أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 24 ديسمبر 2007

بانكسي في شباك الفلسطينيين

كيف ينظر الفلسطينيون إلى بعض أنواع الفنون؟، مثل الجداريات، سؤال أعيد طرحه، بعد إقدام مجهولين على طمس جداريات لرسام عالمي مشهور، أنجزها في فلسطين، خصوصا على الجدار الاستيطاني العازل الذي تبنيه حكومة الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 1967.



وعمد هؤلاء، على طمس جداريات للفنان الغرافيتي العالمي المؤيد للحقوق الفلسطينية روبرت بانكسي، رأوا أنها مسيئة لهم.

ومن الجداريات التي تم تغطيتها جدارية تمثل جنديا صهيونيا يدقق في بطاقة هوية لحمار، ولوحة تمثل فأرا يحمل مقلاعا ويستعد لقذف الحجارة.

ورأى بعض الفلسطينيين في لوحة الجندي والحمار، بأنها تمثل إهانة للإنسان الفلسطيني، بتصويره حمارا، ولكن بعض المثقفين، رأوا أنها تشير إلى فداحة الوضع الذي وصل إليه الفلسطينيون، وان الجدارية غير مسيئة أبدا للفلسطينيين.


أما بالنسبة للفأر الحامل للمقلاع، فان بانكسي يعتمد الفأر والقرد في رسوماته الجدارية كتعبير عن الشعوب المقهورة والمضطهدة وهو ما قصده على الأرجح باللوحة التي رسمها على الجدار العازل في فلسطين.



ورغم أن جداريات بانكسي تعتبر مستفزة ونارية، وهو ما يميز الفن الغرافيتي بشكل عام، إلا انه لم يتصور أحد أن يقدم مجهولون على تشويه لوحاته بتغطيتها بطبقات من الدهانات لإخفاء معالمها تماما.

وأثار هذا العمل ردود فعل لدى محبي بانكسي من الفلسطينيين، وكذلك لدى وسائل الإعلام العالمية، ولم تعلن أية جهة فلسطينية مسؤوليتها عن إزالة جداريات بانكسي، رغم أن ما حدث يعتبر مخططا له، وليس عملا انفعاليا، كما يرجح المتابعون هنا.

وقال عدنان صبح، الذي يرتبط بصداقات مع فناني جداريات مشهورين عالميا، أن ما حدث لرسومات بانكسي، يسيء للفلسطينيين.



وأشار إلى الاهتمام العالمي برسومات بانكسي المؤيدة للفلسطينيين، والمنددة بجدار الفصل الصهيوني، قائلا "لا يوجد ما يبرر ما حدث، خصوصا وان بانكسي لم يفكر مجرد التفكير بالإساءة للشعب الفلسطيني".

وضاف "لو عرف الذين اقدموا على تشويه اللوحات مكانة بانكسي العالمية، وتأثير لوحاته المؤيدة لنا، لما اقدموا على فعلتهم".

أما يوسف الشرقاوي، المتحمس لرسومات بانكسي، فندد بما حدث، ودعا إلى بذل كل الجهود للمحافظة على ما تبقى من جداريات بانكسي، وقال "بدلا من تقديم الشكر والدعم لفنان يقف بجانبنا نفاجأ بجهات مجهولة تسيء لنا، بإقدامها على هذا العمل الأحمق".



ويعتبر بانكسي، أحد اشهر فناني الجداريات الاحتجاجية في العالم، والذي يتخذ مواقف ضد العولمة، والسياسة الخارجية لدولته بريطانيا وللولايات المتحدة الأميركية.

ويتمتع بانكسي بشهرة عالمة، بسبب موهبته وآرائه وشخصيته التي تعتبر غامضة إلى حد كبير، حيث لا توجد له سيرة ذاتية معروفة، ولا يعطي مقابلات للصحافة، بل أن الصحافيين يطاردونه، وهو دائم الهرب منهم، ولا توجد له صور فوتوغرافية.

وكان بانكسي رسم جداريات منددة بالجدار الفاصل، على مقاطع من هذا الجدار، في عام 2005، وفي الشهر الماضي، عاد مجددا إلى فلسطين، ليفاجئ العالم بجدارياته الجديدة، ومنها ما يصور الجندي الصهيوني بالمرتزق الذي يعمل من اجل الدولارات، ورسم فتاة فلسطينية صغيرة، وهي تجبر جندي صهيوني على الوقوف ووجه إلى الحائط لتفتيشه، ورسم جدارية كبيرة تمثل ثورين ضخمين، واحدا أسود، وآخر ابيض، يسيران كل في اتجاه، محملين برموز لا تخفي على أحد، فالثور الأبيض محملا برموز فلسطينية مثل الجوامع والكنائس، بينما الثور الأسود فيحمل رموزا يهودية، في حين أن ذنبيهما متشابكين، وهو ما رأى فيها بعض الفلسطينيين تعبيرا عن الإسرائيليين والفلسطينيين، ومساواة بينهما في التسبب بعدم إنهاء الصراع، ومن الجداريات المميزة تلك التي تمثل جملا ضخما اسود اللون، يسير حاملا جملين صغيرين، بينما يحاول الجنود الذين يظهرون صغارا جدا، تسلق قدميه للوصول إلى الجملين الصغيرين المحمولين على سنامه، ولكن الجمل يواصل المسير.

 وبمناسبة أعياد الميلاد، رسم بانكسي جدارية تمثل جدرانا صهيونية دائرية مغلقة، خارجها بقايا أشجار تم اقتلاعها لبناء هذه الجدران، وداخلها بقيت شجرة نمت لتصبح شجرة عيد ميلاد كبيرة، وتحمل في قمتها نجمة الميلاد، ولتصبح أطول من الجدران الصهيونية التي يبلغ ارتفاعها ثمانية أمتار، والإشارة إلى هزيمة الجدار وبث الأمل واضحة وجلية.

وتمكن بانكسي من تثبيت دمية، على الجدار، تمثل رجل مواطن فلسطيني، وهي تخترق الجدار، وكذلك أنجز رسومات منددة بالسياسة الأميركية الداعمة للكيان الصهيوني، وبالرئيس الأميركي بوش، الذي صور رأسه على شكل جمجمة.


وتشير المعلومات القليلة المتوفرة عن بانكسي، انه من مواليد بلدة قريبة من مدينة ببريستول البريطانية عام 1974، وظهرت رسومه الاحتجاجية لأول مرة في عام 2003، على جدران مسقط رأسه، والعاصمة البريطانية لندن.



ويعرف بانكسي بعدة ألقاب، مثل "الفنان المراوغ"، و"فنان حرب العصابات" و"الفنان الغامض"، الذي يطارده الجمهور والصحافيون، والآن يطارده بعض من الذين يتضامن معهم، ويؤيد حقوقهم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق