أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 31 أكتوبر 2007

أراجيف أم حقائق عن هيكل سليمان؟

تحملت سلطة الآثار الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة، بصبر الهجوم القاسي الذي تعرضت له من قبل مجموعة من الاثاريين والأكاديميين والناشطين اليمينيين الإسرائيليين، بدعوى أنها تمنح الفلسطينيين غطاء لتدمير الآثار في الحرم القدسي الشريف، الذي يطلق عليه الإسرائيليون جبل الهيكل.ولكن هذه السلطة، التي اشرف مندوبون عنها على أعمال مد كابل كهربائي في الحرم، نفذته دائرة الأوقاف الإسلامية، خرجت عن صمتها إزاء الهجوم الذي تعرضت له ووصل المحاكم الإسرائيلية والكنيست، لتعلن، بأنها اكتشفت في الحرم القدسي الشريف لأول مرة قطعا أثرية يعود تأريخها إلى ما أطلقت عليه عهد الهيكل الأول المقدس لليهود الذي بناه الملك سليمان.وقالت سلطة الآثار الإسرائيلية، في بيان لا يخلو من الحماسة، بأنها اكتشفت هذه القطع الأثرية خلال إشرافها على أعمال للأوقاف الإسلامية في منطقة الحرم.ونشرت السلطة صورا لما كشفته، وهي عبارة عن حطام أوان فخارية، وبقايا عظام من القرن الثامن والسابع والسادس قبل الميلاد.ورغم أن ما اعتبرته السلطة كشفا مهما، لا يعتبره غيرها كذلك، لان أنواع العظام والقطع الفخارية المكتشفة التي تحدثت عنها، تظهر مثلها كثيرا في الأراضي الفلسطينية، وحتى بدون أعمال حفر، إلا أنها أصرت على أن ما كشفته يمكن أن يساعد في ما قالت "على تحديد تخوم موقع الهيكل الأول".ولاحظ المتابعون فيما أعلنته سلطة الآثار، اعترافها، بان ما قالت انه اكتشافات تعود لفترة الهيكل الأول، يحدث لاول مرة، مما يسحب البساط عمليا، عن الدعاوى التي وقفت خلف عمليات الحفر التي بدأت منذ عام 1967 وما زالت مستمرة حتى الان تحت الحرم القدسي الشريف، وبجانبه وداخل البلدة القديمة، وآخرها قرار استئناف الحفريات قرب باب المغاربة التي فجرت غضبا عربيا وفلسطينيا لدى بدئها في شهر شباط (فبراير) الماضي، وفي كل هذه الحفريات، كان يتم ربط المكتشفات بالهيكل.وقالت السلطة، بان القطع الفخارية المكسرة والعظام التي أعلنت عنها، كشفت، في الركن الجنوبي الشرقي من الحرم.وأشارت السلطة، بان يوفال باروخ مسؤول الآثار في القدس، هو من تولى الإشراف على الكشف، وتحديد التاريخ الذي تعود إليه العظام والقطع الفخارية.وهو ما يعكس حرص باروخ، على أن يكون في الصورة، مذكرا بحالات كثيرة وضع علماء الآثار الإسرائيليون أنفسهم فيها، لتحقيق مجدا معينا، من خلال الإعلان عن اكتشافات تتعلق بالنظرة التوراتية لتاريخ فلسطين، وفي اغلب الأحيان، سرعان ما يتراجعوا عنها، أما لاكتشاف إقدامهم على تزوير القطع التي قالوا انهم اكتشفوها، أو لتصدي زملائهم لهم، بدافع الغيرة المهنية والتنافس في اغلب الأحيان، وسحب الغطاء عن مسوغات ما ذهبوا إليه.ومنذ بدء عمليات الحفر في باب المغاربة، ويوفال يحاول البقاء في صدارة المشهد، إلى درجة انه سبب حرجا كبير لإسرائيل، عندما نشر مداخلة مدافعا عن حفريات باب المغاربة اعترف فيها بالعثور على مسجد إسلامي، وهدمه.ولكن يوفال، وهو يدرك المزالق السابقة التي وقع فيها زملاء له واراد تجنبها، عرض القطع المكتشفة على طاقم ضم البروفيسور سي جيتن مدير معهد اولبرات للبحوث الأثرية في القدس، والبروفيسور إسرائيل فنكلشتاين من جامعة تل أبيب، والبروفيسور روني رايخ من جامعة حيفا.  وخلص هؤلاء، بعد دراسة القطع المكتشفة، بأنها بإمكانها تقديم معلومات والمساعدة في تحديد أبعاد وحدود الهيكل الأول واعماره.ولاقى هذا الإعلان استهجانا وصل حد السخرية من فريقين، على طرفي خلاف كبير، الأول الذي عبر عنه الشيخ إبراهيم صرصور، النائب الإسلامي في الكنيست الإسرائيلي الذي وصف ما أعلنت عنه سلطة الآثار بأنه أكاذيب وأراجيف وخاطب الإسرائيليين قائلا "كفوا عن الربط بين المسجد الأقصى والهيكل".أما الطرف الآخر الذي لم تعجبه النتائج التي توصل إليها يوفال وفريقه، فكان علماء الآثار الإسرائيليين المتعصبين الذين قادوا حملة ضد السماح للأوقاف الإسلامية بتنفيذ أعمال لتمديد الكابل الكهربائي.وبدأت حملة هؤلاء عندما باشرت الأوقاف الإسلامية بمد كابل رئيسي تحت الأرض، بدلا من السابق التالف، لتزويد المسجد الأقصى، والمسجد المرواني، وقبة الصخرة، ومنشات أخرى مثل المتحف الإسلامي، بالكهرباء، وجرت الحفريات على طول 500 متر، ومول المشروع الحكومة الأردنية بمبلغ يصل نحو 200 ألف دينار أردني.ويعتقد بان السلطات الإسرائيلية، سمحت بعمليات مد الكابل الكهربائي، وإجراء ترميمات أخرى، لعدم إغضاب الحكومة الأردنية التي اتخذت قرارا بتمويل المشروع، بناء على طلب دائرة الأوقاف الإسلامية.وما أن بدأت دائرة الأوقاف الإسلامية عملها، حتى انطلقت أصوات علماء آثار إسرائيليين، تطالب السلطات الإسرائيلية بمنع العمل، لانه يجري في منطقة هي الأقدس بالنسبة لليهود، وبان العمل في المكان سيدمر هذه الآثار.وظهر في الصورة عالم الآثار الإسرائيلي غابي باركاي من جامعة بار ايلان، والمعروف بتشدده، قائلا بان ما تفعله دائرة الأوقاف الإسلامية يدمر آثارا في غاية الأهمية بالنسبة للشعب اليهودي.وشن باركاري، حملة إعلامية واسعة، والقى بقنبلة إعلامية عندما أعلن للتلفزيون الإسرائيلي، بان الحفريات كشفت عن جدار سميك طوله سبعة أمتار يعتقد انه جزء من الهيكل الثاني المفترض الذي دمر عام 70 م.وباركاري هو نفسه من أثار ضجة قبل عامين، عندما أعلن عن عثوره على ختم قال انه يعود للفترة اليهودية في فلسطين، في النفايات التي تم إخراجها من المسجد المرواني داخل الحرم القدسي الشريف، الذي جرت عمليات ترميم واسعة له.وساندت (لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل)، باركاري، وطالبت بالوقف الفوري للأعمال داخل الحرم القدسي الشريف، وتضم هذه اللجنة عددا من ابرز علماء الآثار والأكاديميين في إسرائيل مثل الدكتورة ايلات مزار، التي تقود الحفريات التي تجري الان في بلدة سلوان، جنوب الحرم، باعتبارها وفقا لمزار، مدينة الملك داود.وكانت مزار شاركت مع جدها في الحفريات الواسعة التي تمت جنوب الحرم، بعد الاحتلال في حزيران (يونيو) 1967.وأثارت مزار قبل فترة ضجة حول مقبرة باب الرحمة الإسلامية المجاورة لسور الحرم، عندما أرادت دائرة الأوقاف إضافة قبور جديدة لها، وتمكنت مع لجنتها من وقف مشروع الأوقاف الإسلامية بإضافة قبور إسلامية جديدة، بدعوى أن ذلك يؤدي إلى تدمير آثار الهيكل المفترض.وأخذت القضية منحى أوسع، عندما وجه عدد من علماء الآثار، وشخصيات إسرائيلية عامة، من بينها الكاتب الشهير أ - ب يهوشوع، ورئيسا جهاز الموساد سابقا تسفي زامير، ويتسحاق حوفي، رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت طالبوه فيها بوقف "عملية تدمير الآثار في جبل الهيكل".وجاء في الرسالة أن الحفريات التي تقوم بها دائرة الأوقاف الإسلامية، لتمديد كابل كهربائي في الحرم القدسي "تعد جريمة خطيرة من ناحية علم الآثار وتسبب أضرارا لا يمكن إصلاحها".وخطت (لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل)، خطوة أخرى في نضالها لوقف العمل داخل الحرم، ورفعت التماسا إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية، طالبت فيه بوقف العمل فورا داخل الحرم.وقالت اللجنة أن حفر خندق بطول 500 مترا وعمق متر ونصف يتسبب " في ضرر لا رجعة عنه بالنسبة لآثار ذات أهمية قصوى، وينفذ بصورة غير قانونية، من دون الحصول على الاذونات المطلوبة".وأشارت اللجنة، في التماسها، بان نحو 400 طن من الأتربة أزيلت خلال عمليات الحفر، وهي من طبقات أثرية متعددة شهدها المكان، وبان استخدام الآليات الثقيلة مثل الجرافات في أعمال الحفر، سيؤدي إلى تدمير الآثار.   وتضامنت صحيفة الجيروسالم بوست الإسرائيلية، مع المحتجين، وقالت بان دائرة الأوقاف تمنع التغطية الإعلامية لما يحدث.وتجاهلت سلطة الآثار الإسرائيلية، التي تشرف على الحفريات، الضجة، ورفض متحدث باسمها التعليق قائلا بان التوجيهات التي تلقاها من مسؤوليه تقضي بعدم الرد "على أي معلومات عن منطقة جبل الهيكل، نظرا إلى حساسية هذا المكان".ورغم التأييد الواسع الذي تلقته (لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل)، من قبل علماء آثار وشخصيات أكاديمية وعامة، إلا أن أحد الأثاريين الذي عملوا في الحفريات في المنطقة بعد الاحتلال، شكك في ما أعلنه الدكتور باركاي، عن اكتشاف آثار تعود للهيكل.وقال عالم الآثار الإسرائيلي دان باهات، بأنه ذهب شخصيا إلى حيث تجري الحفريات الجديدة لمد الكابل الكهربائي، ولم يجد شيئا مما أعلن، وقال "لو تم التوصل إلى اكتشاف كبير، لتدخلت سلطة الآثار التي لديها مراقب في المكان والشرطة التي تراقب المنطقة أيضا".واتهم باهات من اسماهم "علماء آثار ذوي ميول قومية متشددة" بأنهم "ينفذون حملة منظمة منذ سنوات بوحي سياسي من أجل تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى".ورد الشيخ عزام الخطيب، مدير الأوقاف الإسلامية، على الحملة الإسرائيلية، قائلا بأنه تم التأكد قبل البدء في الحفريات من عدم وجود آثار في المنطقة التي يجري الحفر فيها، وان الحملة الإسرائيلية لها أهداف أخرى غير الحرص على الآثار.وتحاول دائرة الأوقاف الإسلامية، انتهاز أية فرصة تسنح لها لإجراء ترميم في الحرم القدسي، لان الحصول على اذونات إسرائيلية للقيام بذلك أمر يكتنفه الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا، وتنطلق هذه الدائرة من أهمية الحفاظ على المكان عربيا إسلاميا، في ظل مخاطر التهويد التي تهدده.ولكن (لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل)، لم تقبل بالرد الرسمي الإسرائيلي، فلجأت إلى محكمة العدل العليا، وقدمت التماسا، ضد أعمال مد الكابل الكهربائي في الحرم القدسي الشريف، وقدمت حركة أمناء جبل الهيكل المتطرفة التماسا آخر أيضا للمحكمة، وقال ممثلو الحكومة الإسرائيلية للمحكمة بان أعمال الترميم تجري تحت مراقبة سلطة الآثار وأنها لا تلحق أضرارا بالآثار التاريخية.واصدر قضاة المحكمة قرارا، أمهل الملتمسين واحدا وعشرين يوما لتقديم رأي خبراء اثاريين بشان الأضرار التي قالوا بأنها نجمت عن أعمال الحفر.وقبل أن تلتئم المحكمة في جلسة جديدة، جاء إعلان سلطة الآثار الإسرائيلية المدوي الذي أراد أن يقول أيضا بان السلطة لم تكن مغفلة أو نائمة أو متواطئة مع الأوقاف الإسلامية في أثناء مد الكابل الكهربائي، وبان مشرفيها كانوا يقظين، فجلبوا معهم القطع الأثرية المكتشفة، وليتم الإعلان على أن ما كشفته سلطة الآثار من اثار تعود للهيكل الأول يجري لأول مرة، وبانها نجحت فيما فشل فيه الآخرون منذ عام 1967.ولكن علماء الآثار الذين تزعموا الحملة ضد سلطة الآثار وسماحها بالحفريات، شككوا في ما أعلنته سلطة الآثار، وقالت الدكتور ايلات مزار "غطت سلطة الآثار على عملية تدمير الآثار في جبل الهيكل التي نفذتها الأوقاف الإسلامية، والان يعرضون نتائج هذا التدمير، لكي يبرئوا أنفسهم من وزر التدمير".ووصفت مزار إعلان سلطة الآثار الإسرائيلية، بأنها قنبلة من الدخان لتغطية تدمير الآثار في الموقع الذي تسيطر عليه أمنيا السلطات الإسرائيلية، وتديره دينيا دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للحكومة الأردنية.ورغم إعلانها الذي أرادت فيه سلطة الآثار الإسرائيلية إثبات وجودها، إلا أن ذلك لم يمنع لجنة مراقبة الدولة الإسرائيلية، التابعة للكنيست، من المصادقة على قرار بإخضاع جميع أعمال الترميمات والصيانة والحفريات داخل الحرم القدسي الشريف،  لمكتب مراقب الدولة الإسرائيلية،  وعدم ترك الموضوع تحت إشراف سلطة الآثار الإسرائيلية لوحدها.وعقدت اللجنة جلستها، بناء على طلب لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل، وطالب أعضاء اللجنة اليهود،  أثناء الجلسة،  بان لا تبقى أعمال الحفريات والصيانة داخل الحرم القدسي خاضعة لسلطة الآثار الإسرائيلية فقط،  وانما لمراقبة ومتابعة مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية أيضاً، متهمين سلطة الآثار بأنها مقصرة، وان أعمال الحفريات التي تنفذها الأوقاف الإسلامية، تؤدي إلى تدمير وهدم آثار الهيكل.واعترض عضوا اللجنة النائب الإسلامي عباس زكور،  والشيوعي الدكتور حنا سويد،  بشدة على مصادقة لجنة مراقبة الدولة الإسرائيلية، على القرار.وحاول زفولون أورليف،  رئيس لجنة مراقبة الدولة الإسرائيلية البرلمانية التخلص من زكور وسويد من الجلسة عندما طلب منهما الخروج من الجلسة وعدم التصويت على قرارها،  بحجة انهما ليسا عضوين فيها،  آلا أن زكور أكد له انه يحضر الجلسة نيابة عن زميله من نفس القائمة طلب الصانع، أما سويد فوبخ رئيس اللجنة أورليف، لانه لا يعرف حتى اليوم أن سويد عضوا في اللجنة.وقال زكور خلال الاجتماع بان "الحرم القدسي الشريف بكل ما فيه هو ملك خالص للمسلمين،  ولا يحق لأي جسم إسرائيلي التدخل في شؤونه، وان الأوقاف الإسلامية هي صاحبة الشرعية والصلاحية المطلقة في كل ما يتعلق بالأقصى المبارك".وندد زكور باستمرار أعمال الحفريات في باب المغاربة، وقال بان إسرائيل تتخلص من الآثار الإسلامية هناك، والتي صورها ووثقها بشكل شخصي عندما كشف للعالم عن وجود قنطرتين إسلاميتين ومحراب للصلاة في مكان الحفريات.

وما زالت الأحداث تتوالى، في ملحمة لا يتوقع أن تنته قريبا، تلهب عقول ومشاعر ملايين البشر، منذ قرون وتشعل الحروب، وتختلط فيها الحقوق المشروعة، بتلك المختلقة، والسياسة بالدين، والقوة بالغطرسة، والطموحات الفردية بالدعاوى القومية.  



http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=10564&article=443585

هناك 3 تعليقات:

  1. Oh my goodness! Impressive article dude!
    Thanks, However I am going through issues with your RSS.
    I don't understand why I am unable to join it. Is there anyone else getting the same RSS problems? Anyone who knows the solution can you kindly respond? Thanks!!
    Review my homepage transfer news epl 2009 2010

    ردحذف
  2. This is my first time visit at here and i am truly happy
    to read all at alone place.
    My weblog ; premier league transfer news chelsea

    ردحذف
  3. Appreciating the hard work you put into your website and detailed information you offer.

    It's good to come across a blog every once in a while that isn't the same
    out of date rehashed information. Wonderful read!
    I've bookmarked your site and I'm including your RSS feeds to my Google account.
    Feel free to visit my web page : latest liverpool transfer news

    ردحذف