في المكان.

وتم تداول حكاية قناص «وادي الحرامية»، وتقديمه على أنه رجل كبير السن، لا ينتمي لأي فصيل، وبعد أن يئست المخابرات الإسرائيلية من القبض عليه تعاونت مع مخابرات دولة عربية والمخابرات البريطانية وتمكنت منه، بعد أن أرسلت رقم بندقيته القديمة إلى هاتين الدولتين، لمعرفة صاحبها الأصلي. ولم يكن ذلك صحيحا، ولكن كانت هناك حاجة لتصديق القصة الشعبية عن قناص «وادي الحرامية»، لفئات واسعة بما في ذلك المثقفون، حتى تمكنت قوات الاحتلال من القبض على القناص، بعد فترة طويلة. ولم يكن سوى الشاب ثائر حامد (26 عاما) من قرية سلواد قرب رام الله. وهناك نوع آخر من الأدب ذي الطابع الشعبي الذي يحاكي هموما سياسية، ينتشر ببطء، ويتداول بشكل سري، مثل مقطوعات وأهازيج تسخر من العملية السياسية ومن رموز السلطة الفلسطينية.

* إسرائيليان يكتبان سير المقاومين

* رغم أن الأدباء العرب والفلسطينيين وجهوا انتقادات لاتفاق أوسلو لو جمعت لملأت بضعة مجلدات، إلا انها كتابات لم تقترب من هموم الناس العاديين اليومية، بتلك الحميمية والجرأة والسخرية التي يعبر عنها اصحاب المقطوعات والأهازيج. وربما ذلك ما يميز، عموما، «الأدب الشعبي» الذي يبدأ عادة سرياً، حتى في عصر ثورة المعلومات غير المسبوقة.

وفي ظل إدارة المبدعين الفلسطينيين ظهورهم، إلى واقعهم المتفجر، فإن آخرين يبدون اهتماما به، ولو كان من باب الصحافة مثل جدعون ليفي، وعميرة هس، وكلاهما من صحيفة «هآرتس». وان كان ما يكتبانه عن واقع ثري بالحكايات، لا يمكن تسميته أدبا بالمعنى المتعارف إليه، وبالتأكيد لا يندرج أبداً تحت مصطلح «أدب المقاومة»، وانما ضمن القصص الصحافية، إلا انه حقق الشهرة لهما، ويتم ترجمة كتبهما بانتظام إلى اللغات الأجنبية، ويحلان ضيوفا على عواصم عالمية لتوقيع كتبهما عن الفلسطينيين.

ومن المرجح ان تتحول كتبهما إلى مصدر لا غنى عنه، وربما وحيد، لأي مؤرخ، يقرر كسر المألوف، ويريد تتبع حكايات الناس العاديين، والأبطال البسطاء الأكثر جرأة وإخلاصا، بدلا من اجترار سير أولئك الزعماء الذين يظهرون وحدهم في كتب التاريخ العربية، في حين تبقى قصص من يعطون للحياة لونا ورائحة من البسطاء، الذين يمرون سريعا على هذه الأرض، أمثولة أزلية في هذا الشرق، عن الشجاعة والإخفاق والجرأة واليأس والخيبة.

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=10641&article=454231

الأحد، 13 يناير 2008

ثلاثة وجوه للتوحيد

يسعى القائمون على معرض للرموز الدينية افتتح في القسم الغربي من مدينة القدس، تذكير اتباع الديانات التوحيدية الثلاث بما يجمعها معا وهو التوحيد، وان كان لا يخلو من شبهة الإعلاء من شان الديانة اليهودية على الديانتين المسيحية والإسلامية، باعتبارهما الأحدث، واستفادتهما من التراث اليهودي.

وافتتح المعرض في متحف ارض الكتاب المقدس في القدس، المعني بشكل أساسي بتوثيق التاريخ الأثرى للأرض المقدسة من وجهة نظر العهد القديم، ولكن هذا المتحف تنبه أخيرا لوجود ديانتين توحيديتين غير اليهودية، فافتتح المعرض المخصص للديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلام، وان كان ضمن فهم معين يستند إلى الأهداف التي يسعى المتحف الإسرائيلي لتحقيقها.


ويعرف المعرض الجديد اليهودية باعتبارها الديانة التي بشرت بالايمان باله واحد، والمسيحية التي انبثقت عن اليهودية واتخذت مسارا مختلفا، والإسلام الذي تأثر بالديانتين السابقتين عليه وخلق مساره الخاص وبنى دولته، ويتجاهل ما ينسب لقدماء المصريين في بعض مراحل حضارتهم، من تبني ديانة توحيدية. ويضم المعرض رموزا يهودية مثل الشمعدان والمبخرة، ورموزا مسيحية كالصليب، بالإضافة إلى رموز إسلامية مثل النجمة وغيرها.


وتضم المعروضات عناصر معمارية، وحلى، ورموز أخرى تعود للفترة ما بين القرن الثالث إلى الثالث عشر الميلادي، ويحسب المنظمين فان المعرض يكشف عن تشابه كبير في طريقة كل دين في النظر لنفسه، والى العالم الخارجي، مثلا الشمعدان أو المنورة التي تقدم حصرا بوصفها رمزا يهوديا، لكن في الماضي خدمت الإسلام والمسيحية، وهو ما يمثل رسالة من النور والأمل في كل من الديانات الثلاث.


ولا يسعى المعرض، إلى ربط بعض الرموز التي ارتبطت بالديانات التوحيدية، بما سبقها من حضارات، مثل النجمة السداسية، أو نجمة داود كما يطلق عليها، والتي استخدمت كرمز في مرحلة اقدم بكثير من ظهور الديانة اليهودية، يرمز إلى العملة الجنسية، عن طريق مثلثين متقاطعين، أو كرمزي الصليب في المسيحية والنجمة والهلال في الإسلام، ولكن هذا لا يدخل ضمن الأهداف المعلنة للمعرض التي عبر عنها أحد منظميه وهو الدكتور ايلي بوروسكي، الذي قال بان المعرض "سيكون موضع ترحيب من اتباع جميع الأديان لمعرفة وفهم تاريخنا المشترك".


ولهذا يمكن فهم تجاهل الحضارات السابقة التي مرت على الأرض المقدسة، وتقديم الديانات التوحيدية الثلاث منفصلة عن جذورها.


واقيم المعرض بتبرعات جهات مانحة وأشخاص قدموا ما لديهم من أعمال لعرضها، وتم طبع كتالوج المعرض بثلاث لغات هي العبرية، والعربية، والإنجليزية، واستخدم في تقديم المعروضات احدث أساليب الوسائط المتعددة. ولوقوع المعرض في قلب القدس، فان الأغلبية الساحقة من المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، لن يستطيعوا زيارته، بسبب الإجراءات الإسرائيلية.


ويثير مكان العرض في متحف ارض الكتاب المقدس، أيضا حفيظة كثيرين من الباحثين المستقلين، حيث ارتبط هذا المتحف بكثير مما اعتبر أمورا تخرج عن الطبيعة المهنية له، واليه نقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الأولى من احتلال ما تبقى من القدس في حزيران (يونيو) 1967، مخطوطات البحر الميت، بعد اقتحام المتحف الفلسطيني في شرق المدينة والسيطرة عليه حتى الان، لكن سلطة الاحتلال الجديدة آنذاك سابقت الوقت لنقل ما اعتبرته أهم مقتنيات المتحف الفلسطيني ونقلته إلى متحف ارض الكتاب، تحسبا لأي طارئ، يجعلها تنسحب من الأراضي المحتلة، ولكن الاحتلال طال وترسخ، منذ أربعين عاما.


http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainment/2008/1/295769.htm

السبت، 12 يناير 2008

وفاة إدموند هيلاري أول متسلق لقمة إيفرست

عن صحيفة الشرق الاوسط



السير إدموند هيلاري، الذي تحول من مربي نحل إلى أول رجل يتسلق قمة إيفرست، أعلى قمة جبل في العالم، في عام 1953، توفي أمس الجمعة في مستشفي بأوكلاند عن عمر يناهز 88 عاما. وكان إدموند هيلاري قد تسلق قمة إيفرست برفقة شيربا تينزينج عام 1953، في ظروف صعبة وفي وقت لم تكن فيه الأدوات المستعملة قد تطورت بالشكل الحالي، محققا بذلك حلما راود العديد من المغامرين من قبله، منهم من دفع حياته ثمنا لحلم لم يتحقق. منذ ذلك الحين تحول هيلاري إلى بطل مثله مثل تشارلز ليندبورغ، أول طيار يحلق فوق الأطلسي في عام 1927، ومثل نيل ارمسترونغ، اول رجل تطأ قدماه القمر في عام 1969، وقلدته حينها الملكة اليزابيث الثانية، التي كانت قد توجت لتوها ملكة لبريطانيا، وسام الشرف. لم يكتف هيلاري بهذا السبق، فقد طاف العالم بحثا عن قمم وتحديات جديدة، لكن اسمه ظل مرتبطا بقمة إيفرست. ولد هيلاري في عام 1919 في نيوزيلندا لأسرة محافظة جدا، لهذا كان يتوق دائما إلى الهرب إلى آفاق أخرى. عندما كان عمره 16 سنة اكتشف تسلق الجبال خلال رحلة مدرسية في نيوزيلندا، ليجعل من هذه الهواية كل حياته ويجد فيها قوته، رغم شخصيته الخجولة وبنيته الجسمانية الضعيفة، ومع الوقت تحول إلى مغامر يتميز بروح قتالية تواقة لتحقيق المزيد من الإنجازات. وعلى الرغم من تدهور صحته في الاعوام الاخيرة، ظل مغامرا إلى النهاية، حيث قام منذ 12 شهرا بزيارته الاخيرة إلى القارة القطبية الجنوبية التي شهدت أحد إنجازاته عندما قام برحلة طولها 3200 كيلومتر إلى القطب الجنوبي في يناير (كانون الثاني) عام 1958. وأصر هيلاري لسنوات طويلة على اقتسام شرف الصعود لأول مرة على قمة إيفرست مع رفيق دربه، شيربا تينزينج حيث ظل يرفض الافصاح أي منهما وصل القمة أولا. وذكر بيان لاسرة هيلاري، حسب الخبر الذي نشرته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنه كان يتمتع «بروح معنوية مرتفعة» وكان يتطلع للعودة إلى منزله قبل ان يتعرض لنوبة قلبية مفاجئة في المستشفى. وبينما تدفقت التعازي من مختلف أنحاء العالم، نكست الاعلام في مسقط رأسه وجرى إعلان أنه سيجرى تشييع جنازة رسمية للرجل الذي وصفته رئيسة الوزراء هيلين كلارك بأنه أشهر مواطني نيوزيلندا.

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=3&article=453613&issue=10637

الخميس، 10 يناير 2008

أسرار الـ«ستاتكو» الذي تسبب بحرب عالمية

لم يكد الفلسطينيون، ومعهم آخرون كثر من مختلف أنحاء العالم، يفرغون فرحين، من إحياء احتفالات أعياد الميلاد، التي شهدتها مدينة بيت لحم، ووصفت بأنها الأفضل والأكثر انفراجا وفرحا منذ سبع سنوات على الأقل، حتى حدث ما غير الأمر بشكل دراماتيكي. فقد وقعت مشاجرة بين الرهبان الأرمن واليونان الأرثوذكس في كنيسة المهد، والسبب هو خلاف على تنظيف أروقتها، بعد الاحتفالات التي اضطلع اللاتين بتنظيمها. والمشاجرة بالمكانس التي أوقعت عدداً من الجرحى، وسالت فيها الدماء، هي الرأس الظاهر، من جبل الجليد، لمشكلة الـ «ستاتكو»، التي تسببت في الماضي، بحرب شرسة بين روسيا والإمبراطورية العثمانية دامت ثلاث سنوات. الـ «ستاتكو» قضية مستعصية، عمرها أكثر من 200 سنة، وبدء العام الجديد، بنبشها أمر يستدعي القلق...

لم يكد ينفضّ الجمع ليلة عيد الميلاد، في كنيسة المهد حتى ظهر الرهبان، بغير الصورة التي يبدون عليها من الورع، فقد حملوا المكانس، ليخوضوا فيما بينهم مشاجرة حامية، أسفرت عن إصابة سبعة منهم، نقلوا إلى المشافي. والسبب المعلن لكل طرف، اتهامه للطرف الآخر بأنه تجاوز الـ(ستاتكو) الذي ينظم حقوق وواجبات الطوائف الثلاث المسيطرة على كنيسة المهد وهي: الأرثوذكس، والأرمن، واللاتين.

وأثارت المشاجرة اهتماما إعلاميا واسعا، خصوصا في وسائل الاعلام الغربية، رغم انها ليست الأولى، وليست الأفظع، ويقع مثلها كثير في الأماكن المسيحية المشمولة بالـ(ستاتكو).

وتجاهلت وسائل الإعلام الفلسطينية الأمر كليا، بينما تعاملت معه بعض وسائل الإعلام العربية على استحياء، وبشكل مقتضب.

فما هو هذا الـ(ستاتكو)، الذي تحول إلى ثقافة داخل المجتمع الفلسطيني، وينظر إليه كشيء محرم، لا يتوجب خرقه بأي ثمن، ويقف عائقا أمام الكثير من الاقتراحات الإصلاحية التي تقدم بين الحين والآخر مثل توحيد الأعياد والمناسبات الدينية المسيحية.

بسبب الـ(ستاتكو)، فإن عمليات ترميم واجبة وضرورية وملحة في أماكن أثرية ومقدسة مهمة، مثل كنيستي المهد والقيامة، تحتاج لمعجزة حتى تتم، رغم توفر الجهات الداعمة بسخاء لتنفيذ خطط لإنقاذ مثل هذه الأماكن التي تشكل إرثا ثقافيا عالميا.

ولفهم الأمور بشكل أوضح، لا بد من التذكير بمكانة الأرض المقدسة، التي كانت مقصدا لبعثات تبشيرية كثيرة. وفي فلسطين كثير من الطوائف المسيحية المختلفة التي تكونت على مدى التاريخ، بسبب التداخلات الثقافية، التي تم بعضها بشكل عنيف ودموي، وصدامات بين الشرق والغرب، قد يكون عالقا منها في الوجدان العربي والإسلامي ملحمة الحروب الصليبية التي استمرت مائتي عام، واستمرت لاحقا على شكل «حروب صليبية سلمية». هذا التعبير هو لمن قادوا هذه المرحلة، وبقي عالقاً في وجدان الآخر الغربي حتى أن الجنرال البريطاني ادموند اللنبي، عندما احتل فلسطين بتاريخ 9 ديسمبر 1917، اختار أن يعلن بدء الانتداب البريطاني على فلسطين، بعد ثلاثة أيام، من أمام قلعة القدس التاريخية، معلنا الأحكام العرفية، مطلقاً عبارته المفاجئة «الآن انتهت الحروب الصليبية». فأثارت مقولته هذه الانزعاج لدى مستقبليه الفلسطينيين، من مسلمين ومسيحيين، كانوا يعولون كثيرا على العهد البريطاني الجديد بعد سنوات الإمبراطورية العثمانية الأخيرة العجاف. وساد اكثر من الانزعاج في أنحاء مختلفة من العالم العربي، ويمكن الاستدلال على ذلك من قصيدة كتبها احمد شوقي ردا على اللنبي قال فيها:

يا فاتح القدس خل السيف ناحية

ليس الصليب حديدا كان بل خشبا

ولأسباب لا يمكن أن تخلو من السياسة كانت الدول الكبرى الغربية تجعل من نفسها حامية لما تعتبره حقوقا لهذه الطائفة أو تلك. وكانت التدخلات الغربية تكبر أو تصغر تبعا للمتغيرات السياسية، وهو أمر لا مجال للحديث عنه الآن. ولكن يمكن أن نذكر بأن مسيحيي فلسطين يتحدرون أساساً من اصل أرثوذكسي، وهم الآن طوائف متعددة بسبب ما شهدته هذه البلاد على مدار ألفي عام، وكان فيها الدين سلاحا لصراعات عنيفة.

ومن الطوائف الكثيرة المعترف بها: الروم الأرثوذكس، اللاتين، الأرمن، الروم الكاثوليك، السريان الأرثوذكس، السريان الكاثوليك، الأقباط، الأحباش، والبروتستانت بتقسيماتهم المختلفة. وكانت كنيسة المهد التي وقعت فيها المشاجرة الدامية الأخيرة، مسرحا لخلافات عديدة بين الطوائف واشتدت الخلافات سنة 1757م، عندما استولى اليونان على معظم الكنيسة بعد أن كانت بيد اللاتين، وذلك بموافقة السلطان التركي. وسنة 1810 استولى الأرمن على الحنية الشمالية من الكنيسة، وهكذا صارت هذه الكنيسة تملكها ثلاث طوائف.

ويقول الباحث جريس العلي «نتيجة للمنازعات حول حقوق الطوائف تدخلت الحكومة التركية وسنت قانونا بالاتفاق مع الطوائف المعنية يوضح ملكية كل طائفة وحقوقها وأوقات إقامة المراسم الدينية، وكيفية صيانة الكنيسة وتنظيفها. وتم الاتفاق أن يكون الباب الخارجي بيد حارس مسلم يتولى المحافظة على النظام والحراسة، ويدعى هذا الاتفاق (ستاتوس كوو) وحدث نفس الشيء في كنيسة القيامة في القدس».

ويعرف هذا النظام على نطاق واسع باسم (ستاتكو)، ويعني المحافظة على الوضع القائم، ويعتبر الأساس الذي تقوم عليه الحياة الدينية في الكنائس الرئيسية في فلسطين، وتدافع الطوائف المختلفة عن حقوقها عبر هذا القانون ولا تقبل المساس به.

والى الآن فإن الجزء الخاص من كنيسة المهد الذي بيد الروم الأرثوذكس كما يفصل العلي «يشرف عليه ويدافع عنه مطران أو ارشمندريت ومساعدون من شمامسة ورهبان وجميعهم يونان ويشتركون في المناسبات والمراسم والطقوس الدينية مع الكهنة العرب الأرثوذكس. وهم يسكنون في دير الروم الأرثوذكس الملاصق للكنيسة من الناحية الجنوبية الشرقية».

ومن المتعارف عليه أن يكون البطاركة والمطارنة والرهبان والشمامسة اليونان عزابا، أما الكهنة العرب الأرثوذكس فيجب أن يكونوا متزوجين، ولا يحق لهم أن يتدرجوا إلى مراتب كهنوتية عليا. ولدى اللاتين فكل الكهنة، بمن فيهم العرب، يجب أن يكونوا عزابا. ويمكن للكهنة العرب أن يتدرجوا في المراتب مثل الأب ميشيل صباح الذي اصبح بطريركا. وبالنسبة للأرمن والسريان والأحباش والأقباط فإن كهنتهم لا يتزوجون.

وفي كنيسة المهد توجد المغارة، التي يعتقد بأن السيد المسيح ولد فيها، وعلى الأغلب، فان الذين يصطفون لمشاهدة النجمة الفضية داخلها، لا يخطر ببالهم أن هذه النجمة الموضوعة في المكان الذي يعتقد بأنه شهد ولادة المسيح، عليه السلام، تسببت بأكبر نزاع نتيجة الاستاتكو. وقد يبدو نوعا من الفانتازيا القول بأنها كانت سببا في اندلاع حرب عالمية بين روسيا والإمبراطورية العثمانية، وهي تلك الحرب التي عرفت باسم (حرب القرم).

يدخل الناس إلى مغارة المهد (مساحتها 12 مترا طولا، وثلاثة أمتار عرضا) من بابين: شمالي وجنوبي، في صدرها ما يسمونه حنية صغيرة، فيها النجمة الفضية، وقريبا من الباب الجنوبي، توجد حنية أخرى اكبر من الأولى ينزل إليها بثلاث درجات وفيها مذود يحتوي على مجسم صغير للسيد المسيح. ويعتقد انه في هذا المكان وضعت مريم العذراء طفلها فيه بعد ولادته، والذي اصبح يعرف بألقاب كثيرة منه ما استمد من هذا المكان: طفل المغارة.

وبالنسبة للاستاتكو في مغارة المهد، فالأرثوذكس يقيمون صلوات في أوقات معينة داخل المغارة يوميا، ويحق للاتين والأرمن إقامة صلوات في أوقات معينة داخلها، ولكن للأرثوذكس فقط حق إقامة صلوات على ظهر مغارة المهد أو في قاعة ما بين العمدان، التي شهدت المشاجرة الأخيرة. ولكن هذه الحقوق لم يكن اكتسابها بالأمر الهين لذا اتخذت صفة القدسية.

لذلك كان أمرا استثنائيا، بشكل لم يتوقعه أحد، عندما استيقظ الناس في بيت لحم ذات يوم من عام 1852، ووجدوا أن النجمة الفضية المثبتة في مغارة المهد قد اختفت. اتهم اللاتين، الروم بسرقتها ووضع اللاتين نجمة مكانها، الأمر الذي اعتبرته روسيا حامية الأرثوذكس انتقاصا من حقوق الأرثوذكس. وبعض المؤرخين يذكرون أن السلطات العثمانية هي التي سمحت للاتين بوضع نجمة بدلا من المسروقة أو المختفية، نكاية بالإمبراطورية البيضاء.

ولم يرض ذلك بالطبع روسيا، التي طلبت من الحكومة العثمانية، أن تكون للأرثوذكس حرية التصرف بمفتاح كنيسة المهد وبالنجمة في مغارتها، ومطالب أخرى تمكن الأرثوذكس من صلاحيات في كنيسة القيامة. ورغم أن روسيا كانت تعتبر الإمبراطورية العثمانية (الرجل المريض) الذي سيستجيب لطلبها، إلا أن العثمانيين لم يردوا بالإيجاب، وكان ما كان.

لا أحد يعرف إلى اليوم من الذي سرق نجمة المهد، التي أدت بعد جواب الباب العالي برفض المطالب الروسية، إلى اندلاع حرب القرم في 9 مايو (أيار) من عام 1853 واستمرارها حتى عام 1856، ويا لها من حرب!

ويذكر المؤرخ الانجليزي، هربرت فيشر في كتابه المرجع «تاريخ أوروبا في العصر الحديث» أن حرب القرم اندلعت نتيجة نزاع بين رهبان الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية حول «أيهم أحق بحراسة بعض الأماكن المقدسة المسيحية ببيت المقدس».

ويقول بأن النزاع كان في حد ذاته تافها، ولكنه استمد أهميته من الحقيقة بأن قيصر روسيا كان يعاضد بقوة المطالب الأرثوذكسية، في حين أن نابليون الثالث، إمبراطور فرنسا كان يؤيد ادعاءات الكنيسة الكاثوليكية. وانتهى هذا النزاع المثير للخواطر، بوضع الحكومة التركية سنة 1852 تسوية له أثارت حنقاً شديداً لدى القيصر. فأمر بتعبئة جيش روسي وإنفاذه على نهر بروث وأوفد بعثة متغطرسة إلى الأستانة برئاسة الأمير متتشيكوف، لا لتطلب تقديم ترضية عاجلة فيما يتعلق ببيت المقدس فحسب، بل أيضا لإبرام معاهدة بين الدولتين تفوق شروطها جميع المطالب الروسية السابقة، بحيث تضمن للقيصر حق حماية جميع الرعايا الأرثوذكس. غير أن السلطان رفض هذه المطالب، واندلعت الحرب بين الطرفين، ودخلت فيها فيما بعد إلى جانب العثمانيين فرنسا بقيادة نابليون الثالث وبريطانيا، ولكل أهدافه التي بررتها تلك النجمة المسروقة في بيت لحم على بعد بحار وجبال وسهول.

وانتهت الحرب بعد ثلاث سنوات بانتصار الروس وكان من نتائجها، كما يقول فيشر، أنها خلقت الظروف الملائمة لما اسماه تحرير الأمتين الألمانية والإيطالية، وحررت، أيضا، مقاطعتين للنمسا بالإضافة لنهر الدانوب.

ويعلق فيشر على ذلك بقوله «هذه أهم النتائج السياسية لعراك نشب من دون أن تكون له ضرورة، ووجه من غير تبصر أو نظر».

وكل هذا بسبب ذلك الفلسطيني الغامض الذي سرق النجمة وما زال مجهولا حتى اليوم، ومواطنوه يدفعون ثمن صراع الدول الكبرى على بلادهم. وقد شكلت مشاجرة الأرمن واليونان، الأخيرة في كنيسة المهد تجليا صغيرا لهذا الصراع الذي يبدو مع بداية عام 2008 انه لا بصيص أمل في آخر النفق بشأنه.

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=10634&article=453203

الأربعاء، 9 يناير 2008

فندق الملك داود

يرتبط، فندق الملك داود بالقدس، حيث مقر الرئيس الأميركي جورج بوش طوال زيارته لإسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية، بأكبر حدث إرهابي نفذته المنظمات الصهيونية، قبل تأسيس إسرائيل، وكذلك فانه في أروقة الفندق حيكت مؤامرات وأبرمت اتفاقات، وشهد فصولا من اشهر قصص الحب العربية المعاصرة.

وإذا كان بوش، دفع بقوات بلاده إلى اكثر من بلد خارج الولايات المتحدة، بعد عملية ضرب برجي نيويورك في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، فانه سيجد في فندق الملك داود، الذي بناه مستثمرون يهود ابان الانتداب البريطاني على فلسطين، ما يذكره بعملية إرهابية يحلو للمؤرخين الإسرائيليين الجدد مثل توم سيغف تشبيهها بضرب البرجين، وسيصطدم بلوحة تذكارية تخلد ذلك العمل الإرهابي وضعت على مدخل الفندق قبل عام ونصف، بشكل لا يحدث إلا في دولة مثل إسرائيل.


وفي 22 تموز (يوليو) 2006، وجد في إسرائيل من أحيا الذكرى الستين، لتفجير المنظمة العسكرية القومية الصهيونية المعروفة اختصارا باسم (الارجون)، وبأوامر من زعيمها مناحيم بيغن، فندق الملك داود، وينظر لهذه العملية الإرهابية الكبيرة، لدى المختصين في شؤون الإرهاب، كأحد المفاصل في تاريخ الإرهاب العالمي الحديث.


ويحظى فندق الملك داود، بأهمية، في تاريخ فلسطين المعاصر، الذي بني في غرب مدينة القدس في أحد أوائل الأحياء التي بنيت غرب المدينة التي بدأت تتمدد خارج أسوارها منذ منتصف القرن التاسع عشر، والفندق يطل على شرق المدينة وبلدتها القديمة، التي تحتفظ بإرثها الديني والثقافي والتاريخي.
وكان الفندق، النزل المفضل لكبار الشخصيات التي تزور فلسطين، الدولية والعربية، ومن الأخيرة، يبرز اسم الفنانة اسمهان الأطرش، واحمد حسين، رجل القصور محبوب النساء، في العهد الملكي المصري، وزينب الوكيل، الزوجة الشابة المؤثرة للزعيم الوفدي مصطفى النحاس، وغيرها من زوجات باشوات مصر، وفنانيها وسياسييها، وكذلك صحافيي وسياسيي بلاد الشام، والنخب العربية الناهضة في مخاض ما قبل مرحلة الاستقلال.


وشهد الفندق فصولا من علاقات اسمهان العاطفية مع الصحافي المصري محمد التابعي و احمد حسين، في أواخر سني عمرها.
وكان هذا الفندق أبان الانتداب البريطاني على فلسطين المقر الرئيسي للإدارة البريطانية المدنية، التي احتلت جناحه الجنوبي، ولهذا السبب استهدفته منظمة الارجون، مطالبة البريطانيين باستعجال الرحيل لإنشاء الدولة الإسرائيلية.


ولم يكن مفهوما لكثيرين الإرهاب الذي مارسته العصابات الصهيونية والذي جعل من البريطانيين أحد أهدافه، رغم ان البريطانيين مهدوا بانتدابهم لاقامة الدولة العبرية.
وكان لا بد للإرهاب الصهيوني ضد البريطانيين الذين قدموا كل التسهيلات للحركة الصهيونية، أن يصل إلى ذروته، وتم ذلك في 22 تموز (يوليو) 1946، عندما اصدر مناحيم بيغن زعيم الارغون الشاب، تعليماته، بنسف الجناح الجنوبي لفندق الملك داود العريق.


واسفر التفجير عن مقتل 91 موظفا وزائرا من المدنيين، بينهم 41 عربيا، و28 بريطانيا، و17 يهوديا، وكان الدمار الهائل الذي أحدثه التفجير في الفندق وعدد الضحايا الكبير، نتيجة طبيعية للتطور في العمل الإرهابي الذي مارسته العصابات الصهيونية، ضد الأهداف المدنية في فلسطين قبل ذلك بنحو عشر سنوات، ولم يكن نسف الفندق نهاية المطاف، فبفضل بيغن نفسه، ظهر على مسرح الشرق الأوسط أسلوب السيارات المفخخة خلال عامي 1947-1948. 


ورغم ذلك، بقي تفجير فندق الملك داود مفصلا مهما في تاريخ فلسطين الحديث، وهو أحد الأعمال المهمة التي مهدت فيما بعد للنصر الذي أحرزته العصابات الصهيونية على جيوش عربية مهلهلة دخلت فلسطين عام 1948، واسفر عن إقامة إسرائيل.


و بعد يومين من تفجير الفندق، أصدرت الحكومة البريطانية كتاباً أبيض عن الإرهاب في فلسطين وفيه اتهام للوكالة اليهودية بتنفيذ أعمال إرهابية بالاشتراك مع عصابتي الآرغون وشتيرن.
ومثلما تحول ما حدث في فندق الملك داود، بالنسبة لمؤرخين وباحثين، إلى رمز مفصلي على تطور الإرهاب الصهيوني، اصبح كذلك رمزا بالنسبة للحركة الصهيونية، وان كان لأسباب أخرى، وعندما وصل مناحيم بيغن إلى رئاسة وزراء إسرائيل عام 1948، فيما اعتبر، حينها انقلابا في النظام السياسي الإسرائيلي الذي سيطرت عليه حركة العمل منذ تأسيس الدولة، اصبح فندق الملك داود المكان المفضل له لاستقبال ضيوفه من السياسيين، وكان مقدرا لاسم هذا الفندق أن يدخل في تاريخ العرب المعاصر، بسبب زيارة الرئيس المصري السابق السادات الصادمة (في ظروف ذلك الوقت) إلى إسرائيل، عندما وجد نفسه مع حاشيته في أحد أجنحة الفندق، لا يدرون ماذا يفعلون، كما روى بعد ذلك رجل السادات المقرب بطرس غالي، الذي حاول مع عيزر وايزمن، خلال لقاء على زجاجة ويسكي (حسب رواية غالي)، إنقاذ زيارة السادات من فشل محقق، عندما لم يقدم بيغن أي مبادرة من جانبه للرئيس المصري، حبيس جناحه الفندقي.


وبقي تفجير الفندق، حاضرا في أدبيات حزب الليكود، الذي توالى على زعامته من اتهموا بارتكاب مجازر، مثل بيغن نفسه، وارئيل شارون، واسحق شامير الذي كان مطلوبا لسلطات الانتداب البريطاني لتورطه في عمليات إرهابية، من بينها اغتيال اللورد موين، والمفوض الدولي الكونت برنادوت.


وحتى لدى ايهود اولمرت، زعيم حزب كاديما الذي خرج من رحم حزب الليكود، الذي أراد أن يغير حقيقة ما حدث في ذلك الصيف بفندق الملك داود، وذلك حين وقف في الكونغرس الأميركي في شهر أيار (مايو) 2006، ليخاطب المشرعين الأميركيين، في أول زيارة له لأميركا بعد انتخابه رئيسا لوزراء إسرائيل، مهاجما ما اسماه الإرهاب الفلسطيني، وأعطى مثلا على ذلك حكاية فتاة يهودية قتل أبواها في تفجير فندق الملك داود، فصفق المشرعون بحرارة، دون أن يدروا أن اولمرت كان يستغفلهم، وان والدي الفتاة اليهودية تلك قتلا نتيجة الإرهاب الصهيوني.
ولم يكن خطاب اولمرت وحديثه الغريب عن تفجير فندق الملك داود، آخر محاولة لتغيير الرواية عن العملية الإرهابية التي أدت إلى تفجير الفندق.
وفي ظروف من الانتكاسات المتكررة لحزب الليكود، بعد خروج شارون منه وتأسيس حزب كاديما قرر زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو إحياء الذكرى الستين لتفجير فندق الملك داود الإرهابي، لإعادة "الالق" الذي فقده حزبه.


ونظم مركز مناحيم بيغن الذي يعنى بالدراسات والأبحاث في تاريخ الحركة الصهيونية، مؤتمرا في الذكرى الستين لتفجير الفندق في نهاية شهر تموز (يوليو) 2006، وعلى هامش المؤتمر نظمت زيارة إلى الفندق لمن تبقوا على قيد الحياة من أفراد الارغون الذين شاركوا في تخطيط وتنفيذ التفجير.
وخاطب بنيامين نتنياهو المؤتمرين مشيدا بذلك العمل الإرهابي، قائلا بان منفذيه تحلوا بالأخلاق الواجبة عندما اتصلوا بالمسؤولين البريطانيين في الفندق وحذروهم من وجود قنبلة ستنفجر في الفندق، وان عليهم إخلائه، وهو ما لا يفعله مثلا رجال حماس وحزب الله.


ولم يثر تنظيم المؤتمر، الذي انتهى بوضع لوحة تذكارية على مدخل الفندق تمجد العمل الإرهابي أي جهة عربية، رغم أن عدد القتلى العرب في التفجير كان هو الأكبر، ولكنه آثار حفيظة السفارة البريطانية في تل أبيب، التي عبرت عن استياء حكومة جلالة الملكة من إحياء إسرائيل لذكرى عمل إرهابي، لا يختلف اثنان على طبيعته.
وقالت المتحدثة باسم السفارة البريطانية كارن كوفمان "نعتقد انه من غير الملائم إحياء ذكرى عمل إرهابي".


واستغربت كوفمان وضع لوحة تذكارية للاعتداء واعتبرته "غير لائق". وما أثار حكومة صاحبة الجلالة البريطانية انه كتب على اللوحة التذكارية "أن عددا كبيرا من الأشخاص قتلوا لان مسؤولين بريطانيين تجاهلوا اتصالا من الارغون يحذر من وجود قنبلة ستنفجر". وتعقيبا على ذلك قالت كوفمان انه ليس هناك أي "دليل يتمتع بالمصداقية" في هذا الشأن.
وفهمت الحكومة البريطانية من هذه الإشارة، انها محاولة إلصاق مسؤولية معينة في وقوع عدد كبير من الضحايا في التفجير الإرهابي بالسلطات البريطانية، وذلك يعني أن إسرائيل تريد أن تغير حقيقة ما حدث، وتقدم رواية جديدة، تبدا من تحميل بريطانيا جزء من مسؤولية أحد اكبر العمليات الإرهابية، في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، وربما تنتهي باعتماد رواية أن اليهود هم ضحايا العملية كما أوحى اولمرت في خطابه الواشنطي الأول.


وتحرك السفير البريطاني لدى إدارة الفندق وخاطب بلدية القدس باسم حكومة جلالة الملكة مطالبا بوقف تغيير الرواية حول ما حدث، ونجح في النهاية في منع إدراج أي فكرة تشير إلى مسؤولية بريطانية على اللوحة التذكارية.
وفي الواقع لم يكن نجاحه إلا نسبيا، وتغيرت الكتابة على اللوحة التذكارية لتشير إلى "تحذيرات هاتفية نقلت إلى الفندق تدعو نزلاءه إلى الرحيل فورا". دون الإشارة إلى أن البريطانيين تجاهلوا التحذير، وهي اللوحة التي سيراها بوش، لدى دخوله الفندق، وعندها سيدرك ان يوجد عملية (11 سبتمبر) أخرى وقعت في هذه البلاد.


ولا يتوقع هنا ان يكون بوش بمثل شجاعة المؤرخ الاسرائيلي توم سيغف الذي استفزه الاحتفال بالذكرى الستين لاكير عملية ارهابية شهدتها فلسطين، في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تشن حربا على لبنان فكتب "بعد 60 عاما من الهجوم على فندق الملك داود، فان الحقيقة التاريخية، تؤكد أن ذلك العمل ما زال يضر مليونين من المدنيين، بينهم 750،000 اخرجوا من ديارهم في العام 1948، وربع مليون فلسطيني اجبروا علي مغادرة الضفة الغربية في حرب الأيام الستة، ومئات الآلاف من المدنيين المصريين الذين طردوا من المدن على طول قناة السويس أثناء حرب الاستنزاف. والان عشرات الآلاف من القرويين اللبنانيين اجبروا علي ترك منازلهم، وطياري سلاح الجو يقصفون مره أخرى بيروت والمدن الأخرى. مئات المدنيين قتلوا. للآسف. هذا كل ما في الروح من فندق الملك داود".